شعار قسم ميدان

من الملاحظة للتفسير.. خطوات أساسية تُمهد الطريق للباحثين

midan - علوم

يتسع تعريف مصطلح "البحث" ليتضمن أي طريقة لجمع البيانات، المعلومات، والحقائق من أجل النهوض بالمعرفة التراكمية للبشر. وبالتالي فقراءة كتاب يُعتبر أحد أنواع البحث، وكذلك تصفح الإنترنت، أو حتى مشاهدة الأخبار؛ لأن كل ما سبق يعمل على إضافة معلومات إلى المعرفة الأساسية للإنسان. لكن يختلف البحث العلمي عن البحث بمعناه الأشمل؛ حيث يتم حصر تعريف البحث العلمي في مناطق محددة بدقة.

 فالتعريف الدقيق للبحث العلمي هو؛ عملية تنفيذ دراسة منهجية لإثبات فرضية ما أو الإجابة على سؤال محدد. فإيجاد إجابة محددة وحاسمة يعتبر الهدف الأساسي لأي عملية بحثية؛ لذلك لا بد من أن يكون البحث منهجيًا مُتبعًا لسلسلة من الخطوات والبروتوكولات والمعايير الصارمة، قد تختلف هذه الخطوات والمعايير وفقًا لمجال البحث؛ لكنها في مجملها تُعتبر مُقومات أساسية لإتمام أي بحث علمي صحيح.

أي نوع من البحوث باختلاف مجالها سواء كانت علمية، أو تاريخية أو اقتصادية تتطلب رأي الباحث وتأويله
أي نوع من البحوث باختلاف مجالها سواء كانت علمية، أو تاريخية أو اقتصادية تتطلب رأي الباحث وتأويله

أي نوع من البحوث باختلاف مجالها سواء كانت علمية، أو تاريخية أو اقتصادية تتطلب رأي الباحث وتأويله، هذا التأويل يَكمن وراء مبدأ أو قضية هي التي تُحدد في النهاية طبيعة ونوع التجربة البحثية التي يقوم بها. قد لا يدرك البعض أهمية البحث العلمي، أويجهل الهدف أو الغرض خلف عملية البحث، وقد لا يستوعب الخطوات الأساسية التي تمر بها تلك العملية البحثية.

 

لكن ما هو الهدف الأساسي من تطبيق البحث العلمي؟
بالرغم من اعتقاد الفلاسفة أن الإجابة على تفسير ظاهرة محددة يمكن التوصل إليها من خلال المنطق والاستدلال؛ بدلًا من القياس، وبالرغم من استخدام العُلماء لطرق بحثية مُثَبتة، وبروتوكولات ثابتة لاختبار النظريات بدقة. إلا أن تشابك كلٍّ من العلوم والفلسفة يُعتبر عنصرا أساسيا للتقدم البشري وتراكم المعرفة الإنسانية. 
 
 

فتَكمن الأهداف النهائية من عملية البحث في إنشاء وتوليد بيانات قابلة للقياس والاختبار، حتى يتسنى للباحثين تكرارها والتأكد من دقتها ثم مواصلة الطريق البحثي الذي يُضيف تدريجيًا إلى تراكم المعرفة والخبرات الإنسانية. فالبحث العلمي أداة جوهرية تُمكن الباحث من التوصل إلى الحقائق عبر اتباع منهجيات وأسس منظمة؛ مما يُشكل تغييرًا جذريًا في عقلية الباحث وشخصيته.
 

