شعار قسم ميدان

مأساة لوبيتيغي.. هل يدفع ريال مدريد حقا ثمن بيع رونالدو؟

midan - real madrid coach

حسناً لدينا كارثة هنا، ريال مدريد خسر 4 مباريات من آخر 5 في جميع المسابقات، ريال مدريد لم يحقق سوى نقطة يتيمة من آخر 4 مباريات في الليجا، ريال مدريد لم يسجل سوى هدفاً في آخر 5 مباريات، بعد 4 مباريات بلا تهديف.

  

عناوين كثيرة تصلح للإطاحة برأس المدرب الذي أتى بتلك النتائج الدخيلة على الملكي، فلم تعد بداية بيب جوارديولا المتعثرة مع برشلونة ذريعة صالحة هنا، فصحيح أنه خسر أول مباراة وتعادل بالتالية، ولكنه حقق 9 انتصارات متتالية في الليجا بعد ذلك، باحتساب أول 9 أسابيع فقط تجده حقق 22 نقطة، وليس 14.

      

ريال مدريد في المركز السابع لأنه خسر أمام إشبيلية وألافيس وليجانيس وتعادل مع أتلتيكو مدريد، لا يحتل صدارة مجموعته في الأبطال لأنه خسر من سسكا موسكو، الليجا لم تمت لأن الفارق بينه وبين برشلونة 4 نقاط والكلاسيكو على الأبواب، ولا أحد منهما يبدو بخير على الإطلاق..

      

undefined

   

تحت النيران
هي ظروف غرائبية تلك التي حدثت دفعة واحدة، بدايةً من الإعلان عنه مدرباً لريال مدريد قبل 24 ساعة من انطلاق كأس العالم الذي تواجد خلاله على رأس منتخب إسبانيا، ليقيله رئيس الاتحاد قبل 24 ساعة من أولى مباريات لا روخا! والآن يحق للبعض أن يملك تساؤلاً منطقياً: هل كان هذا الرجل يستحق كل ذلك الضجيج؟ أم أن المعيار كان مجرد كونه إسبانياً مثل رافا بينيتيز؟

  

بينيتيز لم يكن بهذا السوء، كل ما في الأمر أنه لم يكتسب ود غرف الملابس خاصةً وأنه قد أتى خلال صراع نفوذ بين غرفة الملابس والرئيس الذي أقال محبوب اللاعبين كارلو أنشيلوتي، فانتهى الرجل وأتى زين الدين زيدان، والفارق النفسي الذي حدث كان واضحاً للغاية. إذاً قد يبدو الحل واضحاً لأول وهلة، لنطيح بالرجل ولنأتي بمن يستطيع إيقاظ الدوافع لدى اللاعبين، المشكلة أن هذا الجانب موجود بالفعل.

  

عدد كبير من اللاعبين عمل مع الرجل قبل ذلك في المنتخب الإسباني وكلهم يستميتون في الدفاع عنه بتصريحاتهم، حتى البرازيلي مارسيلو الذي تعرف عليه للتو. اللاعبون يريدون بقاءه ويؤمنون بما جلب من أفكار ممتعة، كل ما في الأمر أن هناك ما يعوق تنفيذها، وفي الوقت ذاته هناك ما يهدد بأزمة أخرى في غرفة الملابس إن أقال بيريز رجلاً يحبذونه وأساء اختيار البديل مرة ثانية.

  

undefined

    

الكل تحت الضغط هنا، ليس فقط لوبيتيغي الذي من الممكن أن يخرج بيريز مبتسماً كعادته ليعلن إقالته بينما نحن نتحدث،  بيريز نفسه تحت الضغط، ومن أمامه هما زين الدين زيدان الذي خرج لتوه ولن يعود بتلك السرعة، وأنتونيو كونتي، صاحب التاريخ الطويل في الصراع مع إدارات أنديته حول الصفقات، والكل يعلم جيداً من هو المتحكم بتلك الأمور في مدريد.

   

50 هدفاً؟

تزامنت تلك الفوضى مع رحيل الهداف التاريخي للنادي كريستيانو رونالدو، والرحل تتحدث أرقامه وجوائزه عن نفسها، قيمة فنية وتسويقية كبيرة تركت فراغاً كبيراً ورقماً خالياً ارتداه ماريانو. بيريز ناقض كل التوقعات ولم يقتحم الميركاتو بالقوة المنتظرة لتعويض رحيل نجم بهذا الحجم، بينما ظل لوبيتيغي حائراً من أمره بشأن هوية "أفضل لاعب في العالم" لثلاث مرات على مدار 5 أشهر.

