شعار قسم ميدان

محاضـرات "تيد".. إلهام لرواد الأعمال العرب

midan - ted

عندما تُطـرح فكـرة استعراض نماذج ريادية مُلهمة قامت بتحقيق إنجازات كبيرة، فأول ما يتبادر للذهن هو نماذج ريادية لها طابع عالمي، كنموذج "ستيف جوبز" و"سناب شات" و"أمازون" وغيرها من الشخصيات والشركات العالميـة التي تنال الأضواء كلها.

 

وتعد هذه الحالة مفهومة إلى حد ما  فصـرعة ريادة الأعمال وتأسيس الشركات الناشئة وحتى التحفيز الذاتي يمكن القـول إنها عالمية الهــويّة، ومرّت بتطوّرات كبيـرة على مدار عقـود طويلة جعلتها دائماً تحمل الطابع العالمي في النمذجة، وحتى قصص النجاح المحلية يتم تسليط الأضواء عليها بشكل أكبر من غيرها إذا كانت -فقط- صالحة للتعميم العالمي.

 

وبالتالي فمن الطبيعي أن تكون معظم محاضرات تيد (Ted) الشهيرة المُلهمة في مجال التحفيز وبدء المشروعات لها طابع عالمي، وتناقش المشروعات والأفكـار والتجارب والقصص الناجحة في إطار من السياق العالمي في الطرح، وتتناسب إلى حد كبير مع كافة أنواع المُتلقّين.

 

 ولكن المُلفت أنه خلال السنوات الأخيرة غطّت محاضرات تيد في العواصم العربية الكثير من القصص المُلهمة والنصائح المُباشرة التي تلامس الواقع العربي تماماً، وتجعلها نماذج حقيقية ملموسة قابلة للتقليد والإضافة، بعيداً عن الصورة المثالية التي تقدّمها بعض المحاضرات الأجنبية (ذات الطابع والظروف الخاصين والمختلفين عن الواقع العربي).

 

وهنـا نجمع لكم مجموعة من أهم محاضرات تيد باللغة العـربية، أو ينتمي محاضـروها إلى المنطقة العربية، وتتنوّع أفكار المحاضرات ما بين ريادة الأعمال وقصص النجاح والصمود أمام الظروف لخلق مسيرة وظيفية مميزة.

 

دُلّني على السـوق !


هي واحدة من أشهـر محاضرات تيد العربية وأكثرها تأثيراً في مجال الأعمال، والمحاضـرة تابعة لتيــد في العاصمة اليمنيّـة صنعاء، ويُحاضر فيها رائد الأعمال اليمني عمـاد المسعـودي بخصوص واحد من أهم الموضوعات التي يجب أن يُلم بها كل شاب عربي، وهي 
أين توجد الفرص الحقيقية في العصر الذي نعيشه الآن ؟

 

فكرة "الإنتـرنت هو السوق" هي العمـود الفقري لهذه المحاضرة التي شاهدها أكثر من مليون شخص على قنـاة تيد الرسمية على يوتيـوب، ويشرح فيها عمـاد المسعـودي مجموعة من المحاور الوظيفيـة التي نشأت على الإنترنت خلال السنوات الأخيرة، والقادرة على تخفيض نسب البطالة بشكل حاد وزيادة معدلات الإنتاجيـة بين أوساط الشباب العربي.

 

ويكمن الحل الحـل وفق المسعودي في الـعمل الحر (Freelancing)، عبر الإنترنت والذي لا تستديع الوظائف المتاحة عبره أن تذهب إلى عملك صباحاً، لأن المعيار الوحيد للعمـل هو الإنجاز والكفاءة والانضباط.
 

أزمـة الخبـرة


محاضـرة متخصصة موجّهة لروّاد الأعمال ألقاها سامي إسمـاعيل باللغة الإنجليزية (الفيديو مترجم باللغة العربية) في تيد العاصمة الإيطـالية روما، ويشرح فيها المُحاضر واحدة من أهم وأعمق أزمات روّاد الأعمال المبتدئين وهي أزمة نقص الخبرة.

