شعار قسم ميدان

على طاولة أليغري.. كيف يلعب رونالدو في يوفنتوس؟

midan - Ronaldo

بسرعة قياسية، أُسدل الستار على مسلسل رحيل كريستيانو رونالدو عن ريال مدريد بعد أن صدقت إشاراته للمرة الأولى.. إن فاتكم مثلا مسلسل غاريث بيل في صيف 2013 وامتداده إلى آناء أغسطس/آب وأطراف سبتمبر/أيلول، فقد يحرمكم هذا من تقدير شعور انتقال نجم بهذا الحجم الأسطوري في العاشر من يوليو/تموز. (1)،(2)

   

اتضحت الصورة مبكرا للغاية، رونالدو غاضب من نكث الوعد وعدم حصوله على التقدير المادي الذي يراه ملائما، وفلورنتينو بيريز يرفض الخضوع للابتزاز أو دفع راتب ضخم لهداف النادي التاريخي عن مجمل أعماله، فهو كأي رجل أعمال ناجح لا تعنيه الأرباح السابقة بقدر اهتمامه بما سيأتي.(3)

    
الواقع يؤكد أن رونالدو لم يعُد كسابق عهده، وأن ريال مدريد قد سخر منظومته لخدمة صاروخ ماديرا بالأعوام الأخيرة، وبالفعل تكللت الرحلة بـ4 ألقاب من دوري أبطال أوروبا في آخر 5 نسخ، لا مجال ليستفيد أحدهما من الآخر أكثر من ذلك، ولكن هناك من يُمكن أن يؤمّن للدون طموحاته المادية نظير الاستفادة من قيمته التسويقية لخدمة النادي بل وكرة البلاد بأكملها، في بطولة موسمية هو حامل لقبها لآخر 7 مواسم على التوالي.

     

        

رغم تشابك الموقف المُندلع منذ أواخر مايو/أيار وتحديدا بعد التتويج بدوري الأبطال الأخير، فإن جميع الأطراف كانت على القدر الكافي من الوضوح.. رونالدو لن يرضخ، وكذلك الميرينغي، لا حل سوى أن يستغل أحدهما تلك الفوضى ويُلقي بما يفوق 100 مليون يورو على الطاولة، وقد كان. استفادة يوفنتوس التسويقية واضحة للغاية بعد ارتفاع قيمة أسهمه لدى سماع العالم بأخبار الصفقة المُحتملة آنذاك، ولكن كيف يُتبعها بالاستفادة الفنية من توحش البرتغالي داخل منطقة الجزاء؟ لنرَ..(4)

      

كلمة السر

يمر يوفنتوس بسوق انتقالات أكثر من مثالي، حيث لم يخسر لاعبا إلا وعوضه بشكل أفضل، خرج الأسطورة جيانلويجي بوفون (40 عاما) فأتى ماتيا بيرين (26)، ذهب ستيفان ليشتاينر (34) فجاء جواو كانسيلو (24)، رحل توماس رينكون (30) فانضم إيمري تشان (24)، نقلة كبرى على الصعيدين العُمري والفني، مع كامل الاحترام لأحد أفضل حراس المرمى بتاريخ اللعبة، فالحقيقة المحزنة هي أن أيامه قد ولَّت.(5)

      

كل هذا كان قبل انضمام المتوج بالكرة الذهبية لـ5 مرات إلى صفوف البيانكونيري، وهو ما يضعنا أمام حتمية البيع عاجلا أم آجلا، فتخيُّل ثلاثي هجومي يجمعه بباولو ديبالا وغونزالو هيغوايين أمر صعب للغاية في 4-3-3 كمثال، صحيح أن الأخير يمكنه أن يؤدي دور المحطة على أن يخترق كريستيانو من الطرف كما يفضل، إلا أن تلك الطريقة ستُعيد ديبالا إلى اليمين الذي اعتزله، كما ستقضي في طريقها على فرص الثلاثي ماريو ماندزوكيتش وخوان كوادرادو ودوغلاس كوستا في العثور على موقع بالتشكيل الأساسي، ولا سيما أن يوفنتوس قد أنفق لتوه 40 مليون يورو لقاء ضمان خدمات الأخير بشكل نهائي.

