شعار قسم ميدان

العلم يؤكد.. الاستيقاظ باكرا يضر بصحة المراهقين

midan - sleep
مقدمة المترجم
نشر هذا المقال على موقع (the conversation)، للكاتب بول كيلي: الزميل الفخري في قسم النوم والإيقاع اليومي وعلم أعصاب الذاكرة، في (The Open University) يسلط المقال الضوء على مدى أهمية تأخير أوقات بدء الدراسة الصباحية على صحة المراهقين في جميع أنحاء العالم، مستندا على مجموعة من الدراسات التي أجريت في هذا الصدد لإثبات ذلك.

         

نص التقرير
في مجتمعات العالم أجمع، يُلقى  اللوم على المراهقين لسهرهم  حتى وقت متأخر من الليل، ليواجهوا بعد ذلك صعوبة في الاستيقاظ صباحا. وبرغم أنه صحيح أن الكثير من المراهقين (والعديد من البالغين) لديهم عادات نوم سيئة، إلا أن الباحثين برهنوا منذ زمن طويل على أن هذه المشكلة الكبرى يكمن وراءها عامل بيولوجي.
       

في عام 2004، أثبت الباحثون من جامعة ميونيخ أن المراهقين في الواقع لديهم حس مختلف بالوقت. وأظهرت الدراسة التي قاموا بها أن الدورة اليومية "دورة الـ 24 ساعة" التي تحدد موعد استيقاظك ونومك تعرف نوعا من التأخير خلال فترة المراهقة، لتصل  إلى نقطتها الأخيرة في سن العشرين.

          

إن ذروة التأخر في الاستيقاظ في نهاية سنوات المراهقة يمكن أن تكون العلامة البيولوجية لنهاية عملية البلوغ
إن ذروة التأخر في الاستيقاظ في نهاية سنوات المراهقة يمكن أن تكون العلامة البيولوجية لنهاية عملية البلوغ
       

بعد سن العشرين، تعود أوقات استيقاظ ونوم الجسم تدريجيًا للوقت الباكر مجددًا، إلى أن تصل لسن ال 55 لتبدأ بالاستيقاظ تقريبًا في نفس الوقت الذي كنت تستيقظ فيه عندما كنت في العاشرة من عمرك. إن الرابط بين حركات هذه الساعة البيولوجية وعملية البلوغ كان قويًا للغاية لدرجة أن الباحثين اقترحوا أن "ذروة التأخر" هذه في نهاية سنوات المراهقة يمكن أن تكون العلامة البيولوجية لنهاية عملية البلوغ.

      

الحرمان من النوم
undefined
         
في الوقت نفسه تقريبا الذي ظهرت فيه دراسة ميونيخ، حقق راسل فوستر في جامعة أكسفورد انطلاقة رئيسية في علم الأعصاب، من خلال الفئران العمياء، استطاع فوستر إظهار أن أوقات نوم جميع الثديات يعتمد على ضوء الشمس فقط. وهو ما يعني  أن الوقت البيولوجي -الذي يحدد متى تشعر بالنعاس- يختلف عن الوقت الاجتماعي، الذي تحدده الساعات والعادات حول متى يجب إنجاز الأشياء.
        

عندما يتصادم الوقت البيولوجي والاجتماعي، يمكن أن يؤدي ذلك إلى الحرمان من النوم. يبدأ الوقت الاجتماعي للمدرسة والجامعة بين الساعة السابعة والنصف صباحا، والثامنة والنصف، وهو التوقيت الذي يُعتبر باكرا جدا بالنسبة للمراهقين في جميع أنحاء العالم. التغيرات البيولوجية التي يمر بها المراهقون تعني أنهم في حاجة إلى الخلود إلى النوم والاستيقاظ في وقت متأخر، والحصول على ثمان أو تسع ساعات نوم.

           

كما هو عليه الحال، يفقد العديد من المراهقين ساعتين إلى ثلاث ساعات من النوم كل ليلة دراسة. وبحسب ما توصل إليه ستيفن لوكلي من جامعة هارفارد، فإن فقدان النوم هذا،منهجي، وغير قابل للاسترداد، مما يشكل خطرا على صحة المراهقين.

        

هل توجدة طريقة سهلة لمعالجة ذلك الأمر؟
توصي الجمعية الطبية الأميركية الآن بعدم بدء أي فصل دراسي للمراهقين قبل الساعة الثامنة والنصف صباحا
توصي الجمعية الطبية الأميركية الآن بعدم بدء أي فصل دراسي للمراهقين قبل الساعة الثامنة والنصف صباحا
         
من الناحية النظرية، الحل سهل، فأوقات بدء اليوم يجب أن يتم تعديلها لتعكس واقع أن المواهقين في حاجة إلى بدايات متأخرة بينما يكبرون. لكن من الناحية العملية، هناك ثلاثة تحديات رئيسية، أولها  إثبات أن البداية المبكرة تضر مباشرة بصحة المراهقين، ثم تحديد أفضل وقت لبدء اليوم، ليأتي بعد ذلك التغلب على تردد المسؤولين في قطاع  التعليم عن تغيير البدايات المبكرة التقليدية.
       

وقد جمع المركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها العديد من الدراسات العلمية لإثبات أن المدارس الأميركية يجب أن تضع وتحدد أوقات بدء متأخرة. كما أن هناك أدلة طبية واسعة حول أضرار بدء المدرسة أو الجامعة في وقت مبكر جدا، من بينها أن القيام بذلك يضع الطلاب المراهقين في خطر أكبر من السمنة، والاكتئاب، وتعاطي المخدرات والدرجات السيئة. وتوصي الجمعية الطبية الأميركية الآن بعدم بدء أي فصل دراسي  للمراهقين قبل الساعة الثامنة والنصف  صباحا. ومع ذلك، لا تزال البدايات المبكرة شائعة في العديد من البلدان حول العالم، من بينها أستراليا والمملكة المتحدة وفرنسا والسويد. وهناك أدلة أخرى على أن البدايات المتأخرة أفضل، إذ تظهر الدراسات أن هناك فوائد صحية واضحة على الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و 16 عاما والذين يبدأون الدراسة في العاشرة صباحا.

         

استخدمت ماريا إيفانز في جامعة نيفادا، بمدينة رينو، أساليب جديدة لتحديد أفضل الأوقات للمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين الـ18 والـ19. وما توصلت إليه كان دراماتيكيا: فقد وجدت أن أوقات البدء الأكثر تأخرا، كالساعة الـ11 صباحا  أو حتى الـ 12 أفضل لعملية الإدراك.

         

المدارس والآباء في جميع أنحاء العالم في حاجة إلى تغيير طريقة تعاملهم مع المراهقين، بدلا من لومهم على النوم في الصباح، دعوهم يستيقظون وينامون في وقت متأخر من أجل التناسب مع ساعتهم البيولوجية. من خلال تأخير وقت الذهاب إلى المدرسة أو الجامعة، سنربي مراهقين أكثر أمنا وصحة وأكثر ذكاء دون أي تكلفة حقيقية. إنها مسألة وقت فقط.

_________________________________________________

   

مترجم عن: ذا كونفرزيشن

المصدر : الجزيرة