شعار قسم ميدان

في 5 كتب فقط.. تعرف على فلسفة البيولوجيا

ميدان - علم الأحياء معمل

في سبعينيات القرن الفائت، وبعد استكشاف التركيب الدقيق للحمض النووي، وبدء عصر الجينات، وتدخّل الرياضيات والحوسبة لدعم تلك المسيرة المهيبة، والتطور الرهيب الحاصل في فهمنا لعلوم المخ والأعصاب، كانت البيولوجيا مركز تأمل الجميع في الوسط العلمي، واستشرفت إمكانات واعدة في النظرية والتطبيق، قبل ذلك كانت فلسفة العلم تختص بالأساس في مجال الفيزياء كونها أكثر انتشارا، لكن في السنوات الخمسين الأخيرة انزاحت فلسفة العلم قليلا عن عالم الفيزياء وظهرت الحاجة إلى فلسفة تقوم بنقد وتفسير المنهج العلمي في حالة البيولوجيا، كعلم يسأل أسئلة أكثر تنوعا واختلافا.

 

ما الحياة؟ كيف جاءت إلى هنا؟ وكيف نميز الحي عن غير الحي؟ هل يمكن اختزال الظاهرة البيولوجية في مجموعة من التفاعلات البيوكيميائية التي تحدث في جسم الإنسان؟ وهل هي على كوكب الأرض فقط؟ ما النوع؟ وما الذي يجعلنا بشرا؟ هل يجب أن نحظر أبحاث العرق؟ هل من الأخلاقي أن نقتل هذا الكم الضخم من الفئران والقردة من أجل الحصول على نتيجة علمية ما؟ وهل يمكن أن يقودنا ذلك بشكل ما إلى تجريب غير أخلاقي على البشر؟ هل للإنسان الحق في السيطرة على الطبيعة من حوله؟ كيف يمكن أن نواجه الإشكاليات الحالية المرتبطة بالتضخم السكّاني وتلوث البيئة؟، كل هذه الأسئلة، والآلاف غيرها، تدخل ضمن نطاق هذا المجال الفلسفي الناشئ.

 

لكن المشكلة التي تواجهنا في المحتوى العربي هي أن الإنتاج الخاص بفلسفة البيولوجيا، على أهمية هذا المجال الفلسفي، نادر للغاية، لذلك اهتم كاتب التقرير بتقديم مجموعة من الكتب التي تعد مدخلا مناسبا لفلسفة البيولوجيا، بحيث تفتح لك أفضل باب ممكن لكي تدخل إليه، ثم من هناك يمكن أن تنطلق لدراسة أكثر تخصصا وكثافة إن أحببت في هذا الفرع الممتع والغاية في الأهمية من فلسفة العلم، والآن لنبدأ رحلتنا.

 

هذا هو علم البيولوجيا

undefined

لا شك أنه لكي تتعرف إلى جوهر البيولوجيا، ربما بأفضل صورة ممكنة، لا بد وأن تبدأ من أحد أهم الكتب التي ظهرت لهذا الغرض تحديدا، وهو "هذا هو علم البيولوجيا.. دراسة في ماهية الحياة والأحياء" لعالم البيولوجيا الأكثر شهرة "إرنست ماير"، هذا الكتاب هو لا شك علامة فارقة في تطور العلوم البيولوجية خلال القرن الفائت وصولا إلى لحظة كتابة هذه الكلمات، وذلك لأنه أتى، في لحظة كانت البيولوجيا فيها قد شهدت فيها ثورة حقيقية بدأت من علوم الجينات ووصلت إلى التطورات المتسارعة في علوم الأعصاب، ليعرّف الجميع بأن البيولوجيا مختلفة عن بقية العلوم، سواء بالنسبة لقارئ عام، أو المتخصصين من المجالات الأخرى، أو المتخصصين في مجال البيولوجيا نفسه.