   

الكل يتذكر تلك الكلمات الشهيرة للمدرب الجديد بعد رحيل رونالدو، الذي كان يسجل 50 هدفاً في الموسم وبات على الفريق تعويضهم، ربما كان يقصد بشكل جماعي فلا سوابق لأي من لاعبي القائمة الحالية بتسجيل مثل هذا الرقم في موسم واحد، ولكن الحقيقة تقول أن ريال مدريد سجل 13 هدفاً فقط في أول 9 مباريات من الليجا، رابع أقوى هجوم بالتساوي مع إسبانيول بعد برشلونة (23) وإشبيلية (20) وليفانتي (14).

     

      

هذا يحدث في عهد مدرب هجومي يفترض أنه يضحي بالأمان الدفاعي لأجل تسجيل المزيد من الأهداف، ولكن الأهداف لا تُسجَّل، وعليه كان من الطبيعي أن يتم الربط بين هذا العقم التهديفي المفاجئ ورحيل رونالدو، تماماً كما تم نسبه إلى بداية ريال مدريد السيئة في الموسم الماضي، حين غاب الدون عن أول 4 مباريات من عمر الليجا للإيقاف ففاز الملكي باثنتين وتعادل في مثلهما.

 

عاد الدون ورغم ذلك خسر ريال مدريد أمام ريال بيتيس، ثم انطلق وحقق الفوز في المباريات الأربعة التالية ليجمع 20 نقطة عند نفس المحطة التي نقف عندها بنهاية الأسبوع التاسع، وبفارق 6 نقاط و5 أهداف سجلوها أكثر من فريق لوبيتيغي كما تلقوا هدفين أقل، ولكن هل كان إسهام رونالدو بتلك الضخامة وقتها؟ على العكس تماماً، لقد كانت واحدة من أسوأ البدايات المحلية لصاروخ ماديرا، حيث صنع هدفاً أمام إسبانيول وسجل هدف الفوز على خيتافي، من أصل 9 سجلها ريال مدريد في وجوده بـ5 مباريات، مقابل نفس الرقم في 4 مباريات بدونه.

 

الأمر نفسه ينطبق على نصف نهائي ونهائي النسخة الأخيرة لدوري أبطال أوروبا، لم يسجل رونالدو في أي منهما وفاز ريال مدريد، ولكن يبقى وجود هذا الإزعاج في منطقة جزاء الخصوم فرصة لاستفادة الزملاء طالما أنه تحت الرقابة، ما يسهل إلقاء الأمور على وداعة مفاتيح اللعب الحالية والمسؤولين الجدد عن الإنهاء.. هل هذا صحيح؟

      

undefined

  

رقمياً في أول 9 مباريات مع زيدان خلق الفريق 139 فرصة مقابل 130 للوبيتيغي "الهجومي"، سجل 18 هدفاً مقابل 13، وأطلق 175 تسديدة مقابل 164، كل ما استفاده ريال مدريد حقاً هو ارتفاع نسبة الاستحواذ من 58% إلى 64%. ينتقل الأمر إلى مرحلة أخرى في دوري الأبطال، حيث سجل الفريق 3 أهداف فقط من 56 تسديدة في مباراتين أمام روما وسسكا موسكو، يقابلهم 6 أهداف من 43 تسديدة في نفس الجولتين أمام أبويل ودورتموند العام الماضي. (1) (2)

     

الثقب الأسود

الكثير من الحقائق السلبية تم ذكرها، فماذا إن كان كل ذلك ليس أكبر مشكلة هنا؟ المشكلة ليست صناعة الفرص، وإن اقتصرت على إنهائها مع وضع تدخلات القائم بمباراة ليفانتي في الاعتبار، فإن كل ما تحتاج إليه هو المزيد من الدقة والتركيز والتوفيق معاً، إلى جانب ضبط بعض القرارات الأخيرة من الناحية الذهنية للاعبين خصوصاً ماركو أسينسيو، ولكن المأساة تكمن في حقيقة أنه خلال عملية صناعة الفرص تلك، يصبح الطريق إلى مرمى ريال مدريد ممهداً للغاية بمجرد فقدان الكرة.

