شعار قسم ميدان

تشيلسي ومانشستر يونايتد.. امنحوا مورينيو أعداءً جدد

ميدان - مورينيو مانشستر يونايتد وتيلسي

"فريق مورينيو الجديد سيواجه فريق مورينيو القديم يوم 20 أكتوبر، ومع بداية كارثية للموسم، ولاعبون محبطون ليسوا مستعدين للقتال من أجل مدربهم، وبالطبع هزيمة رمزية متوقعة أمام أصدقاء الأمس، سيكون مورينيو خارج مانشستر يونايتد بحلول يوم الاثنين على الأكثر"

(نيك ميلر، توقعات Four Four Two لموسم البريميرليغ- نُشر بتاريخ 8 أغسطس 2018. (1) (2))

   

شيطان التفاصيل

الورق مكشوف ولا حاجة للتوقعات لأن كل من الفريقين يمتلك جبهة نشطة وأخرى معطلة؛ تشيلسي سارّي يعتمد بشكل أساسي على استنساخ منظومة نابولي الهجومية بنفس العناصر تقريبًا، ظهير دائم الصعود، ولاعب محور هجومي، وجناح يجيد التحول إلى 10 صريح في كثير من الأحيان، وكلهم يبدؤون حركتهم من الجبهة اليسرى وكلهم يمتلكون أدوارًا مركبة تحتاج تقريرًا منفصلًا لشرحها، وهو عكس ما يجري على الجبهة المقابلة مع ثلاثي يجيد الارتداد والمساندة الدفاعية مثل أزبيليكويتا وكانتي وويليان، والذي يوكل له مهام محددة واضحة مباشرة خالية من التعقيد.

   

هذا هو ما يدفع سارّي لإمالة ملعبه جهة اليسار في أغلب الأوقات، وهو نفس ما يمكن قوله على جبهتي اليونايتد، على الأقل حتى نصل للخط الأخير الذي تتبدل فيه الخيارات من مباراة إلى أخرى، ولكن في أول خطين، استقر منذ بداية الموسم أن الشياطين صاروا أكثر اعتمادًا على شو كظهير هجومي منطلق رفقة بوغبا، وفي هذه المواجهة قرر مورينيو إضافة مارسيال للثنائي السابق، ولن نعلم أبدًا ما إذا كان هذا قرارًا فنيًا اختياريًا أم تعامل طارئ مع إصابة لينغارد، ولكن المهم أن المنظومتين الهجوميتين كانتا متشابهتين إلى حد بعيد.

  

 ميل أغلب لعب البلوز ناحية اليسار لم يكن مفاجأة، ولكنه انحصر في مناطق التحضير أغلب الوقت  (هوسكورد)
 ميل أغلب لعب البلوز ناحية اليسار لم يكن مفاجأة، ولكنه انحصر في مناطق التحضير أغلب الوقت  (هوسكورد)

     

طبعًا، وكالعادة، فإن الشيطان يكمن في التفاصيل، لأن جناح اليونايتد أقرب إلى كونه مهاجم، وجناح تشيلسي أقرب إلى صانع لعب، وإن تشابه أسلوب لعب كوفاسيتش وهامشيك فإن ألونسو لا يتحرك في الثلث الأخير مثل غلام، لأن الأول كثيرًا ما يتسلل إلى أنصاف المساحات كمهاجم إضافي والثاني كان يلتزم الخط ليدفع إنسيني -قرين هازار في نابولي- إلى نفس هذه المساحات، وهي نقطة أثبت مورينيو أهميتها الفائقة في مباراة الأمس.

 

ماذا تعلم عن الفلسفة؟

في مثل هذه المباريات، يُقال إن اللعب على نقاط قوتك دائمًا ما يكون أفضل من اللعب على نقاط ضعف الخصم، وهي مقولة مراوِغة للغاية، لأنها تبدو واضحة مباشرة للوهلة الأولى، ثم تفاجَأ بأن مدربين مثل مورينيو وسيميوني وألليغري قد أثبتوا خطأها أكثر من مرة، بالتالي تقتنع أنها ليست قاعدة مطلقة، بل تتوقف كليًا على نوعية كرة القدم التي يقدمها المدرب وفريقه، ثم تكتشف بعدها أن الخيار الذي تطرحه العبارة ليس موجودًا أصلًا في قاموس مدربين كهؤلاء، بل بالنسبة لهما هو خيار بين مترادفين، ببساطة لأنه غالبًا ما تكون نقاط قوتهما هي ذاتها نقاط ضعف الخصم، ومن ثم فهما يتبعان نفس القاعدة، ولكن بفلسفة عَدَمية تفرغها من معناها الأصلي.