 

يبدأ الكتاب بمقدمة مميزة، يشرح فيها الكاتب علاقته بهذا العلم، والتطورات الأخيرة فيه، تلك التي استدعت تقديم هذا الكتاب، ثم ينتقل بعد ذلك إلى فصلين غاية في الأهمية، في الأول يعرّف القارئ بما تعنيه الحياة، إن تاريخ هذا التعريف هو نفسه تاريخ البيولوجيا وفلسفتها، بداية من اللحظة التي أضفى فيها القدماء صفة الحياة على الجوامد (وكأنها صفة تلبس الأشياء) وصولا إلى ظاهرة الانبثاق (Emergence)، والتي تعني أن الحياة صفة طارئة على المنظومة الحيوية، صفة أكبر من مجموع أجزائه.

 

في الفصل الثاني يعيد ماير تعريف العلم من وجهة نظر البيولوجيا، لكنه أيضا يعطي تعريفا مميزا للعلم من خلال تقديم الإجابات لمجموعة تتكون من ثلاثة أسئلة مهمة: ما الفارق بين العلم والدين؟ ما الفارق بين العلم والإنسانيات؟ ما الفارق بين العلم والفلسفة؟ في أثناء ذلك يهتم ماير بتوضيح العوامل الرئيسية التي تجعل من البيولوجيا علما منفصلا عن بقية العلوم.

 

ينطلق ماير بعد ذلك لتوضيح الجوانب العامة المتعددة لهذا العلم بشكل خاص، على سبيل المثال يسأل في أحد الفصول عن تقدم البيولوجيا، ويقدم بعد ذلك مجموعة من الأسئلة التي تحدد جوهر البيولوجيا بجوهر الكائن الحية، ثم يسأل عن دور البيولوجيا التطورية في تشكيل هذا العلم، ثم ينتقل في النهاية لتوضيح أربعة موضوعات مهمة، الأول يتعلق بالسببية، والثاني بموضع الإنسان في هذا العلم، ثم العلاقة الشائكة بين الأخلاق والبيولوجيا، وصولا إلى أسئلة العلوم البيئية والتي تعد أكثر أهمية من غيرها حاليا.

 

فلسفة البيولوجيا – مدخل معاصر

undefined

كتاب ماير، وكل ما سوف يُعرض في هذا التقرير، يُقدّم للمتخصص وغير المتخصص على حد سواء، لكنها ليست، في مجموعها، كتبا سهلة يمكن البدء فيها مباشرة، بل يحتاج الأمر إلى مجموعة من المقدمات في الفلسفة وفلسفة العلم قبل الولوج فيها، لكن عدم معرفتك بتلك المقدمات لا يمنعك من الخوض في تلك المجموعة من الكتب، لكنه فقط سوف يصعّب رحلتك معها.

 

دعنا الآن ننتقل إلى أحد أهم الكتب في هذا المجال بالنسبة لمبتدئ، والتي صدرت حديثا مترجمة إلى اللغة العربية، إنه "فلسفة البيولوجيا – مدخل معاصر"، لـ أليكس روزنبرج ودانييل ماك شي، ولهذا الكتاب عدة مزايا مهمة تجعله اقتراحا مثاليا لكي تبدأ في فهم هذا المجال:

 

أولا: أسلوب الكاتب بسيط، يستهدف المبتدئ في هذا المجال، يقدم المعلومات بأسلوب تمتزج فيه الطبيعة المثيرة مع الأسلوب المنهجي الذي يُمكّن الطالب من المُضي قُدما لامتحان مستقبلي، وهو أسلوب مهم على قدر إمتاعه للقارئ.

ثانيا: يهتم روزنبرج في كتبه بتقديم عدة نقاط مهمة ومفيدة جدا للطلبة، والمبتدئين، في كل فصل، فهو يبدأ بنظرة عامة، وينهي الفصل بموجز مبسّط، ويضع في نهاية كل فصل مجموعة من المصادر المهمة التي يمكن أن تتخذها كنقاط انطلاق مستقبلية، هذه النقاط الثلاثة مهمة جدا وسوف تساعدك بصورة لا تتصورها.

