شعار قسم ميدان

التغذية السليمة في الصغر تحمي طفلك من متاهات الحمية في الكبر

maidan - main image kids and food

تشعر الكثير من الأمهات بالقلق بشأن العادات الغذائية السليمة لأطفالهن، ورغم وجود الكثير من الخيارات الغذائية فإن هناك خوفا دائما لدى الأمهات بعدم إمداد الطفل بالعناصر الغذائية التي يحتاج إليها في عمره، وكذلك الحيرة بشأن كميات الطعام الكافية التي يجب على أطفالهن تناولها. تدور هذه الهواجس في رأس معظم الأمهات تقريبا، لكن لا داعي لكل هذا القلق، بالقليل من المعرفة يمكن التغلب على تلك المخاوف ومنح طفلك كل ما يحتاج إليه. في البداية على الأم أن تكون واعية بأن عادات تناول الطعام لدى الطفل تبدأ في التغيير مع العام الثاني من عمره لتصبح تدريجيا شبيهة بباقي أفراد الأسرة.

 

والأطفال في سن التدرّج (1-3 سنوات) لا يحتاجون إلى تناول كميات كبيرة من الطعام، وبالتالي لا يكتسبون وزنا زائدا إذا اعتادوا على حمية صحية مناسبة لعمرهم ونشاطهم الجسماني. وقد يشعر الآباء بالقلق من عدم تناول طفلهم الطعام الكافي من وجهة نظرهم، ولكنه قلق ليس في محله، لأن احتياجات الطاقة لدى الطفل تقل بسبب بطء النمو مقارنة بالسنة الأولى من الولادة. وما أن يتبع الطفل نمطا غذائيا معينا فمن الصعب تغييره، لذلك عليك التأكد بأن طفلك يعتمد نظاما غذائيا صحيا متوازنا يجعله ينعم بصحة جيدة على المدى الطويل. (1)

 

فما النظام الغذائي المتوازن الأساسي لضمان نمو وتطور الطفل في عمر التدرج؟ أولا يحتاج الطفل إلى أن يأكل مرات كثيرة بكميات قليلة، فعلى الآباء تأمين 3 وجبات صغيرة ومتوازنة بالإضافة إلى وجبتين أو ثلاث خفيفة ومنتظمة (snacks) لسد احتياجات طفلهم اليومية. ويتكوّن النظام الغذائي المتوازن للطفل من العناصر نفسها التي يحتاج إليها الشخص البالغ ولكن باختلاف الكم. وبالإضافة إلى ضرورة تغذية الأطفال بشكل متوازن، يجب أن يحتوي طعامهم على جميع العناصر مع الاهتمام بالعناصر المسؤولة عن النمو الذهني والجسدي. كما يحتاج الطفل ذو المعدة الأصغر من معدتك بثلاث مرات إلى سعرات حرارية تُقدّر بنحو (1000-1400) سعر/يوم، وفيما يلي نعرض كل ما يحتاج إليه طفلك من العناصر الغذائية المختلفة.(2)

 

"تُظهر الدراسات أن 5% فقط من الأطفال ذوي الوزن الصحي سيعانون من السمنة في الكبر، لكن أكثر من 79% من الأطفال السِمان سيعانون من زيادة الوزن في الكبر"

(Ask The Doctor, Netflix)
   

عناصر متنوعة من المجموعات الغذائية الأساسية

undefined

 

كما أننا نحن البالغون نحتاج إلى حصص متنوعة ومختلفة من العناصر الغذائية، كذلك يحتاج طفلك إلى هذا التنوع في العناصر من المجموعات الغذائية الأساسية الأربعة وهي:

    
أولا: الأغذية النشوية التي توفر له الطاقة لأنها تمد الجسم بالكربوهيدرات، فامنحي طفلك مزيجا من الحبوب الكاملة متمثلا في الخبز. وأفضل مصادر النشويات هي القمح والبطاطا والبطاطا الحلوة والأرز، ويمكن أن يتناول الطفل منها حصة كل وجبة أو وجبة خفيفة.
  
ثانيا: الخضروات والفواكه التي تحتوي على الكثير من الفيتامينات والمعادن. فالتنوع في الأصناف والألوان المختلفة أمر جيد للطفل، سواء كانت طازجة أو مجمدة أو مجففة أو معلبة أو على شكل عصائر. وحصة الطفل اليومية منها تقدر بنحو 5 قطع متوسطة.
  