من المُلاحظة إلى التفسير.. مراحل أساسية في تطبيق الأسلوب العلمي
تتحرر فكرة البحث بدايةً من خلال عملية الملاحظة والوصف، فينطلق أي بحث بسبب الملاحظة وطرح الأسئلة، فكل ظاهرة في الكون تحدث خلفها سبب ما أو عدة أسباب، وتكمن أهداف البحث العلمي في التنقيب في الظاهرة، والتوصل إلى أسباب حدوثها؛ ومن ثم تقييمها. فالمهمة الأساسية للبحث العلمي هي التوصل إلى الأسباب عن طريق التجربة والاختبار واتباع المعايير المحددة، وليس إصدار إجابات بديهية تعتمد في الأساس على المنطق دون الاختبار والقياس. 
بعد المرور بمرحلة الملاحظة تأتي المرحلة الثانية وهي التنبؤ، فيبدأ الباحث في طرح فرضياته التي يتبناها أو التي يقتنع بها، والتي يجب أن تكون قابلة للاختبار والقياس
بعد المرور بمرحلة الملاحظة تأتي المرحلة الثانية وهي التنبؤ، فيبدأ الباحث في طرح فرضياته التي يتبناها أو التي يقتنع بها، والتي يجب أن تكون قابلة للاختبار والقياس

بعد المرور بمرحلة الملاحظة تأتي المرحلة الثانية وهي التنبؤ، فيبدأ الباحث في طرح فرضياته التي يتبناها أو التي يقتنع بها، والتي يجب أن تكون قابلة للاختبار والقياس. ففي هذه المرحلة يُعبر الباحث عن رأيه الشخصي، ويتم إجراء البحث من أجل إثبات هذا الرأي أو دحضه بدلائل قوية مبنية على تجارب واختبارات محددة. لذا يجب أن يتمتع الباحث بعقلية متفتحة، تتفهم أنه ليس بالضرورة أن تكون آراؤه وفرضياته صحيحة، وأن هناك احتمالا لأن تكون خاطئة.

قد يٌعتبر تحديد الأسباب في كثير من الأحيان نهاية العملية البحثية للعديد من مجالات البحث؛ حيث يتم في هذه المرحلة اختبار الفرضيات المحتملة في ظروف محددة مع السيطرة على المتغيرات، وذلك من أجل توليد بيانات عددية تؤكد أو تنفي صحة الفرضية المتبناة؛ لتأتي بعد ذلك مرحلة عرض تفسيرات تلك البيانات أو النتائج التي تم التوصل إليها.
 

الخطوات الجوهرية في إجراء البحث العلمي
تَمر العملية البحثية بالعديد من الخطوات الجوهرية حتى الوصول إلى الصورة النهائية من البحث. بدايةً من طرح الأسئلة في العموم، ثم تضييق زوايا الرؤية، والتركيز على جانب محدد فقط. والبدء في تصميم البحث؛ حيث يمكن مراقبة وتحليل الجانب الذي تم تحديده من ذي قبل، بغرض الوصول إلى نتائج تكفي كإجابة مؤكدة -قابلة للقياس- لتلك الأسئلة التي تم طرحها. 
 

فلا يقتصر البحث على مجال محدد أو تخصص بعينه، فوفقًا للمجال أو التخصص يتم تحديد كيفية تصميم العملية البحثية. فيتم بدء البحث العلمي بتحديد المشكلة التي سوف يتطرق لها موضوع البحث، ثم استعراض تاريخ المشكلة، وسرد الحقائق، والنتائج التي توصلت لها الأبحاث والدراسات السابقة في نفس المجال. ثم تأتي خطوة تحديد الغرض من البحث، فمعظم الأبحاث تبدأ من أجل هدف معلوم ومحدد، لكن -أيضًا- قد تبدأ بعض الأبحاث استنادًا إلى فرضية ما، من أجل إثباتها أو دحضها.

undefined

وبعد ذلك تأتي خطوة جمع البيانات، وتحليلها وتفسيرها من أجل الوصول إلى الهدف المحدد. قد يتَطلب البحث في بعض التخصصات إلى تفسير واستقراء النتائج، ففي مجال البحث العلمي يكون تفسير النتائج عبارة عن تفسير وتوضيح للبيانات والمعلومات التي تم جمعها. ولابد من وجدود منهجيات واضحة، وخطوات تجريبية متتالية يتم اتباعها من أجل التوصل إلى تلك النتائج التي تعمل على التراكم التدريجي للعلم والمعرفة؛ حيث تَكمن أهمية اتباع منهج محدد أثناء العملية البحثية في إمكانية التحقق من صحتها عبر تكرارها واختبارها للتأكد من نتائجها.