 

كيف يمكن لرائد الأعمال أن يبدأ مشروعاً لا يمتلك الخبرة الكافية فيه؛ بل كيف يمكن لرائد الأعمال أن يواجه أزمات ومشاكل دون أن يكون لديه خلفية مُسبقة عن طرق الحل ووسائل مواجهة هذه الأزمات، وهل يمكن أن يتم معالجة نقص الخبرة بطرق ووسائل أخرى تعوّضها، أم أن الوقوع في الأخطاء هو أمر لا مفرّ منه بالنسبة لرائد الأعمال حتى يتمكّن من جني الخبرات بمرور الوقت؟، كل هذه الأئلة وغيرها تجيب عنها المحاضرة

 

ويشرح المُحاضر أبعاد هذه الأزمة وفقاً لخبرته الدراسية والشخصية والأكاديمية، بوصفه شريكا مؤسسا لعدد من المشروعات الرياديـة وأكاديميا في مجال إدارة الأعمال والتسويق، ويفند بشكل واضح الأسطورة الشائعة التي تقول إنه لا يمكن البدء في مشروع ريادي إلا بإتقـانه أولاً حد الكمال، والحصول على أعلى خبرة ممكنة فيه ثم تنفيذه لاحقاً بأقل قدر من الأخطاء.
 

سحـر مطـاردة الأحلام


محاضـرة مُلهمـة ألقاها هشام الجمـل في تيد القاهرة في العام 2011، يشرح فيها المُهندس والمدرّب المصـري رحلة مطاردة الأحـلام وقراءة فلسفتها ومحاولة استنباط معانيها وطرق تنفيذها، وما يمكن أن يحوّل حيـاة كل منا إلى واقع مختلف تماماً.

 

أبرز ما في هذه المحاضرة هي أنها تضرب بشكل كامل على التمييز ما بين (الحلم الرومانسي) و(الظروف الواقعية) والاصطدام الذي يحدث بينهما، وقد يكون الحلم لتحقيق هدف ما أمراً مُلهماً بالنسبة لحياتك، حتى تأتي اللحظة التي تصطدم فيها الأحلام بجدار الواقع الكئيب المليء بالعقبـات والمشاكل.

 

فضـلاً عن الخوف الدائم الذي يقف وراء منع تحقيق هذه الأحلام، سواء الخوف من المخاطرة، أو الخوف من التحرك، أو الخوف من سخرية الآخرين، أو الخوف من تضييع الوقت سُدى.

 

تركز المحاضرة على مقولة مُلهمة وهي أن الهدف النهائي ليس تحقيق الحلم في حد ذاته، وإنما الاستمتاع برحلة تحقيقـه قبل أي شيء، ويتوضحّ هذا المعنى بتمثيل المسيرة الشخصية للمحاضر بدءًا من مهندس كيماوي إلى متخصص في مجال المبيعات، ثم مدرّب يسعى لإثارة الأحلام في عقول الناس ومن ثم تنفيذها.
 

غرفــة على يوتيــوب


محاضـرة في تيد القاهرة في منتصف العام 2011؛ أي بعد عدة شهـور من انطلاق الثـورة المصـرية التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، المُحاضر هو الإعلامي الطبيب باسم يوسف، ويشرح من خلالها واحدة من أهم الأدوات العصـرية التي قلبت مفاهيم الإعلام رأساً على عقب وهي اليوتيـوب.

 

ففي نهاية العقد الماضي وبداية العقد الحالي، شهد العالم تغيراً كاملاً في مفهوم الإعلام التقليدي من ناحية، ومفهوم التواصل والانتشار الرقمي من ناحية أخرى، وهو ما أسّس لأدوات مختلفة تماماً في مفهوم تأسيس المشروعات الناشئة.

