شعار قسم ميدان

6 عقبات تفصل روسيا عن النجاح بتنظيم مونديال 2018

An interior view shows the Otkrytie Arena stadium that will host 2017 FIFA Confederations Cup and 2018 FIFA World Cup matches, in Moscow, Russia October 6, 2016. REUTERS/Maxim Zmeyev

خرج يوم الأربعاء الماضي تقرير من هيومان رايتس ووتش بعنوان: "كارت أحمر؛ استغلال عمال البناء بمدن كأس العالم في روسيا" (1). يسرد المحققون فيه طوال 46 صفحة مشكلات عماليّة مثل تأخر الأجور والعمل في ظروف شديدة البرودة وتوقيع عقوبات على العمال. ثم طالب هذا التقرير الفيفا بضرورة تفعيل معاييرها في مراقبة بيئة العمل وأوضاع العمال. ولكن الفيفا ردت بأن تلك هي مسئولية السلطات الروسية المنظمة. وهذه السلطات المنظمة لم تأت بردٍ حتى الآن. وهذا على الرغم من تأكيداتٍ سابقة لفيتالي موتكو، وزير الرياضة ورئيس اللجنة المنظمة، بأن ظروف العمال ملائمة للغاية وتوافق معايير الفيفا.

وقع كل هذا قبل ساعات قليلة من انطلاق كأس العالم للقارات في روسيا، والتي تُعتبر بمثابة بروفة تمهيدية تجريها البلد المضيف قبل عام من المونديال. ثم يأتي هذا التقرير، فيكون أحد أسوأ أشكال الدعاية (2) السلبية لكأس العالم 2018 المأزوم. ويكون بمثابة إضافة لمشكلة أخرى من مشكلات روسيا المتراكمة والمتنوعة قبل إنطلاق المونديال.

 

رُعاة المونديال

قبل كأس العالم 2014 في البرازيل، كان عدد الرُعاة الرسميين 20 شركة ومؤسسة (3). وطمحت الفيفا في زيادة هذا العدد إلى 24 في روسيا 2018، ولكن قبل عام واحد من المونديال، لا يتخطى الرعاة 10 فقط. وهذا بعد انتهاء عقود الرعاية في 2014 بين الفيفا وشركات كُبرى مثل سوني وطيران الإمارات وكوكاكولا وماكدونالدز وأديداس، وقرار هذه الشركات بعدم تجديد العقود عقب فضيحة الفساد التي أطاحت برئيس الفيفا السابق في 2015 وأدت للقبض على العديد من المسئولين، وبعد مشكلات روسيا السياسية الخارجية في أوكرانيا وفي سوريا.

أحد المسؤولين في ألفا بنك وتميمة كأس العالم 2018 (غيتي)
أحد المسؤولين في ألفا بنك وتميمة كأس العالم 2018 (غيتي)

خسرت الفيفا 300 مليون يورو في العام الماضي، وهي على وشك خسارة 400 مليون هذا العام. وقد عجزت عن توفير رعاة أكثر للمونديال القادم. بحيث ما يقدمه الرعاة العشرة مجتمعين لا يتجاوز الـ 2 مليار دولار. وهو لا يغطى إلا القليل في حدث أُنفق عليه 15 مليار دولار حتى الآن. أما الرعاة المحليين فقد اقتصروا على مؤسسة واحدة، هي ألفا بنك. وبقية الشركات الروسية لا تفضل المغامرة في إنفاق العديد من المليارات في انتظار أرباح ربما لا تأتي. خاصة وأن اسم الفيفا يفقد رونقه كعلامة تجارية، (4) في الوقت الذي ترغب فيه الشركات بدعايا إيجابية قبل تنفيذ استثماراتها.

وهذه الحالة من محدودية الموارد قد تدفع السلطات الروسية في النهاية إلى الاقتطاع من ميزانية برامج الصحة والتعليم ومعاشات المتقاعدين من أجل إقامة المونديال.

