شعار قسم ميدان

مشاهد حب فلسطين في ملاعب المستديرة

ميدان - جمهور جزائري الملك سلمان ترمب

لم تعد ساحات كرة القدم مكانا بعيدا عن أروقة السياسة، وبدا هذا واضحا في الكثير من المواقف السياسية، التي اتخذت فيها جماهير كرة القدم هذه الساحات مكانا لها تعبر فيه وتعترض على ما يحدث، سواء على مستوى الشأن الداخلي الخاص، أو بالاعتراض على قضايا تخص دولا أخرى، ولعل قضية فلسطين كانت أبرز هذه القضايا، والتي لاقت صدى وانتشارا واسعين داخل ساحات كرة القدم بالنسبة للعالم العربي أو الغربي، عبر فيها الجماهير عن رفضهم لما يحدث لفلسطين من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وعلى الرغم من فرض القوانين الرياضية لمنع استخدام الشعارات السياسية داخل ملاعب كرة القدم، وفرض عقوبات على من يفعل ذلك، إلا أن ذلك لم يمنع الجماهير أو نجوم كرة القدم من التعبير عن دعمهم لفلسطين داخل ساحات الساحرة المستديرة.

 

من أجل الحرية جماهير نادي "أتلتيك بلباو" تدعم القضية الفلسطينية

لم يقتصر دعم الشعب الفلسطيني وقضيته ضد الاحتلال على الجماهير العربية فقط، إذ شمل ذلك بعض الجماهير الغربية أيضا، ففي سبتمبر/أيلول عام 2012، قرر جمهور نادي "أتلتيك بلباو" الإسباني، إعلانه عن دعمه للقضية الفلسطينية، وذلك خلال لقاء جمع النادي الإسباني ونادي "هابويل قرياط شمعونا" الإسرائيلي، على ملعب "سان ماميس" والذي يتسع لـ40 ألف متفرج تقريبا(1)، رفعت الجماهير الإسبانية الأعلام الفلسطينية واللافتات التي عبرت فيها عن دعمها للشعب الفلسطيني ضد الاحتلال. وأثار دعم جماهير النادي لفلسطين غضب المسؤولين الإسرائيلين الذين طالبوا الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بتوقيع أقصى عقوبة على الجماهير، خاصة بعد أن توعد الفريق الإسرائيلي بالاعتداء على جماهير النادي الإسباني في مباراة العودة(2).

 

مما جعل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يتخذ الإجراءات اللازمة من أجل منع أي اعتداء على الجماهير الإسبانية التي ستسافر مع ناديها في لقاء العودة، لكنه لم يعاقب جماهير النادي الإسباني، وعلق البعض على السبب وراء دعم جماهير النادي الإسباني للشعب الفلسطيني ببتقاسمها نفس وهو البحث عن الحرية، إذ يرغب الشعب الفلسطيني في التخلص من الاحتلال، بينما يرغب إقليم" الباسك" الذي يقع فيه النادي الإسباني، الانفصال عن إسبانيا أسوة بإقليم كتالونيا.(1)

  

في تونس "حنظلة" داخل المدرجات

كانت تونس أول دولة عربية تؤسس أول ألتراس في المنطقة عام 1995، وهو ألتراس الأفريكان وينرز التابع للنادي "الأفريقي" التونسي، وكان عبارة عن مجموعة من الأشخاص اتفقوا على حضور مباريات النادي "الأفريقي" معا، بجانب إحضار لافتات "تزين بها المدرجات الخلفية للملاعب" يطلق عليها اسم "الدخلة"، لكن سرعان ما تغير دور ألتراس "الأفريكان وينرز"، ففي مستهل الألفية الثالثة بدأ الألتراس يلعب دورا سياسيا عبر فيه عن اعتراضه وغضبه من السلطة الحاكمة، وظل هذا الدور حتى قيام ثورة الياسمين في تونس وإسقاط النظام، وترتب على ذلك أن بدأ الألتراس يلعب دورا جديدا في مباريات كرة القدم، إذ بدأ يظهر دعمه للقضية الفلسطينية، وذلك من خلال رفع اللافتات التي تعبر عن دعم الألتراس للقضية الفلسطينية(3).