بسبب خصوصيتها الشديدة، تحتاج دراسة الظاهرة الحية إلى منهجية مختلفة في التقصّي، ويستتبع ذلك وجود فلسفة مستقلة لفهم وتفسير ونقد تلك المنهجية
بسبب خصوصيتها الشديدة، تحتاج دراسة الظاهرة الحية إلى منهجية مختلفة في التقصّي، ويستتبع ذلك وجود فلسفة مستقلة لفهم وتفسير ونقد تلك المنهجية
 

ثالثا: الكتاب هو مقدمة معاصرة، يضع أمامك مقدمة مهمة لأهم الموضوعات التي يناقشها فلاسفة البيولوجيا حاليا، وهذا مفيد حقا لكل مهتم بهذا المجال، لأن الاندماج مباشرة في القضايا المعاصرة يجنّبك الكثير من الملل في قضايا لا يمكن أن تستشعر أهميتها، كذلك فإن أحد الكتب التي سنقدمها هو محاولة للحديث تاريخيا عن البيولوجيا، وسوف يكون مُكمّلا لكتاب روزنبرج ورفيقه.

 

رابعا: على عكس أحد الكتب السابقة لـ أليكس روزنبرج، "فلسفة العلم: مقدمة معاصرة"، والذي يعتبر كارثة في الترجمة، فإن الدكتور مينا ستي يوسف، المتخصص في هذا المجال، ومؤلف أحد كتب هذا التقرير، قد ترجم "فلسفة البيولوجيا" بصورة بصورة حرفية دمج فيها بين فهمه لأدق تفاصيل المجال واختياره لكلمات سلسة.

 

يبدأ الكتاب من مقدمة غاية في الأهمية والبساطة تسأل: ما فلسفة البيولوجيا؟ يطرح الكاتب خلالها 6 أسئلة مهمة سوف تتعلم من خلالها الدور الذي يجب أن تلعبه فلسفة البيولوجيا بغض النظر عن فلسفة العلم ككل، بعد ذلك يبدأ الكاتب، من خلال تلك الأسئلة في مناقشة أهم قضايا فلسفة البيولوجيا المعاصرة، ويبدأ من داروين والمشكلات الفلسفية المرتبطة بنظريته، ثم يميز ما تعنيه القوانين والنظريات في البيولوجيا واختلافها عن العلوم الأخرى، ثم يناقش الاختزالية، إحدى أهم القضايا في هذا المجال، ثم ينتقل إلى حديث مهم عن الجينات (الدوجما المركزية في علم البيولوجيا)، وأخيرا يتحدث عن التقدم في البيولوجيا مع فصل مهم وضروري عن البيولوجيا وأثرها على السلوك الإنساني.

 

البيولوجيا وفلسفة العلم

undefined

هذا الكتاب هو نسخة، تمت معالجتها، من رسالة الماجستير الخاصة بكاتبه، والذي اختار أن يتخصص في دراسة فلسفة البيولوجيا ثم حصل على مرتبة الامتياز مع التوصية بالنشر عنها، لهذا فإن تلك التركيبة التي سيعرضها أمامك الكاتب قد تكون، بدرجة ما، معقدة وتحتاج إلى الكثير من التركيز، لكنها رغم ذلك مميزة، حيث تضعك مباشرة أمام مجموعة من الأسئلة المهمة في هذا المجال بصورة مباشرة كمهتم بفلسفة البيولوجيا.

 

يبدأ الكتاب بمقدمة توضح الدور الذي تلعبه فلسفة البيولوجيا بالنسبة للفلسفة وللعلم كذلك، لكن هدف المقدمة هو توضيح لهدف الكتاب الرئيس، والسبب في وضعه ضمن هذه القائمة، وهو رصد مواطن الاختلاف، أو المغايرة المنهجية، بين البيولوجيا والعلوم الأخرى، سواء في طبيعة التجريب، وعمومية القوانين، والدور الفائق للمفاهيم (على عكس القوانين) في عالم البيولوجيا، وغيرها من الأمور التي تجعل النماذج التفسيرية في العلوم البيولوجية مختلفة عن غيرها.

 

خلال ستة فصول ينطلق الكاتب لصياغة حجته، فيبدأ بطبيعة التجريب ومشكلاته في العلوم البيولوجية، مع إشارة مهمة إلى مدرسة "التجريبية الجديدة"، ثم ينتقل إلى المشكلات الفلسفية التي تفرضها البيولوجيا التطورية، ثم طبيعة القوانين وإشكالياتها في العلوم البيولوجية، وينتقل إلى نقطة مهمة تتحدث في أهمية "المفهوم" في القضايا البيولوجية، ومفهوم النظرية، وصولا إلى إشكالية الاختزالية والتعقد في عالم البيولوجية، وهي إحدى أهم القضايا المركزية.

