شعار قسم ميدان

٧ أسباب تشرح لك مركزية "التطور" في نجاح شركتك

midan - company
يكفي -فقط- أن تستخدم مصطلح "التطوّر" في أي حوار؛ لينطلق أمامك سيل لا ينتهي من المناقشات الحادّة، بعضها رافض بشدة، وبعضها مؤيد بضراوة. وفي الأغلب الأعم، ينتهي النقاش بعداوات متبادلة. تلك النظرية التي أطلقها العالم الإنجليزي "تشارلز داروِن" في القرن التاسع عشر، كانت بمثابة قنبلة حقيقية؛ أثارت لغطاً علمياً ودينياً وفلسفياً واجتماعياً عميقاً، ما زالت آثاره ممتدة بقوة؛ حتى لحظة كتابة هذه السطور، بشكل أكبر مما كان في عصر "داروِن" نفسه.!


قضية ثقيلة ومعقدة.. وتعتبر محوراً حقيقياً للصراع الفكري والاجتماعي والفلسفي والديني والعلمي؛ صراع يبدو أنه لن ينتهي أبداً لصالح أي جهة.. ولو انتهى -بالفعل- لصالح إحدى الجهات؛ فغالباً يستحيل أن توافق وتذعن لها جهة أخرى. لكن؛ فيما يخص عالم الأعمال؛ فالأمر مختلف تماماً..

بغضِّ النظر عن رأيك المؤّيد أو الرافض لهذه النظرية وتطبيقاتها البيولوجية والعلمية، إلا أن الأمر المؤكد أنه -فيما يخص عالم ريادة الأعمال وتأسيس الشركات- فإن نظرية التطور -تحديداً- تعتبر قاعدة أساسية وحيدة غير قابلة للدحض أو الرفض؛ أو حتى مجرد التشكيك. بمعنى آخر أكثر وضوحاً؛ نظرية التطور هي القاعدة الوحيدة التي يقوم عليها عالم الريادة والأعمال والشركات، ولا توجد نظرية أخرى منافسة.. التطور هو "نظرية كل شيء Theory of everything" في عالم الأعمال، ولا يوجد سواه.

undefined

علمياً، تقول نظرية التطور إن الكائنات تتطور عن طريق عملية "التنوّع" غير المباشر (طفرات عشوائية وانتقاء طبيعي)، وعن طريق هذا التنوّع الجيني يكون لبعض الكائنات فرصة مواتية للتكيف مع احتياجات البيئة. ولأن "الطبيعة" دائمة التغير؛ فإنها تنتقي الأنواع الأكثر تنوعاً لتناسب تغير البيئة..


وبمعنى آخر أكثر وضوحاً: الأنواع التي تتكيّف مع البيئة تستمر وتبقى.. بينما الأنواع التي لا تتكيف مع البيئة تموت وتندثر.. وهذا التصوّر المختصر هو سبب الجملة المعروفة: البقاء للأصلح.. البقاء يكون للأنواع القادرة على التكيّف مع البيئة والظروف والمتغيرات، والفناء يكون للأنواع التي لا تستطيع التكيّف مع البيئة..

وهذا هو -بالضبط- ما يحدث مع الشركات في عالم الأعمال؛ فالشركات القادرة على التطور عن طريق التحديث الداخلي المستمر، أو من خلال الاستجابة لمتطلبات السوق؛ هي الشركات التي تتكيّف مع عالم الأعمال وتنجو.. بينما الشركات التي لا تنمّي منهجية تغيير داخلية مستمرّة، ولا يمكنها الاستجابة لمتطلبات السوق؛ هي الشركات التي تندثر وتموت وتفنى.. باختصار: هذه النظرية هي -بالفعل- الأساس الذي يقوم عليه أي نشاط تجاري في أي زمان وأي مكان.