 

  رفع ألتراس النادي الأفريقي لافتة تحمل اسم"حنظلة" داخل المدرجات في تونس لدعم فلسطين

 

ولعل من أبرز هذه اللافتات تلك التي كانت في سبتمبر/أيلول 2015 عندما رفع ألتراس النادي الإفريقي لافتة تحمل اسم "حنظلة" لرسام الكاريكاتير الفلسطيني "ناجي العلي"، تعبيرا منهم على دعمهم للشعب الفلسطيني، ولم تكن هذه هي المساندة الوحيدة من جانب ألتراس "الأفريكان وينرز" لفلسطين إذ قام أيضًا ألتراس "بلاك وايت فايترز" التابع لنادي الصفاقسي التونسي، بحمل لافتات تظهر عليها صورة الشهيد "محمد الزواوي"، الذي ساعد المقاومة الفلسطينية في صناعة طائرة بدون طيار، والذي اغتيل على يد الموساد الإسرائيلي، كما قام أيضًا نادي "الترجي" التونسي بحرق العلم الإسرائيلي قبل ذلك في أكثر من مباراة(4).

 

وبعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، في نهاية عام 2017 أن القدس عاصمة لإسرائيل، قام لاعبو فريق نادي "الاتحاد الإفريقي" بارتداء قمصان تحمل شعار "النادي الإفريقي للتضامن مع الشعب الفلسطيني"، وذلك أثناء المباراة التي كانت أمام نادي "النجم الساحلي"، اعتراضا منهم على قرار ترمب تجاه فلسطين(5).

 

إيطاليا "فلسطين حرة"

تعد الكرة الإيطالية من أبرز الداعمين للقضية الفلسطينية، ففي عام 1982 بعد حصول إيطاليا على كأس العالم، قام منتخب إيطاليا بإهداء الكأس آنذاك إلى فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية، تضامنا معهم إزاء ما قام به الاحتلال الإسرائيلي من مجزرة "صبرا وشاتيلا" التي وقعت للفلسطينيين في لبنان، وفي كأس العالم لعام 2014 أثناء مباراة قامت بين منتخب إيطاليا ومنتخب إنجلترا قامت الجماهير الإيطالية برفع أعلام فلسطينية عبرت فيها عن دعمها للشعب الفلسطيني، وقد لاقى هذا الموقف صدى واسعا في الساحة الرياضية الفلسطينية(6).

 

  جماهير نادي اليوفنتوس تحمل علم فلسطين

 

ولم يتوقف الدعم عند هذا الحد ففي إحدى المباريات، التي قامت بين المنتخب الإيطالي ومنتخب الاحتلال الإسرائيلي، أثناء عزف نشيد الاحتلال الإسرائيلي، أطلق الجمهور الإيطالي صافرات الاستهجان، بالإضافة إلى إلقاء "التحيات النازية" في إشارة منهم إلى الانتهاكات والمجازر التي تمارس من قبل الاحتلال الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين(2 )، وهناك أمثلة أخرى عبرت فيها الجماهير الإيطالية عن دعمها لفلسطين، إذ قامت جماهير نادي "ليفورنو" الإيطالي بحمل لافتات مكتوب عليها باللغة العربية "فلسطين حرة"، وذلك أثناء مباراته أمام فريق "مكابي حيفا" الإسرائيلي، أما جماهير نادي "لاتسيو"الإيطالي فقامت بحمل أعلام ولافتات تندد بالانتهاكات، التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني، وذلك أثناء مباراته مع نادي "توتنهام" الإنجليزي(7) وجماهير نادي "يوفنتوس" الإيطالي، ورفعهم لعلم فلسطين في المدرجات عام 2013 تعاطفا مع القضية الفلسطينية(8).