 

أهمية الكتاب تنبع، كما قلنا، من طبيعته، فلقد كان بالأساس رسالة ماجستير كاتبه، لهذا السبب فهو يقربك من أسلوب قراءة يميل إلى التخصص، لكن يمكن فهمه، في مقدمة كل فصل يضع الكاتب مقدمة لتوضيح حجته، ثم تعقيبا في نهاية كل فصل، كذلك فإنه يضع خاتمة مهمة يجمع فيها استنتاجاته من تلك الحجج الطويلة المطروحة في الفصول، مع مجموعة مهمة من المصادر في نهاية الكتاب.

 

فلسفة البيولوجيا.. مقدمة موجزة

undefined

حسنا، سيكون هذا الكتاب هو الإضافة الإنجليزية الوحيدة لهذا التقرير، وهي ضرورية لعدة أسباب، أولها هو أن المؤلف، بيتر جودفري سميث، أستاذ الفلسفة بجامعة نيويورك، هو واحد من أشهر كتّاب الفلسفة للطلبة، وثانيها يتعلق بحجم الكتاب، فقط في أقل من 200 صفحة، أما الثالث بالطبع فيتعلق بالبساطة النسبية للكتاب، ونعني هنا أنه ليس سهلا كفاية لكي تخوض فيه بحرية تامة، لكنه كذلك ليس صعبا عليك، كمتخصص أو طالب بيولوجيا، لدرجة تمنعك من رحلة ممتعة لكن مرهقة فيه، وذلك لأن هدف الكاتب الرئيس هو تقديم مقدمة موجزة تصلح للفلاسفة والعلماء على حد سواء، وهو ما يضع بعض القيود على تعمّقه في الجوانب الفلسفية للقضية البيولوجية، ويضطره لتقديم عرض مبسط يمكن لشخص درس البيولوجيا أن يفهمه.

 

يناقش الكتاب، خلال تسعة فصول، تسعة موضوعات مهمة ونشطة في فلسفة البيولوجيا، يبدأها بتعريف هذا الفرع من الفلسفة، ثم ينتقل لخصوصية القوانين، والآليات، والنماذج البيولوجية، ثم بالطبع إلى فصل خاص بالنقاشات الفلسفية حول التطور والانتخاب الطبيعي، ثم يعيد لفت الانتباه إلى الطريقة التي تقوم خلالها فلسفة البيولوجيا بالتعامل مع التعريفات العلمية لأشياء كـ: الفرد، الجين، النوع، المعلومات، ويختم بحديث خاص ومهم عن العلاقة المثيرة للغاية بين البيولوجيا والسلوك البشري.

 

الكتاب متخصص بدرجة ما، أكثر صعوبة من رفاقه، لكن ذلك لا يمنع استخدام الكاتب لأسلوب سهل وواضح، بالطبع تكون بعض النقاط في حاجة إلى البحث خارج الكتاب في عوالم الإنترنت، لكن الكاتب كذلك يضيف، في نهاية كل فصل، مجموعة من المصادر المهمة التي تساعدك في الخوض داخل مادة الفصل بصورة أكثر دسامة، لهذا يُمثّل الكتاب نقطة انطلاق قوية لراغبي احتراف هذا المجال مستقبلا.

 

قصة البيولوجيا.. تحليل ثقافي لعلم الحياة

undefined

يقدم هذا الكتاب، فقط في أقل من 120 صفحة، لمؤلفه الدكتور أحمد شوقي، أستاذ الوراثة بكلية الزراعة جامعة الزقازيق، فرصة جيدة جدا لتأمل حكاية البيولوجيا من وجهة نظر ثقافية، يهتم الكاتب خلاله بعرض العلامات الرئيسية في تاريخ هذا العلم وفلسفته، والكيفية التي يمكن أن ننظر بها إلى البيولوجيا، سواء كعلم منفصل ذي فلسفة خاصة، أو كحد المؤثرات المهمة في تغيير نظرتنا كبشر إلى ذواتنا والعالم من حولنا.

