شعار قسم ميدان

سقوط نيمار ورئيسة كرواتيا.. لحظات خالدة من مونديال 2018

midan - football

في كل كأس عالم تمر مجموعة من اللحظات أو الصور القوية، والتي تظل عالقة بالذاكرة رغم مرور السنوات بعدها ولا تُنسى. فرغم مرور السنين، لن تجد بين مشجعي الكرة من لا يعرف ضربة ترجيح باجيو الضائعة في نهائي 94 أو هدف اليد الإلهية المارادوني في 86 أو طرد زين الدين زيدان في 2006.. وتكمل لحظات مونديال 2018 سلسلة من الأحداث التي ستبقى بالذاكرة.

   

الـ VAR

رغم استخدام تقنية الـ VAR هذا الموسم في الدوري الألماني والإيطالي، إلا أن كأس العالم 2018 كانت التعريف الحقيقي بها لأوسع مساحة ممكنة من المشجعين. وانقسام العديدن حولها ينشأ بالأساس من نتائج القرارات التحكيمية عقب استخدامها؛ لصالح أو ضد فريقهم.

      

undefined

   

تقنية الفيديو، حسب رأي جيمي كاراجر[1]، ليست إلا إعادة للحظة ارتكاب مخالفة ما، والقرار المتخذ هو مسؤولية الحكم. لذلك فإن الأولى بالنقد هي قرارات الحكام والذي جاء الكثير منها مثيرًا للجدل رغم إعادة مشاهدة اللعبة. منها مثلاً هدف ياجو أسباس الذي أهدى إسبانيا التعادل مع المغرب، رغم أن اللاعب كان يبدو من تسلسل واضح. وهو ما دفع نور الدين مرابط لوصف التقنية في لقطة مصورة من أرض الملعب قائلا: الـ VAR هراء!

  

التقنية كذلك لم تمنع من طرد كريستيانو رونالدو بعد خطأ رآه الكثيرون واضحًا أمام مدافع إيران. وبالطبع هناك ضربة الجزاء المحتسبة ضد بيريزيتش في مباراة النهائي، والتي يراها الكروات غير متعمدة. العديد من المواقف التي أثارت قبول وتصفيق في أحد الفريقين، وشعور بالظلم من الفريق الآخر.

 

نيمار يسقط .. دومًا

           

في أحد مقاطع[2] الفيديو التي انتشرت بشكل فيروسي على مواقع التواصل مؤخرًا، تظهر مجموعة كبيرة من الأطفال في تدريب كرة قدم، وفجأة يصيح المدرب: «نيمار!»، فيبدأ الأطفال في التساقط على الأرض صارخين ومدعين للإصابة.

  

صورة نيمار التي يسقط مع كل احتكاك تقريبًا، والذي يطالي بركلة جزاء في كل التحام داخل منطقة الجزاء أصبحت واحدة من علامات مونديال 2018. وفي مباراة المكسيك التي رأينا فيها نيمار يتلوى على أرض الملعب جانب خط التماس ويصرخ متألما، أصبح المشهد أكثر هزلية. ففي الإعادة رأينا لاعب المكسيك وقد لمس كاحل نيمار بطرف حذائه، ولكنه لم يطعنه بخنجر مثلاً كي يبرر كل علامات الألم والصراخ التي أطلقها البرازيلي.

  

لكن نيمار الموهوب حقًا، والذي يميل دائمًا للاعتماد على المراوغات الفردية هو لاعب سوف يتعرض للكثير من محاولات الإعاقة. وهو ما يجعلنا دائمًا في حالة من التشكك؛ هل اللعبة خطأ ضد نيمار أو سقوط وادعاء؟ وهذه الحالة شبهها أحد كتاب[3] موقع BBC بلوحة القديس توما المتشكك. وأن علامات الحيرة على وجهه؛ هل عاد المسيح أم لا، تشبه التشكك في وجوه المحيطين بنيمار في لحظة سقوطه!