 

الغرامة والإنذار.. عقاب من يدعم فلسطين

"تعاطفا مع غزة" كانت هذه العبارة التي كتبها اللاعب المصري محمد أبوتريكة، على القميص الذي يرتديه تضمانا مع أهالي غزة ضد الحصار المفروض عليهم من الاحتلال الإسرائيلي في عام 2008، وذلك أثناء مشاركته مع المنتخب المصري في كأس الأمم الإفريقية عام 2008، وعلى الرغم من تحذير الاتحاد الإفريقي بعدم رفع أي شعار سياسي داخل الملاعب أثناء البطولة، لكن هذا لم يمنع أبوتريكة من التضامن مع فلسطين، ليكون الكارت الأصفر عقابه لدعم القضية الفلسطينية، وتكريما له أعلن أهالي غزة في يناير/كانون الثاني 2016 تسمية ميدان في غزة باسم محمد أبو تريكة كرد للجميل(2).

 

  أبو تريكة تعاطفًا مع غزة

 

على الجانب الآخر وبعد إعلان الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" نقل سفارة أمريكا إلى القدس وإعلانه القدس عاصمة لإسرائيل، أعلنت بعض الجماهير المصرية رفضها لهذا القرار، فعلى سبيل المثال رفعت جماهير النادي "الإسماعيلي" المصري لافتات بأكثر من لغة مكتوب عليها "القدس عربية"(9)،  بينما قامت جماهير النادي الأهلي أثناء لقاء الفريق بنادي "أتلتيكو مدريد" بالهتاف لفلسطين "بالروح بالدم نفديك يا فلسطين"، بجانب رفع لافتات مكتوب عليها "القدس عربية إسلامية"(10).

 

  جمهور النادي الأهلي المصري "بالروح بالدم نفديك يا فلسطين"

 

وفي مواقف أخرى قامت جماهير النادي الأهلي المصري بحرق علم إسرائيل دعما للقضية الفلسطينية، كما يحرص ألتراس "الوايت نايتس" التابع لنادي الزمالك المصري على حمل أعلام فلسطين، في إشارة منها لدعم القضية الفلسطينية(11).

 

في عام 2009 قرر المهاجم المالي "فريدريك عمر كانوتيه" أن يسير على نفس نهج أبو تريكة، في التضامن مع فلسطين وارتداء قميص مكتوب عليه "فلسطين"، وذلك أثناء مشاركته مع ناديه "إشبيلية" الإسباني أمام "راسينغ سانتاندر" وإحرازه هدفا ليشهر بعد ذلك قميصه المكتوب عليه "فلسطين"، وكانت النتيجة هي معاقبة اللاعب بدفع غرامة مالية بلغت 4000 دولار(2).

 

من آسيا إلى أوروبا.. الدعم الفلسطيني مستمر

ردا على ما حدث في يوليو/تموز 2017 من قبل الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين، وإغلاق المسجد الأقصى، قامت جماهير نادي "بي أس.أس سليمان الإندونيسي"، برفع علم فلسطين تضامنا مع الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، الجدير بالذكر أن هذا لم يكن التضامن الأول من جانب جماهير كرة القدم الإندونيسية تجاه القضية الفلسطينية، إذ سبق قبل ذلك أن قام أحد الجماهير باقتحام ملعب كانت تقام عليه مباراة ودية جمعت بين نادي "اليوفنتوس" الإيطالي، و نجوم الدوري الإندونيسي، فقامت جماهير النادي الثاني برفع علم فلسطين تضامنا مع القضية الفلسطينية(12).