 

يهدف الكتاب الصغير إذن إلى صياغة تعريف ثقافي للبيولوجيا، ثم في الفصل الثاني ينتقل من خلاله إلى الاتجاهات الجديدة في مستقبل البيولوجيا، البيومعلوماتية أو البيولوجيا الحوسبية، وبيولوجيا النظم، إلخ، ثم ينتقل إلى حديث خاص عن دور البيولوجيا كموحد لبقية العلوم، سواء الجوانب الإنسانية، أو الكيمياء والفيزياء، ليصل إلى نتيجة تقول إن هذا "التلاقي" هو شفرة المستقبل في التقدم العلمي.

 

إذا لم تتمكن بسهولة من الحصول على هذا الكتاب التابع للمكتبة الأكاديمية المصرية، فيمكن لك أن تجد مادته كاملة في الجزء الأول من كتاب "ثلاث قصص علمية"، وسوف يفيدك حقا أن تتعرف إلى الجزأين التاليين، وهما قصة الوراثة، كأحد أهم المحطات في تاريخ البيولوجيا، وقصة التطور، تحدثنا عن هذا الكتاب بدرجة أكبر من التفصيل في تقرير سابق بعنوان "باللغة العربية: خمسة كتب تقدم لك التطور".

 

لا تزال فلسفة البيولوجيا حديثة نسبيا، لكنها بدأت بالفعل رحلتها وأصبحت اهتماما أكاديميا رائجا، بل شهدت تفرعا وتخصصا بداخلها
لا تزال فلسفة البيولوجيا حديثة نسبيا، لكنها بدأت بالفعل رحلتها وأصبحت اهتماما أكاديميا رائجا، بل شهدت تفرعا وتخصصا بداخلها
 

الكتاب بسيط، لا يغوص كثيرا في الجوانب الفلسفية والتاريخية، أو حتّى أي من تقنياتهما، وهو مقدم بالأساس كمقالين طويلين جدا للمبتدئين، لذلك فوظيفته هنا، بين أربعة كتب أكثر تخصصا بفارق واضح، هي إعطاؤك فكرة عامة كقارئ لا تهتم بالغوص في مناطق أكثر عمقا عن تاريخ هذا العلم وفلسفته، عن طريق دفعك إلى فهم الأسئلة التي تطرحها البيولوجيا على العلم وعلى الفلسفة، وعليك كإنسان مُتضمن بالتأكيد في تلك القضايا.

 

ويمكن كذلك، في النقطة نفسها المتعلقة بتاريخ البيولوجيا تحديدا، أن تُلقي نظرة على كتاب: "البيولوجيا.. تاريخ وفلسفة"، لمؤلفه دينيس بويكان، والذي يهدف إلى توضيح فكرة مهمة واحدة، وهي أن فلسفة تاريخ البيولوجيا -مثل فلسفة العلوم بشكل عام- يمكن لها أن تُثري الفكر المعاصر، بحد تعبير مؤلف الكتاب، وتنير في الوقت نفسه خيارات الأخلاقيات البيولوجية والخيارات السياسية المسؤولة عن مستقبل هذا المجال، يعرض الكتاب لتاريخ مجموعة من أهم الموضوعات في تاريخ البيولوجيا كالوراثة، والتطور، من وجهة نظر فلسفية، بجانب ذلك يقدم الكاتب آراءه الخاصة عما يسميه بالنظرية التآزرية للتطور ونظرية المعرفة البيولوجية الخاصة به.

 

بسبب خصوصيتها الشديدة، تحتاج دراسة الظاهرة الحية إلى منهجية مختلفة في التقصّي، ويستتبع ذلك وجود فلسفة مستقلة لفهم وتفسير ونقد تلك المنهجية والمكتشفات الناتجة عنها وأثرها على الفروع المعرفية الأخرى، لا تزال فلسفة البيولوجيا حديثة نسبيا، لكنها بدأت بالفعل رحلتها وأصبحت اهتماما أكاديميا رائجا، بل شهدت تفرعا وتخصصا بداخلها.

المصدر : الجزيرة