 

المُحاضرة تركّز على كيفية استخدامه ليوتيـوب للوصول إلى أهداف أدّت إلى تحوّل كامل في مسار وظيفته النظـامية، وتجربته الشخصية في استخدام وسائل شديدة التواضع والبدائية لاقت انتشاراً هائلاً رغم بساطتها، وسحبت الأنظـار من وسائل الإعلام التقليدي إلى ما يُسمّى الإعلام الجديد.

 

يمكن اعتبار المحاضرة تركيزا على مفهوم ريادة الأعمال الرقمية، والمراحل التي يمرّ بها الريادي في بداية مشروعه باستخدام خيـارات عديدة متاحة للجميع في العالم الافتراضي، تمكّنه من تحقيق نجاح جيد بإمكانيات متواضعة بعيداً عن تعقيدات الوسائل التقليدية في الواقع.

 

مرض الحسـابات


محاضـرة يلقيها الممثـل الكوميدي المصـري الذي ذاع صيته مؤخراً أحمد أمين، يتكلم فيها عن مرض الحسابات المؤلم الذي يخوضه كل شاب وشابّة بمجرد تخرّجهم من الجامعة، وشعـورهم بالارتباك بخصوص أي الطرق ينبغي لهم المضي عليه.

 

يحكي فيها الممثل المصـري ملامح من عمـله كيف بدأ وكيف توقّف ليتخذ قراراً بتغيير مساره الوظيفي، ويركز على مفهوم مرض الحسابات كما أسماه؛ ذلك المرض الذي جعله مهتماً طوال الوقت بآراء الآخرين من ناحية، وشغفه الشخصي من ناحية أخرى، وقلقه من خوض مجالات غير تقليدية من ناحية ثالثة.

 

المحاضرة تشمل دروساً تركز على أزمات يمر بها الشباب الذين لديهم أزمة في التوفيق ما بين المسار الوظيفي والدراسي، وما يمليه شغفهم عليهم، وأي الناحيتين سيتغلب على الآخر، انتصـار المسارات التقليدية في الحياة، أم الاستماع لصوت الشغف الداخلي والبدء في تنفيذه بغض النظر عن (الحسابات) في إقناع الآخرين.
 

طموحات امرأة


محاضـرة عالميـة للناشطة ليلى حُطيط حازت على عدد كبير من المشاهدات تجاوز المليون ونصف، وتعتبـر من أهم المحاضرات التي تسلّط الضوء على فكـرة المرأة الطمـوحة التي تصطدم طموحاتها بمشـاكل الهيمنة الذكـورية في المجتمعات العربية.

 

المحاضرة ليست محاضـرة تناقش فكـرة التمييز بين الرجل والمرأة بشكل كلّي، وإنما تركز على التجربة الشخصية الناجحة لليلى وتنقلها للجمهور، وتوضّح من خلالها أن المشاكل والقيود الثقافيــة هي أصلاً أكبر دافع للمزيد من التحرك، والاستمتاع بتحقيق الإنجازات حتى في مجتمعات تمنح حدوداً معيّنة لإنجازات المرأة.

 

بصفتها مهندسة وحقوقية وأما مقيمة في دولة الإمارات العربية، تشارك ليلى مجموعة من الدروس التي تعتبـر خليطاً ما بين مشوارها الريادي والعملي، وبين مواقفها في التعامل مع ثقافة سائدة لها طابع ذكـوري، وكيف استطـاعت أن تفـرض نجاحها وتميّزها مهما بدت هناك عقبات اجتماعية لذلك.

 

من المهم أن تشاهد رياديّات الأعمال العربيّات هذه المحاضرة؛ لأنها تناقش فكـرة التضييق التي عادة ما يتم التعلل بها كذريعة لعدم بدء مشروعاتهنّ الخاصة أو شقّ طريق جديد مختلف.

