شعار قسم ميدان

ماذا تعرف عن بطولات كرة القدم التي انقرضت من الوجود؟

ميدان - نادي مارسيليا أحد الفِرق الثلاثة المتأهلة لليوربا ليغ من خلال كأس إنترتوتو عام 2005 (مواقع التواصل)

يعرف متابعو كرة القدم مسابقات الدوري في أوروبا، ودوري أبطالها واليوربا ليغ والسوبر الأوروبي. لكن ماذا عن بطولة كأس المعارض الأوروبية؟ وكأس لاتينا أو كأس ميتروبا؟ وكأس الكؤوس الأوروبية وغيرها؟ ربما يعرف البعض عنها القليل والبعض الآخر لم يسمع عنها شيئا، وهذا أمر منطقي؛ فتلك البطولات لم يعد لها وجود. في هذا التقرير سنستعرض بعض أشهر البطولات الأوروبية التي أُلغيت أو ما يُعرف بـ "البطولات البائدة" (The Defunct Competitions).

 

كأس ميتروبا

يُعد كأس ميتروبا[1] (Mitropa Cup) أو كأس أوروبا الوسطى واحدة من أشهر وأقدم البطولات الأوروبية. بدأت فكرة الكأس على يد هوغو ميسل، الأب الروحي للكرة النمساوية في الثلاثينيات، بطريقة خروج المغلوب، وعرفت فكرة مجموع مبارتي الذهاب والإياب لأول مرة. جمعت البطولة فِرقا من أربع دول وهي المجر والنمسا وتشيكوسلوفكيا ويوغوسلافيا؛ فريقان من كل بلد وهما بطل الدوري والوصيف. وكانت تلك البلاد ذات حضور قوي في عالم كرة القدم آنذاك ومشاركين أساسيين في النسخ الأولى من بطولة كأس العالم لكرة القدم. فأُقيمت كأس ميتروبا للمرة الأولى عام 1927 وحصد اللقب نادي سبرتا براغ التشيكوسلوفيكي، ثم في عام 1929 حلّت الفِرق الإيطالية بديلا لليوغوسلافية، وتوالت الفِرق السويسرية والرومانية للمشاركة، ولم تستجب الفِرق الإنجليزية لطلب المشاركة في البطولة رغم إلحاح منظميها.

 

وتوقفت تلك البطولة بشكل مؤقت في ظل الحرب العالمية الثانية، وعادت مرة أخرى في مطلع الخمسينيات مع اهتمام أقل من مشجعي اللعبة لها والتفات إلى بطولة جديدة هي كأس الأندية الأوروبية أو ما سيُعرف فيما بعد بدوري أبطال أوروبا، إلى أن أصبحت بطولة كأس متروبا للفِرق الضعيفة، فتوقفت تماما عام 1992.

   


نادي بولونيا أكثر الفِرق الإيطالية تتويجا بلقب ميتروبا (مواقع التواصل)
نادي بولونيا أكثر الفِرق الإيطالية تتويجا بلقب ميتروبا (مواقع التواصل)

   

تحتل الفِرق المجرية صدارة ألقاب تلك الكأس بستة عشر لقبا على رأسهم فريق فاساس، يليها الفِرق الإيطالية بأحد عشر لقبا، فتُوّج نادي بولونيا وفيورنتينا وميلان وغيرهم باللقب. ويعتبر الكثيرون أن بطولة كأس ميتروبا كانت نواة لفكرة التشامبيونز ليغ.

 

كوبا لاتينا

بدأت فكرة الكأس اللاتينية أو كوبا لاتينا[2] (Coppa Latina) عام 1949 عندما قامت كل من إيطاليا وإسبانبا وفرنسا والبرتغال بتقديم طلب للفيفا، فلم يكن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قد تأسس بعد، لإقامة بطولة أوروبية بين أبطال دوريات بلاد أوروبا اللاتينية، فاللغات الرسمية لبلادهم ذات أصل لاتيني. ونالت تلك البطولة اهتمام مشجعي اللعبة خاصة في ظل غياب بطولة كأس ميتروبا التي توقفت بشكل مؤقت أثناء الحرب العاملية الثانية.