  

هذا هو ما حاول مورينيو تنفيذه منذ بداية المباراة؛ مطاردة نجم الخصم الأبرز الذي يبدأ عنده السحر، ثم تحويله إلى نقطة ضعف تبدأ عندها تحولاته السريعة، تحويله من محطة لبدء هجمات البلوز إلى محطة لبدء هجمات فريقه، وبهذا يكون قد حصل على كل شيء؛ عطل نقطة قوة سارّي ولعب على نقطة قوته الأبرز.

 

تلك كانت الخطة قبل بداية المباراة على الأقل، ومع تواجد مارسيال وراشفورد على الأطراف والتزامهما بالارتداد حتى ثلث اليونايتد الدفاعي، كانت 4-3-3 مورينيو تتحول –كالعادة- إلى 4-5-1 وفي بعض الأحيان 4-6-0 مع تموقع كامل فريقه خلف الكرة بما فيهم لوكاكو، وفي العشرين دقيقة الأولى بدا وكأن مورينيو يلعب على قدم المساواة مع سارّي رغم الاختلاف الجذري بين طريقتي لعب الثنائي؛ دفاع إيجابي يحاول استغلال المرتدات من البرتغالي، ومحاولات مستمرة من البلوز لفرض الإيقاع والسيطرة، لم تنجح سوى في الفوز بإحصائيات الاستحواذ والتمرير وغيرها، دون خطورة بالغة على مرمى دي خيا.

 

سالب وموجب

هذه الإيجابية التي ظهرت في ثلث الساعة الأولى انقلبت لقمة السلبية بعد هدف روديجير، وتحول شياطين مورينيو إلى مجموعة من الروبوتات تراقب الكرة بينما يتداولها لاعبو تشيلسي في نصف ملعبهم، بلا ضغط، وبلا رغبة، وبلا أمل في العودة في المباراة، وفي الـ 26 دقيقة المتبقية من الشوط الأول أتم البلوز 205 تمريرة مقابل 125 لليونايتد، ببساطة لأن الشياطين لم ينجحوا في استخلاص الكرة سوى ثلاث مرات واعتراضها مرتين فيما يقارب نصف ساعة من اللعب.

  

 تدخلات اليونايتد الناجحة بين هدف روديجير ونهاية الشوط الأول  (هوسكورد)
 تدخلات اليونايتد الناجحة بين هدف روديجير ونهاية الشوط الأول  (هوسكورد)

      

مورينيو هو أفضل مدرب في العالم فيما يخص التعامل مع الضغوط. هذه عبارة أخرى أثبت البرتغالي خطأها في الشوط الثاني، ربما كان كذلك في الماضي، وربما لا، ولكن ما نحن متأكدون منه أن النسخة الحالية من جوزيه مورينيو تؤدي أفضل مبارياتها عندما يتوقع لها الجميع هزائم مذلة وعروض كارثية، عندما تجتمع مشاكله الشخصية مع صراعات الفريق الداخلية مع الأخبار عن إقالته وتنم تصريحاته عن لامبالاة غير مألوفة، أي باختصار، عندما تنعدم الضغوط تقريبًا.

 

تشيلسي متقدم، والنتيجة مرشحة للزيادة في الشوط الثاني، والبلوز هم الطرف الأفضل حتى وإن لم يكونوا بالخطورة المتوقعة وحتى وإن لم يكن اليونايتد بالضعف المتوقع، وفي هذه الأجواء يبدأ مورينيو العمل بين الشوطين، بالضبط مثلما بدأ العمل بين شوطي مباراة السيتي بملعب الاتحاد في الموسم الماضي، عندما كانت النتيجة تشير لتقدم المواطنين بهدفين نظيفين وتوقعات بفضيحة مدوية في الشوط الثاني يحسم من خلالها السيتي لقب البريميرليغ في مباراة الديربي.

