شعار قسم ميدان

الحياة بعد كوتينيو.. الخيارات الثلاثة أمام ليفربول

midan - يورغن كلوب
هناك مدينة كاملة تلعن اليوم الذي قرر فيه تشافي الرحيل عن برشلونة، فبعدها ذهب الكتلان إلى باريس من أجل فيراتّي وعادوا من دون نيمار كما تقول المزحة الشهيرة، ثم انتقلوا للبحث عن بديل لإنييستا وبطريقة ما وصلوا إلى كوتينيو في النهاية.

 

كل ينظر إلى الأمور من موقعه في لعبة الكراسي الموسيقية المعتادة في السوق، ويمكنك تخيل أي من الأندية الثلاثة في موقف الآخر لو كان الوضع معكوسا، لكن من مقعد الريدز يمكنك رؤية الوضع برمته من زاوية مختلفة، فكل أزمة هي فرصة متنكرة كما قيل قديما، (1) فقط عليك التركيز على ما هو إيجابي والبناء عليه، وأكثر الأمور إيجابية في ليفربول الآن أنهم فازوا بدون كوتينيو هذا الموسم أكثر مما فازوا معه، (2) ومن هنا يمكنهم الانتقال لخياراتهم المتاحة لتعويض صانع الألعاب البرازيلي.

 

البحث عن شبيه

كالعادة يكون أول ما تلجأ له الأندية عند فقدان نجم كبير مؤثر هو البحث عن أقرب شبيه لاستبداله دون الإخلال بالمنظومة، وحتى لو كان أقل كفاءة، ترس يستبدل آخر لتستمر الماكينة في الدوران دون الاضطرار لتفكيكها وإعادة بنائها من جديد، وتفكيك الماكينة هو آخر شيء يرغب فيه أي فريق خاصة في منتصف موسم حساس للغاية.

 

على هذا الخط تقع أولى خيارات كلوب المنطقية في مانويل لانزيني صانع ألعاب الهامرز الأرجنتيني؛ أدوار مشابهة نوعا ما لتلك التي اعتاد كوتينيو تقديمها مع الريدز وكفاءة مقبولة في صناعة الفرص والأهداف لزملائه، بالإضافة لسن يسمح بمزيد من التطور إذا أمكنك التغاضي عن تاريخ إصاباته. (1) (2)

 

في العامين الماضيين تحول لانزيني لأحد أهم لاعبي المطارق بدرجة معقولة من المرونة التكتيكية، سمحت له بالتنقل بين مركزي ثالث وسط وصانع اللعب الصريح، بالضبط مثل كوتينيو، والفارق الوحيد أنه أكثر إنتشارا من البرازيلي في أرجاء الملعب، ولكنه قابل للتشكيل في قالب النجم الراحل لكتالونيا، خاصة مع مدرب يجيد هذا الأمر كالنورمال وان.

 

البديل الآخر قد يكون جوليان دراكسلر لاعب باريس الذي فضل نادي العاصمة الفرنسي على العديد من أندية البريميرليغ في الصيف قبل الماضي، فقط ليجد نفسه مضطرا للتأقلم مع أدوار جديدة هذا الموسم عقب ازدحام الخط الأمامي بأسماء أثقل وزنا في نيمار ومبابي. فعلى الرغم من لمعانه مع شالكة وفولفسبورغ في دور الجناح، قام إيمري بتوظيفه هذا الموسم في مركز يعلمه كوتينيو جدا كثالث وسط أيسر في 4-3-3، ومن حينها بدأت رحلة التأقلم لصانع الألعاب الألماني، ومع الوقت بدأ يكتسب مزيدا من الأريحية في أداء الأدوار الجديدة، وازدادت مساهماته الدفاعية بشكل ملحوظ، والفارق الوحيد هنا أن دراكسلر سيجد مزيدا من المساحات الخالية في العمق بغياب نيمار.