 

الأمر لا يتعلق بمجرد أخطاء فردية كارثية، فأن يأتي رافاييل فاران بـ10 دقائق لا علاقة لهم بكرة القدم في المباراة الأخيرة، هذا ليس ذنب لوبيتيغي بالتأكيد، في النهاية ليفانتي سجل هدفين من تسديدتين على المرمى، من أصل 6 في المجموع، ولكن الوصول للثلث الأخير لم يكن صعباً على قلة التسديد. الأمر كان واضحاً حين كان الميرينجي يفوز، ولكنه ازداد وضوحاً حين سجل كل من سسكا وألافيس هدف الفوز من 8 محاولات إجمالاً.

 

قبلها حقق إشبيلية 3 أهداف بـ7 محاولات على المرمى من أصل 16، مقابل 3 على المرمى من أصل 21 في الصفر الملكي، ولكن كان لهذا الأمر تفسيراً فردياً بأداء مارسيلو وخططياً بتحركات راموس الهجومية الكارثية سابق الإشارة لها. الضغط من الأمام ليس على ما يرام بالكثير من الأخطاء الفردية والجماعية، لوكا مودريتش متراجع في المستوى وحتى توني كروس، باستثناء الاستحواذ وخلق الفرص -الضائعة مراراً وتكراراً- لا شيء يسير كما يُفترض.

     

"ريال مدريد لا يملك لاعباً يجعل الخصوم يشعرون بأنهم موتى. أنت تعلم، هذا الشعور بأن عليهم مواجهة كريستيانو رونالدو. ريال مدريد لا يملك لاعباً بتلك المواصفات في القائمة الحالية".

– فاندرلي لوكسمبورجو مدرب ريال مدريد السابق (3)

   

‪فاندرلي لوكسمبورجو‬ فاندرلي لوكسمبورجو (رويترز)
‪فاندرلي لوكسمبورجو‬ فاندرلي لوكسمبورجو (رويترز)

     

حتى مع وضع السلبيات الطبيعية لتغيير أنظمة اللعب وتفكيك الشكل الرئيسي للمنظومة الهجومية متمثلاً في رونالدو، فإن لوبيتيغي حتى هذه اللحظة فاشل بامتياز مع ريال مدريد. ولكن هل إقالته هي الحل؟ كلمات لوكسمبورجو صحيحة من منظور نفسي بحت، ولكن بالنظر إلى السوق الذي أغلق فقد فات الأوان على ذلك، وبالنظر لكون الكلاسيكو على الأبواب فإن تغيير المدرب ليس أفضل ما تفعله الآن.

    

إن كان لوبيتيغي يود النجاة بمنصبه كي لا يكون قد خسر كل شيء بإقالته من إسبانيا وريال مدريد تباعاً في 4 أشهر، فإن عليه استغلال المباراتين المقبلتين خير استغلال ممكن، بتحضيرية في الأبطال أمام فيكتوريا بلزن، ثم تلك الفرصة الذهبية لملاقاة برشلونة بدون نجمها الأول ليونيل ميسي، في ظل الاتكالية الكاسحة للبلوغرانا على الأرجنتيني.

    

الفوز بالكلاسيكو يعني تقلص الفارق بينه وبين فَرَس الصراع الأبرز إلى نقطة وحيدة، وبرشلونة مرشح لخسارتها في أقرب فرصة ممكنة. الفوز هنا يعني دفعة معنوية ضخمة بإثبات الذات أمام الغريم، بعد الفشل في الفوز بجميع المواجهات البارزة في الليجا أمام أتلتيكو مدريد وأتلتيك بلباو وإشبيلية، بينما يبدو معنى الخسارة واضحاً للغاية.

   

إن كان المدرب الإسباني لا يملك لاعباً مخيفاً، ولا يمكنه شراء أو صنع واحداً الآن، فعليه أن يواصل تعديل أفكاره حتى يصنع فريقاً مخيفاً، يسجل أكثر مما يتلقى. حتى وإن لم يستطع إغلاق دفاعاته بشكل كامل وهو أمر صعب للغاية على الفرق الكُبرى التي تهاجم في مساحات ضيقة وتدافع في مساحات واسعة بطبيعة الحال، فإن قدرته على تحويل استحواذه إلى فرص والفرص إلى أهداف هو السبيل الوحيد للنجاة، فلن يلتفت أحد إلى مشاكلك الدفاعية إن كنت تحسم المباريات السهلة بالثلاثيات والرباعيات، تماماً كما كان ميسي يجيد تنظيف فوضى فالفيردي.