شعار قسم ميدان

كريم بنزيما.. حينما يتحول تفريغ المساحات لتفريغ غضب الجماهير

midan - كريم بنزيمة
الوضع كالتالي: برشلونة حقق للتو سداسية غير مسبوقة في تاريخ الأندية، وريال مدريد في حاجة إلى رد سريع وحاسم، ربما أكبر رد احتاجه أي ناد في تاريخ اللعبة.. بيريز يفوز بانتخابات الرئاسة في منتصف مايو، ثم يقضي شهرًا ونصف الشهر في تجهيز الرد بمجرد فتح باب الانتقالات. صاحبا "البالون دور" في آخر موسمين أصبحا لاعبين في صفوف ريال مدريد ولم يتبق إلا حلول الأول من يوليو لتفجير القنبلة في وجه الكتلان.

 

كل شيء رائع ويسير وفقًا للخطة الموضوعة، لكنّ بيريز يتذكر أنه لم يضم أي مهاجم هذا الصيف، وهو يحب المهاجمين كما تعلم، لذا يقرر البحث عن صفقته التالية في قوائم هدافي القارة؛ أنيلكا أكبر سنًا من أن يبدأ مسيرة جديدة في مكان آخر، وكذلك فورلان، وإيتو يستعد للرحيل عن البرسا لكنه لن يلعب لريال مدريد ولو كان آخر نادٍ في العالم(1). بذلك يتبقى ثلاث خيارات واضحة يتحدث عنها الجميع في أوروبا: ديفيد فيا، ثالث هدافي الليغا وهداف اليورو الأخيرة، والذي خرجت عدة تقارير تؤكد أنه قد أتم اتفاقه مع برشلونة لينضم إليه في الموسم المقبل وزلاتان إبراهيموفيتش(2)، نجم إنتر وهداف الكالتشيو، الذي يبدو خيارًا مناسبًا على كل الأصعدة، وكريم بنزيما، الذي سيتطلب الحصول عليه خوض معركة شرسة مع عدد من كبار القارة، يتقدمهم مانشستر يونايتد(3)

 

صدّقْ أو لا تصدق، عند لحظة معينة كان هناك "عدد من كبار القارة يتقدمهم مانشستر يونايتد" في صراع على كريم بنزيما، وصدق أو لا تصدق أن أسماء هؤلاء الكبار ضمت إنترميلان وبرشلونة نفسه، وأن فيرغسون كان يفضل الفرنسي على خيارات مثل فيا وإيتو، ليس فقط للصعوبات الإجرائية التي قد تصاحب التعاقد مع أي من الثنائي، بل كذلك لأن بنزيما كان الوحيدَ بينهم الذي يوفر خيارًا استثماريًا طويل الأمد لكونه يصغرهم سنًا بستة أعوام كاملة، ولأنه سجل 12 هدفًا في 19 مباراة في دوري أبطال أوروبا، وبالطبع لأن أحد تلك الأهداف كان من تسديدة يسارية رائعة في مرمى فان دير سار.

 

 هدف بنزيما أمام مانشستر يونايتد بقميص ليون

 

المسكوت عنه

هناك ثلاث مغالطات بديهية للغاية يتعمدها الجميع تقريبًا عند الحديث عن بنزيما، سواء كان في أفضل حالاته أو أسوئها؛ أولها بالطبع هو اعتباره مهاجمًا تقليديًا تنحصر أدواره في تسجيل الأهداف، وثانيها هو التعامل مع رونالدو وكأنه جناحٌ تقليدي بدوره، وثالثها بالتبعية هو الافتراض بأن استبدال كريم بمهاجم آخر من طراز ليفاندوفسكي أو أغويرو أو سواريز سيحل المشكلة.

 

تلك الأخيرة نالت كل الضربات المنطقية الممكنة في سنوات رونالدو في إسبانيا، في الواقع أنت لا تحتاج أكثر من النظر إلى الجهة المقابلة لتدرك مدى سذاجتها، وستجد أن هناك مهاجمين عظماء، من طراز هنري وفيا، لم ينجحوا في المحافظة على نفس معدلاتهم التهديفية السابقة عندما كانوا نجوم شباك أنديتهم، وآخرين، مثل إيتو ونيمار، حققوا أفضل مواسمهم في وجود ميسي ولم يمنعهم ذلك من الرحيل، وغيرهم وُلدت تجاربهم ميتة مثل زلاتان، والمفارقة بالطبع أن كل هؤلاء كانوا نجومًا تمناهم أنصار "الميرينغي" بدلًا من بنزيما.