التطوّر بالاستجابة لمتطلبات السوق (1)
undefined

في نهاية القرن التاسع عشر؛ وبالتحديد في العام 1890، تلقت شركة "جونسون أند جونسون" (التي كانت شركة وليدة وقتئذ، وتعمل في مجال توريد الشاش المعقّم واللاصقات الطبية) خطاباً من أحد الأطباء يشكو فيه حدوث بعض الالتهابات في بشرة المرضى؛ بسبب استخدام بعض أنواع اللواصق الطبية التي تصنعها الشركة. 

تجاوبت الشركة بسرعة، وأرسلت إلى الطبيب نفس المنتج؛ ولكنه برفقة بودرة "التلك" الإيطالية التي تلطّف البشرة. 
أثنى ذلك الطبيب على هذه الخطوة؛ فقامت الشركة بـ"تحديث" المنتج في الأسواق بأن فرضت أن يوضع معه علبة صغيرة تحتوي على بودرة "التلك" كجزء أساسي من العبوّة عند البيع. وكانت النتيجة: تزايد الطلب على المنتج بشكل أكبر، واهتمام العملاء بالبودرة المُلطّفة ذاتها ربما أكثر من المنتج الرئيس.


كانت هذه الخطوة تحديداً هي بداية دخول "جونسون أند جونسون" إلى عالم "بودرة الأطفال وشامبوهات جونسون" التي أصبحت -حتى الآن- منتجا قد يكون من أكثر الأساسيات في كل البيوت حول العالم. كان هذا التحديث البسيط الناتج عن استجابة لطلب خارجي؛ هو السبب في صناعة منتج مسئول عن الجانب الأكبر من عائدات "جونسون آند جونسون" لفترات طويلة، بشكل يتجاوز منتجاتها الأخرى.

ثم الاستجابة لنداء التطوّر.. من الداخل
 (رويترز)
 (رويترز)

في عام 1920، حدثت علامة فارقة أخرى فى تاريخ نفس الشركة "جونسون آند جونسون"..حيث تمكن 
أحد موظفي الشركة (اسمه "إيرل ديكسون") من صناعة ضمادة متطوّرة؛ مكونة من شريط جراحي به قطع من الشاش، وغطاء خاص يجعلها ملتصقة بشكل بسيط وغير مؤلم. هذا الموظف -في الأصل- قام بصناعة هذه الضمادة لزوجته التي جرحت يدها بسكين المطبخ.


نقل الموظف هذا الاختراع البسيط للمسئولين عن التسويق في الشركة؛ فقرروا تجربة طرحه في الأسواق، الأمر الذي لاقى نجاحاً جيداً دفع الشركة إلى المزيد من تطوير المنتج بشكل مستمر ومحموم وسريع؛ ليواكب أي متطلبات أو آراء للسوق.. فكانت النتيجة -أيضاً- أن أصبحت هذه الضمادات من ضمن أكبر فئات تحقيق المبيعات للشركة على الإطلاق. كان هذا التحديث "البسيط أيضاً" الناتج عن استجابة لتطوّر داخلي من الشركة، سببا فى صناعة أهم ضمادات جراحية عرفها العالم لعقود طويلة؛ الشيء الذي جنت من ورائه الشركة أرباحا لا يمكن وصفها.

والواقع؛ إذا تأمّلت المشهديْن.. لم تكن الشركة أصلاً في حاجة إلى تطوير هذين المُنتجين -الجديدين- باعتبار أنها كانت شركة مستقرّة بالأساس. ولكنها استجابت لنداء التطوّر؛ فاستمرّت لأكثر من 150 عاماً؛ كواحدة من أكبر الشركات الصحية في العالم.

التطوّر حتى لو لم يبدُ أن هناك داعٍ للتطوّر (1)
كان
كان "جي وليارد ماريوت" قد انتهى بالفعل من تأسيس سلسلة من 10 مطاعم، أقل ما يقال عنها إنها متميزة، وتحقق ربحاً عالياً، ويعمل بها أكثر من 200 موظف مدرّب بعناية شديدة.
 