        

   

أبدى ماسيميليانو أليغري مدرب الفريق ارتياحا خاصا مع طريقة 4-2-3-1 والانتقال منها إلى 4-4-2 بالآونة الأخيرة، وهو ما سيمكنه من استغلال كريستيانو كمهاجم صريح في كلتا الحالتين إلا في حالة بقاء ديبالا وهيغوايين معا، حينها سيستمر الثنائي في العمق على أن ينتقل رونالدو إلى اليسار ويشغل كوستا الرواق الأيمن، ولكن هذا سيعني خللا كبيرا بموازين أليغري لتلك الطريقة، فمن الصعب تخيل رونالدو وهو يغادر ريال مدريد ويتقاضى 30 مليون يورو سنويا لأداء واجبات ماندزوكيتش الدفاعية!

  

تبقى الطريقة الوحيدة لتحديد المستقبل هي الكشف عن هوية الراحل، سواء كان ديبالا المُحاط باهتمام كبار القارة العجوز وهو ما سيكون السيناريو الأسوأ لمستقبل يوفنتوس، أو مغادرة هيغوايين وتموضع رونالدو في مقعده دون إجراءات استثنائية. هذا لا ينفي حقيقتين: أن أليغري أحد هؤلاء المدربين القادرين على إيجاد حل لكل مشكلة تكتيكية على هذا الكوكب، وأن رونالدو وهيغوايين لعبا مع بعضهما البعض قبل ذلك وبناء عليه يمكن أن يملكا القدرة على التفاهم، ولكن هذا كان قبل 5 أعوام مضت، كل منهما لم يعُد اللاعب نفسه الذي كان عليه آنذاك، وكل منهما ليس بأفضل أحواله من الناحية البدنية.

    

على ناصية الموسم

مع انسحاب البساط بوضوح من تحت أقدام أي مخطط يشمل خط دفاع ثلاثي خارج حدود الضرورة (فالقائمة لا تضم سوى 4 قلوب دفاع أحدهم في عامه السابع والثلاثين بالفعل)، لا يبقى سوى 3 أشكال هم الأقرب، 4-2-3-1 و4-4-2 و4-3-3. الأمر سيان في أول حالتين، كل ما سيحدث هو أن ديبالا سيكون موجودا تحت المهاجم أو بجواره.

    

undefined

    

تشيزني سيبدأ إلى أن ينتزع بيرين منه المقعد في مرحلة ما من عمر الموسم، كانسيلو على اليمين وأليكس ساندرو (أو بديله القادم حال رحيله) على اليسار ومن بينهما كيليني وبنعطية، ثنائية بيانيتش وخضيرة قد تشهد تراجع الأخير لصالح الوافد الجديد تشان أو لصالح ماتويدي، كوستا على اليمين وماندزوكيتش على اليسار، وربما كوادرادو على اليمين وكوستا على اليسار أو العكس.. تلك هي مظلة خيارات أليغري في ظل الأوضاع الحالية.

      

على الجهة الأخرى يمكن لـ4-3-3 أن تشهد بعض التحولات، باحتلال تشان منتصف الدائرة وراء خضيرة وبيانيتش وانتقال كوستا إلى اليسار وديبالا إلى اليمين، ليشهد دور الأخير اهتماما أكبر بالعمق على أن يتولى كانسيلو فتح الخط وإرسال العرضيات إلى رونالدو، بشكل يشبه ما كان يفعله ميسي وألفيش في برشلونة 2015، هذا بالطبع شريطة في الحالات التي يتخلى بها أليغري عن عشقه لالتزام الأظهرة دفاعيا. السيناريو الآخر هو خروج خضيرة لصالح ماتويدي على يسار الدائرة.

      

undefined

     

الميزة الفنية الأكبر التي سينالها المدرب الإيطالي من التضحية بهيغوايين لصالح رونالدو، هي ذاك التهديد المخيف لكل الفرق المبادرة التي يفضل الدفاع أمامها، فإلى جانب تفوق الدون في الرأسيات الذي سيمنحه الأفضلية في العديد من الكرات الثابتة، فقط تخيل مرتدة يحركها بيانيتش وديبالا وكوستا ويتحرك لها رونالدو، الأمر مرعب للغاية إن كنت من ذوي الدفاع المتقدم.

    

نُقطة أخيرة وكبيرة للغاية، بقيت على طاولة الطرف البائع هنا، ريال مدريد الذي لم يظهر أي شراسة تُذكر في الإنفاق منذ صيف 2014 على عكس عادته وعادة رئيسه، وإن صدقنا كل ما نقرأه من تقارير إخبارية في سوق الانتقالات، فإن ذئب العاصمة الجائع قد انقض على نصف لاعبي العالم بينما نحن نتحدث الآن.. كيف يخرج ريال مدريد من عباءة رونالدو؟ وما الخيارات المتاحة والوسائل الأفضل بينها لتعويضه؟ هذا ما سنستكشفه معا في وقت لاحق..