 

الملاعب

عندما فازت روسيا بحق تنظيم المونديال عام 2010، لم تكن تمتلك أيًا من الاستادات الـ 12 التي طالبت بها الفيفا. حيث أن متوسط حضور الجماهير في الدوري الروسي لا يتجاوز 11 ألف و500 متفرج. بينما أقل حضور في مبارات كأس العالم يتخطى الـ 45 ألف. وهنا ظهرت المشكلة. فمدينة مثل سارناسك التي سوف تستضيف بعض مبارات نهائيات مونديال 2018 يقتصر عدد سكانها على 300 ألف نسمة، فما حاجتها لملعب كبير؟ خاصة إذا ما عرفنا أن ميزانية البرازيل، بلد الماراكانا، لإنشاء الاستادات في مونديال 2014 بلغت 4 مليار دولار. وإذا ما عرفنا أن الرعاة الرسمين تراجعوا عن ضخ الأموال اللازمة لأعمال الإنشاء. حينها ندرك مدى صعوبة الأمر. (5) وهو ما دفع الفيفا إلى خفض عدد الملاعب التي طالبت بوجودها إلى 10 فقط. وأوضح جوزيف بلاتر السبب حينها، في 2014، بأن روسيا لن تستفيد من تلك الملاعب بعد نهاية المونديال.

الأعمال في ملعب زينيت بمدينة بطرسبيرج استعدادًا لاستضافة المونديال وكأس القارات
الأعمال في ملعب زينيت بمدينة بطرسبيرج استعدادًا لاستضافة المونديال وكأس القارات
 

والآن مع كأس القارات، فهناك أربعة ملاعب أصبحت جاهزة لاستقبال البطولة. وهي ملاعب موسكو وسان بطرسبيرج وسوتشي وكازان. وقبل عام من المونديال فالعمل جارٍ من أجل اللحاق بمواعيد التسليم. وثمة اقتراحات باستخدام مدرجات قابلة للتركيب والفك، مثلما حدث في بعض ملاعب البرازيل. وهذا من أجل خفض التكلفة. ومن أجل تفادي وجود مدرجات غير مستخدمة في المستقبل بعد نهاية كأس العالم.

 

المسافات والمواصلات

تمتلك روسيا مساحة ضخمة، تساوي ما يقارب 1/6 من الأرض اليابسة للكوكب. ورغم تركز معظم المدن التي سوف تستضيف المونديال في الجانب الغربي من البلاد إلا أن المسافة بين أقصى المدن غربًا كلينينجراد وأقصى المدن شرقًا إيكاتيرنبيرج تتجاوز المسافة بين موسكو ولندن. والسفر بينهما بالقطار يستغرق حوالي 36 ساعة!


المدن المضيفة لكأس العالم 2018 في روسيا
المدن المضيفة لكأس العالم 2018 في روسيا

بالطبع سوف يلجأ العديد من المشجعين إلى رحلات الطيران الداخلية من أجل تقليل مدة السفر. لكن خطة الحكومة الروسية في مواجهة هذه العقبة (6) تتمثل في إنشاء شبكة من خطوط السكك الحديدية ذات القطارات السريعة بدلاً من القطارات الحالية. بحيث من المخطط أن تستطيع هذه القطارات تقليل مدة السفر بين موسكو وكازان إلى 3 ساعات ونصف بدلاً من 12 ساعة. والعمل في هذه الخطوط مازال مستمرًا حتى الآن قبل أقل من عام على انطلاق النهائيات.

 

العنصرية

في 23 أكتوبر 2013 تعرض يايا توريه لاعب مانشستر سيتي لهتافات عنصرية (7) من جماهير سيسكا موسكو على ملعب الفريق في روسيا. وهو ما دفع الفيفا إلى إغلاق جزئي للملعب في المباراة التالية للفريق العاصمي بشهر نوفمبر من ذات العام أمام بايرن ميونخ. وهو ما دفع اللاعب الإيفواري للتهديد بعدم القدوم إلى كأس العالم 2018 إن لم يكن واثقًا من عدم التعرض، وهو اللاعبين السمر، لهذه الإهانات العنصرية.

جماهير سبارتاك موسكو ترفع العلم النازي في إحدى مباريات الكأس المحلي 2013
جماهير سبارتاك موسكو ترفع العلم النازي في إحدى مباريات الكأس المحلي 2013
 

توريه لم يكن الأول في التعرض لموقف مماثل. حيث سبقه روبرتو كارلوس وكريستوفر سامبا الكونغولي. ففي 2011 تعرض الظهير البرازيلي العظيم إلى إلقاء ثمرة موز من المدجات كناية عن كونه قرد. وفي موسمين فقط تم تسجيل 100 حالة عنصرية في الكرة الروسية. (8)