 

طوال تلك الفترة كانت حرب التنافس بين الثنائي الأشهر أشبه بالعاصفة، ولا أدل على ذلك من إحصائية أخرى مرعبة لم تسمع عنها من قبل، تقول إنه منذ صيف 2009 وحتى اللحظة، فإن كلًا من رونالدو وميسي قد نجحا -تقريبًا- في معادلة حصيلة أعضاء هجوم فريقيهما الإجمالية، ففي تلك السنوات الثمانية سجل رونالدو 422 هدف بينما سجل رفاقه في الهجوم 467 هدفًا في نفس الفترة،  بينما كان أمرٌ مماثل يجري مع ميسي في كتالونيا بـ471 للفريق ككل، بينما سجل "البرغوث" 446 هدفًا.

 

من بين كل هؤلاء النجوم كان بنزيما هو الوحيد الذي قرر العمل بنصيحة كونفوشيوس؛ فقط الحشائش القصيرة المرنة تنجو من العاصفة، أما الأشجار العالية القوية فتُقتلع من جذورها(4)، ولذا كان هو الأنجح في الاستمرار رفقة "الدون". بالطبع يمكنك أن تضيف عدة أسماء للقائمة، مثل بيل وسانشيز، ولكن حتى هؤلاء لقوا المصير نفسه لأسباب مختلفة، تنوعت ما بين الإصابات المتتالية في حالة الأول والحاجة إلى تمويل صفقة سواريز في حالة الثاني(5)

 

يمكنك تسويد مجلد كامل من الدلائل على هذا الأمر؛ أغويرو الذي يعرب عن ضيقه الدائم من منافسة جيسوس، وليفاندوفسكي الذي لم ينسجم إلا مع بنزيما آخر لا يطمح في دور الهداف كمولر، وسواريز، الذي ينفجر كلما خرج ميسي إلى الجناح ويعاني كلما عاد إلى العمق. وبالطبع كافاني، الذي يلعن العاصفة في سره كل يوم، لأنها اقتلعت شجرة زلاتان وزرعتها مرة أخرى في منطقة جزاء باريس وأهدرت ثلاث سنوات من عمره على الجناح، ثم أرسلت له شجرة أخرى لتنازعه على الأهداف والنجومية وركلات الجزاء بمجرد أن بدأ في استعادة مكانته كأحد أفضل مهاجمي القارة(6)

 

المربع صفر
بنزيما خلال حفل تقديمه كلاعب للريال عام 2009 (رويترز)
بنزيما خلال حفل تقديمه كلاعب للريال عام 2009 (رويترز)

 

كلها أمور بديهية يعلمها أي متابع جيد للعبة، ولكن المشكلة لم تكن في التعاقد مع بنزيما في 2009 بقدر ما أصبحت الإصرار عليه في ما أعقبها، وصولًا إلى اللحظة الحالية، التي لم يعد فيها اللاعب قادرًا على الوفاء بأيٍ من مهامه، سواء كان مساعدة رونالدو على التسجيل أو اضطلاعه بهذه المهمة بنفسه، ففي لحظة ما تحول الفرنسي إلى عبء على الفريق وبدا وكأنه غير صالح للعب كرة القدم من الأصل.

 

هذه القصة مألوفة نوعًا ما، قصة المهاجم المتحرك الذي تغري شموليته بتوظيفه في مركز آخر، ثم يتحول إلى مسخ مع الوقت بعد أن ينسى كيفية اللعب في أي من المراكز، ربما لأنها شبيهة بما حدث مع روني نفسه إبان مرافقته لرونالدو في يونايتد، فبعد أن تم التعاقد معه ليلعب كمهاجم ثان بجوار نيستلروي، أتي مورينيو في 2004 بخطته الجديدة 4 -3 -3 التي أجبرت الجميع على الرضوخ للثورة التكتيكية في النهاية. وبحلول 2008 كان روني قد اعتاد الخروج إلى الجناح لافساح المجال لكل من رونالدو وبيرباتوف في العمق، ثم أتى اعتزال سكولز ليجبر السير على توظيفه في الوسط.

