شعار قسم ميدان

نابولي وإنتر ميلان.. أن تلعب كما يتطلبه الأمر

ميدان - أنتر - نابولي
بسيناريو متوقع للغاية من الطرفين، خرج إنتر ميلان من ملعب نابولي "سان باولو" بنقطة التعادل السلبي، في إطار منافسات الأسبوع التاسع للدوري الإيطالي.

تعادل قد يبدو في صالح يوفنتوس حامل اللقب، إلا أنه في الوقت ذاته لا يضر النيراتزوري الذي ما كان ليجرؤ على مهاجمة خصمه تحت أي بند طالما لم تتلق شباكه الهدف الأول، فلا بأس على الإطلاق خلال تلك البداية بتفادي الهزيمة في ملاعب الكبار مع جمع أكبر عدد ممكن من النقاط فيما دونها من المباريات.


تشكيل الفريقين وتقييم اللاعبين (هو سكورد)
تشكيل الفريقين وتقييم اللاعبين (هو سكورد)


بأي ثمن..

تحدثنا سابقا عن مدى "إيطالية" لوسيانو سباليتي مدرب إنتر ميلان في المواعيد الكبرى، وعليه لم يكن مفاجئا نسقه الدفاعي الذي حاول فرضه من البداية للنهاية، فنقطة من عقر دار المتصدر الحالي لن تضر أبدا، خاصةً وإن عنت فشل نابولي في الفوز للمرة الأولى بالدوري هذا الموسم.

وعليه أقحم سباليتي نفس التشكيل الذي انتصر له بديربي ميلانو 3-2 الأسبوع الماضي دون أي تعديلات، بينما أتى ماوريسيو ساري مدرب نابولي بنفس التشكيل الذي انتصر له على روما أيضا، والذي كان قد غير منه عنصرين في قمة دوري أبطال أوروبا أمام مانشستر سيتي، حين أشرك دياوارا وزيلينسكي بدلا من ألان وجورجينيو.

الخريطة الحرارية للفريقين - تراجع كبير لإنتر أمام تقدم نابولي (هو سكورد)
الخريطة الحرارية للفريقين – تراجع كبير لإنتر أمام تقدم نابولي (هو سكورد)

ربما يمكن تصنيفها بواحدة من مواجهات الدفاع ضد الهجوم، حيث يتقاسم إنتر مع نابولي وروما لقب الأقوى دفاعا بـ5 أهداف في مرمى كل منهما، بينما تراجع نابولي خطوة للوراء ليصبح ثاني أقوى هجوم بعد سداسية يوفنتوس في شباك أودينيزي. وعليه لم يكن مفاجئا أن يكون سباليتي راضيا عن تلك النقطة أمام أحد أفضل فرق أوروبا في الخروج بالكرة إلى الأمام.

متوسط تمركز اللاعبين - فقط كاندريفا وإيكاردي أمام خط منتصف الملعب من جانب إنتر(هو سكورد)
متوسط تمركز اللاعبين – فقط كاندريفا وإيكاردي أمام خط منتصف الملعب من جانب إنتر(هو سكورد)

من الخريطة الحرارية السابقة يمكن استقراء حجم السيطرة التي يتمتع بها نابولي على الكرة في نصف ملعب الخصم، والتي يوضحها بشكل أكبر توزيع الكرة على أثلاث الملعب، حيث أمضت 16% فقط في ثلث صاحب الأرض الدفاعي مقابل 36% في ثلث إنتر الدفاعي، فقط 8% أقل مما أمضته في الثلث الأوسط.

مناطق تواجد الكرة بين أثلاث الملعب  (هو سكورد)
مناطق تواجد الكرة بين أثلاث الملعب  (هو سكورد)

وإن كان هذا النسق يمنح الفريق المُدافع أفضلية تضييق المساحات والزيادة العددية الدائمة في المواقف الدفاعية لاحتواء خطورة الخصم، إلا أنه يهدده باقتراب المنافس من مناطقه وخاصةً إن كان فريقا يمتلك الكثير من الحلول مثل البارتونيبي، وهنا تظهر قيمة الحارس الحاسم كرجل المباراة سمير هاندانوفيتش صاحب التصديات الخمسة، والذي تصدى لكل شيء حتى تسديدة زميله المدافع جواو ميراندا!

الجانب الأوحد

في مواجهة تلك الحقائق عمل سباليتي كعادته على إلزام أظهرته بتعليمات تكتيكية مشددة بعدم التقدم، وهو ما تبينه خرائطهم الحرارية خاصة دامبروزيو الذي قضى مباراته كاملةً في مواجهة ساخنة مع لورينزو إنسيني وانطلاقات فوزي غلام، إلى جانب تراص ثلاثي الوسط بما فيهم بورخا فاليرو صانع الألعاب كخط دفاع أمامي، حتى الأجنحة لم تسلم من تلك الأوامر خصوصا أنتونيو كاندريفا الذي بذل جهودا مضنية للحد من خطورة انطلاق الظهير الجزائري.

