ما هي نصائح "ترمب" للنجاح في مجال الأعمال؟
(1)
على الرغم من أن العالم كله قد أفاق جزئياً من صدمة فوز دونالد ترمب في الانتخابات الأمريكية، وتنصيبه رئيساً للولايات المتحدة خلفاً لباراك أوباما، بعد سلسلة طويلة من المواقف والتصريحات التي يعتبرها البعض مثيرة للجدل، ويعتبرها البعض الآخر بأنها (كارثية) على أقل تقدير. إلا أنه ما زال حتى الآن محل جدل كبير في كافة الأوساط الإعلامية والسياسية والاقتصادية. قل عنه ما تشاء.. تتباين الآراء وتختلف عنه سياسياً، ولكن – فيما يخص عالم الأعمال تحديداً – فغالباً لن تستطيع أن تقول عنه سوى أنه ناجح.. إلا إذا اعتبرت أن الإمبراطورية الضخمة التي أسسها في مجالات وفروع مختلفة، والـ3 مليارات دولار التي يملكها، ليست دليلاً للنجاح في عالم "البيزنس".. فمن الصعب تصديق هذا الزعم.
(2)
ترمب لم يبدأ من الصفر، وهو ينتمي بالأساس إلى أسرة ثرية ساعدته كثيراً في بداية حياته، إلا أنه نجح بشكل فاق بكثير ما حققته أسرته، كما ذكـرت غويندا بلير مدوّنة السيرة الذاتية لأسرة ترمب. استطاع ترمب أن يثبت نفسه سريعاً في التوغل في عالم العقارات، التي شملت بنايات ضخمة في كافة الولايات المتحدة، ومراكز ترفيه، ونوادي غولف، وامتدت إمبراطوريته لتشمل صناعات مختلفة خارج إطار العقارات مثل مراكز التجميل والأغذية والمشروبات وغيرها.. إلا أنه أيضاً مرّ بأربع أزمات مالية طاحنة، أوقعته تحت طائلة ديون كبرى كادت تؤدي إلى إفلاسه، وهو الأمر الذي يرفض ترمب الاعتراف به بشدة، مؤكدا أنه استطاع تجاوز هذه الأزمات بسهولة. بل واستغلّ خروجه من هذه الأزمات للترويج لنفسه بأنه قادر على تخطي الأزمات المالية بسهولة، قائلاً في تصريح له في أغسطس / آب الماضي:
"هذه البلاد ترزح تحت دين بـ 19 ألف مليار دولار وهي بحاجة إلى شخص مثلي لتسوية هذه المسألة!"(1)
لحُسن الحظ، يمكننا معرفة بعض القواعد التي يتّبعها الرجل من خلال كتبه. ترمب له الكثير من المؤلفات، كان أولها – وربما أشهرها – سيرته الذاتية بعنوان : فن التعامل / الصفقة The Art Of Deal.. تلاها العديد من الكتب التي تجمع بين نصائح النجاح في الحياة و"البيزنس".
هنا، نستعرض بعض أهم هذه النصائح والدروس التي طرحها ترمب في بعض كتبه أو محاضراته أو الافلام التسجيلية التي تناقش مسيرته، والتي وجهها بشكل أساسي إلى روّاد الأعمال للنجاح في الحياة عموما، وعالم "البيزنس" خصوصاً. ربما تحلُّ هذه القواعد لغز وصوله إلى هذا المنصب، رغم المعارضة الهائلة التي واجهها أثناء الحملة الانتخابية، بل والسخـرية والاستخفاف به أيضاً! دعونا نرى ما الذي يوجد في جعبة الرجل من نصائح يوجهها للصاعدين سلّم ريادة الأعمال..
بالنسبة لي الأمر بسيطٌ للغاية، طالما ستقوم بالتفكيـر في كل الأحوال؛ فالأفضـل لك أن تفكـر بأفكارٍ كبيرة.. معظم الناس يفكّرون بأفكار صغيرة محدودة، لأنهم يخشون النجاح.. يخشون صناعة القرارات.. يخشون من الفوز.. غير واثقين من أنفسهم. لا تضع حواجزاً أمام عقلك وتجبـره أن يفكّـر فقط بشكل ضيق ومحدود. دائماً كنت أركّـز على (الأفكار الكبيرة) التي تؤدي إلى الأعمال الكبيرة التي تجذب لي الأموال الكبيرة.. بدلاً من الاهتمام بأعمال صغيرة لا يهتم بها أحد، ولن يُخـرج أحدٌ المالَ من جيبه للدفع من أجلها.
أرى دائماً أشخاصاً يقومون ببيع سياراتهم المتسخة غير النظيفة، باعتبار أن غسل السيارة ليس مهماً إلى هذه الدرجة، ويمكن للمشتري أن يقوم بهذه الخطوة لاحقاً.. كنت أقول في نفسي: هذا الشخص خاسر حتماً! لهذا السبب أستيقظ كل صباح وأنا هدفي بسيط وواضح، أن أعرف كل التفاصيل الصغيرة في مشروعاتي البنائية التي تنعكس على زيادة السعر.. اهتمامي بالتفاصيل ليس لأنني متفرّغ أو صبور، وإنما ببساطة لأنه سيجلب لي المزيد من الأموال بشكل تلقائي. بنفس طريقة تنظيف السيارة المستعملة قبل بيعها، للحصول على أموال أكبر.