 

في تلك الفترة كان الصراع على أشده بين هيغوايين وبنزيما على موقع المهاجم الأساسي بجوار رونالدو ودي ماريا أو أوزيل، وفي الوقت نفسه كان ميسي قد بلغ أقصى درجات تفوقه على منافسه البرتغالي. وفي لحظة معينة قررت مدريد أن الثنائي لا يقدم ما يكفي لمساعدة الأخير، وأن الحل هو التعاقد مع "روني" جديد يستطيع أداء الدورين ولا يجد غضاضة في استئثار الدون بغالبية الأهداف، لتوفير منظومة شبيهة بتلك التي يحظى بها الأرجنتيني.

 

الحل الأسهل بالطبع كان ضم روني القديم ببساطة، ثم الاحتفاظ بأي من بنزيما أو هيغوايين كبديل، ولكن روني القديم كان قد عاد إلى مركزه الأصلي في الموسم التالي لرحيل رونالدو مباشرة، مسجلًا أعلى حصيلة تهديفية في مسيرته على الإطلاق، لذا لاحت الفرصة الأولى في الموسم التالي عندما وجد "الغولدن بوي" نفسه مُقحمًا في الوسط بديلًا لسكولز المعتزل، وهنا قدم طلب الانتقال الأول قبل أن يعقبه بآخر في نهاية موسم 2012 -2013، طبقًا لتصريحات فيرغسون نفسه(7)

 

دخول مفاجىء
 بنزيما وهيغوايين مهاجم مدريد السابق (رويترز)
 بنزيما وهيغوايين مهاجم مدريد السابق (رويترز)

 

أتى الفرج أخيرًا من حيث لا يحتسب "الميرينغي"، وبانتصاف الموسم التالي، وبعد الفشل في ضم روني للمرة الثانية، أعلن صديق بيريز الموثوق خورخي فالدانو أن تقسيم المباريات بين هيغوايين وبنزيما صار يضر الفريق أكثر مما يفيده، لأنه يضع الثنائي تحت ضغط الحاجة إلى إثبات نفسيهما طيلة الوقت، الذي لا يناسب كبار النجوم على حد تعبيره (8)، ثم أعقبه بتصريح آخر في نهاية الموسم  عن ضرورة حسم الاختيار بين المهاجمين. ولأن فالدانو كان قد ترك إدارة الريال الرياضية في 2011 بعد خلاف مع مورينيو فقد تأخر الحسم حتى رحيل البرتغالي(9)، ليبقى الأنسب بين الثنائي لأداء أدوار روني.

 

في المواسم الثلاثة التالية كان رونالدو يسجل أهدافًا أكثر من عدد مبارياته، بنزيما نفسه صار يسجل بمعدل رائع بالنسبة إلى أي مهاجم غير رونالدو أو ميسي.  وبحلول عام 2015 كان الفرنسي يسجل كل 92 دقيقة تقريبًا، لينهي "الليغا" خلف ميسي بهدفين فقط لا غير رغم مشاركته في مباريات أقل(10).  وفي الفترة نفسها أصبح أكثر من صنع أهدافًا لرونالدو في مسيرته(11). وخلف الكواليس كان بنزيما يلقى كل الدعم الممكن من بيريز وزيدان وكان كل شيء أكثر مما يرام، حتى انفجرت واقعة شريط فالبوينا الإباحي لتنسف كل شيء تقريبًا(12)

 

بدت القضية كلها ملفقة إلى حد الاستفزاز: بنزيما شارك في ابتزاز صديقه المقرب طيلة شهور ليحصل على 100 ألف يورو في الوقت الذي يبلغ فيه مرتبه الأسبوعي 165 ألفًا(13)! ومن هنا انحدرت الأمور بالسرعة ذاتها التي صعدت بها، فمن جهة كانت شخصية بنزيما أضعفَ بكثير من رفيقه البرتغالي، الذي صمد أمام قضايا التهرب الضريبي لأعوام. ولم يتحمل الفرنسي الجزائري الأصل هذه الاتهامات، خاصة بعد أن بلغ صداها الساحة السياسية وتم استثمارها من قبَل اليمين المتطرف على أوسع نطاق، وكان غيابه عن اليورو "رضوخًا للجزء العنصري من فرنسا"، على حد تعبيره، هو الضربة القاضية لصحوته في الأعوام الأخيرة(14)

