لماذا من المهم خلق بيئة إيجابية في العمل؟
أيّهما أولى؟ موظّف سعيد أم إنتاجٍ كبير؟ بخلاف السؤال الفلسفي القديم، الدجاجة أوّلًا أم البيضة، لا تكون الإجابة على تلك الأسئلة بلاغية فقط. فقد يؤدّي الرفاه النفسي الإيجابي لموظّفيك، إلى تقدّم واقعي لنشاطك التجاري. ولكن ما السبيل إلى خلق بيئة إيجابية داخل شركتك؟ لمعرفة الإجابة، تحدّثتُ إلى أكبر سبعة خبراء أميركيّين، في علم النفس الإيجابي، وثقافة مكان العمل.
مع تطبيق ذلك في مكان العمل، يكون التعريف أوسع قليلًا من مجرّد السعادة. فالموّظف الذي يتمتّع بالرفاه الإيجابي لا يكون سعيدًا فحسب، بل يكون متّصلًا بمؤسسته من خلال المشاركة الفعالة في عمله وعلاقاته مع الآخرين، ويستمدّ المعنى والقيمة لحياته، من العمل الذي يقوم به. مع التعريف الأوضح للمصطلحات، بإمكاننا رؤية أن الرفاه الإيجابي يجلب معه فوائد كبيرة لمكان العمل، أو على أقلّ تقدير، يكون مكان العمل الذي يتمتع فيه موظّفوه بالرفاه الإيجابي أكثر متعة، من مكانٍ آخر يشعر فيه موظّفوه بالملل والقلق، ولا يشعرون بالسعادة.
ولكن هل تؤدّي تلك الرفاهية الإيجابية بالفعل، إلى الربح المادّي؟ تجيب العديد من الدراسات بنعم. أشارت ورقة حديثة من جامعة وارويك في المملكة المتّحدة، إلى أنّ السعادة والرفاهية الإيجابية أدّت إلى مكاسب إنتاجيّة تصل إلى 12%. وتشير استطلاعات الرأي التي أجراها "غالوب"، إلى أنّ فِرَق الموظّفين الأكثر تشابكًا وارتباطًا، يحصّلون أرباحًا أعلى بنسبة تفوق الـ21%، من فِرَق الموظفين الأقلّ تشابكًا وارتباطًا. إذن كيف يمكنك إطلاق العنان لتلك الأرباح في شركتك؟ إليكم النصائح التي قدّمها الخبراء، لدعم شعور الموظفين بالرفاه الإيجابي في مكان العمل:
وفقًا لماكنولتي: "فإنّ القدرة على المرونة والصمود، هي الإيمان بالمستقبل، إنّها القدرة على الاتّجاه للأمام وليس إلى الوراء، إنّها المهارة الحاسمة في التأقلم والتطوّر مع العالم الذي يتغيّر باستمرار. إنّنا بحاجةٍ إلى التكيّف معه، ويمكننا بناء قدرٍ أكبرٍ من المرونة في شعبنا، من خلال الحفاظ على أملهم في المستقبل، والإجابة على سؤال إلى أين نحن ذاهبون، وحين يواجهون التحديّات، يمكنهم التركيز على المستقبل".
يقول سوسي دون، كبير موظفي العمل على البرمجيات: "علينا أن نكون فاعلين حول القيم، لتكييفها من خلال كيفية التعامل مع الموظفين، وكيفية تقديم الفيدباك الخاصّ بهم. كما أنّنا بحاجةٍ إلى التحدّث بشكل أكثر انفتاحًا حول قيمنا، وجعلها جزءًا أساسيًّا من عملية صنع القرار لدينا".
تقول فاولر: "الطبيعة الأساسية للناس هي التطور باستمرار، والطريقة التي نتّبعها هي تلبية احتياجاتنا النفسية للاستقلالية والصلاحية والكفاءة، وغالبًا نتجاهل الحاجة إلى الترابط داخل المؤسسات، ولكن نستطيع دعم تلك الحاجة يوميًا، بمساعدة الناس على إيجاد المعنى والقيمة للأهداف النبيلة للأعمال التي يقومون بها".
ويعتمد الرفاه الإيجابي على هذا الشعور بالمعنى والهدف. تقول فاولر: "حين يجد الناس معنىً مرتبطًا بالقيم في أعمالهم، سيكونون أكثر رغبة في البقاء وتأييد مؤسّساتهم، وأفضل أداءًا للعمل، وسيكونون أكثر ترابطًا وتعاونًا مع زملائهم. يمكننا من خلال فهم كيفية تنظيم القيم الداخلية للموظفين، وتكييفها مع قيم المؤسسة، ومساعدتهم على مواءمة أعمالهم مع تلك القيم، أن ندعم البحث عن القيمة".
إنّ الرفاهية الإيجابية في مكان العمل، ليست مجرّد الشعور بالسعادة. فالسعادة بعد كلّ شيء، تتأثّر بعوامل خارجة عن مكان العمل كتأثّرها بالأحداث داخل المؤسّسة. ولا تكون الرفاهية الإيجابية داخل مكان العمل، إلّا بالتوافق بين أهداف المؤسسة، والقيم الشخصية والتنظيمية. لا يمكننا كقادة، السيطرة على أحداث العالم الخارجي، التي قد تؤثّر على سعادة موظفينا. ولكن يمكننا بالطبع تأدية دورنا في خلق بيئة إيجابية لموظفينا، من خلال تأمين احتياجاتهم للعمل الهادف، والإيمان بدورهم في ذلك العمل.
___________________________________
مترجمٌ عن: (آي إن سي)