شعار قسم ميدان

نوبل للعلوم 2018.. من ينتصر في سباق العمالقة؟

ميدان - علوم مختبر معمل تجارب

تفصلنا فقط أيام قليلة عن أكبر استعراض علمي في العالم، ينتظره متخصصو وهواة العلوم بشغف شديد، وتكون أيام إعلان جوائز نوبل فرصة عظيمة لمهرجانات علمية متزامنة احتفالا بالجائزة الأكثر شهرة في تاريخ العلم، سوف تبدأ نوبل هذا العام في الأول من أكتوبر، بإعلان جائزة الطب والفيسيولوجيا، ثم الفيزياء في الثاني من أكتوبر، والكيمياء في الثالث من نفس الشهر، هذا العام كذلك هناك ملمح كارثي كبير للجائزة، وهو أن نوبل في الآداب لن يتم الإعلان عنها، فقد تسببت حادثة تحرش شهيرة بإيقافها، وقد أفردنا لها تقريرا مفصلا تجده في قائمة المصادر(1).

 

وكانت مؤسسة تومسون رويتر العلمية الشهيرة -بصورة تعرف الآن تحت اسم تحليلات كلاريف– قد دأبت على عادة ممتعة وهامة كل عام، وهي أن تقوم، في أواخر سبتمبر، بنشر توقعاتها(2) لجائزة نوبل، معتمدة على معايير حاسمة تتضمن قدر الإسهام البحثي لمجموعة كبيرة من العلماء لتحديد أيهم سوف يكون "شخصية نوبل" لهذا العام، تضم شروط الاختيار أن تكون أبحاث تلك الشخصية هي الأكثر استشهادا بين الباحثين، وأن يكونوا الأوائل في اكتشافاتهم بحيث تمثل تلك الأبحاث نافذة جديدة تماما لمجالات بحثية جديدة وأصيلة، مع ضمان تاريخ حافل بالجوائز العلمية الشهيرة والرصينة رفيعة الشأن، مع محاولة لمقارنة هذا الإنجاز بالجوائز السابقة التي أقرتها هيئة نوبل، ثم الخروج بقائمة تضم 12 ترشيحا، 3 ترشيحات لكل من الفيزياء، والطب والفيسيولوجيا، ثم الكيمياء، والاقتصاد، لكن الأخير (الاقتصاد) لن يكون موضوعنا في هذا التقرير.

 

نوبل في الطب والفيسيولوجيا

لنبدأ من مجال بحثي واعد ربما لا يسمع عنه الكثيرين، ويسمى بالمعلوماتية البيولوجية(3) Bioinformatics، قد يبدو الاصطلاح معقدًا بعض الشيء، لكنه -ببساطة- يعني علاقة بين فرعين ربما لم تكن لتظن أن يلتقيا، البيولوجيا، العلم الذي يبحث خلف كل شيء حي، وخلف تعريف الحياة من الأساس، والمعلوماتية أو الحوسبة، المجال الذي يختص بقراءة البيانات، جمعها وتنظيمها ومعالجتها والخروج بنماذج تفسر أو تتوقع خط سير منظومة ما، هذا التفاعل الثري مكننا، نحن البشر، من تطوير برمجيات احترافية لتحليل البيانات البيولوجية.

     

 ميرونو كينيهيسا  (مواقع التواصل)
 ميرونو كينيهيسا  (مواقع التواصل)

 

أحد نتائج هذا الالتقاء كان موسوعة كيوتو للجينات والمجينات(4) Kyoto Encyclopedia of Genes and Genomes، ذلك المشروع الضخم الذي بدأه ميرونو كينيهيسا Minoru Kanehisa، المرشح الأول لنوبل في الطب والفيسيولوجيا هذا العام من قبل المؤسسة، وهو الأستاذ بمركز البحث الكيميائي، جامعة كيوتو اليابانية.

 

موسوعة كيوتو ليست فقط قوائم لجمع البيانات، لكن يمكن التفكير فيها على أنها تمثيل حاسوبي ضخم للأنظمة البيولوجية، تتضمن المسارات الكيميائية للجزيئات الحيوية في الجسم، الجينوم، الجينات، الأدوية، الأمراض، وغيرها مما يتعلق بهذا المجال، بحيث يسمح هذا الحاسوب البيولوجي الضخم بجمع ومقارنة وتفسير البيانات الخاصة بالعمليات البيولوجية ما يمكّن الباحثين -على سبيل المثال- من تطوير فهم أسرع وأكثر رصانة لمسببات الأمراض، وبالتالي تطوير أدوية جديدة.