ثالثا: اللحم والسمك وبدائله والبيض وغيرها، حيث يحتاج الطفل إلى البروتين (غذاء العضلات) من أجل نمو وتطور الدماغ وصحة العظام والعضلات، إذ تحتوي البروتينات الكاملة التي مصدرها الحيوانات مثل اللحوم والألبان على 9 أحماض أمينية أساسية تعتبر الأكثر أهمية لنمو طفلك من بين الأحماض الأمينية العشرين، أما الخضروات فهي تفتقر إلى حمض أو اثنين من الأحماض الأساسية. وتُعدّ حصّتان يوميا من البروتين كافية لاحتياجات الطفل، وهذه بعض الأمثلة، تُقدّر بالآتي(3):

 

– بيضة + 1 ½ كوب لبن

– من 30 إلى 60 جم دجاج + ¼ كوب بازلاء

– ¼ كوب فاصوليا + ¼ كوب كينوا

– ¼ كوب جبنة قريش + 2 معلقة طعام فول

– معلقة زبدة فول سوداني + ½ شريحة خبز كامل الحبة + ½ كوب لبن

 

رابعا: يحتاج الطفل إلى نظام غذائي غني نسبيا بالدهون وفقير بالألياف -على عكس النظام الغذائي للشخص البالغ-، فالألياف جيدة للبالغين ولكنها قد تملأ معدة الطفل وتمنعه من الحصول على الطاقة اللازمة لجسده في هذه السن. وتحتوي مشتقات الألبان الغنية بالكالسيوم على كمية وفيرة من السكر والدهون وكذلك الزيوت والمكسرات.
    

الفيتامينات والمعادن.. ومتى يحتاج طفلك إلى المكملات الغذائية؟

undefined    

لكي نكون مطمئنين أن طفلنا يحصل على ما يحتاج إليه من الفيتامينات والمعادن علينا أن نكون على دراية بالأنواع والوظائف المختلفة للفيتامينات، وهي كالآتي:

فيتامين (أ): يساعد على حماية البشرة والعينين والجهاز التنفسي من العدوى. أفضل مصادره هي الفاكهة والخضروات الملونة (من الصفراء إلى البرتقالية) مثل الجزر والقرع والشمام والمشمش والبروكلي. والكمية المُوصى بها؛ 300 ميكروغرام[1] /يوم.

 

فيتامين (ب): مجموعة من 8 فيتامينات تساعد في إنتاج خلايا الدم الحمراء وإنتاج الطاقة. أفضل مصادره هي الحبوب الكاملة مثل القمح والشوفان، والفاصوليا والبازلاء، واللحوم والأسماك.

 

فيتامين (ج): أحد أهم مضادات الأكسدة في الجسم ويحافظ على الجهاز المناعي وبناء العظام والأنسجة والتئام الجروح. أفضل مصادره هي البرتقال والجوافة والفراولة والكيوي والليمون والفلفل الأحمر. الكمية المُوصى بها؛ 35 ملليغراما/يوم

 

فيتامين (د): فيتامين الشمس ويعمل كهرمون لتنظيم الجهاز المناعي، كما يعمل على تنظيم كمية الكالسيوم والفوسفات التي يمتصها الجسم. نقصه قد يسبب كساحا للأطفال. ينصح بالتعرض للشمس من 10-20 دقيقة بدون استخدام منتجات الحماية من الشمس. أهم مصادره هي الأسماك الغنية بالدهون مثل السلمون، صفار البيض والزبادي وعصير البرتقال والألبان.

 

فيتامين (ھ): يساعد الجسم في مكافحة الجراثيم وتوسيع الأوعية الدموية لتدفّق الدم للجسم. أفضل مصادره هي المكسرات والبذور مثل اللوز وبذور عباد الشمس والفول السوداني والسبانخ وزيت الزيتون. الكمية المُوصى بها؛ 5-10 ملليغرامات/يوم.

