شعار قسم ميدان

ميركاتو يناير.. أغرب الانتقالات في التاريخ (1)

midan - zidan

يقولون أن أسهل شيء في العالم هو الحكمة المتأخرة؛ عندما ينظر الناس لأحداث الماضي وخدعه ليسخروا من سذاجة الآخرين، في يقين راسخ بأنهم لم يكونوا ليقعوا في نفس الفخ، ربما لأن هذا يمنحهم شعورًا زائفًا بالتفوق والذكاء.
 

لكن كل هذا لا يمنع أن موسم الانتقالات الشتوي في يناير من كل عام يظل المناسبة الأفضل لقليل من الحكمة المتأخرة، بتذكر الفِخاخ التي وقع فيها رؤساء الأندية والمديرون الفنيون سابقًا، وحرمتهم من تعاقدات كانت لتدخلهم التاريخ من أوسع أبوابه، أو تلقي بهم في ساحته الخلفية.
 

ليلة ممطرة في ميدلزبرة

undefined

قبل أن يطلق "آندي جراي" أحد أشهر العبارات في تاريخ اللعبة الحديث عن إمكانية أن "يفعلها ميسي في ليلة ممطرة باردة في ستوك"، كان شيئًا مشابهًا على وشك الحدوث مع زين الدين زيدان قبيل انتقاله من بوردو الفرنسي ليوفنتوس الإيطالي في منتصف التسعينيات.
 

كان "بلاكبرن" الإنجليزي قد فرغ لتوه من اكتساح إنجلترا بحصوله على لقب البريمييرليج لموسم 1995-1996 فيما شابه المعجزة بقيادة "آلان شيرر" و"كريس ساتن" مهاجمي الفريق، وصناع لعب مهرة كـ"تيم شيروود"، وملياردير بريطاني هو "جاك ووكر"، والذي جعلت أمواله كل ذلك قابلًا للتحقيق في المقام الأول.
 

اقترح "كيني دالجليش" أسطورة الريدز ومدرب بلاكبرن آنذاك التعاقد مع الموهبة الفرنسية الصاعدة، قبل أن يرفض "ووكر" مطلقًا واحدًا من أعقد الألغاز التي فشل الجميع في حلها حتى الآن؛ لماذا نتعاقد مع هذا الـ"زيدان" ونحن نمتلك لاعبًا كـ"تيم شيروود"؟
 

في محاولة متأخرة للإجابة على سؤال "ووكر"؛ أجرى موقع "Dream Team FC" بحثًا مثيرًا باستخدام مصفوفة الاحتمالات الخاصة بلعبة فوتبول ماناجر "Football Manager"، قام محرريه بنقل زيدان لبلاكبرن في 2001 بدلًا من ريال مدريد، وانتظار النتائج المتوقعة بناءً على إمكانياته وإحصائياته من قاعدة بيانات اللعبة التاريخية.
 

في 442 المسطحة المميزة للكرة الإنجليزية آنذاك، اتخذ زيزو موقعه بجانب الارتكاز التركي "توجاي" بينما احتل "داميان داف" و"هيجنيت" الأطراف، خلف ثنائي هجومي من "يانسن" و"بنت"، وكانت حصيلته من الموسم الأول هي 8 أهداف و9 تمريرات حاسمة من 39 مباراة في كل المسابقات، في موسم توج به مانشستر يونايتد واحتل "هنري" و"ريبروف" صدارة هدافيه وانتهى بحلول الـ"روفرز" في المركز الخامس عشر، لأن طبقًا لـ"فوتبول ماناجر"؛ فإن زيدان لم يتمكن من فعلها في الكثير من الملاعب الباردة الممطرة.
 

بالطبع خَلَت تشكيلة الموسم من اسم زيزو بعد عروضه المتوسطة، فقدم الفرنسي المحبط طلب انتقال وبدأت العروض تنهال من كل حدب وصوب لينتهي به الحال في ميلان مقابل 11 ونصف مليون باوند، والمثير أن النادي الإيطالي في الواقع كان يتم تعاقده وقتها مع لاعب آخر في نفس المركز هو البرتغالي "روي كوشتا" مقابل ما يعادل 42 مليون يورو آنذاك، وكان تقريبًا في نفس عمر زيزو، وحتى الآن لا يعلم أحد لماذا لم يفكر الروسونيري في "تيم شيروود".
 