 

بالطبع، كان ما زاد الأمر سوءًا هو تولي زيدان المسئولية في الفترة نفسها؛ فرنسي آخر من أصل جزائري انحاز لمواطنه في الأزمة (15)، لسبب بسيط جدًا هو تعرضه لوقائع مشابهة في شبابه(16).  وبمرور الوقت، اتسع الشرخ بين ما يقدمه بنزيما فعليًا في الملعب -أو ما لا يقدمه بالأحرى- وبين الإشادات التي يتلقاها من مدربه ورئيس ناديه خارجه، وبدا وكأن هناك تناسبًا عكسيًا بين هذا وذاك في مبالغات عبثت بحدود العقل والمنطق، وصلت إلى حد اعتباره مزيجًا بين رونالدو "الظاهرة" وزيدان نفسه، طبقًا لبيريز(17)

 

المربع صفر مرة أخرى
مدرب ريال مدريد زين الدين زيدان ولاعبه كريم بنزيما (الأوروبية)
مدرب ريال مدريد زين الدين زيدان ولاعبه كريم بنزيما (الأوروبية)

 

كل ذلك قد لا يهم جمهور "الميرينغي"، الذي يريد أن يفوز فريقه بكل الألقاب الممكنة ولا يرى أن ذلك سيتحقق باستمرار بنزيما في الملعب، وبغض النظر عن ظروفه الشخصية وأزمات فرنسا السياسية، لذا أتى الفرج مرة أخرى بعد عودة موراتا المدوية وبدء الاعتماد على إيسكو لتعويض أدوار الثنائي المصاب دائمًا بنزيما وبيل. ولكن "الماتادور" الإسباني كان قد اختلف كثيرًا عن النسخة التي غادرت ريال مدريد إلى يوفنتوس، وبدا وكأنه قد أتى ليبقى هذه المرة، فقضى الوقت يدرس تحركات رونالدو، خاصة في الكرات الرأسية(18). وبمرور الوقت تحول إلى نسخة فتاكة أقل خبرة من البرتغالي، ليست جاهزة تمامًا لاستبداله بالبديهة ولكنها جاهزة لمرحلة الإحلال على الأقل.

 

بالطبع، لا تحتاج كثيرا من الجهد لتتخيل ما يحدث عندما تشترك نسختان من اللاعب نفسِه التحركات نفسًها وردود الأفعال ذاتَها، حتى إن اختلفت الكفاءة.. وجد رونالدو نفسه مطالبًا بالقيام بأدوار لم يضطلع بها منذ زمن ولم تعد سنه يسمح بها، وطفت المغالطة القديمة إلى السطح مجددًا وبدأ الجميع يتساءل عن سبب الاحتفاظ ببنزيما في التشكيل، بينما يبدو موراتّا أكثر فاعلية وحدة أمام المرمى، وكانت الطامة الكبرى عندما أبقى زيدان على الأول ليرحل الثاني، ما أعلن "زيزو" ندمه عليه لاحقًا(19)

 

الحقيقة التي لا تُقال بما يكفي هي أن الخيار الحقيقي لم يكن أبدًا بين بنزيما وموراتا أو ليفاندوفسكي أو أغويرو، بل بين شراكة رونالدو وكريم، من جهة، وبين خط هجوم تقليدي من جهة أخرى، يقوم فيه المهاجم الصريح بتسجيل الأهداف وتصدر المشهد ويساعده في ذلك الأجنحة، وهو ما تم العبث به سابقًا للاستفادة من قدرات كريستيانو الخارقة ولياقته البدنية، التي لم تعد كما مضى. فبغياب الأخير يفقد بنزيما الهدف الرئيسي من وجوده في التشكيل. وبغياب بنزيما لن ينجح أي مهاجم حقيقي آخر في الانسجام مع طموحات "الدون" التهديفية.

