دراسة: التعليم عن بعد هو المستقبل
في عام 2015، كانت تُقَدر القيمة السوقية للتعلُّم الإلكتروني بنحو 166.5 مليار دولار أميركي، ومن المتوقع أن تزداد خلال هذا العام لتُصبح 255 مليار دولار.
وفي دراسة بحثية حديثة أجراها مجتمع "Global Shapers" على 25 ألف مشارك من الشباب من مختلف أنحاء العالم، كشفت أن 77.84% من المشاركين قد حصلوا على أكثر من مساق إلكتروني عبر الإنترنت خلال العام الماضي.
ووفقًا للدراسة البحثية للتعَلّم عبر الإنترنت للعام الماضي، التي أجرتها مجموعة "بابسون" للدراسات البحثية بالشراكة مع عديد من المؤسسات الأخرى؛ فإن عدد الطلاب الأميركيين الذين يتعلمون عن بُعد ارتفع من 7.1 ملايين طالب خلال 2014 إلى 7.4 ملايين طالب في 2015، كما كشَفت الدراسة أن ما يزيد عن 5.8 ملايين طالب كانوا يدرسون مسَاقا واحدا -على الأقل- عبر الإنترنت خلال 2015.
ووفقًا للنتائج السابقة فإن التعلم الإلكتروني عن بُعدٍ أصبح البديل الأفضل للتعليم التقليدي، بل يُعتبر هو المستقبل في مجال التّعْليم كله، فلا تضاهي زيادة القيمة السوقية للتعلم الإلكتروني إلا زيادة عدد الطُلاب والمتعلمين الذين يدخولون إلى عالم التعلم عن بُعد، والالتحاق بالمساقات والدورات التدريبية عالية الجودة عبر الإنترنت. 1
-التَعلم التزامني: وهو تَعلم شبيه بالفصول الدراسية الحقيقية، حيث يجري من خلال الغرف التعليمية عبر الإنترنت، وينطوي على المشاركة الفعالة في الوقت نفسه بين كل من المُحاضر والمتعلمين، أو المتعلمين بعضهم مع بعض، فيجري التفاعل من خلال الدردشة والرسائل الفورية، أو اجتماعات الصوت والفيديو، ما يساعد على المُتابعة المُستمرة وإضفاء الطابع الشخصي على عملية التعَلّم.
-التَعلم غير التزامني: وهو التعَلّم الذي يسمح للمتعلمين باستكمال المساقات أو الدورات التدريبية بالوتيرة المناسبة لهم، وفى الوقت الذي يختارونه، لكنه لا يسمح للمتعلمين بالمشاركة والتفاعل الحي مع المُحاضر، بينما يوفر التواصل بين المحاضر والمتعلمين من خلال لوحات الرسائل ومنتديات النقاش على عكس التعلم التزامني، فيستطيع المتعلم الولوج إلى المادة التعليمية كلما احتاج إليها في أي وقت وأي مكان. 2
كما أكدت إحدى الدراسات التي أجريت في جامعة ولاية "بورتلاند"، وبتمويل من المركز الوطني لدراسة تعليم الكبار ومحو الأمية، أن التعلم الذاتي بمفرده أو مقترنًا بالتعليم التقليدي أفضل بكثير من التعليم التقليدي داخل الفصول الدراسية.
فيمتلك التعَلّم الإلكتروني عديدا من المميزات التي يفتقدها نظيره التقليدي، وهذه المميزات أدت إلى انتشار التعلم الإلكتروني بوتيرة متسارعة جدًا، فيوجد الآن ملايين المتعلمين في العالم يعتمدون بشكل أساسي على هذا النوع من التعلم في اكتساب المهارات، والخبرات، وتعَلّمِ ما يريدونه، ومن المميزات التي أدت إلى اجتياح التعلم الإلكتروني مجال التعليم، بل وتفوقه على نظيره التقليدي:
لذلك تُعتبر أكبر العيوب الحقيقية للتعليم التقليدي هي النفقات الباهظة التي يتحملها الطلاب وذووهم، على عكس التعلم الإلكتروني الذي أصبح الآن مجانيا بشكل شبه كامل، فمئات الجامعات والمعاهد العالمية عرضت عديدا من المساقات عالية الجودة، المُقدمة من أفضل المحاضرين والأساتذة عبر مواقع التعلم الإلكتروني المختلفة.