 

وكانت كوبا لاتينا لها نظام حساب نقاط خاص جعلها بطولة بين الفِرق المشاركة وبين اتحادات كرة القدم للدول الأربعة، تقام البطولة سنويا والفائز بالكأس يُتوّج باللقب ويحصل اتحاده على أربع نقاط، والوصيف على ثلاث نقاط، والمركز الثالث على نقطتين، والأخير على نقطة واحدة. وتُجمع تلك النقاط عقب كل دورة ومدتها أربع سنوات، والاتحاد الذي تُجمّع فِرقه أكبر قدر من النقاط يُتوج بلقب كأس لاتينا.

   


جماهير برشلونة تحتفل بكأس لاتينا عام 1949 (مواقع التواصل)
جماهير برشلونة تحتفل بكأس لاتينا عام 1949 (مواقع التواصل)

 

تمكّن الاتحاد الإسباني في الدورة الأولى (1949 – 1953) برصيد 12 نقطة من حصد اللقب بعد أن تُوّج برشلونة باللقب مرتين وحل أتليتيكو مدريد في المركز الثالث مرتين، والدورة الثانية والأخيرة (1953 – 1957) حصل عليها الاتحاد الإسباني مرة أخرى بالرصيد نفسه من النقاط بعد تتويج ريال مدريد مرتين باللقب وحلول أتليتيكو بالباو وفالنسيا على المركز الثالث والرابع تلك الدورة، ومع صعود بطولة كأس الأندية الأوروبية/التشامبيونز ليغ توقفت كوبا لاتينا عام 1957 وأصبحت بطولة بائدة أيضا.

 

كأس المعارض الأروربية

وُلدت فكرة كأس المعارض الأوروبية[3] (Inter-Cities Fairs Cup) على يد إرنست ثومين، رئيس الاتحاد السويسري لكرة القدم آنذاك، وستانلي روس، سكرتير الاتحاد الإنجليزي، وأوتورينو براسي، أحد أهم منظمي كأس عالم إيطاليا 1934. إذ فكّروا في إقامة بطولة كرة قدم أوروبية تجمع عددا من فِرق مدن أوروبا تزامنا مع المعارض التجارية المقامة في تلك المدن، ولاقت تلك الفكرة استحسان الكثيرين من أجل الترويج للعبة والتجارة معا، فظلّت تلك الفكرة قيد التنفيذ حتى أُقيمت أولى نسخها عام (1955 – 1958) حيث تستمر النسخة الواحدة لثلاث سنوات، فشارك في النسخة الأولى اثنا عشر فريقا ما بين برينغهام وبرشلونة وفرانكفورت وإنتر ميلان.

 

وفاز برشلونة بالنسخة الأولى، وتوالى اهتمام مشجعي اللعبة بالبطولة، فأصبحت تُقام سنويا إلى أن وصل عدد الفِرق المشاركة في نسخة (1970 – 1971) إلى 64 فريقا، مما دفع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لاعتبارها النسخة الأخيرة من بطولة كأس المعارض الأوروبية على أن يتم تحويلها في السنة المقبلة إلى بطولة سنوية تحت اسم كأس الاتحاد الأوروبي الذي سيُعرف فيما بعد بالدوري الأوروبي.. يوروبا ليغ.

   


ليدز يونايتد أول فريق إنجليزي يتوّج بلقب كأس المعارض (مواقع التواصل)
ليدز يونايتد أول فريق إنجليزي يتوّج بلقب كأس المعارض (مواقع التواصل)

    

كأس الكؤوس الأوروبية

حققت بطولة كأس الأندية الأوروبية نجاحا كبيرا وجماهيرية واسعة في كل أنحاء أوروبا، دفعت الكثير من الصفحيين إلى طرح فكرة بطولة أوروبية تجمع أبطال مسابقات الكؤوس المحلية. إلا أن الفكرة في بداية الأمر لم تلقَ ترحبيا كبيرا من قِبل بعض الاتحادات التي لم تكن تمتلك بطولة كأس محلي أصلا. ولكن فكرة البطولة الجديدة لاقت استحسان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، فأُقيمت النسخة الأولى من كأس الكؤوس الأوروبية[4] (Cup Winners’ Cup) عام 1960، وتُوّج نادي فيورينتينا الإيطالي باللقب بعد تغلبه على نادي رينجرز الاسكتلندي في حضور 130 ألف متفرج في مبارتي الذهاب والإياب. وبالتدريج زادت شعبية البطولة، وزاد اهتمام الفِرق الأوروبية بحصد اللقب الذي أصبح مرموقا مع الوقت حتى أصبحت هناك بطولة أوروبية جديدة تُلعب بين بطل كأس الكؤوس وبطل كأس الأندية هي السوبر الأوروبي.