 

علاج بالصدمة

الخطة ما زالت كما هي، ولكن اللاعبين بحاجة لصدمة معنوية من التي يجيد مورينيو توجيهها في مثل هذه الظروف، ومثل مباراة تشيلسي في الدور الثاني من موسم 2016-2017، سيستمر يانغ في اللعب كرقيب رجل لرجل على هازار، وبنفس القدر من الخشونة المشروعة الذي استخدمه أندير هيريرا على النجم البلجيكي من قبل، ونفس القدر من الخشونة المشروعة الذي استخدمه يانغ نفسه على صلاح في مباراتي ليفربول في العام الماضي، وفي كل هذه المرات كان مورينيو ينجح في إخراج نجم المنافس من اللعب طيلة المباراة تقريبًا، لأنه حتى عندما ينجح هازار في الهروب من يانغ والانطلاق إلى العمق فإنه سيجد ماتيتش بانتظاره.

 

النتيجة أن لاعبي مانشستر يونايتد مجتمعين نجحوا في استخلاص الكرة 10 مرات خلال الشوط الثاني، نصفها بالضبط كان ليانغ وماتيتش منفردين، وهناك حقيقتين مهمتين سيجعلانك تدرك قيمة الحالة النفسية والذهنية التي وضعهما فيها مورينيو بين الشوطين؛ الأولى أن الثنائي لم يقدم سوى نصف هذا العدد من التدخلات طيلة الشوط الأول رغم ضيق المساحات وسهولة الثنائيات نسبيًا، والحقيقة الثانية أن الخمسة تدخلات الباقية التي أتمها لاعبو مانشستر يونايتد بالشوط الثاني كان منها 4 للبديلين هيريرا وبيريرا، أو دعنا نقول لك بصيغة أخرى إنه لو استبعدنا يانغ وماتيتش والبدلاء فإن مانشستر يونايتد قد حاول استخلاص الكرة 11 مرة في 90 دقيقة ولم ينجح سوى في مرتين فقط.

    

ماتيتش ويانغ تقاسما المركز الأول في عدد التدخلات الناجحة بين لاعبي الفريقين، 5 لكل منهما  (هوسكورد)
ماتيتش ويانغ تقاسما المركز الأول في عدد التدخلات الناجحة بين لاعبي الفريقين، 5 لكل منهما  (هوسكورد)

     

عند هذه اللحظة تزامنت عدة أحداث ساعدت البرتغالي على تنفيذ خطته؛ أولها فشل البلوز في استغلال صدمة معنوية مشابهة وجهها سارّي في غرفة الملابس، بعد إهدار موراتا لأخطر فرص البلوز على الإطلاق طيلة المباراة، وثانيها هو نجاح الشياطين في التسجيل من أول صعود منظم بعد فورة تشيلسي الهجومية، وهو ما أدى إلى ثالثها، أي مساعدة خطته الأصلية لإيقاف هازار.

 

هازاريتش

المشكلة هنا لم تكن أن مورينيو سيحاول إيقاف هازار بكل ما أوتي من قوة، ولا أنه سينجح مثلما نجح من قبل، ولا أنه سيصهر كل ذلك في طريقة لعب تعتمد على مراكمة لاعبيه في ثلثه الدفاعي واللجوء للمرتدات، لأن كل ذلك معلوم بالبديهة من قبل المباراة، ولكن المشكلة أن سارّي لم يشاهد مباريات مورينيو السابقة ضد تشيلسي، أو شاهدها ولم يجد حلًا، أو وجده ولكن لم يساعده هازار على تنفيذه.

 

ما حدث أن مورينيو أقحم عصاه بين تروس ماكينة سارّي الهجومية، وبدلًا من أن يديرها الإيطالي بشكل مختلف كاستجابة للمعطيات الجديدة، صمم هو ولاعبيه على كسر العصا لتدوير الماكينة بالطريقة المعتادة، وهو ما يفسر لجوؤه للدفع بجيرو في النهايات أملًا في مزيد من الثنائيات التي عادة ما تُخلص هازار من الرقابة، وتسمح له بالركض بدون كرة في الثلث الأخير. هذه واحدة من المشكلات التي يواجهها الإيطالي، أن فريقه يمتلك مهاجمًا لم يصبح مهاجمًا بعد، وحارسًا لم يصبح حارسًا بعد، والاثنان هم أغلى صفقتان في تاريخ النادي، والاثنان أتيا في ظروف قهرية ودون تدخل منه تقريبًا، ولكن كل هذا لا يبرر سوء استخدامه لثنائية كوفاسيتش وهازار أمام اليونايتد.