في 2015 خرج أليكسي سميرتين بتصريح يقول فيه: لا توجد عنصرية في روسيا. وفي 2017 تم تعيين هذا الرجل رئيسًا للجنة تحقيقات عن العنصرية في كرة القدم الروسية. وهذا لأن الأمور تفاقمت. ولم يعد من السهل على السلطات أن تنفي كل هذا الكم من الحوادث العنصرية. خاصة بعد تصريح هالك لاعب البرازيل الذي قال أن العنصرية موجودة وواضحة في الكرة الروسية. لكنها فقط لم تكن تخرج للعالم قبل ذلك. و سميرتين الذي كان ينفي ذلك الأمر، تراجع الآن، ووعد ببذل كل جهوده من أجل مواجهة هذه المشكلات قبل كأس العالم.

 

الهوليجانز

في يورو 2016 وقعت صدامات عنيفة بين الجماهير الروسية والإنجليزية بمدينة مارسيليا في فرنسا. ووصف الإنجليز هذه الصدامات بالهجمات المنظمة والوحشية من المشجعين الروس. وخرج الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بإدانة واضحة للروس. وأصدر تحذيرًا بأن تكرار هذه التصرفات سوف يعني خروج المنتخب الروسي من البطولة. هذه الروايات لأحداث العنف في يورو أوروبا قد تثير الخوف من المشجعين الروس. لكن المرعب بحق هو الفيديو التوثيقي الذي صورته قناة (BBC) معهم. وأظهر للعالم الرواية من وجهة نظرهم، وكان بعنوان: جزارو أوريول.



"عندما نتصرف بصورة طيبة لن يتذكرنا أحد. أما عندما نتصرف بعنف، فلن نُنسى."

"لقد ذهب بعض الشباب الإنجليزي إلى فرنسا من أجل المرح والصياح وإلقاء الزجاجات. أما نحن فقد ذهبنا بتحدٍ واضح لهزيمتهم والعبث بهم. كان الأمر يشبه مواجهة بين 200 محترف و2000 من الهواة."

"لماذا تعاركنا مع الإنجليز؟ .. لقد كنا نبحث عن المجد والشرف في هذا القتال!"

هذه هي عينة من الكلمات التي قالها الهوليجانز الروس تعليقًا على مواجهتهم لجماهير الإنجليز. وإصابة العديد منهم؛ أطفال وكبار. هذه الكلمات خرجت من مشجعي كرة قدم، وليست جمل حوارية في مسلسل (Game Of Thrones) مثلاً. ربما لا يجب تعميم تلك الحالة على كل مشجعي منتخب الدب، ولكن هذه عينة معتبرة من الجماهير التي ستشغل استادات كأس العالم 2018 في روسيا. (9)

 

المنتخب الوطني

في نوفمبر الماضي خسر المنتخب الروسي بنتيجة 2-1 وديًا أمام منتخب قطر. فخرج فلاديمير بوتين محبطًا وقال أن المنتخب الوطني الروسي لم يقدم شكلاً مقنعًا منذ فترة طويلة جدًا. فبعد تفكك الاتحاد السوفييتي في التسعينات، تأهلت روسيا 3 مرات فقط لكأس العالم. وخرجت من الدور التمهيدي في كل مرة. ولم تعرف الفوز إلا في مناسبتين. أما اليورو فقد تأهلت لها 5 مرات، وخرجت من الدور الأول أيضًا فيهم جميعًا إلا مرة واحدة في 2008، عندما بلغت الدور نصف النهائي تحت قيادة الهولندي جوس هيدينك.

في يورو 2016 خرج المنتخب الروسي من دوري المجموعات بنقطة وحيدة. (10) واستقبلت شباكه 6 أهداف ولم يستطع هز شباك الخصوم إلا مرتين. مما دفع المدرب ليونيد سلوتسكي إلى وصف أداء فريقه بعد الخسارة 3 – 0 أمام ويلز بقوله: We are shit. ووصل المنتخب الروسي إلى الترتيب 61 عالميًا. وهو أقل ترتيب يصل إليه منذ ظهور ترتيبات الفيفا. أي أنه أقل من منتخب بنما وأوزباكستان. نهاية .. حظوظ الروس ضعيفة جدًا في الظهور بصورة لائقة في كأس القارات وكأس العالم. وهو ما يعني احتمالات قلة إقبال الجماهير المحلية على مباريات كأس العالم. ويعني أيضًا حوادث شغب جماهيرية منتظرة.

المصدر : الجزيرة