 

أما الترشيح الثاني من المؤسسة فكان من نصيب سولمون سيدنر Solomon H. Snyder أستاذ علم الأعصاب، وعلم الأدوية، والطب النفسي، بكلية الطب جامعة جون هوبكنز عن إنجازاته المهولة في استكشاف عالم النواقل العصبية ومستقبلاتها في الدماغ (خاصة مستقبلات أشباه المورفين)، بمعنى أوضح: استطاع سيدنر أن يكتشف، بشكل واسع، الطريقة التي تتحدث بها الخلايا العصبية الدماغية مع بعضها البعض، بالتالي أمكن لنا أن نتعرف إلى كيمياء الدماغ ونقلدها، لذلك يرجع الفضل لسيدنر بشكل كلّي أو جزئي في تطوير المهدئات، والمنومات، وأدوية الاكتئاب، والاضطراب ثنائي القطب، والفصام، والقلق، وغيرها من الأمراض العقلية.

  

وإذا تأملت قليلًا صفحة سيدنر على غوغل الباحث العلمي(5) فسوف تكتشف أنه قد تم الاستشهاد بأبحاثه حوالي 350 ألف مرة، هل تتخيل هذا الرقم؟ لفهم قدر هذا الإنجاز دعنا نقارن ذلك بعدد الأبحاث العلمية المنشورة منذ سنة 1970، وهو 45.5 مليون بحث، فقط 16300 بحث منها تم اقتباسه في أبحاث أخرى أكثر من 1000 مرة، بينما فقط سوف تجد أن هناك 4200 بحث تم الاستشهاد بهم أكثر من 2000 مرة، أبحاث سولمون سيدنر، في معظمها، تتخطى هذا الرقم، بل وتصل في بعض الأحيان إلى 8000 مرة للبحث الواحد، لذلك فإن هذا الرجل هو واحد من القلائل جدًا جدًا في تاريخ العلم الذين وصل الاستشهاد بأبحاثهم إلى هذا الحد.

 

   

أما في المكان الثالث فإن السرطان يعود من جديد للترشيحات، حيث تتوقع اللجنة أن يكون الفائز هو نابوليون فيرارا Napoleone Ferrara أستاذ علم الأمراض بجامعة كاليفورنيا عن اكتشافه لـ عامل نمو النسيج الطلائي الوعائي(6) vascular endothelial growth factor، وهو بروتين خلوي يحفّز تكوّن أوعية دموية جديدة، ولفهم دوره في علاج السرطان دعنا نبدأ من أحد أهم مراحل تطوره، تلك التي تنقله من ورم حميد إلى آخر خبيث.

 

تأخذ كل الخلايا غذاءها وأكسجينها من الأوعية الدموية المجاورة، وتتمكن الخلايا من التقاط الأكسجين خلال مسافة قدرها 0.1 – 0.2 ملليمتر فقط من الوعاء الدموي المجاور، الخلايا السرطانية تفعل نفس الشيء، لكن لا يمكن للكتلة السرطانية أن تنمو بحد أكبر من 200 – 300 خلية لأنها سوف تبتعد مسافة كبيرة عن الوعاء الدموي وتفقد الأكسجين، هنا يستجيب الورم السرطاني لذلك عبر إفراز "عامل نمو النسيج الطلائي الوعائي" والذي يلتحم مع مستقبلاته الخاصة في الأوعية الدموية المجاورة فيدفعها للنمو والتفرع ناحيته، بذلك يكوِّن للسرطان أوعيته الدموية الخاصة به، وينمو بشكل أكبر. من تلك النقطة أمكن لنا تطوير أدوية جديدة تعالج السرطان، فقط عبر اعتراض طريق هذه العوامل المحفزة لنمو الأوعية الدموية من جديد، وبالتالي نمو السرطان وتوسعه.