 

  نادي "ليل" الفرنسي ولافتات تدعم فلسطين

 

على الجانب الأوروبي في عام 2014 قامت جماهير نادي "ليل الفرنسي"، أثناء مباراة فريقهم مع نادي "ماكابي حيفا" الإسرائيلي برفع الأعلام واللافتات تعبيرا منها على دعمها لفلسطين، بجانب قيام الجماهير بالاعتداء بالضرب والبصق على لاعبي الفريق، وعلى إثر ذلك ألغى الحكم المباراة في الدقيقة 86.(7)

 

الجزائر مع فلسطين "ظالمة أو مظلومة"

لم تكن اللافتة التي رفعها جمهور نادي "عين مليلة" الجزائري، والتي كانت صورة تجمع بين ملك السعودية ورئيس أمريكا مكتوب عليها "وجهان لعملة واحدة" اعتراضا على اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وأثارت جدلا كبيرا مما جعل رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحي قدم اعتذارا للسعودية جراء هذه الصورة، وكانت نتيجة هذا أن أطلق مغردون على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وسم #أنا جزائري _لا_ أعتذر(13)، (لم تكن) التضامن الأول من الجزائر مع فلسطين، فقد سبقته قبل ذلك مواقف كثيرة، ففي فبراير/شباط عام 2016، أثناء إقامة مباراة ودية جمعت بين المنتخب الجزائري والفلسطيني.

 

  في الجزائر "فلسطين الشهداء"

 

 حمل الجمهور الجزائري لافتات لدعم فلسطين، بالإضافة إلى رفع الأعلام الفلسطينية بجانب الأعلام الجزائرية(14). الجدير بالذكر أنه في ديسمبر/كانون الأول 2015، أثناء مباراة جمعت بين فريقي "مولودية" الجزائر، و"اتحاد العاصمة" هتفت الجماهير وهي تقول "فلسطين الشهداء"(16). كما قام اللاعب الجزائري عبد الرحمن حشود في ديسمبر/كانون الأول عام 2017 برفع قميصه المكتوب عليه "القدس عاصمة فلسطين الأبدية"، وذلك بعد إحرازه هدفا في شباك نادي مولودية الجزائر أثناء لقاء أمام  اتحاد الحراش، بجانب رفع الجمهور الجزائري أثناء المباراة لافتة مكتوبا عليها فلسطين الشهداء(15).

 

نادي سيلتك الإسكتلندي "القدس هي فلسطين"

في ديسمبر/كانون الأول 2017 شاهد العالم جماهير نادي سيلتك الإسكتلندي، وهي تحمل لافتات مكتوب عليها "القدس هي فلسطين"، وذلك أثناء لقائهم مع فريق هيبرنيان، وكان السبب وراء رفع هذه اللافتات اعتراضا منهم على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أعلن فيه أن القدس عاصمة لإسرائيل(17)، الجدير بالذكر أن هذه لم تكن المرة الأولى التي عبر فيها نادي سيلتك عن دعمه لفلسطين، ففي عام 2009 رفعت جماهير النادي أعلام دولة فلسطين المحتلة أثناء مباراته مع فريق "هابويل تل أبيب" الإسرائيلي، اعتراضا على ما يفعله الاحتلال الإسرائيلي مع الفلسطينيين(18).

 

  جمهور نادي سيلتك الإسكتلندي أعلام فلسطين في المدرجات

 

وفي عام 2014 دفع النادي غرامة بلغت 16 ألف جنيه، بسبب رفع الجماهير لأعلام دولة فلسطين المحتلة في المدرجات(18)، وفي عام 2016 جمع لقاء بين نادي سيلتك ونادي "هبوعيل بئر السبع" الإسرائيلي في بطولة دوري أبطال أوروبا، واعتراضا من جماهير الفريق على الانتهاكات التي تمارس ضد الفلسطينيين من جانب الاحتلال الإسرائيلي، رفعت الجماهير الأعلام الفلسطينية واللافتات لتؤكد دعمها للقضية الفلسطينية، وعلى إثر ذلك فرض الاتحاد الأوروبي لكرة القدم غرامة مالية على النادي جراء ما حدث من جماهير النادي، ورفعها أعلام تدعم فلسطين(19) .

المصدر : الجزيرة