منتخبات أفريقيا.. أجيال القارة السمراء (1/2)
ربما تكون الكلمة المناسبة لوصف التشكيلات الجيدة من فرق المنتخبات هي كلمة "أجيال".،وخاصة في القارة الأفريقية التي شهدت عدة أجيال شديدة التميّز استطاعت أن تسجل انتصاراتها الأفريقية وفي كأس العالم. ولعل آخر هذه الأجيال منتخب الجزائر الذي قدّم أداء لافتًا في كأس العالم 2014.
حقق المنتخب الجزائري نتيجة عريضة في الجولة الثانية من دور المجموعات على المنتخب الكوري الجنوبي بالفوز 4-2، ليصبح أول منتخب أفريقي يستطيع إحراز ما يزيد على ثلاثة أهداف في مباراة واحدة بكأس العالم. وقدّم أداء مميزًا في دور الـ16 أمام منتخب ألمانيا، وخرج بصعوبة بالخسارة 2-1 بعد شوطين إضافيين.
ومنتخب الجزائر في 2014 لم يكن الجيل الأول في منتخبات أفريقيا التي تستطيع إحداث الفارق في كرة القدم الأفريقية والعالمية.
تأهل الأسود لاحقًا إلى دور الـ16 لمواجهة منتخب كولومبيا، واستطاعوا تجاوزهم بمساعدة روجيه ميلا الشهير بعد أن أحرز هدف الفوز في الوقت الإضافي، ليصبح أكبر لاعب يسجل في تاريخ البطولة بسن 42 سنة.
وخرجت الكاميرون بصعوبة أمام المنتخب الإنجليزي في مباراة ربع النهائي بعد أداء يصعب نسيانه.
رشيدي ياكيني، إيمانويل أمونيكي، صنداي أوليسى، دانييل أموكاشي، جاي جاي أوكوشا.. إنه الجيل الذهبي لمنتخب النسور في كأس العالم 1994، وصاحب النتيجة الأكبر حينها في تاريخ منتخبات أفريقيا في كأس العالم 3-0 أمام المنتخب البلغاري في أولى مباريات نيجيريا في تاريخها بكأس العالم. وصل ذلك الفريق إلى دور الـ16 وخرج أمام إيطاليا بنتيجة 2-1 بعد أن جاء متصدرًا في مجموعته التي ضمّت بلغاريا والأرجنتين واليونان. لكنه كان تمهيدا لأولى الإنجازات الأفريقية الكبرى بعدها بعامين في أولمبياد أطلنطا 1996.
إنها إحدى البطولات التي يمكن وصف أداء النسور فيها بأنه كان موعدًا مع التاريخ. فقد تعرضت نيجيريا حينها لكل الظروف التي تستطيع أن تؤدي إلى هزيمة أفضل فرق كرة القدم، لكنهم فازوا بالذهب في النهاية. بدأ الأمر بمجموعة ضمّت المرشح الأول للفوز وهو منتخب البرازيل بأسماء مثل رونالدو وريفالدو وبيبيتو وروبرتو كارلوس، ومعهم منتخب المجر ومنتخب اليابان. واستطاع النسور الفوز على المجر واليابان، وتأخروا أمام البرازيل بهدف للظاهرة رونالدو. لكنهم استطاعوا في النهاية التأهل ثانيًا عن المجموعة بفارق الأهداف. وفي مباراة دور الثمانية أمام المكسيك، تعرض أحد لاعبيهم للطرد، ولكنهم استطاعوا الفوز بنتيجة 2-0 والتأهل للمربع الذهبي ولقاء البرازيل مجددًا!
استطاع كانو في هذه المباراة أن يقلب التأخر 3-1 إلى تعادل 3-3 بهدفه في الدقيقة 90 لتذهب المباراة إلى الهدف الذهبي. وكانت أربع دقائق فقط كافية ليفعلها كانو مرة أخرى، وها هم في النهائي. وهناك كانت الأرجنتين بتشكيلة أسطورية ضمّت أسماء مثل زانيتتي وآيالا ودييغو سيميوني وأورتيغا وكريسبو، وضربة جزاء خاطئة احتسبها كولينا شخصيًا، ولكن عندما صفّر لنهاية المباراة كانت صافرته إعلانًا لأول ذهبية في تاريخ أفريقيا عالميًا.
مشوار نيجيريا في أولمبياد الألعاب الصيفية 1996:
عمد ميتسو حينها إلى سجلات اللاعبين المسجلين في الاتحاد السنغالي، وطلب ضم مجموعة من اللاعبين لم يرغب الاتحاد في استدعائهم بسبب مشاكل الانضباط، لكنه نجح في النهاية، وبدأ جيل منتخب السنغال الجديد: توني سيلفا (حارس المرمى)، عمر داف، بابا سار، بابا ماليك ديوب، هنري كامارا، سليماني كمارا، خاليلو فاديغا، لامين دياتي، وبالطبع الحاج ضيوف. ولم توفق هذه الأسماء التي شارك معظمها في بطولة عام 2000، ولم يستطع الفريق تجاوز دور ربع النهائي. بدأت دعوات إقالة المدرب حينها، وإيجاد بديل قبل تصفيات كأس العالم في المجموعة التي ضمت مصر والمغرب مع السنغال. ولكن الاتحاد جدد الثقة وبدأت حقبة الجيل الذهبي للسنغال.
استطاع برونو ميتسو أن يصعد بهذه المجموعة لكأس العالم لأول مرة في تاريخ السنغال، متغلبًا على تاريخ المنافسين الكبار. واستطاع أن يصل للمباراة النهائية في أمم أفريقيا 2002 لأول مرة في تاريخ السنغال أيضًا، لولا أن ضربات الجزاء فضّلت منتخب الكاميرون حينها.
وعند هذا الحد بدا أن الفرنسي قد أتم المهمة التي جاء من أجلها، لكن ما حدث عقب ذلك كان هو السحر بعينه. لقد قاد الساحر الأبيض هؤلاء الشباب في فوز افتتاحي في مباراة كأس العالم أمام منتخب فرنسا أبطال 1998؛ بهدف بوبا ديوب، ثم تعادلين مع الدنمارك وأورغواي كانا كافيين كي يصعد الأسود لدور الـ16 لمواجهة السويد. وكانت المفاجأة حين إذ عندما فازت السنغال بالهدف الذهبي لهنري كامارا. وفي دور الثمانية كانت تركيا هي العقبة التي أوقفت مشوار الحاج ضيوف ورفاقه في الشوط الإضافي الأول.
لم يستمر مشوار برونو ميتسو طويلاً مع السنغال طويلاً بعد ذلك. لكنه تحوّل إلى بطل قومي ومؤسس حقيقي لحقبة كروية مازالت ممتدة مع أسود التيرانغا حتى الآن.