 

مواقع صناعة الفرص لكل من كوتينيو ولانزيني ودراكسلر هذا الموسم - سكاوكا (مواقع التواصل)
مواقع صناعة الفرص لكل من كوتينيو ولانزيني ودراكسلر هذا الموسم – سكاوكا (مواقع التواصل)

  

خرائط لمسات الثلاثي التقريبية مع أنديتهم هذا الموسم - سكاوكا (مواقع التواصل)
خرائط لمسات الثلاثي التقريبية مع أنديتهم هذا الموسم – سكاوكا (مواقع التواصل)

 

السنوات القليلة الماضية أثبتت أنه لا يوجد ناد في العالم قادر على إجبار باريس على بيع أي من لاعبيه، ولكن ملاحقات قانون اللعب النظيف والاستهجان العالمي الذي سببته صفقة نيمار قد يكون هو بطل الصفقة، وهو ما أجبر الفرنسيين على قبول فكرة التخلي عن لاعبين مثل لوكاس مورا ودراكسلر ودي ماريا فيما سبق، (1) (2) وفي جميع الأحوال فإن دراكسلر لاعب يستحق القتال من أجله.

 

undefined

  

نحو المزيد من كلوب

الخيار الثاني يقع في المنطقة المتوسطة بين تفكيك المنظومة وبين إبقاء الماكينة على وضعها الحالي؛ ليفربول سيفقد صانع لعبه الرئيسي وضابط الإيقاع الأول ولكنه سيعوضه بطريقة مختلفة نوعا، بطلها الأول هو فيرمينو الوحيد الذي يمكنه أداء دور صانع الألعاب الصريح في تشكيلة الريدز الحالية باعتباره يشارك باستمرار كمهاجم وهمي خلف ثنائي هجومي من صلاح وماني، وفي تلك الحالة سيكون البطل الثاني هو توماس ليمار نجم موناكو.

 

المفتاح في فهم تلك الاختيارات هو محاولات كلوب الدائمة توظيف كوتينيو كثالث وسط أيسر والتي لم تكلل بكثير من النجاح، والسبب خلف الاستمرار فيها كان رغبة الألماني في الابقاء على فيرمينو في الملعب وإشراك ثلاثي هجومي أمام كوتينيو يسمح له بمزيد من الضغط العكسي الذي يفضله في الخطوط الأمامية، وهنا يدخل ليمار كحل واقعي لتلك المعضلة، فبالإضافة لتنوعه التكتيكي ومهاراته المتعددة فإن أكثر مركز شارك فيه مع موناكو كان ثالث الوسط الأيسر، ومع إجادته للمراوغة والإنطلاقات السريعة والتمرير البيني والعرضي سيكون ليمار إضافة مثالية لوسط الريدز.

 

المواقع التي يصنع منها ليمار فرصه هذا الموسم (أعلى) وخريطة لمساته أمام يوفنتوس في دوري الأبطال هذا الموسم (أسفل) - سكاوكا (مواقع التواصل )
المواقع التي يصنع منها ليمار فرصه هذا الموسم (أعلى) وخريطة لمساته أمام يوفنتوس في دوري الأبطال هذا الموسم (أسفل) – سكاوكا (مواقع التواصل )

 

الأمر أشبه باستبدال ترس كبير بترسين من الحجم الأصغر، والماكينة التي ستستوعب كل ذلك هي التحول من 4-3-3 إلى 4-4-2 الماسيّة Diamond، بوجود فيرمينو على رأس الوسط كمهاجم وهمي مع مساندة مستمرة من ليمار ولالانا/تشامبرلين/فينالدوم، أي نفس الماكينة التي كانت تستوعب كوتينيو عندما يشركه كلوب كصانع لعب صريح خلف ثنائي هجومي.