من المهم أن تعرف أيضاً أن (السوق) ذكي، والعميل ليس غبياً أو ساذجاً مهما بدا لك ذلك في أي وقت. إذا قمت بوضع سعـر أعلى من المطلوب في السوق، ستتفاجأ بأن العميل لن يقوم بالشراء حتى لو كان قادراً على ذلك. وإذا قمت بوضع سعـر أرخص من السعر المطلوب في السوق، فالعميل سوف يتجاهلك أيضاً، ويتعامل مع المنتج أو الخدمة التي قدّمتها باستعلاء. ومن اللازم أن تحدد التسعيرة الصحيحة لأي شيء تقوم ببيعه.
غالباً ما أصل إلى مكتبي في التاسعة صباحاً، وبمجرد الوصول ألتقط الهاتف. نادراً ما يمر يوم واحد بدون أن أجري 50 مكالمة على الأقل، وغالباً ما تزيد عن الـ 100 مكالمة يومياً. في وسط كل هذه المكالمات، أقوم بعقد اجتمـاعات كثيرة جداً. المهم هنا أن أغلب هذه المكالمات والاجتمـاعات مدتها حوالي دقيقة واحدة. فقط القليل من هذه الاجتماعات تستمر لحوالي 15 دقيقة.
الاجتماعات المطوّلة مرهقة وغير مفيدة، ركّـز دائماً على الاجتماعات المركّـزة المليئة بالأفكـار ومعرفة آخر الاخبار وسير العمل.
السلوك الإيجابي الأهم لأي شخص مشتغل في "البيزنس" يتلخص في كلمة واحدة (الثقة بالنفس). الثقة بالنفس هي أساس اللعبة كلها. دائماً أميل إلى تسمية مشروعاتي باسمي، وأن أضع اسمي بلافتة عملاقة على أكبر مشروعاتي. هذه الثقة بالنفس تجعل الناس يشعرون بالإعجاب تجاهي وليس الكراهية، ويشترون أكثر. هذه الثقة هي التي ستجعل اسمك يتحوّل إلى علامة تجارية، بشكل تلقائي دون سعيٍ حقيقي منك.
ملحوظة:
مجلة "الفوربس" العالمية قدّرت قيمة العلامة التجارية الخاصة باسم Trump بحوالي 200 مليون دولار أمريكي، بينما ذكـر هو نفسه أن العلامة التجارية لاسمه لا تقل قيمتها عن 3 مليارات دولار.
دائماً اسكت، واستمع لما يقوله الآخرون.. يجب أن تسمع ما يقوله الجميع بحرص وصبر. ولكن هذا لا يعني أن تقوم بتنفيذ ما يقولونه. في النهاية، أنت صاحب القرار.. ليس كل ما يقال لك صحيح، بل قد يكون أكثره هراء أيضاً. المهم أن تستمع له، وتقيّم كافة الآراء وتعمل على قياسها مع قرارك. ثم تتخذ أنت القرار النهائي الذي تتحمل أنت مسؤوليته.
أخطر شيء يمكنك أن تفعله كرجل أعمال أن تتساهل مع الجميع، وأن تتبنّى وجهة نظر الجميع، حتى تكون محبوباً من الجميع.. غالباً ستفشل في النهاية، لأنك لا تركِّز في مصلحة نجاح المشروع بقدر تركيزك على إرضاء العاملين معك.
أنا لا أعطي اهتماماً خاصاً لاستطلاعات التسويق. أنا أقوم بعمـل استطلاعاتي الخاصة، وتكوين استنتاجاتي الخاصة. عندما أكون في مدينة ما، أستقل سيارة أجرة وأسأل السائق كافة الأسئلة التي أريدها. أسأل وأسأل وأسال، حتى أبدأ في تكوين انطباع خاص يجعلني أفهم الأمور بشكل أوضح.
الناس لا تتذكر (المجهود الذي بذلته) للفوز.. هم فقط يتذكرون الفائز النهائي، وينسون الخاسر مهما بذل من جهد خرافي للوصول إلى هذا المكان.. الناس لن يقوموا بتأليف الكتب أو صناعة الافلام لتخليد ذكـرى (خاسر) ما حتى لو بذل جهداً خرافياً.. من سيهتم بمعرفة الطريق الصعب الذي شقّه أحدهم ليفشل في النهاية؟ الناس؟، التاريخ؟، لا يتذكـرون سوى الرابح.. دائماً ضع في مجال تركيزك أن (تربح) بأي طريقة، سواءً بأن تبذل مجهوداً مضاعفاً، أو أن تتحرّك في طرق ذكيــة لتصـل إلى مبتغاك بسهولة.. ركِّـز على الفوز، ولا تركِّز على المجهود نفسه.
برأيي، أعتقد أن المهمة الأولى التي يجب أن يقوم بها قادة العالم لاستشفاف شخصية الرئيس الأمريكي المُنتخب، هي قراءة كتبه والاطـلاع على طريقة تفكيـره. وقتئذ، ربما سيمكنهم التعامل مع الرجل.. مهما بدا لهم غريب الأطوار!