الطبيعة الأم
روبرت ليفاندوفسكي (وكالة الأنباء الأوروبية)
روبرت ليفاندوفسكي (وكالة الأنباء الأوروبية)

في 2010 وضع "بلاكبرن" عينه الخبيرة على مهاجم "ليخ بوزنان" البولندي "روبرت ليفاندوفسكي"، تم الاتفاق على كافة التفاصيل وكان "سام آلاردايس" في قمة الحماس لمهاجمه الجديد الذي لم يكلفه إلا 4.2 مليون باوند فقط.
 

قطع "ليفا" تذكرته ولكن رحلته ألغيت بسبب ثورة البركان الأيسلندي "إيافيالايوكول" – نعم هذا اسمه – المفاجأة، ما أدى لاحقًا لإلغاء الصفقة برمتها بعد تفضيل البولندي لعرض دورتموند المتأخر.
 

في 2013 سُئل الـ"بيج سام" عما إذا كان مازال يندم على عدم ضمه فقال "نعم، أشعر بالمرارة في كل مرة أشاهده يلعب".
 

للأسف لا نستطيع إلقاء اللوم على "ووكر" أو "شيروود" هذه المرة، وبالطبع لا نستطيع لوم بركان بهذا الاسم على ثورته.
 

اختبار آرسنال
آرسين فينجر.. مدرب نادي آرسنال الإنجليزي.
آرسين فينجر.. مدرب نادي آرسنال الإنجليزي.

بالطبع لا مجال للحديث عن الحكمة المتأخرة دون ذكر "آرسن فينجر" الملك المتوج بلا منازع في هذا الصدد، الفارق الوحيد هنا هو أن حكمة "فينجر" المتأخرة خالية من الحكمة، بالإضافة لأنها ليست متأخرة كذلك، يمكنك اعتبارها حماقة مبكرة إن جاز التعبير؛ فمنذ 2005 تقريبًا والرجل يفوت كل فرصة متاحة للتعاقد مع لاعب عالمي ثم يؤكد لاحقًا أنه كان أقرب لضمه ليصيب المزيد من مشجعي النادي بارتفاع الضغط والأزمات القلبية.
 

في يونيو الماضي، قام محررو الـ"ميرور" بوضع تشكيلة آرسنال الحالية لو لم يكن "فينجر" حكيمًا لتلك الدرجة التي يدعيها، لتضم بوفون في المرمى، بيكيه، كومباني وروبرتو كارلوس في الدفاع، ثم ألونسو، توريه ودي ماريا في الوسط خلف رباعي هجومي كاسح من ميسي، رونالدو، دروجبا وبالطبع زلاتان إبراهيموفيتش الذي لم يكن "فينجر" يعلم أنه لا يخضع لاختبارات أي نادي، بل أن زلاتان هو من يختبر الأندية ثم يقرر الانضمام من عدمه.
 

حتى الفشل في ضم زلاتان لم يشفي "فينجر" من إدمانه، فتوجه لـ"جاي ديميل" الإيفواري كبديل، والذي كان يظن نفسه مهاجمًا بدوره آنذاك، قبل أن يمنحه "فينجر" قليلًا من حكمته ويكتشف أن مكانه الأنسب في الدفاع، ليستكمل مسيرته التي مازالت مستمرة للآن في هذا المركز.

جالاكتيكوس +1
"إديسون أرانتيس دي ناشيمنتو" أو "بيليه".

يظل أحد ألغاز كرة القدم الكبرى هو إحجام "إديسون أرانتيس دي ناشيمنتو" أو "بيليه" عن حمل موهبته لأحضان القارة العجوز واكتفائه باللعب لـ"سانتوس" عبر 19 عامًا قرر بعدها الرحيل للولايات المتحدة للعب لـ"نيو يورك كوزموس" وهو في الرابعة والثلاثين من عمره، ولكن في أكتوبر 2015 كشف "بيليه" لعدد من الصحف البريطانية عن رغبة كل من ريال مدريد، ميلان، ومانشستر يونايتد في ضمه في منتصف الستينيات، الأمر الذي لم يمثل إغراءً له؛ مفضلًا البقاء مع فريق طفولته البرازيلي.
 