 

"ليمار هو أحد أفضل اللاعبين الفرنسيين حاليا في رأيي، يمكنه اللعب على الجبهتين ويمكنه تسجيل الأهداف وصناعتها، هو أحد هؤلاء اللاعبين الذين يمكنهم صناعة الفارق"

(روبرت بيريز نجم أرسنال السابق) (8)

 

اختيار ليمار يحمل قدرا من المراهنة؛ فمن جهة هو لا يمتلك قدرة كوتينيو على ضبط الإيقاع، وهو نفس ما يمكن قوله عن فيرمينو كذلك، ولكن هذا الأمر لم يسبب أزمة كبيرة للريدز في غياب كوتينيو أصلا، وهي النقطة الأهم التي ينبغي لكلوب البناء عليها واستثمارها على الصعيدين النفسي والفني، كذلك لن يتمكن الفرنسي من المشاركة في دوري الأبطال ولكنه سيمنح مدربه خيارات أكثر للتدوير فيما تبقى من الموسم، وهو ما يمكن قوله عن أغلب الصفقات التي أتمت انتقالها في نافذة الشتاء، بما فيها كوتينيو نفسه.

  

undefined

  

محرز وآخرون

للوهلة الأولى، يبدو خيار محرز وكأنه محاولة لتعويض نجومية كوتينيو لا مركزه وأدواره في الملعب، وهو أمر قد لا يبدو مهما ولكنه كذلك، خاصة مع ناد يعاني منذ زمن من رحيل نجومه إلى أندية "أكبر" لأنها تستطيع تحقيق البطولات على المدى القصير، وجماهير تعاني من أزمة ثقة مع وضع ناديها الحالي بين كبار أوروبا، ولكن مع الوقت قد يتحول محرز لخيار تكتيكي آخر يضاف إلى ما سبق، وإن كانت الشكوك تدور حول فعاليته بالنسبة للريدز في وجود صلاح.

 

محرز وصل إلى مرحلة النضج التامة، Finished Article  كما يقول الإنجليز، بالتالي لا مجال لتعديل مركزه أو إقحامه في جهة كوتينيو، بل الأفضل هو توفير الظروف المناسبة له للتألق. بالطبع لن يحتاج محرز إلى التقهقر لإخراج الكرة بنفس الدرجة التي كان يضطر لها مع الثعالب، لذا بينما يعلم الجميع أين وكيف سيلعب محرز مع كلوب، فالسؤال الأهم هو؛ أين سيلعب الباقون؟

 

هناك تعارض واضح بين المساحات المعتادة التي يعمل فيها صلاح وتلك التي يعمل فيها محرز، وفي الوقت نفسه هناك تكامل واضح بين المهام التي يؤديها محرز من نفس تلك المساحات وبين تلك التي يؤديها صلاح، جناح يصنع وآخر يسجل، وربما تكون تلك الثنائية هي ما أراد النورمال وان استثماره، بنقل صلاح للجهة المعاكسة أو تحويله لمهاجم صريح، وتفريغ مزيد من المساحات لمحرز على اليمين.

 

خريطة لمسات كل من محرز وصلاح في المباراة التي جمعتهما سويا بين ليفربول وليستر - سكاوكا (مواقع التواصل)
خريطة لمسات كل من محرز وصلاح في المباراة التي جمعتهما سويا بين ليفربول وليستر – سكاوكا (مواقع التواصل)

 

بالطبع يمكنك طرح 1000 سؤال وسؤال عن جدوى ذلك التعديل ومراكز ماني وفيرمينو في هذه الحال، بل وإمكانية أن تحتمل الخطة كل هذا العدد من المهاجمين من الأصل، لكن مع التدوير الذي يعتمده كلوب باستمرار قد لا يسبب الأمر الأزمة المتوقعة، ومع قدرات ماني على اللعب يمينا ويسارا وتنوع فيرمينو بشكل عام قد يجد كلوب طريقة ما لإعادة إنتاج "الأربعة الرائعون" أو الـ Fantastic Four كما أطلق على هجوم الريدز مؤخرا، المهم أن تستمر الماكينة في الدوران، ومن يعلم، ربما تتحول الأزمة لفرصة فعلا يخرج منها ليفربول كلوب أقوى من ذي قبل.