"لا أندفع في القراءة كأنني في سباق، بل أُعيد قراءة الأجزاء التي أعتقد أنها الأهم حتى أفهم مغزاها"

(هاروكي موراكامي، كاتب وروائي ياباني)

  

عادة ما يستأنس الإنسان بآراء غيره تجاه ما يريد أن يفعل، فيستشير، ويسأل ويقارن، محاولا الاستفادة من آراء ذوي المشورة من حوله. الأمر ذاته ينطبق على مراجعات الكتب، فالمكتبات مليئة بالمؤلفات، والتخصصات زاخرة بالتصنيفات بداخلها، والروايات عالم لا قرار له، لذلك، يمثل الدخول لعالم القراءة مساحة واسعة نحتاج فيها من نستأنس برأيه. خلال هذا التقرير سوف نتناول مجموعة قيمة من قنوات يوتيوب العربية التي تختص بمراجعة وتلخيص الكتب والروايات العربية والعالمية وتقديمها في شكل مبسّط خلال دقائق معدودة.

   

"القراءة وحدها هي التي تُعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة؛ لأنها تزيد هذه الحياة عمقا، وإن كانت لا تطيلها بمقدار الحساب"

(عباس محمود العقاد، أديب ومفكر مصري)

بدأت قناة "أخضر" مسيرتها كفكرة بسيطة تهدف إلى تبسيط الكتب المفيدة عبر إضافة الروح إلى المعلومات الجامدة ودمج التكنولوجيا والثقافة معا لتحقيق فائدة القراءة ومتعة المشاهدة في الوقت ذاته تحت شعار "من كتاب لحكاية". تضم أخضر مكتبة رقمية ضخمة من الملخصات المهمة للكتب المختلفة التي تزداد يوميا مثل: الكتب السياسية والاقتصادية، والفلسفية والاجتماعية، إلى جانب كتب الإدارة والاقتصاد وريادة الأعمال، وكتب السير الذاتية، إضافة إلى كتب علم النفس، والتنمية الذاتية وتطوير الذات.

 

   

لا تكتفي أخضر بتلخيص الكتب والروايات المهمة تلخيصا مبسطا وحسب، بل بتحويلها إلى ملخص مرئي سردي على شكل قصة محكمة أو حكاية بسيطة مسلية وممتعة مع تقديم ملخص موجز للكتاب في نقاط يتم إدراجها في وصف كل فيديو. تتميز القناة بعوامل جذب عدة، بداية من الاعتماد على الأسلوب السردي المميز المدمج بخفة الظل، والانتقائية الشديدة لكافة الكتب والروايات التي تتناولها، فضلا عن استخدام الألوان البسيطة مع التركيز على اللون الأخضر المريح للبصر الذي يبعث السعادة والبهجة وحب الحياة ويعزز الانتماء إلى اسم القناة وشعارها، وليس انتهاء بالاعتماد على الرسم اليدوي المتحرك للصور والشخصيات والرموز والمخططات المستخدمة في كل قصة.

 

مؤسس القناة هو محمد أسامة، خريج كلية الصيدلة لكنه يعمل في مجال البرمجة. يقول أسامة في إحدى حلقاته التعريفية: إن فكرة تأسيسه لأخضر جاءت في الأساس كبداية لمشروعه التقاعدي عند بلوغه سن الثلاثين، لكنه لم يكن يتوقع تحقيق هذا النجاح كلّه، ذلك النجاح الذي أجبره على الالتزام والاستمرارية في تقديم حلقاته. اليوم، رغم أن القناة لم يمضِ على ميلادها 3 أعوام، فإنها تحتوي على أكثر من 125 تلخيصا لكتاب ورواية. وتضم عدد مشتركين نشطين يتجاوز 385 ألف مشترك، وما يزيد على 12 مليون مشاهدة.

   

  

"يبدو لي أن كل ما أعرفه عن حياتي تعلمته من الكتب"

(جان بول سارتر، فيلسوف وروائي فرنسي)

 

بدأ برنامج "علي وكتاب" كتلخيص بسيط لفكرة محددة من كتاب ما ومشاركتها على موقع فيسبوك على هيئة مقال مصغر، لكن بمرور الوقت أصبح برنامجا متكاملا يعمل على تلخيص الكتب وتقديمها ببساطة رغم تعقيدها. يُقدَّم البرنامج بواسطة مبرمج ومطوّر للجافا يُدعى علي محمد، إلى جانب برنامجين آخرين أحدهما يُسمّى "مكسَرات: لذيذة، مفيدة، متنوعة" يهدف إلى تقديم خطوات عملية وحلول مجربة ونصائح قيمة لزيادة الإنتاجية. والآخر يُسمّى "حتِة حِكمة" ويهدف إلى تقديم معلومات معرفية مفيدة لتحسين جوانب الحياة في مقاطع فيديو قصيرة تتراوح بين 3 و5 دقائق في المدة.