 

نوبل في الفيزياء

في الفيزياء تبدأ توقعات تومسون رويتر من الثنائي ديفيد أوشالوم David Awschalom أستاذ الهندسة الجزيئية بجامعة شيكاغو، وأرثر جوسارد  Arthur C. Gossard أستاذ هندسة الحاسوب والهندسة الكهربائية بجامعة كاليفورنيا، عن اكتشافهم التجريبي لما يسمى بتأثير هول اللف(7) Spin Hall Effect في أشباه الموصلات، وهو ما يحسن كثيرًا من فهمنا للسلوك الذي تتخذه الإلكترونات في تلك المواد، ما يفتح الباب لتطوير مستقبل الحواسيب الكمومية.

   

 أرثر جوسارد (يمين) وديفيد أوشالوم (مواقع التواصل)
 أرثر جوسارد (يمين) وديفيد أوشالوم (مواقع التواصل)

   

لكن لأخذ فكرة عمّا يعنيه هذ التأثير يمكن أن نتأمل ما يعنيه لف الجسيمات Spin، حيث يشبه الأمر أن تدور الأرض حول نفسها، ليس الأمر كذلك تحديدا؛ لكنه أقرب مثال نعرفه، مع فرق هام، حيث تدور الأرض لأنها دُفعت للدوران بداية حياتها في المجموعة الشمسية، أما لف الجسيم فهو خاصية جوهرية محددة له، لا يدور؛ لأن أحدهم دفعه للدوران؛ لكنه مستمر دائما في ذلك، يشبه الأمر صوتك أو ضحكتك، إنه أمر في تركيبك كبشري، لكل جسيم نمط لف محدد لا يتغير أبدا، ما يتغير هو اتجاه لفه، مع أو عكس عقارب الساعة.

 

ويقول تأثير هول اللف إن الإلكترونات في أشباه الموصلات تتخذ لفًا متعاكسًا يتراكم على طرفي العينة في أثناء مرور تيار كهربي بها، وكان كل من أوتشالوم وجوسارد قد استخدما تقنية ضوئية أنيقة لاكتشاف ما ظهر أنه "تيّار لف" يسير في شبه الموصل بصورة عمودية على تيار الكهرباء الذي يمر فيه ويتجمع على طرفيه في الجانبين، بعد الفحص تبين أن هذا التيار لا علاقة له بنوع المادة المستخدمة، ومن هنا تم التأكد أن اللف له "تأثير هول"، كتأثير هول(8) الشهير الذي طوره الفيزيائي الأميركي إدوين هول سنة 1879، وهو ميل حاملات الشحنة للانزياح نحو الأطراف في الموصلات الكهربائية بسبب المجال المغناطيسي.

 

وفي الترشيح الثاني لمؤسسة تومسون رويتر نلتقي بثلاثي علم المادة الذي يتكون من: الأوكراني يوري جوجوتسي Yury Gogotsi، الأستاذ بمؤسسة مواد النانو في جامعة دريكسل، ورودني روف Rodney S. Ruoff مدير مركز مواد الكربون متعددة الأبعاد والأستاذ بمؤسسة نالسان القومية بكوريا الجنوبية، ثم باتريس سيمون Patrice Simon أستاذ علم المواد من جامعة بول ساباتييه تولوز الفرنسية، يتخصص هذا الثلاثي البارع، والذي عمل بشكل منفصل ومتصل، خلال عقود عدة، في علم المواد المكونة من الكربون(9)، كأنابيب النانو، والجرافين، والماسات نانوية الحجم .. إلخ، وتقوم فكرة هذا المجال ببساطة على فهم جوهر المادة بدقة شديدة، نقصد هنا تركيبها وسلوكها الفيزيائي والكيميائي، ثم بعد ذلك يقوم الباحث من خلال تعديل بنيتها بإنتاج مواد جديدة ذات صفات محددة، وهو ما يعطينا في النهاية نتائج عظيمة وهامة للغاية، كالمكثفات الفائقة.

 

بالطبع نعرف أنه على مدى أربعة عقود استطاعت الصناعات المعتمدة على أشباه الموصلات أن تحسّن من الأنظمة الكهربية عن طريق التصغير المستمر للأدوات الخاصة بها. لكن هذا النطاق قريبا سوف يصل إلى حدوده العلمية والتقنية، مما يفتح الباب للبحث عن بدائل جديدة تستطيع تحقيق قدرات أكبر تتخطى بها حاجز الترانزستورات المعتمدة على السيليكون، تلك التقنيات كالأنابيب النانوية أحادية البعد، وطبقات الجرافين ثنائية البعد، والتي تملك خصائص كهربية فائقة تتخطى كثيرا سابقتها، مما يفتح مستقبلا واسعا غير محدود الاحتمالات للتواصل، والحوسبة، وصناعة الآلات الذكية، بجانب كل شيء آخر في حياتنا مرورا بالطب وعلاج السكر، والضغط، والسرطان، وصولًا إلى صواريخ الفضاء، وحتى وسائل الترفيه.