وحتى أغلي الدورات التدريبية المكثفة عبر الإنترنت لا تصل تكلفتها إلى نصف تكلفة التعليم التقليدي في العام الواحد، فتكلفة واحد من أغلي البرامج التدريبية لتعلم البرمجة يبلغ ما يقارب 10 آلاف دولار، حيث يركز المحاضرون والخبراء على تعليم الطلاب مهارات البرمجة اللازمة، حتى يصبح الطالب مُبرمجًا ومطورًا محترفًا خلال 12 أسبوعا مكثفا، كما يستطيع 90% من خريجي البرنامج إيجاد فرصة وظيفية في أقل من 3 أشهر بعد التخرج.
لذا عند مقارنة هذا البرنامج بالتعليم التقليدي داخل الجامعة، فإن هذا البرنامج المكثف يُعتبر أفضل وأكثر توفيرًا للوقت والمال، لأن تكلفته تبلغ 10 آلاف دولار في 12 أسبوعا فقط، بينما تبلغ تكلفة التعليم الجامعي نحو من 80 ألف دولار خلال سنوات الدراسة الأربع.
ويستطيع المتعلم البدء في التعَلُّم أو الدراسة أينما شاء، وحيثما شاء، فلا يحتاج إلا إلى جهاز كمبيوتر واتصالًا بالإنترنت، وإن كان المتعلم طالبًا بإحدى الجامعات فيمكنه دراسة عديد من الدورات التدريبية التي تُفيده في مجال تخصصه، وحتى إن كان المتعَلم موظفًا بدوام كامل فإن التعلم الإلكتروني يُعتبر خيارًا موفقًا لتعلم المهارات التي يحتاجها للتطور في حياته المهنية والوظيفية.
فبدلًا من المقررات غير المتخصصة التي لا تفيد المتعلم في المجال الذي يرغب في العمل به، يوفر التعلم الإلكتروني المقررات المتخصصة، فالشخص الذي يرغب في العمل مبرمجًا متخصصًا في إحدى لغات البرمجة، يستطيع اختيار الدورات التدريبية التي تفيد تخصصه، فهو ليس في حاجة إلى دراسة تصميم الجرافيك أو التسويق أو حتى تقنية المعلومات، هو في حاجة إلى دراسة مهارات البرمجة ولغاتها فقط، وهو ما يُوفره التعلم الإلكتروني.
ومن ثم يقدم التعلم الإلكتروني للشخص المهارات التي يحتاجها باستمرار ليصبح مؤهلًا للمنافسة في سوق العمل، على عكس التعليم التقليدي الذي يعتمد على مقررات ثابتة لسنين عدة، غير مواكبة للتطور في احتياجات سوق العمل، حيث كشف استطلاع لمؤسسة "جالوب" في وقت سابق خلال العام الماضي أن 14% من الأميريكيين، و11% فقط من رجال الأعمال وأصحاب الشركات يعتقدون أن الخريجين الجدد يمتلكون المهارات اللازمة والمناسبة لسوق العمل. 9
فبسبب هذه المميزات أصبح التعَلم الإلكتروني الآن البديل الأفضل والأكثر فاعلية للتعليم التقليدي، إذ يوفر الوقت والجهد، ويُمكن المتعلم من إتقان التخصص الذي يريده في فترة وجيزة، لاسيما التخصصات المتعلقة بالتقنية وتكنولوجيا المعلومات، فالتعلم الإلكتروني يعد الطريق الأفضل بكل المقاييس لتعلم البرمجة، أو تقنية المعلومات، أو التصميم، أو التطوير، أو حتى إدارة الأعمال.
ويعد العيب الوحيد في التعلم الإلكتروني هو عدم قدرته على منح المتعلمين في بعض التخصصات الحق في ممارسة العمل بتلك التخصصات، فالمتعلم يستطيع الالتحاق بالدورات التدريبية المتخصصة للطب أو المحاماة أو العلوم، ويستطيع إتقان المهارات المختلفة المتعلقة بأي من تلك التخصصات، لكنه ما زال غير قادر على العمل بها، وممارستها كمهنة إلا إذا تخرج في ذلك التخصص بالجامعة وحصل على شهادة جامعية تسمح له بممارسة مهنة تخصصه.9