 

أما المعادن فأهمّها الكالسيوم وهو أكثرهم وفرة في الجسم بنسبة 98% في العظام، 1% في الأسنان، 1% في الدم. يوجد بكثرة بمنتجات الألبان والخضروات الورقية والبقوليات. يحتاج الطفل إلى 500 ملليغرام/يوميا، فكوب من اللبن يعطي 300 ملليغرام من الكالسيوم. من المعادن المهمة أيضا الحديد، فنقصه يُسبّب فقر الدم (Anaemia)، وأهم مصادره هي اللحوم الحمراء والدواجن (الفخذ) والأسماك. أما الكبد فهو مصدر جيد للحديد مرة بالأسبوع. وبديل اللحوم هو الأسماك والبيض والحبوب مثل العدس والحمص.(4)

 

في العادة يحصل الطفل على احتياجه الكلي من الفيتامينات والمعادن ولا يحتاج إلى مكملات غذائية، فالعبرة بالكيف وليس الكم، إذ يحتاج الطفل إلى 5 وحدات يوميا متنوعة من الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة ومنتجات الألبان والبروتين ليأخذ احتياجه كاملا من الفيتامينات والمعادن.

undefined

لماذا يرفض الطفل بعض الأطعمة وكيف نشجعه على تناولها؟
بعد أن يتم طفلك عامه الأول، قد تتغير عاداته الغذائية ويبدأ في رفض بعض الأطعمة. لكن لا تقلقي، فهذه مرحلة طبيعية يمر بها معظم الأطفال لأنهم يحتاجون إلى الوقت للتعود على الطعام. قد يقتصر الطفل على تناول مجموعة معينة من الطعام، ويرفض تجربة طعام جديد لأنه يكون بحاجة إلى تذوّقه عدة مرات، لذلك قدّميه دائما في المرة التالية، فهو قد يأكل وجبة بشهية ويمتنع عن الأخرى. وانتبهي إلى أن الأطفال يرفضون الطعام عند أخذهم ما يكفي منه، وقد يأكلون كمية أقل من الآخرين الذين في نفس سنهم. ولكن إذا كان طفلك ينمو ويتطور بشكل طبيعي فإنه بذلك يأخذ الكمية المناسبة لاحتياجاته الخاصة.(5) إذا كنتِ تفكرين بتشجيع طفلك على تجربة طعام جديد، فإليك بعض الأساليب التي يمكنها مساعدتك:
  

أولا، لا تطلبي من طفلك تجربة طعام جديد فحسب، بل اطلبي منه تذوق الطعام ثم إخبارك بما يشعر به، هل مقرمش؟ هل يحتاج إلى بعض الملح؟ هل رائحته جيدة؟ أيًّا من هاتين الفاكهتين لونها أفضل؟ وإذا خلطنا نوعين من الطعام الملون فما اللون الناتج؟ هل رأيت شيئا شبيها بهذا الطعام من قبل؟ ولا تخبريه بأن عليه فقط أن يتذوقه، فإذا لم يحبه فهو ليس مضطرا ليتناوله أو أن يكون جزءا من غذائه. ولكي يستكشف طفلك طعاما جديدا، عليك تقديم كمية صغيرة منه في البداية. كذلك قدمي له النوع الجديد ضمن أنواع اعتاد على تناولها، وقومي معه باستكشاف الجديد واتركي الخيار له، فإذا رفض جميع الأنواع فلا تتذمري، لأنه إذا بدأ يشعر بالجوع حقا فسيأكل ما يُعرض عليه.(6)
  

undefined

  
تقول خبيرة التغذية دينا روز بأنه من المهم أن تتبع نظاما غذائيا متوازنا مع طفلك في سن مبكرة حتى تصبح عادة لديه. ووفقا لجمعية القلب الأميركية (AHA)، فإن أفضل ما تفعله لطفلك هو مساعدته في الحفاظ على وزن صحي والتعود على نظام غذائي متوازن. يجب علينا أن نترك الطفل للاستماع لإشاراته الداخلية من الشعور بالجوع والامتلاء حتى لا يتعلم الإفراط في تناول الطعام. وذلك يحدث حين يقوم الآباء بالضغط على الطفل لكي يأكل كمية أكبر مما يؤدي إلى أن يتجاهل الطفل إشاراته الخاصة.(7) وبذلك يتعرض الطفل لزيادة الوزن وربما يصل إلى الإصابة بالسمنة، فهي أكثر من مجرد مشكلة وزن زائد ولكنها مؤشر خطير لعديد من الأمراض بما في ذلك أمراض القلب والسكري والسكتة الدماغية. إن مسؤولية الآباء في هذه المرحلة العمرية مقتصرة فقط على تقديم الطعام المتوازن، فالطفل يقرر ماذا يأكل وكم، وحتى إذا ما كان سيأكل أم لا.

المصدر : الجزيرة