 

مَسَاقات ودورات تدريبية هامة
هناك العديد من الدورات التدريبية الهامة التي تتناول المواضيع المتعلقة بالبحث العلمي، وكيفية تطبيقه، والخطوات الأساسية الواجب على الباحث اتباعها؛ لبناء بحث علمي صحيح. بالإضافة إلى كيفية كتابة الورقة البحثية النهائية وإعدادها للنشر، وكيفية اختيار المجلة العلمية المناسبة، ومن هذه الدورات؛ 
 

أساسيات البحث العلمي

يُقَدم هذا المَساق باللغة العربية من مؤسسة عُلماء مصر؛ حيث يتناول الأساسيات المطلوبة لبدء أولى خطوات البحث العلمي. فيتكون المساق من 10 محاضرات تبدأ بمقدمة تعريفية عن البحث العلمي، ومدى أهميته من خلال رحلة عبر الماضي والمستقبل. ثم يتطرق المساق إلى كيفية تحويل فكرة ما إلى مشكلة علمية والمُضي قدما من خلال التفكير التحليلي والمنهجيات المحددة في حلها والتوصل إلى نتائج قابلة للاختبار والقياس. كما يتناول أخلاقيات البحث العلمي وآدابه، ومدى ضرورتها وتحكمها في نجاح الباحث أو فشله. ثم يركز المساق على نمط وهيكل كتابة الأبحاث العلمية؛ سواء لنشرها في المجلات ودور النشر، أو حتى المؤتمرات العلمية.


مقدمة في كتابة الأوراق البحثية

خلال 4 أسابيع دراسية سيتناول هذا المساق العديد من المواضيع الأساسية؛ حول البحث العلمي وكيفية تحديد كافة الخطوات اللازمة لبدء البحث. فيتَطرق إلى تناول كيفية اختيار الموضوع المناسب للبحث، ثم وضع الخطوط العريضة والمخططات التفصيلية للورقة البحثية، مرورًا بكيفية إيجاد المصادر اللازمة التي يتم الاعتماد عليها في الحصول على معلومات صحيحة حول موضوع البحث. وأخيرًا التطرق إلى كيفية استخدام اللهجة العلمية واللغة الأكاديمية المناسبة.

الكتابة في العلوم

يُقَدم هذا المساق من جامعة ستانفورد، فيتناول في 8 أسابيع الخطوات الأساسية التي يستطيع العُلماء اتباعها من أجل جعل كتابتهم أكثر فاعلية؛ حيث يتطرق إلى مبادئ الكتابة الجيدة، والعديد من الحيل لتعلم الكتابة بطريقة أسرع دون القلق من الأخطاء، بالإضافة إلى شكل البحث العلمي وكيفية كتابته، ومشاكل المراجعة والنشر.


كيف تكتب وتنشر ورقة علمية

أما هذه الدورة فستتناول كيفية كتابة البحث العلمي خُطوة بخُطوة؛ حيث يبدأ بتناول العديد من الأشياء التي يجب على الباحث معرفتها قبل البدء في كتابة بحثه العلمي، ثم كيفية كتابة البحث بطريقة سليمة في خطوات مُرتبة وواضحة، ومن ثم مراجعته والتأكد من خلوه من الأخطاء العلمية أو اللغوية. كما يتطرق في النهاية إلى كيفية البحث عن المجلة العلمية المناسبة لنشر موضوع البحث، وكيفية إرسال البحث إلى الجهة التي تم اختيارها مع حفظ حقوق الباحث.

المصدر : الجزيرة