   

عادة ما يفضل هازار اللعب خلف الكرة، أن يتحكم هو بنفسه في هجمات البلوز ويبدأها من عنده، وفي المباريات الماضية أمام صغار البريميرليغ وكبارهم كان هذا مفيدًا للغاية، ولكن لأن أحدًا منهم لم يحاول إيقاف البلجيكي على طريقة مورينيو، أو ربما حاولوا وفشلوا، لذا كان مهمًا في مباراة كتلك أن يتم استغلال الكرواتي في دفع هازار نحو منطقة جزاء اليونايتد، وأن يتخلى النجم الأول عن سيطرته على مجريات الأمور في ثلث البلوز الأخير، متحولًا إلى مهاجم ثاني يستطيع مباغتة يانغ والتحرك خلف ظهره من دون كرة، ببساطة لأنها الطريقة الوحيدة للتغلب على سرعة الإنجليزي الدولي الفائقة واستماتته في الدفاع عن مدربه.

 

هذا هو ما لم يحدث طيلة 90 دقيقة. نظريًا كان كوفاسيتش أكثر لاعبي البلوز لمسًا للكرة (88 مرة) يليه هازار نفسه (85 مرة)، ولكن عمليًا لم يقدم الكرواتي سوى تمريرة أمامية مفتاحية واحدة من ضمن تمريراته الـ 76، واكتفى بالتمركز في مناطق التحضير رفقة البلجيكي، وبالتالي اقتصرت حلول البلوز أمام الكرة على تحركات موراتا فقط لا غير، وبمساندة محدودة للغاية من ألونسو وكانتي الذي انشغل بالتصدي لجبهة اليونايتد اليسرى النشيطة.

   

لمسات كوفاسيتش وهازار ظلت محصورة في مناطق التحضير أغلب الوقت، ودون محاولات كافية من أي منهما للتحرك أمام الكرة والتسلم في عمق دفاعات اليونايتد أو تفريغ المساحة لزميله (هوسكورد)
لمسات كوفاسيتش وهازار ظلت محصورة في مناطق التحضير أغلب الوقت، ودون محاولات كافية من أي منهما للتحرك أمام الكرة والتسلم في عمق دفاعات اليونايتد أو تفريغ المساحة لزميله (هوسكورد)

    

القبضة الدامية

هذه التفاصيل هي ما منح مورينيو التفوق التكتيكي في الشوط الثاني، وبعد الهدف الأول بربع ساعة تقريبًا نجح الجزء الثاني من خطته في استغلال المساحات الشاسعة التي يخلفها تقدم ألونسو المستمر، هذه المرة فشل لويز في التغطية وانطلق ماتا ليصنع الهدف الثاني، وليطرح السؤال القديم عن سبب عدم إشراكه بشكل أكبر.

 

عند الدقيقة 79 كان سارّي قد أجرى تبديلاته الثلاثة مقابل تبديل وحيد لمورينيو، وبعدها بخمس دقائق كان مارسيال نجم المباراة يخرج في لقطة لخصت الكثير، كانت واحدة من اللحظات القليلة التي شعرنا فيها أن مورينيو ولاعبيه يلعبون نفس اللعبة في توافق نادر؛ يانغ يؤدي دوره على أكمل وجه كواحد من الجنود الذين يحبذ البرتغالي الاعتماد عليهم، وماتيتش يعود لمستواه الذي دفع مورينيو لجلبه من تشيلسي في المقام الأول، ودي خيا يتألق، وراشفورد لا يمارس هوايته المعتادة في تخييب الآمال، والأهم على الإطلاق؛ مارسيال ينهي المباراة ليمازحه مورينيو أثناء تبديله، وكأن شيئًا مما حدث في الصيف قد حدث.

   

     

  

بالطبع لم يعكر صفو كل ذلك سوى هدف التعادل في الدقائق الأخيرة وما عقبه من مشادات على الخط بسبب استفزاز ماركو لانّي مساعد سارّي الثاني لمورينيو، ولكن الأكيد أن البرتغالي نجح في تخييب توقعات Four Four Two، بل توقعات الجميع بالأحرى. (3)

  

    