 

إذن نحن أمام ظاهرة تهديفية ستبلغ الثالثة والثلاثين من عمرها في خلال شهر، ومهاجم نسي كرة القدم في ما يبدو، ومدرب يحاول إنقاذ تاريخه ناصع البياض الذي صنعه في موسمين فقط لا غير. ورغم أن الأمور تبدو -للوهلة الأولى- أكبر من قدرة بيريز على الحل، فإن الحل لأعقد الأمور غالبًا ما كان في أبسطها.. ريال مدريد فوّت فرصة ذهبية للتعاقد مع مبابي، أحد أفضل اللاعبين في أداء الأدوار المتنوعة في الخط الأمامي وأهم ناشىء شهدته اللعبة منذ سطوع نجمَي ميسي ورونالدو، ولا يبدو أن إدارة "الميرينغي" ستتحمل كلفة تفويت الفرصة الذهبية التالية في هاري كين؛ الرجل الذي أظهر قدرة خارقة في الموسم السابق والحالي على صناعة الفرص لنفسه ولزملائه، وقد يقبل بأدوار الرجل الثاني في مدريد ما دامت مؤقتة، وهذا هو الحل ببساطة.

 

تفريغ مساحات

 غاري لينيكر: هل أنا الوحيد الذي يعتقد أن بنزيما يحصل على أكثر مما يستحق؟ هدف كل حين لا يكفي للتواجد في فريق بقوة ريال مدريد، ربما يكون مقبولًا ولكنه لن يكون رائعًا أبدًا

 
في 2013 كتب غييم باياغ مقالًا بعنوان "لماذا يكره جمهور الريال بنزيما؟(20)" استعرض فيه عدة نقاط مهمة كان أبرزها الشغف الذي يفتقده الفرنسي في المباريات، وعجزه عن إظهار الرغبة والحماس نفسهما اللذين يحب المشجعون أن يروهما في لاعبي ناديهم، وهو السبب نفسه الذي قد يجعل جمهور "الميرينغي" يميل إلى لاعبين آخرين رغم أنهم لم يقدموا للنادي -رقميًا على الأقل- ما قدمه بنزيما من وجهة نظر باياغ.

  

قصة بنزيما قد تكون سلسلة من القرارات الخاطئة في عين المحايدين، ولكن الحقيقة أن باياغ أصاب كبد الحقيقة في توقيت مقاله، والأهم أن هذا السبب أضيف إليه لاحقًا سببٌ آخر لا يقل أهمية في الفترة التي أعقبت أزمة فالبوينا، وهو إحساس جمهور "الميرينغي" الدائم بأن وجود بنزيما صار مفروضًا عليهم، بغض النظر عن مستواه، وبالتحديد منذ رحيل هيغوايين وخلو الساحة تمامًا من أي بديل منافس ولو تحسبًا للطوارىء. والحقيقة أن تلك الحالة هي الوصفة الأمثل والأكثر نجاحًا للفشل، حتى لو كان بنزيما مزيجًا من رونالدو الظاهرة وزيدان فعلًا.

  

فعلى الرغم من سياستها المبهرة في التعاقدات مؤخرًا ووصولها إلى درجة فائقة من النضج في التعامل مع السوق، فإن إدارة بيريز تعاملت مع حالة بنزيما بتطرف شديد، وعبر مدربيها المختلفين وآخرهم زيدان، كان الحل هو إما تدمير ثقته بنفسه واستبداله بانتظام أو نزع حوافزه تمامًا وضمان مكانه في التشكيل، والنتيجة أن حتى الأدوار المعتادة لبنزيما في تفريغ المساحات وخلق الفرص لزملائه، والتي تنال الكثير من السخرية في المعتاد، لم تعد موجودة وأصبحت المساحة الوحيدة المتبقية التي لم يفرغها بنزيما بعد هي مساحته الشخصية هو، ليفسح المجال للاعب آخر أفضل. وحتى يقرر زيدان وبيريز إتمام ذلك، فإن الثنائي هو الأَولى بتفريغ الغضب.

المصدر : الجزيرة