   

ساندرا فابر (مواقع التواصل)
ساندرا فابر (مواقع التواصل)

   

أما في الترشيح الثالث فإن التوقعات تذهب هذه المرة ناحية امرأة، ساندرا فابر Sandra M. Faber، أستاذ الفلك والفيزياء الفلكية بجامعة كاليفورنيا، عن مجمل أعمالها والتي تعد إسهامات شديدة التأثير في الوصف الدقيق لعمر، وحجم، وإلى أي حد تبتعد عنّا المجرات الأخرى، كذلك العمل على تطوير نموذج للمادة المظلمة الباردة(10) Cold Dark Matter والتي قد تكون يومًا ما هي الإجابة عن سؤال المادة في الكون، لماذا لا نعرف إلى الآن سوى أقل من 5% من تركيبها فقط؟ وكذلك ستجيب عن سؤال آخر يتعلق بنشأة المجرات الأولى، حيث ترى أقرب الفرضيات أن المادة المظلمة كانت السبب فيما نسميه "فجر الكون".

 

حيث تقول تلك الفرضية إن المادة المظلمة، وهي صاحبة الكم والتأثير الجذبوي الأكبر في الكون، هي ما دفع المادة العادية في الكون، وهي الكم الأقل، للتجمع بالمقام الأول في أشكال خيطية ما بينها فجوات كالإسفنج، كانت تلك الدفعة هي ما جمع الغاز والغبار الكوني المبكر مع بعضه البعض، بسبب ذلك الاندفاع تكونت مناطق كانت فيها كثافة المادة أكبر من غيرها، وهكذا تكدست كميّات الغاز والغبار معًا لتصنع النجوم ثم المجرات الأولى في تلك المناطق وسحبت جاراتها بقوى الجذب، لكن لكي تحدث تلك الدفعة لابد وأن تكون سرعة جسيمات المادة المظلمة أقل من سرعة الضوء وأقل تفاعلًا مع المجال الكهرومغناطيسي، ما دعا لتصور وجود مادة مظلمة باردة، ولأنها باردة فإن سرعة جسيماتها ستكون أقل.

 

وكانت فيبر، في الثمانينات من القرن الماضي، جزء من مشروع(11) مدته ثماني سنوات للكشف عن أشكال المجرات لكنه فشل بعد محاولات عدة، الغريب هو أنه من قلب ذلك الفشل استطاعت فيبر وفريقها تطوير آلية جديدة لقياس المسافة إلى أية مجرة، تتوقع تلك الآلية أن قانون هابل لا يسري بسهولة في كل الحالات، بل يحدث للتجمعات المجرية ذات الكتل المهولة أن تؤثر في تمدد الكون، تطورت تلك الآلية منذ ذلك الحين لتصبح واحدة من أفضل الطرق لقياس كثافة الكتلة الكلية للكون، ومن ثم ما إذا كان سيستمر في التوسع إلى الأبد أو سوف يبدأ يومًا ما في الانكماش.

 

نوبل في الكيمياء

  

تبدأ توقعات نوبل في الكيمياء من إيريك جاكوبسين Eric N. Jacobsen أستاذ الكيمياء والبيولوجيا الكيميائية بجامعة هارفارد، والذي يمتلك تفاعلًا خاصًا باسمه يسمى "فوق أكسدة جاكوبسون Jacobsen epoxidation"، كان قد طوره(12) في التسعينات عبر عوامل حفّازة تسمى باسمه أيضًا "عامل حفاز جاكوبسن"، يتيح هذا التفاعل فرصة جديدة ومختلفة لتخليق مركبات جديدة بعد أن تمر عبر مرحلة "الفوق أكسدة"، وهي –بكل بساطة بعيدة عن تعقيدات الكيمياء الصعبة بمجرد نطق اسمها– عملية تخليق حلقات كيميائية ثلاثية يكون الأكسجين أحد نقاطها الثلاثة مع ذرتي كربون.