  

يركز "علي وكتاب" على الكتب التي تندرج ضمن تصنيف تطوير الذات واكتساب المهارات، والإنتاجية وريادة الأعمال. إذ يحرص على اختيار الكتب التي يقوم بمراجعتها وتلخيصها بعناية فائقة بعد تأكده من أن الكتاب سيُقدِّم الإفادة القصوى للمتابعين. فيبدأ بتعريف الكتاب مع مقدمة عامة عن الكتاب والمؤلف، ثم التركيز على أبرز أفكار الكتاب والقيام بتلخيصها ومناقشتها بالتفصيل ورؤية كيفية تطبيقها بشكل عملي في الحياة اليومية، وذلك بأسلوب بسيط ممتع مع الرسوم والتوضيحات المنظمة التي تساعد على الفهم وتوصيل الأفكار بوضوح بدون الإخلال بالمعنى الجوهري لكل فكرة.

  

   

يحتوي البرنامج على عدة مزايا أهمها: توفير محتوى الحلقات في شكل كتيب مقروء للتحميل يتم إتاحته في نفس وقت نشر الحلقات على يوتيوب، وذلك بهدف تعميق الفائدة من الكتاب إلى أقصى صورة ممكنة وتسهيل الاطلاع على هذا الملخص في وقت لاحق. إضافة إلى ميزة منع ظهور الإعلانات بشكل نهائي على كافة حلقات البرنامج، وذلك لاقتناع مُقدِّم البرنامج أن الكثير من الإعلانات فيها تجاوزات أخلاقية كبيرة وبعضها مليء بالإسفاف بشكل مقزز، وعدم قدرته على انتقاء الإعلانات التي تظهر على المحتوى الذي يقدمه.

 

رغم أن حلقات البرنامج طويلة نسبيا بحيث تتراوح مدة كل حلقة بين 15 و30 دقيقة في المتوسط، فإنها تحظى بشعبية واسعة وتفضيل عشرات الآلاف من المتابعين. ورغم أن النشاط الفعلي للقناة لم يتجاوز عدة أشهر أو عام على أقصى تقدير، ورغم أن العدد الإجمالي لحلقات القناة ليس بالكثير، فإنها استطاعت جذب انتباه ما يزيد على 105 ألف متابع نشط، مع أكثر من مليوني مشاهدة.

 

"أكبر الجامعات على الإطلاق هي عبارة عن مجموعة من الكتب"

(توماس كارليل، كاتب وناقد إسكتلندي)

  

تأسّست قناة "الزتونة" في يوليو/تموز 2016 بواسطة الصيدلي مايكل راشد، بهدف تلخيص الكتب العربية والعالمية بطريقة مبسطة وسريعة. رغم البداية البسيطة للغاية التي بدأ بها مايكل أولى حلقاته، فإنه تطور تطورا ملحوظا مثلما تطور المحتوى الذي يُقدِّمه حتى أصبح بشكله الحالي. يتميز مايكل بأسلوبه العفوي البسيط، وطريقته المميزة في توضيح فكرة الكتاب الذي يقوم بطرحه ومناقشته.

 

وتتميز مقاطع الفيديو بالتصوير والإخراج البسيط الذي يعزز عملية التركيز بدون استخدام الكثير من الصور الخارجية المشتتة. يركز مايكل خلال حلقاته على انتقاء أحد الكتب التنموية التي تتناول موضوعات الإدارة والقيادة والتنمية الذاتية والإنتاجية والاقتصاد وإدارة الأعمال والتسويق إلى جانب موضوعات علم النفس. في المتوسط، يُقدِّم مايكل حلقة جديدة أسبوعيا تتراوح مدة كل منها بين 6 و16 دقيقة.

  

 

رغم أن القناة تجور على بعض التخصصات الأخرى في تلخيصاتها، فإنها تحتوي الآن على أكثر من 105 تلخيص لما يزيد على مئة كتاب، إلى جانب الكثير من مقاطع الفيديو الأخرى التي تتناول موضوعات متنوعة متعلقة بالقراءة والكتب. ورغم أنه لم يمض سوى عامين على تأسيس القناة فإنها استطاعت جذب انتباه مئات الآلاف من القراء والمهتمين بالكتب والقراءة حول العالم العربي، إذ أصبح عدد المتابعين النشيطين على القناة يقارب 215 ألف مشترك، مع ما يقارب 5 ملايين مشاهدة.