هي ليست المرة الأولى، فعلى سبيل المثال، في الموسم قبل الماضي، فاز مانشستر يونايتد على تشيلسي في مباراة الانتقام الشهيرة بالدور الثاني، في الجولة 31 تحديدًا، وبعدها لم يفز الشياطين في السبع مباريات المتبقية من الدوري سوى مرتين فقط، وفي الموسم الماضي فازوا على السيتي في مباراة الاتحاد كذلك، وبعدها خاضوا 6 مباريات أخرى كذلك لم ينتصروا سوى في 3 منها، وإذا أضفت لكل ذلك حقيقة أن مورينيو يحقق أسوأ بداية لمانشستر يونايتد في تاريخ البريميرليغ هذا الموسم، ثم يقدم مباراة كبيرة أمام تشيلسي في عقر داره، فإن النمط المتكرر يصبح أوضح مما يمكن تجاهله. (4)

 

بالأمس، خسر اليونايتد كل الإحصائيات تقريبًا دفاعًا وهجومًا باستثناء إحصائية وحيدة شهدت تقاربًا من نوع ما هي الفرص المحققة للتسجيل بين الفريقين، وهو نمط آخر مألوف اعتاده البرتغالي في مثل هذه المباريات، ببساطة لأن هذه هي الأجواء التي يتوهج فيها بشدة؛ عندما يقابل خصمًا يمثل الضد لكل قناعاته في كرة القدم، وحبذا لو كان فريقه القديم الذي تنكر جماهيره ما قدمه لهم خلال أعوامه معهم.

    

إحصائيات المباراة  (هوسكورد)
إحصائيات المباراة  (هوسكورد)

      

   

أعداء جدد

هي الأجواء التي تستفز أقوى دوافع مورينيو على الإطلاق، أي الرغبة في الانتقام وإثبات صحة نظرته إلى اللعبة، وهي ما تجعله قادرًا على تحفيز نفسه ولاعبيه لهذه الدرجة، لدرجة كادت تمنحه الفوز على أحد متصدري البريميرليغ على أرضه ووسط جمهوره، وحتى لو كان سيخسر بعدها في الأولد ترافورد أمام برايتون أو ويست بروم. أمثال هؤلاء لم يعودوا قادرين على تحفيز الاستثنائي لأن الهدف من ممارسته التدريب قد تغير فيما يبدو، والدراما البرتغالية قد غلبت على كل جوانب اللعبة.

 

هي الشيء الوحيد الذي تبقى من مورينيو القديم؛ رغبته الدائمة في صناعة أعداء جدد في كل مكان تطأه قدماه، ربما لأن هذا هو السبيل الوحيد ليخرج أفضل ما عنده، ولهذا مازال يؤدي مبارياته الكبيرة مثل مورينيو القديم بالضبط، بنفس التطرف، إما هزائم مذلة كثلاثية توتنهام ورباعية كونتي، أو نجاحات مبهرة عكس المتوقع، مثل انتقامه من كونتي في الموسم قبل الماضي وغوارديولا في الموسم الماضي.

 

أما سارّي، فحتى اللحظة كان الرجل في طريقه لإضافة جوهرة جديدة إلى عقد الستة الكبار في إنجلترا، وبعد موسم عصيب للغاية مع كونتي ارتكب فيه الإيطالي كل الجرائم الفنية والإعلامية والتكتيكية الممكنة، وبعد بداية صعبة أمام بطل إنجلترا في الدرع الخيرية، أتى إيطالي آخر ليهدم بضعة أساطير كانت تُعامل معاملة القانون في لندن، أساطير مثل أن تشيلسي لا يستطيع تقديم كرة قدم هجومية، وأن لاعبيه لا يصلحون لهذا النمط من اللعب، وأن شخصيته غير قابلة للتغيير.

 

ولكن مثل كل الجواهر، كان تشيلسي سارّي يحتاج لمزيد من الاحتكاك حتى يلمع، مزيد من الاحتكاك حتى يكتشف أخطاءه وعيوبه ويعالجها ويتطور، وفي السنوات الأخيرة من البريميرليغ أصبح ذلك مضمونًا مع تواجد عدد كبير من مدربي الصف الأول، قادرين على اختبار قناعات بعضهم البعض ووضع أساليب لعب منافسيهم تحت الضغط.

 

سارّي وفريقه تعلموا الكثير من مقابلة أرسنال في بداية الدوري، وتعلموا أكثر من مواجهتي ليفربول بعدها، ولا شك أنهم سيعيدون بعض حساباتهم بعد مباراة الأمس. باختصار، لا جديد هنالك، سارّي ما زال يحتاج مزيدًا من الوقت مثله مثل أي مدرب جديد على فريقه وجديد على المسابقة، أما مورينيو، فالجميع يعلم ما يحتاجه.

المصدر : الجزيرة