في العام 1937، كان اسم "ماريوت" معروفاً في الولايات المتحدة؛ هذا الاسم الذي أصبح علامة تجارية ضخمة حتى وقتنا الحالي؛ خصوصاً فيما يتعلق بالفنادق الفخمة أو المنتجعات السياحية الكبرى. كان "جي وليارد ماريوت" في هذا التاريخ قد انتهى بالفعل من تأسيس سلسلة من 10 مطاعم، أقل ما يقال عنها إنها متميزة، وتحقق ربحاً عالياً، ويعمل بها أكثر من 200 موظف مدرّب بعناية شديدة. وكان لديه في ذلك الوقت خطة لزيادة عدد هذه المطاعم إلى الضعف خلال السنوات المقبلة.. خطة واضحة، وهدف واضح ومريح، ويمكن إنجازه وتحقيقه بسهولة؛ وفقاً لمعطيات الواقع. كان "التطور الطبيعي" بالنسبة له هو زيادة عدد سلسلة المطاعم ورفع كفاءتها..
 

حتى لاحظ في زيارة خاطفة للمحل رقم 8 من سلسلة مطاعمه، والذي كان قريباً من مطار هوفر واشطن.. لاحظ أن الزبائن يدخلون إلى المطعم، ويطلبون تغليف الطعام؛ حتى يمكنهم تناوله على متن الطائرة لاحقاً. لم يكن في هذا الوقت مبدأ تقديم الوجبات على الطائرات قد تم تفعيله بعد. الراكب الذي يريد أن يتناول الطعام على الطائرة، يقوم بشرائه وجلبه معه.

في كتابه "ماريوت" الذي يؤرخ للسيرة الذاتية له، قال المؤلف "روبرت أوبريان": ظل "ماريوت" يفكِّر في هذا الموقف تحديداً طوال الليل، وفي صباح اليوم التالي توجه مباشرة إلى شركة "إيسترن" للنقل الجوي، وتوصل إلى اتفاق معهم يقدم بمقتضاه المطعم رقم 8 وجبات معلبة على ممر الطائرة مباشرة، على أن تكون سيارة نقل الأطعمة تحمل شعار "ماريوت". وبعد عدة شهور من هذا الاتفاق، امتدت هذه الخدمة (التي يقدمها المطعم) إلى شركة الطيران الكبرى "أميريكان إيرلاينز"، كانت "ماريوت" هي المسئولة عن تقديم وجبات لـ 22 رحلة طيران يومية.

كان هذا الإجراء التحديثي سبباً في حدوث نقلة تطوّرية ضخمة لشركة "ماريوت"، التي توسّعت بشكل أكبر بكثير من فكرة المطاعم التقليدية "الجيدة" إلى شركة عملاقة؛ مزوِّدة بالطعام لشركات الطيران الكبرى، بل وتعتبر المُؤسِّسة لمفهوم "خدمة المطارات" بالمعنى العصري. وكان من الممكن أن يضيع "ماريوت" وقته في اجتماعات طويلة، أو يهمل هذا التحديث باعتبار أن لديه -بالفعل- خطة مهمة لزيادة التوسّع في المحال التي يملكها.. إلا أن نوعية الزبائن -غير العادية- التي رصدها فى متجر واحد من متاجره، جعلته يتخذ إجراءً كان سبباً في حدوث طفرة كبرى في مستوى إيرادات الشركة وعلامتها التجارية.

التطوّر هو المنقذ الوحيد من الفناء (1 ، 2)
american express (رويترز)
american express (رويترز)

عندما ظهرت شركة "أميريكان إكسبريس" للوجود عام 1850، لم يكن نشاطها هو نفسه الحالي (الخدمات المالية).. بل في الواقع كان نشاط الشركة الأساسي في "نقل البضائع" إقليمياً داخل الولايات المتحدة، وعالمياً أيضاً. 
حققت الشركة سلسلة من النجاحات المتميزة؛ حتى ظهر تهديد حقيقي لوجودها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر: انتشار خدمة الحوالات البريدية المالية؛ وبالتالي واجهت "أميريكان إكسبريس" انخفاضاً هائلاً في الطلب على خدمات الشحن التي تقدمها للدفع، وكانت هذه الخدمة -تحديداً- من أكثر الخدمات طلباً لفترة طويلة.