 

تفيد تلك الأنواع من التفاعلات الخاصة، والتي طورها جاكوبسن وفريقه في هارفرد على مدى عقود طويلة في تخليق جزيئات مفيدة وظيفيًا في مجالات عدة، تبدأ بشكل أساسي من الطب وابتكار أدوية جديدة، لكن فكرة جاكوبسن لا تنبع من التخليق بقدر ما يتّخذ شعارًا يقول "الأمر يتوقف بالأساس على العوامل الحفازة"، تلك الكيماويات التي تضاف للتفاعل فتسرّع من وتيرته ثم تخرج دون أن تتأثر، كلما طورت عامل حفّاز أكثر دقة وبراعة كان من السهل أن تطور مركبات جديدة بكميات أكبر وهدر أقل، خاصة حينما تكون نواتج التفاعل قريبة من بعضها البعض بصورة متداخلة صعبة الفصل، على سبيل المثال: أن يكون الناتج المطلوب صورة مرآة لآخر غير مطلوب، ويتواجد كليهما معًا بعد التفاعل.

 

أما في الترشيح الثاني فإن المؤسسة تقدم جورج شيلدريك George M. Sheldrick أستاذ علم البنى الكيميائية بجامعة جورج أوجست بمدينة غوتينغن الألمانية، عن ابتكاره لمنظومة برمجية(13) تدعى SHELX تستخدم لتنقيح البنى الكيميائية عبر بيانات من دراسة البلورات بالأشعة السينية، مجال عمل شيلدريك الرئيس، حيث تتكون صورة ثلاثية الأبعاد لكثافة الإلكترونات داخل البلورة المراد دراستها، وبناء على تلك الكثافة الإلكترونية نتعرف إلى العديد من المعلومات عن هذا المركب الكيميائي، منظومة SHELX البرمجية تساعد الباحثين على فهم وتنقيح نتائج تجاربهم، والمميز في هذا الأمر أن هذه المجموعة البرمجية مجانية، قام بعض الباحثين بتطويرها في 2011 لتخرج نسخة جديدة بواجهة رسومية يمكن استخدامها بشكل أفضل وأكثر سهولة.

 

   

ثم أخيرًا، في المركز الثالث من الترشيحات، تقف جوان ستوب JoAnne Stubbe من معهد ماساتشوستس العالي للتيكنولوجيا عن انجازاتها العظيمة في فهم آلية عمل أحد أهم الإنزيمات الخلوية وهو رايبونيوكليوتايد ريداكتيز ribonucleotide reductases، وهو المسؤول بصورة رئيسية عن تخليق وإصلاح الحمض النووي DNA، بالتالي فإن منع هذا الإنزيم عن تأدية عمله يعني أنه لن يكون هناك حمض نووي، تتصور ستوب أن لهذا العمل الخاص بها مستقبل واعد مع علاج السرطان والبكتيريا لأن هناك قدر كافي من الاختلافات بين نفس الإنزيم في البكتيريا والإنسان، ما قد يمكننا من تخليق أدوية موجهة فقط للنسخة البكتيرية منه.

 

حسنا، كانت تلك هي تسعة توقعات عن ثلاث جوائز سوف يبدأ إعلانها بحلول يوم 1 (أكتوبر/تشرين الأول) القادم، ينتظرها المتخصصون والهواة ومحبو العلوم في كل العالم على تنوع اهتماماتهم واختلاف ثقافاتهم. قد لا نجد أي منها في إعلانات جائزة نوبل القادمة، لكن الفكرة من هذا التقرير ليست عرض التوقعات بقدر ما هي تعريفك بهذا العالم المبهر على تعقيده، والرصين على قدر ما يقدمه من سيرة فانتازية، إنه عالَم العِلم، مئات الآلاف من الباحثين عبر المنهج العلمي يحسّنون بشكل يومي من قدراتنا على فهم الكون، وذواتنا، يساعدون في تطوير أساليب حياتنا، والخوض في المجهول الكوني الواسع لمعرفة المزيد من الأسرار، نحن هنا أمام تسع من تلك النوافذ التي تطل بنا على عالم جديد جريء عظيم، ورغم كل التوقعات السوداء عن مستقبل مؤسف في ظل التوتر الذي يشهده هذا الكوكب خلال العقود القليلة الماضية فإن العلم يقف ليرسم لوحة أكثر تفاؤلا.

المصدر : الجزيرة