 

الخـروج من منطقة الراحــة


واحدة من أشهـر محاضرات تيد العربية التي ألقيت في القاهرة في العام 2010، مُحاضرها هو وائل فخـراني الذي عمـل في عدة شركات عالمية مثل جوجل (كان مديرها الإقليمي في مصر وشمال أفريقيا)، وشغـل مؤخراً منصب مدير شركة كريم (Careem) الإماراتيـة التي أعلن أنه تمّ طرده منها خلال الفتـرة الماضية.

 

المحاضرة تركّز على واحدة من أكثر الأزمات التي يمر بها رائد الأعمال في كل مكان وزمان، وربما يعاني منها رائد الأعمال العربي أكثر من غيره (بسبب تقلب الظروف الاقتصادية)، هل تتـرك وظيفتك الثابتة الآمنة المستقـرة وتغادر منطقة الراحة، إلى عمـل آخر جديد غير مستقر أو مشـروع ربما يتعرّض للفشــل؟ هل يمكن أن تفضّــل شعور المغامرة والحماس والتنافسيّة على شعور الراحة والاستقرار؟

 

في رأيه البقاء في منطقة الراحة هو قمة الملل، ويؤدي إلى روتينية قاتلة تعمل على تخفيض مهارات الإنسان في كل شيء، بدءًا من الحماس للتعلم أو خوض مغامرات جديدة، وحتى نظـرته للحياة باعتبارها تسير على وتيرة واحدة نمطية لا تتغير أبداً.

 

المحاضرة تركز على أن الانتقال إلى منطقة (اللا راحة) تجعـلك أكثر سعادة وأكثر تحفزاً وأكثر تركيزاً في تحقيق أهدافك وإثبات نفسك، فهي منطقة التنافسيّـة التي يأتي من ورائها كل إبداع، حتى لو كان من ضمن نتائجها الشعور بعدم الاستقرار أو القلق أو الخوف من الفشل.

 

مطاردة الحلم رغم الظروف المستحيلة


محاضرة في تيد صنعـاء ربما تعتبر من أشهر المحاضرات العربية خلال السنوات الأخيرة، وسجلت أكثر من مليون ونصف مشاهدة، ونالت قبـولاً إعلاميـاً طاغياً في الشبكات الاجتماعية.

 

علي طالب المراني هو صحفي يمني في السعـودية، يعمل كمحــرر ومقدم برامج راديـو ومذيع برامج تلفزيونية؛ ولكنه لم يمرّ بأطوار الدراسة الصحفية الطبيعية التي أوصلته إلى هذه المرتبة، وإنمـا كانت الرحلة مختلفة كلياً عن المتصوّر.

 

فمنذ مولده في قرية يمنية هامشية ومعاناته في إيجاد تعليم ملائم، ثم فقدانه لإحدى عينيه في حادث مفجع، قام بالتسوّل بجوار أحد المساجد وكان أصدقاؤه يبتعدون عنه في كل المحافل الاجتماعية، ويسمّونه سراً بالأعور.

 

بداية مأساوية مُحرقة من الصعب توقّع أن تنتهي -في فترة وجيزة تقدر بعدة سنوات- بمسيرة وظيفية صحفية كبيرة، يظهر على التلفزيون ببرامج دورية، ويكتب في صحف ومجلات عربية وإقليمية، ولديه حضور إعلامي مع المشاهير وكبار الشخصيات في الخليج.

 

المحاضرة تقدم نموذجاً مُلهماً للكثير من الشباب؛ ممّن يتوجّسون من الظروف الاقتصادية المأساوية التي تمر بها البلاد ويتخذها ذريعة للاستسلام، ومن ناحية أخرى.

 

نماذج قصص النجاح التي تشهدها محاضرات تيد في العواصم العربية عديدة ومتنوّعة، وتضم المزيد من الدروس والنصائح التي يُلقيها محاضـرون متخصصون في مجالات مختلفة، فضـلاً عن مشاركة التجارب الشخصية المُلهمة، وقد ركّزنا هنا بشكل أساسي على المحاضرات المُرتبطة بالمسارات الوظيفيـة والرياديّة.

المصدر : الجزيرة