هذه الأزمة كادت تمثل خطراً وجودياً على الشركة، إلا أنها واجهتها بإنشاء خدمة خاصة للحوالات المالية تقدم مميزات أفضل من الخدمات البريدية، جعلت الزبائن يعودون مرّة أخرى لاستخدام خدمات الشركة بشكل أكثر كثافة مما سبق، لدرجة بيع أكثر من 11 ألف خدمة في ستة أسابيع فقط. وكان هذا الرقم كبيراً جداً في ذلك الوقت. وكان هذا التحديث كان سبباً في اندفاعها بشكل أكبر في عالم التحويلات والخدمات المالية؛ فانتشرت مكاتبها في كل مكان في الولايات المتحدة؛ سواء في محطات السكك الحديدية أو المتاجر العامة والخاصة..

والحقيقة أن هذا الإجراء -تحديداً- هو السبب في جعل الشركة تستمر حتى يومنا الحالي، لأنه بقدوم القرن العشرين تم اتخاذ إجراءات حكومية أنهت احتكار الشركات على مجال نقل البضائع، ثم وصلت الإجراءات إلى مرحلة تأميم الحكومة الأمريكية لكل شركات الشحن أصلاً؛ ما جعل معظم الشركات -التي تعمل في هذا السوق- تختفي تماماً.

الناجي الوحيد من كافة هذه الشركات كانت هي "الأميريكان إكسبريس" التي طوّرت من نفسها سابقاً؛ لتحتل مكاناً متميزاً في مجال الخدمات المالية، والذي جعلها تستمر على قيد الحياة. حيث كان هذا الخطر سبباً في تحوّل الشركة من "نقل البضائع" إلى خانة جديدة "الخدمات المالية".. والتي استمرت حتى يومنا الحالي. إذن.. البقاء -بالفعل- للأكثر تكيّفاً مع الظروف مهما كانت قاسية.

التطوّر بالاستفادة من تطوّر الآخرين! (3)
 واحدة من أكثر شركات العالم شهرة في تصنيع اللوحات الرئيسة في الكثير من أجهزة الجوال المختلفة، بل وقامت بتقديم ابتكارات جديدة مهمة في عالم الأجهزة.
 واحدة من أكثر شركات العالم شهرة في تصنيع اللوحات الرئيسة في الكثير من أجهزة الجوال المختلفة، بل وقامت بتقديم ابتكارات جديدة مهمة في عالم الأجهزة.

"تكساس أنسترومينتس".. كانت واحدة من أهم وأشهر الشركات فى الولايات المتحدة والعالم ككل في تصنيع الأجهزة الرقمية، والآلات الحاسبة المزوّدة بالمعادلات الرياضية الشائعة. و
بمرور الوقت، وازدهار صناعة الأجهزة الرقمية، وتصنيع الحواسيب الآلية؛ خصوصاً في شرق آسيا والصين، وتقديمها للأسواق بأسعار زهيدة، وجدت الشركة -نفسها- بصدد أزمة وجودية؛ قد تتسبب في إفلاسها وإغلاقها بسبب عدم قدرتها على مواكبة المنافسة العالمية الحامية.