يقول "بيليه" أن وقته كان مختلفًا عن الزمن الحالي؛ بالطبع يحتاج أي لاعب كرة محترف للتعيّش من موهبته، ولكن أداء "سانتوس" الرهيب آنذاك جعل ترك النجاح أصعب على الجوهرة البرازيلية.
 

استباقًا لتصريحاته، قام محررو "Bleacher Report" في 2013 بتخيل احتمالية لعب "بيليه" في أحد أندية أوروبا الكبيرة، وعبر تحليل طويل لمسيرته وظروف عدد من تلك الأندية، توصلوا لأنه كان سيكون القطعة المفقودة في "جالاكتيكوس" الميرينجي في 1966، عقب كأس عالم مخيبة أبعدته عنها إصابة في الأدوار الأولى، وبعد خروج "دي ستيفانو" من الفريق وتراجع أداء الميرينجي الأوروبي بالإقصاء المتتالي على يد "إنتر ميلان"، "سبارتا براج" و"رابيد فيينا" على الترتيب، والأهم على الإطلاق وهو أن هداف الفريق "بوشكاش" رحل بالفعل عن مدريد في هذا الصيف، ما كان سيمهد الطريق لسقوط قطعة "بيليه" المنقوصة في "بازل" الريال، كنادي اعتمدت سياسته منذ عصره الذهبي الأول في الخمسينيات على جلب نجوم العالم بمبالغ قياسية.
 

رغم كل ذلك صرح "بيليه" للـ"تليجراف" أنه في حال كان قادرًا على اللعب الآن، كان اختياره سيقع على برشلونة أو أرسنال، لأنهم الأقرب لطريقة لعب "سانتوس" آنذاك وهم أشبه فريق ببرازيل السبعينيات، ولأنه "يحب الفرق التي تعتمد على اللعب الهجومي المفتوح" على حد تعبيره.
 

"سيميوني" يشعر بالحزن مع 3 آخرين.

 

لديه بريمييرليج؟ لا؟ شكرًا
إدينسون كافاني (رويترز)
إدينسون كافاني (رويترز)

في العقد الأخير كان البريمييرليج هو الوجهة المفضلة لأغلب لاعبي العالم، وبالطبع كان من ضمن هؤلاء اللاعبين "إدينسون كافاني" و"راداميل فالكاو".
 

في 2009 كان الأول على وشك تقديم أفضل مواسمه مع "نابولي" والثاني لم يكن قد أتم انتقاله لـ"بورتو" بعد، والثنائي كان يريد الانتقال لإنجلترا بأي طريقة ممكنة حتى لو كانت فتح المفاوضات مع "أستون فيلا" بشكل شخصي.
 

كان "باليرمو" على استعداد لبيع "كافاني" بأقل من قيمته الحقيقية المقدرة بـ12.5 مليون باوند، بينما لن يكلف "فالكاو" أكثر من 5 أخرى، وأتيحت الفرصة أمام "مارتن أونيل" – المدير الفني لأستون فيلا آنذاك – للتعاقد مع الثنائي بإجمالي 15 مليون باوند، ولكنه رفض طواعية وهو في كامل قواه العقلية لأنه أراد مهاجمًا "يعرف البريمييرليج"، فاختار ضم المخضرم ذي الـ31 عامًا "إيميل هيسكي"، وكافأه الأخير بثلاثة مواسم أسطورية أحرز فيها 9 أهداف كاملة في 92 مباراة، متفوقًا على رقمه الشخصي السابق بـ15 هدفًا في 82 مباراة مع "ويجان أثلتيك"، والذي انضم منه لـ"أستون فيلا" في المقام الأول، لأن التأقلم مع أسلوب لعب إنجلترا هو أهم شيء في العالم، حتى وإن لم يساعدك على تجاوز حاجز الـ10 أهداف في آخر 5 مواسم برغم كونك مولود هناك.

المصدر : الجزيرة