"حمية الكيتو".. وسيلتك السريعة والفعالة لإنقاص وزنك
إذا نظرنا إلى هذه المتغيرات التي تؤدي لحدوث المرض؛ نستنتج أنه يمكن تعديلها جميعا بالتدخل المناسب، مثل زيادة النشاط البدني، واتباع نظام غذائي صارم، وربما العلاج النفسي للمساعدة في التحكم في كمية الأكل، وزيادة الحافز لإنقاص الوزن. لا يخلو الأمر- أيضا- من الأدوية الجديدة التي تُطرح باستمرار في الأسواق وتلقى رواجا كبيرا، أو حتى إجراء بعض الجراحات.
كل هذه الطرق يجري تطويرها من أجل تلبية رغبات المصابين بالسمنة في إنقاص وزنهم بشكل سريع، ليس فقط من أجل الشكل الجمالي، ولكن للخوف من المخاطر العديدة المتعلقة بالسمنة، مثل أمراض القلب، وتصلب الشرايين، ومرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وحتى بعض الأورام التي قد تنشأ بسبب السمنة.
جرت العادة أن يتم التركيز على عامل النظام الغذائي لسبب أو لآخر. وكما هو معروف، فقد ركز أطباء الأغذية على محاولة إنقاص الدهون في الوجبات بشكل كبير، لكن جاءت حمية الكيتو لتغير هذا النظام كليا وتعصف بأحد أركان علم التغذية، عندما أتاحت لمُتّبعيها أكل أكبر كمية من الدهون؛ من أجل إنقاص وزنهم في أسرع وقت. فهيا بنا نتعرف بشكل أفضل على هذا النظام الغذائي المبتكر والفريد. (1)
من المعروف أن الجسم يستخدم الجلوكوز كمصدر رئيسي للطاقة، وتعتمد عليه بعض الأنسجة بشكل كبير جدا كالمخ، وبعضها الآخر لا يمكنه الاعتماد على أي مصدر غيره مثل كريات الدم الحمراء، فإذا حرمنا الجسم من مصدر الجلوكوز وهو الكربوهيدرات؛ يبدأ الكبد مباشرة في حرق الدهون الموجودة في الجسم، وتحويلها إلى أجسام الكيتون التي يستطيع الجسم استخدامها كمصدر للطاقة (2).
على سبيل المثال، إذا لم يجد المخ الجلوكوز متوفرا، فإنه يبدأ في استخدام هذه الجزيئات، وأما القلب فهو يفضلها ويعتبرها وجبة مفضلة كمصدر للطاقة (3). ومن الجدير بالذكر أنه على الرغم من قدرة الكبد على إنتاج هذه الجزيئات، فإنه لا يستطيع استخدامها كمصدر للطاقة؛ لافتقاره إلى الإنزيم المطلوب لاستخدامها. السؤال الآن، كيف ينتج الجسم هذه الأجسام الكيتونية؟(4)
وعلى الرغم من نجاحها في مجالات عديدة، إلا أنها مازالت تثير تحفظ وأسئلة كثير من الأطباء. ربما يعزى ذلك إلى نقص في فهم العلم لكونه يتعلق بفسيولوجية استخدام وتكسير الأحماض الدهنية؛ ليستخدمها جسم الإنسان العادي في حالة الجوع ونقص مصدر الغذاء.
أولا تستطيع حمية الكيتو إنقاص الشهية عن طريق احتوائها على كمية كبيرة من البروتينات(9)، وأيضا التحكم في مراكز الشبع في المخ، ومن المحتمل أن أجسام الكيتون لها قدرة كبيرة على تثبيط الشهية(10). كذلك، تؤدي الحمية إلى تثبيط تصنيع أي دهون جديدة في الجسم، وزيادة معدلات حرق الدهون الموجودة بالفعل(11). وبما أن بعض خلايا الجسم لا يمكنها الاستغناء عن الجلوكوز كمصدر للطاقة؛ فإنها تقوم بتحويل الأحماض الأمينية الموجودة في البروتين، الذي تأخذه في الوجبة أو الموجود في الجسم إلى الجلوكوز، وخلال عملية التحويل يُستخدم قدر كبير من الطاقة(12).
أيضا يشيع حدوث مقاومة "الإنسولين" في مرضى السمنة، ويتميز بعدم قدرة العضلات على استخدام الجلوكوز الموجود في الدم، بالإضافة إلى زيادة إنتاج الجلوكوز في الكبد وإفرازه في الدم؛ ما يؤدي في النهاية إلى ارتفاع مستوى الجلوكوز في الدم، وإذا استمر هذا الارتفاع لفترة طويلة بدون علاج؛ فقد يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري.
وبالتالي إذا استخدمنا الكربوهيدرات بكمية كبيرة في الأكل؛ سيؤدي ذلك إلى ارتفاع الجلوكوز بكمية أعلى، ويجري توجيهه إلى الكبد لتحويله إلى دهون في محاولة يائسة للتخلص منه، لكن هذه الدهون المتراكمة لها ضرر شديد على الكبد؛ وقد تؤدي إلى التهابه، أو تليف الكبد، وفشله في أداء وظائفه على المدى الطويل، وربما حدوث سرطان الكبد.
ومن أجل هذا كله، تُقلّص حصة الفرد من الكربوهيدرات يوميا إلى أقل حد ممكن في حمية الكيتو؛ مما يقلل من مستوى الجلوكوز في الدم، والهيموجلوبين السكري، ومستوى الدهون الذائبة في الدم، فضلا عن تقليل الحاجة لاستخدام كمية كبيرة من "الإنسولين" في علاج مرضى السكري المصابين بالسمنة(15).
توجد أيضا دراسات عديدة تثبت فوائد حمية الكيتو في زيادة معدل الأعمار، والوقاية من السرطان؛ نظرا لأن خلايا الورم تعتمد بشكل كبير على استخدام الجلوكوز بشكل أساسي كمصدر للطاقة. ومع استخدام حمية الكيتو، فإننا نحرم خلايا الأورام من غذائها المفضل ووقودها الأساسي.(13)
تفيد حمية الكيتو أيضا في الوقاية من الأمراض العصبية، وغيرها من الفوائد مثل الحماية من حب الشباب. تذكر بعض الدراسات أن استخدام الكربوهيدرات كمصدر أساسي للطاقة، يرفع مستويات الجلوكوز في الدم؛ ما يرفع بدوره مستوى "الإنسولين" وغيره من الهرمونات التي تحفز حدوث حب الشباب(14).
وقد تحدث بعض الأعراض الجانبية مثل تكون حصوات في الكلى، وانقطاع الدورة الشهرية، ونقص بعض الفيتامينات التي تذوب في الماء مثل فيتامين "بي" وفيتامين "سي". يحدث الخوف أيضا من ظهور أعراض نقص الجلوكوز في الدم، كالعرق الزائد، والصداع. علاوة على الخوف من حدوث ارتفاع حموضة الدم؛ ما قد يؤثر على وظائف المخ والقلب.
كذلك، حذر الأطباء من أن اتباع حمية الكيتو لفترة طويلة في الأطفال، قد يؤدي لحدوث كسور في العظام(16). وعلى الرغم من كل هذا، فقد أثبتت دراسة طويلة المدى أن اتباع حمية الكيتو لمدة خمس سنوات لا يسبب أعراض جانبية خطيرة(17).