كانت النهاية قادمة لا محالة، إلا أن مدراءها التنفيذيين استطاعوا وضع استراتيجية "تطوّرية" تنقذها من هذه اللحظة المأساوية. كان للشركة العديد من القطاعات التي تعمل في صناعة الحواسيب وملحقاتها، وجميعها -تقريباً- كانت تتلقى الضربات القوية من المنافسين المحليين والعالميين؛ لكونها لا تقدم مميزات جديدة أو مهمة. فكان الحل هو "بيع" العديد من قطاعات الشركة التي تقوم بتصنيع الحواسيب والطابعات وغيرها. وفي مقابل بيع هذه القطاعات؛ قامت الشركة بالاستحواذ على عدد من الشركات الصغيرة التي نجحت في تطوير تقنيات جديدة في مجال الإلكترونيات!؟..

بمعنى آخر؛ تنازلت عن القطاعات التي قامت بتطويرها (عندما وجدتها غير مجدية)، وقامت بالاستحواذ على شركات صغيرة؛ ولكنها تتسلق سلم التطور سريعاً. وكانت النتيجة أن "تكساس أنسترومنتس" تجاوزت المأزق، وأصبحت الآن واحدة من أكثر شركات العالم شهرة في تصنيع اللوحات الرئيسة في الكثير من أجهزة الجوال المختلفة؛ بل وقامت بتقديم ابتكارات جديدة مهمة في عالم الأجهزة؛ من أشهرها "الكاميرا المصغّرة" المرفقة مع الجوالات التي كانت سببا في ثورة تطوير كاميرات الجوالات التي نشهدها حالياً.. إذن، فالبقاء يكون للشركات التي ترصد "المتطوّرين" من حولها، وتستفيد من وجودهم!

المثال الأوضح لنظرية التطوّر (1،2،3)
undefined

نوكيا.. الشركة الفنلندية العملاقة التي تعاني من أزمات وجودية الآن؛ ربما تلك الأزمات التي تعاني منها سببها أنها تخلت أخيراً عن نظرية التطوّر في سياساتها.. و
إذا كنا نتحدث عن نظرية التطور بالنسبة للشركات؛ فنوكيا -تحديداً- هي أكبر وأوضح مثال بخصوص هذه النظرية، وأكثرها نجاحاً وإلهاما.. نوكيا لم تبدأ أبداً كشركة هواتف أو أجهزة كهربائية من الأصل؛ بل بدأت على شكل مصنع صغير لصناعة الورق ومعالجة الأخشاب في القرن التاسع عشر. ثم تطوّرت لصناعة المطاف.. ثم بدأت في صناعة الكابلات الكهربائية والأجهزة والتلغرافات مع تطور هذه الصناعات في بدايات القرن العشرين..


استمرت نوكيا في صناعة الأجهزة الكهربائية والهواتف التقليدية، وتحقق نمواً جيداً؛ حتى جاءت السبعينيات التي شهدت بعض الاختراقات التقنية لنوكيا فى صناعة أجهزة اتصال متطورة، وتلفزيونات متوسطة الجودة كانت تغزو الاتحاد السوفيتي والدول الأوروبية..

ثم جاءت الأزمة بانهيار الاتحاد السوفيتي الذي كان سوقاً ضخماً لمنتجات الشركة الفنلندية، والذي كان اختفاؤه من الخريطة كفيلاً بانهيار الشركة تماماً؛ إلا أن الشركة -التي تعوّدت على التطور أصلاً- استطاعت اجتياز هذه الأزمة بتغيير مساراتها الاستراتيجية والاعتماد على صناعات المستقبل..

كان ذلك في مطلع التسعينيات عندما بدأت الشركة بالاستعانة بشركات أوروبية ويابانية لتصميم هواتف جوال مميزة، قامت بإطلاقها بأكبر شكل ممكن في التسعينيات بشكل غطّى العالم كله تقريباً؛ بحيث لم يعد هناك دولة لم تصل لها هواتف نوكيا، والتي استمرت لسنوات طويلة حتى بدأت (التفاحة Apple) بتقديم منتجها الأول "آيفون"..