    


صورة تجمع رونالدو مع بوبي روبسون ومورينيو عقب تتويج برشلونة عام 1997  (مواقع التواصل)
صورة تجمع رونالدو مع بوبي روبسون ومورينيو عقب تتويج برشلونة عام 1997  (مواقع التواصل)

   

إلا أن قيام الاتحاد الأوروبي[5] بزيادة عدد الفِرق المشاركة في بطولة كأس الأندية الأوروبية تحت اسم جديد، دوري أبطال أوروبا، سمح للفِرق الأوروبية باللعب في البطولة دون الحاجة إلى حصد لقب الدوري المحلي، فتراجعت شعبية وأهمية بطولة كأس الكؤوس الأوروبية إلى أن أعلن الاتحاد الأوروبي عن تضمين تلك البطولة في الدوري الأوروبي/يوربا ليغ، وكانت نسخة البطولة عام 1999، التي حصد لقبها نادي لاتسيو الإيطالي، هي النسخة الأخيرة من البطولة.

 

كأس إنترتوتو

ظهرت فكرة بطولة كأس إنترتوتو[6] (Intertoto Cup) على يد إرنست ثومين والمدرب النمساوي كارل رابين ورئيس نادي مالمو إريك بيرسون، وكان الغرض من البطولة هو الإبقاء على نشاط كرة القدم مستمرا حتى في فترة التوقف الصيفي من أجل المحافظة على بقاء نشاط المراهنات. ورغم تردد الاتحاد الاوروبي لكرة القدم في البداية فإنه أعطى ثومين الضوء الأخضر كي يبدأ الإعلان عن البطولة، مع عدم خضوعها للاتحاد رسميا. وروجت الصحافة السويرية لكأس إنترتوتو تحت عنوان "كأس من لا كأس لهم"، إذ إن الفِرق المشاركة غالبا كانت الفِرق التي لم تُؤهّل لخوض البطولات الأوروبية ككأس الأندية الأوروبية، فكانت النسخة الأولى من البطولة عام 1961، وحصد نادي أياكس اللقب.

   


نادي مارسيليا أحد الفِرق الثلاثة المتأهلة لليوربا ليغ من خلال كأس إنترتوتو عام 2005 (مواقع التواصل)
نادي مارسيليا أحد الفِرق الثلاثة المتأهلة لليوربا ليغ من خلال كأس إنترتوتو عام 2005 (مواقع التواصل)

   

ظل نظام البطولة غير محدد، فيكفي الفريق تقديم طلب مشاركة للمنظمين فيشارك بالبطولة، وظلت كأس إنترتوتو بطولة غير مهمة إلى أن أتى عام 1995 فأعلن الاتحاد الأوروبي عن خضوع البطولة لإدارته وأن الفِرق المشاركة ستقسم إلى مجموعات وسيتأهل فريقان للدوري الأوروبي من خلال المباريات الإقصائية، ثم زاد الاتحاد الفِرق المتأهلة للدوري الأوروبي إلى ثلاثة فِرق. وفي عام 2007 أعلن الاتحاد الأوروبي[7] بقيادة ميشيل بلاتيني عن رغبته في وقف بطولة كأس إنترتوتو نهائيا وتضمنيها مع بطولة الدوري الأوروبي/اليوربا ليغ، فكانت نسخة البطولة عام 2008 هي النسخة الأخيرة من البطولة.