الخريطة الحرارية للأظهرة ناغاتومو ودامبروزيو (هو سكورد)
الخريطة الحرارية للأظهرة ناغاتومو ودامبروزيو (هو سكورد)
الخريطة الحرارية لثلاثي الوسط غاليارديني وفيسينو وفاليرو  (هو سكورد)
الخريطة الحرارية لثلاثي الوسط غاليارديني وفيسينو وفاليرو  (هو سكورد)

يبقى سؤالا مهما تُظهره كافة الأرقام والإحصاءات عن سر انحصار أغلب المباراة تقريبا بجهة واحدة من الملعب هي يسار نابولي ويمين إنتر، الذي استمرت المعركة بداخله دائما أبدا، ربما من المفهوم سر تمسك سباليتي بهذا الجانب كونه الأقوى دفاعيا على ناحيته والأضعف على ناحية غلام الهجومي بدلا من هيساي على الجهة المعاكسة، ولكن ماذا عن ساري؟

لماذا أمضى مدرب نابولي أغلب مباراته محاولا ضرب الجانب الأكثر تكتلا وصلابة رغم سوء مستوى ميراندا الواضح في المباراة وسوء مستوى ناغاتومو المعروف سلفا بكونه أضعف حلقات إنتر سباليتي؟ لا ميزة تُفضله على دالبرت حتى الآن سوى التزامه التكتيكي في ظل وضوح فارق الجودة الفردية بين الثنائي، وهو ما ظهر في بوارق انطلاقات كاليخون القليلة والخطيرة في الوقت ذاته، خاصةً وأن إنسيني ظهر بشكل سيء.

undefined

مناطق الهجمات ومناطق التسديد - أغلبية كاسحة لنفس الجبهة على الطرفين (هو سكورد)
مناطق الهجمات ومناطق التسديد – أغلبية كاسحة لنفس الجبهة على الطرفين (هو سكورد)

رغم إجادة دريس ميرتينز البارزة لوظيفة المهاجم الوهمي، أو بكلمات أدق تعلُّمه أصول الدور على يدي ساري، إلا أنه في مثل تلك المباريات تظهر الحاجة الماسة لمهاجم مميز داخل الصندوق خاصةً بالكرات الرأسية التي كاد نابولي أن يُنهي المباراة من خلالها، كم هو عاثر الحظ هذا البولندي أركاديوز ميليك الذي لا تنوي إصابات الركبة تركه وشأنه.

علامات على الطريق

بينما استُنزف ماريك هامسيك على اليسار هجوما ودفاعا، وبذل جورجينيو كل ما يملك من دقة وجودة وجهدا ليسانده في شكل مائل لنفس اليسار أيضا، وقع اختيار ساري على الأول لإجراء التبديل بإشراك بيوتر زيلينسكي بدلا منه، قبل 4 دقائق فقط من سحب ألان أقل لاعبي وسطه تأثيرا وفعالية وإقحام ماركو روغ على حسابه، وأخيرا حل أوناس بدلا من إنسيني على أمل تنشيط نفس جهة اللعب المستديمة.

على الجانب الآخر بادر سباليتي بسحب فاليرو أولا كعادته وإشراك جواو ماريو تجنبا لمساوئ إرهاقه، ثم أشرك جواو كانسيلو بدلا من كاندريفا في تغيير مستديم لتنشيط وتأمين اليمين، كان أكثر ضرورةً تلك المرة في ظل انحصار اللعب بهذا الجانب، وأخيرا على أمل الخطف السريع في اللحظات الأخيرة، حل إيدر مارتينز على حساب ماورو إيكاردي.

تألق كاندريفا على صعيد المراوغات بـ6 محاولات ناجحة من أصل 9، بينما لاقى الثنائي إنسيني وميرتينز فشلا نسبيا بـ3 مراوغات ناجحة من أصل 7 و8 على الترتيب.

undefined

على صعيد آخر يملك ثنائي يسار دفاع إنتر ناغاتومو وميراندا 5 تدخلات ناجحة بالعلامة الكاملة (3 و2 على الترتيب)، الأمر الذي يعود لقلة الاختبار على حساب الكفاءة في المقام الأول، خاصةً وإن نظرنا لأرقام الثنائي سكرينيار صاحب 7 تدخلات ناجحة من أصل 11، ودامبروزيو صاحب نسبة الـ50% بـ5 محاولات ناجحة من أصل 10.

دعم النيراتزوري أظهرته بتعاقدين جديدين إلا أن سباليتي لا يزال يستخدم الثنائي الذي وجده حين أتى بعد عدة تجارب تفضيلا للالتزام على حساب الإبداع بل وعلى حساب الجودة أحيانا، فدامبروزيو أيضا لا يلعب على حساب كانسيلو الخطير هجوميا إلا لمميزاته الخلفية.

بشكل كبير نجح سباليتي في استعادة هيبة إنتر المفقودة بلا عيوب تقريبا سوى ظهيريه، حيث يبرع في إدارة أدواته بعكس العديد من المدربين الذين تعاقبوا على هذا المنصب منذ رحيل جوزيه مورينيو، وهو بلا شك أحد المنافسين على لقب الكالتشيو لهذا العام إلى جانب نابولي ساري المستمر في المضي قدما، وفي ظل البداية غير الثابتة لمحتكر اللقب يوفنتوس يبقى السؤال: هل ستجد السيدة العجوز منافسةً حقيقية هذا الموسم؟ سؤال ينتظر ليلتي الأول والتاسع من ديسمبر، حين يصطدم البيانكونيري بنابولي وإنتر على الترتيب.