  

"إذا قرأت أربعين كتابا حقيقيا -قراءة فعلية- خلال عشرين عاما، فبوسعك مواجهة العالم"

(أمين معلوف، أديب وصحافي لبناني)

 

في نهاية أبريل/نيسان من العام الماضي 2017، قام محمود سري بإنشاء قناة "جيل يقرأ" على يوتيوب بهدف نبيل للغاية وهو نشر ثقافة القراءة للتأثير في الشباب العربي لصناعة جيل مثقف يقرأ. فيقوم بتلخيص الكثير من الروايات والكتب المختلفة في كافة التخصصات مثل: كتب السِّيَر الذاتية وعلم النفس، وكتب التنمية الذاتية وتطوير الذات، إلى جانب كتب الإدارة والاقتصاد وريادة الأعمال، إضافة إلى الكتب السياسية والاقتصادية، والكتب الفلسفية والاجتماعية المختلفة.

  

 

تتميز القناة بالأسلوب السردي الترفيهي والطريقة المميزة في توضيح فكرة الكتاب الذي تقوم بطرحه ومناقشته. وتتميز باستخدام الرسومات الكاريكاتورية المميزة مع الاعتماد على الرسم اليدوي لكافة الرسوم والصور والشخصيات والرموز والمخططات المستخدمة في كل قصة، وهو ما يؤدي إلى جذب انتباه المشاهدين، ويمنحهم متعة المشاهدة والاستفادة القصوى من الكتاب.

 

رغم البداية البسيطة للغاية التي بدأت بها القناة، فإنها تتطور باستمرار، إذ أصبحت تمتلك قرابة الـ 40 تلخيصا لمجموعة من الكتب المهمة. ورغم العمر القصير للقناة الذي لم يبلغ العامين بعد، فإنها استطاعت جذب أنظار مئات الآلاف من القرّاء والمهتمين بها في أرجاء الوطن العربي، حيث غدا عدد المشتركين النشيطين بالقناة نحو 176 ألف مشترك مع ما يزيد على 2.5 مليون مشاهدة.

 

"أن تتعلم القراءة كأن تتعلم إشعال النار، فكل كلمة ستكون شرارة"

(فيكتور هوغو، أديب وروائي فرنسي)

  

تأسّست قناة "حرر عقلك" في أبريل/نيسان من العام قبل الماضي 2016 بهدف إنشاء مجتمع من العقول القوية النيّرة التي تستطيع تخطي أي عقبات في طريق النجاح وتحقيق الذات. فتقوم القناة بمراجعة ومناقشة وتلخيص الكثير من الروايات والكتب العربية والعالمية في كافة المجالات مع التركيز على كتب السِّيَر الذاتية، وكتب التنمية الذاتية والتطوير المهني والإنتاجية ومجال المال وريادة الأعمال والإدارة والاقتصاد وكل ما يتعلق بهم.

  

  

تعتمد القناة على دمج القراءة بالتكنولوجيا لتقديم مقاطع فيديو عالية الجودة تحقق فائدة القراءة ومتعة المشاهدة، حيث تعرض تلخيصاتها على شكل ملخص مرئي لقصة كرتونية مسلية وممتعة مع استخدام الألوان البسيطة المبهجة، والاعتماد على الرسم اليدوي المتحرك للصور والشخصيات والرموز والمخططات المستخدمة في كل فيديو، مع تقديم ملخص موجز للكتاب في نقاط يتم دمجها في تفاصيل ومعلومات الفيديو.

  

اليوم، رغم أن القناة متوقفة عن العمل منذ أكثر من 8 أشهر لقلة التمويل، ورغم أنها لم تستمر في عملها سوى لعام واحد، فإنها تحتوي على مكتبة أرشيفية مميزة تضم قرابة الـ 40 مقطعا من مقاطع الفيديو التي تتناول تلخيص أكثر من 30 كتابا. خلال فترة عمل القناة القصيرة للغاية، استطاعت جذب أنظار مئات الآلاف من المهتمين بالقراءة، حيث بلغ عدد مشتركي القناة نحو 111 ألف مشترك، مع عدد مشاهدات يقرب من المليوني مشاهدة.