استمرار نوكيا في العالم -منذ تأسيسها فى القرن التاسع عشر حتى الآن-؛ كان سببه الأساسي هو تنقلها المستمر في سلسلة تطوّرية لا تنتهي؛ كانت دائماً تعتبـر المنقذ لوجودها واستمرارها في السوق مهما كانت الأزمات. وكانت المرة الوحيدة التي لم تستطع فيها نوكيا أن تواكب التطوّر هي عندما دخلت في مرحلة "كمون" كاملة في السنوات الأخيرة، وكانت النتيجة استحواذ شركة "مايكروسوفت" العالمية عليها بصفقة تقدر بخمسة مليارات دولار، وانضمامها لمنظومة مايكروسوفت. إذن أصبحت نوكيا شركة تابعة، عندما توقفت عن التطوّر..

خسرنا كل شيء؛ لأنك كنت نائماً على عجلة القيادة
شركة "شوين" لصناعة الدراجات.. كانت هذه الشركة من روّاد صناعة الدراجات بمختلف أنواعها لمدة مئة عام كاملة.. في العام 1977، انخفضت الحصة السوقية للشركة إلى 60 %.. ولأنها شركة عائلية بالأساس؛ فقد رفض ملاكها أية عروض استحواذ خارجي؛ حفاظاً على اسم وتراث الشركة، وعلامتها التجارية في وعي المستهلكين..

undefined

استمرّ ملاك الشركة في العمل على نفس الوتيرة، فقط بالاستمرار بعقد اتفاقيات مع الشركات الصينية المصنعة؛ لضخ منتجات أكثر في الأسواق، ووضعوا أنفسهم أمام التزامات أكبر لتسيطر على السوق؛ ولكنها في النهاية لم تستطع تحقيق نجاحات كبيرة، حتى جاء العام 1992 وقد بلغت ديونها مستوى لم يعد بالإمكان معه السيطرة عليها.. 
ومع هذا التضخم الكبير في الديون، نأت الشركات الأخرى والمستثمرون عن الاستحواذ على الشركة العريقة أو تقديم مساعدات لها؛ مما أدى إلى إعلان إفلاسها؛ بعد أكثر من 100 عام من العمل على صناعة الدراجات! ويقال أنَّ أحد أفراد العائلة المالكة للشركة قال لرئيسها يومها عبارة مهمة: "لقد خسرنا كل شيء؛ لأنك كنت نائماً على عجلة القيادة..!"

|يقول "ريتشارد ب. كارلتون" (*)، المدير التنفيذي السابق لمؤسسة 3M: "نعم.. لقد تعثرت شركتنا في الكثير من منتجاتها، ولكن لا تنسوا أن الذين يتعثرون.. هم فقط أولئك الذين يتحركون!" وفي عالم الأعمال، هناك قاعدة واحدة يمكنك أخذها كمسلّمة لا تقبل التفاوض: الوقوف في مكانك هو نهايتك. الحركة والتطور المستمر هو الفعل الوحيد الذي يوفر لك الحماية من الاندثار.. إنه الفعل الوحيد الذي يضمن لك "البقاء" مهمـا كانت كافة الظـروف تعمل ضد هذا الاتجاه.


البقاء للأصلح.. أو الأقوى.. أو الأكثر تكيّفاً مع البيئة.. كلمات متعددة ومختلفة لمعنى واحد هو أن المتطوّر يبقى وأن المنغلق والمتوقف يزول.. وهذه القاعدة كانت وما زالت وستكون الأساس الذي تقوم عليه الشركات.


صحيح أن لكل شركة عقيدة أساسية، وأنك من الضروري أن تسعى دائماً للتغيير الحذر الذي يجلب لك الإيجابيات ويبعدك عن السلبيات، ولكن أهم ما في الموضوع -وفقاً لتجارب الشركات حول العالم- أن تكون ثقافة التغيير إلى الأفضل دائماً متواجدة كأولوية؛ حتى لو كانت شركتك تؤدي أداءً حسناً في مجال عملها، وتبدو -ظاهرياً- ليست في حاجة إلى تطوير.

المصدر : الجزيرة