 

كأس الإنتركونتنينتال

أُقميت النسخة الأولى من كأس الإنتركونتنينتال[8] (Intercontinental Cup) بين ريال مدريد الإسباني بطل كأس الأندية الأوروبية/تشامبيونز ليغ وبنيارول الأوروغوياني بطل كأس ليبراتادوريس/دوري أبطال أميركا الجنوبية بعد أن أبدى اتحاد كرة القدم الأوروبي واتحاد أميركا الجنوبية رغبتهما في عقد بطولة لتحديد الفريق الأفضل في القارتين، عن طريق مواجهة مباشرة تجمع بطلي القارتين في مبارتي ذهاب وإياب ومباراة فاصلة على أرض محايدة في حالة تعادل نتيجة المباراتين. وأُقيمت النسخة الأولى عام 1960 وتُوّج ريال مدريد باللقب الأول وظلّت البطولة تُقام سنويا من ذلك العام.

 

في عام 1969 بعد أن تفوق نادي آ سي ميلان على نادي إستوديانتيس دي لا بلاتا الأرجنتيني بثلاثية نظيفة في سان سيرو، ثم ذهب النادي الإيطالي ليعلب مباراة العودة في ملعب البومبونيرا بالعاصمة بوينس آريس وتُوّج باللقب هناك، فافتعل لاعبو فريق إستوديانتيس شجارا مع لاعبي الميلان أدى إلى إصابة العديد من لاعبي الميلان، وكانت الإصابة الكبرى من نصيب نيستور كومبان أرجنتيني الأصل الذي اتُّهم بالخيانة لأنه يلعب في صفوف العدو.

   


إصابة كومبان لاعب نادي ميلان عقب المباراة النهائية في الارجنتين (مواقع التواصل)
إصابة كومبان لاعب نادي ميلان عقب المباراة النهائية في الارجنتين (مواقع التواصل)

  

لكن البطولة استمرت رغم ذلك مع كثير من المشاحنات والقلق والتحفظات في كل مباراة، مما دفع الاتحادين لاختيار بلد محايد تُقام عليه مباراة واحدة للتوييج باللقب إلى أن أعلنت شركة تويوتا اليابانية عن ترحيبها باستضافة تلك البطولة في اليابان تحت رعايتها منذ عام 1980 وحتى عام 2004 عندما أُلغيت كأس الإنتركونتنينتال وحل بدلا منها كأس العالم للأندية.

    


فريق بورتو آخر من توّج بلقب الإنتركونتنينتال عام 2004 (مواقع التواصل)
فريق بورتو آخر من توّج بلقب الإنتركونتنينتال عام 2004 (مواقع التواصل)

 

هناك العديد من البطولات البائدة في كل أنحاء أوروبا مثل كأس التتويج الذي كان يُقام بداية منذ 1953 بين فِرق إنجلترا واسكتلندا احتفالا بتتويج الملكة إليزابيث. وهناك كذلك الكأس الأنجلو- إيطالية الذي كان يقام بين فِرق الدوريات الأقل من الدرجة الأولى في إنجلترا وإيطاليا التي لن تستطيع المشاركة في بطولة كأس المعارض الأوروبية. وكذلك كأس الأعضاء الدائمين الذي أُقيم في إنجلترا عقب منع الفِرق الإنجليزية من المشاركة في البطولات الأوروبية إثر كارثة ملعب هيسل التي تسببت فيها جماهير ليفربول وراح ضحيتها الكثير من جماهير اليوفي.

     


نادي جنوى متوجا بلقب بطولة الألب عام 1962 (مواقع التواصل)
نادي جنوى متوجا بلقب بطولة الألب عام 1962 (مواقع التواصل)

   

أضف إلى ذلك كأس البلقان التي كانت تُقام بين منتخبات منطقة البلقان كبلغاريا وتركيا ويوغوسلافيا، والكأس النوردية كانت نسخة واحدة أُقيمت بين فِرق إسكندنافية، وبطولة كأس الألب الودية لفِرق بلدان منطقة جبال الألب، وكأس البرانس كذلك بين فِرق بلدان تلك المنطقة، أو كأس السوبر الإيبيرية بين بطلي إسبانيا والبرتغال إذ يُشكّل البلدان معا شبه الجزيرة الإيبيرية.

المصدر : الجزيرة