  

كرواتيا ورئيسة كرواتيا

       

كان صعود كرواتيا لنهائي كأس العالم بمثابة المفاجأة الأكبر في البطولة. فأصبحت كرواتيا هي المنتخب رقم 13 الذي يستطيع بلوغ محطة المونديال الأخيرة، والأولى منذ أن نجحت فرنسا في الوصول للمرة الأولى في تاريخها عام 1998. والمفاجأة الثانية تتمثل في أن لقب حسناء المدرجات ذهب إلى امرأة بلغت عامها الخمسين بدلاً من أن تخطف حسناوات البرازيل الأنظار كالمعتاد. والمرأة بالطبع هي رئيسة كرواتيا، والتي بدت كصديقة تعانق الجميع وتشجع منتخب بلادها مرتدية قميص المنتخب الوطنيّ. وهي الصورة التي أثارت حماسة ومحبة الجماهير العربية.

    

لكن الجزء المنقوص من الصورة يرسم شيئًا مختلفًا، فكوليندا غرابار كيتاروفيتش واجهت اتهامات بأنها تستخدم مظهرها للتأثير على الرأي العام أثناء الحملة الانتخابية في أواخر 2014 وبدايات 2015! وأضف إلى ذلك أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قد اتهم الاتحاد الكرواتي بالعديد من قضايا الفساد. وأن لوكا مودريتش نفسه متهم بالتهرب الضريبي والإدلاء بشهادة كاذبة. وأن الرئيسة الكرواتية قد ظهرت في المدرجات إلى جانب مدير اتحاد الكرة الكرواتي دانير فرابنوفيتش والمحكوم عليه بالسجن لمدة تزيد عن 6 سنوات في قضية احتيال، ولذلك فإن بعض المصادر[4] ترى أن الرئيسة التي استخدمت مظهرها أثناء الانتخابات، تريد أن تستخدم صورتها الوديعة لتحسين شكل شبكة مؤسسات كرة القدم ذات الطابع الشبيه بالمافيا في بلادها.

    

وفي الأخير فإن الرئيسة الكرواتية الوديعة ترى أن بلادها لا يمكن أن تكون جسرًا لعبور اللاجئين من ألبانيا وكوسوفو نحو أوروبا. وتريد أن تبني جدارًا من الأسلاك الشائكة لحماية حدود البلاد، وتدلل على صحة موقفها بأن تستشهد بالرئيس ترامب الذي يرى أن حل أزمة الحدود مع المكسيك لا يكون إلا ببناء جدارٍ عازل!

    

اللاجئان الألبانيان

نجح منتخب سويسرا في العبور لثُمن النهائي في المونديال للمرة الثانية على التوالي بعد أن حلّ ثانيًا في مجموعته. والحقيقة أن الفوز على صيربيا كان من أهم أسباب الصعود. والمفارقة تتمثل في أن صيربيا وكرواتيا كانتا طرفًا في صراع عرقي ضد ألبانيا في تسعينيات القرن الماضي، وأن تشاكا شاكيري، اللاجئين الألبانيين في سويسرا، كانا أصحاب هدفي التعادل والفوز ضد الصرب.

       

undefined

   

وُلد شيردان شاكيري في كوسوفو. ورحل رضيعًا هاربًا مع والديه وثلاثة أشقاء آخرين إلى سويسرا. ولذلك فإنه يمتلك هناك في ألبانيا عائلة ويمتلك أصدقاء. ولذلك فهو يرتدي فردتي حذاء تحمل إحداهما علم ألبانيا والأخرى علم سويسرا. أما تشاكا، فقد وُلد سويسرا لوالدين هاربين من جحيم الصرب والكروات في ألبانيا. وبدأت مسيرته في الملاعب بمدينة بازل، ثم انضم للمنتخب السويسري. ولكنه يرى نفسه ألبانيًا قبل كل شيء.

  

اختار القدر هذين اللاعبين للتسجيل في مرمى المنتخب الصربي، والصعود بسويسرا لدور الـ 16. ورفع كلٌ منهما شعار النسر القومي الألباني كاحتفال بالهدف[5]. والمفارقة هنا أن ذات الجماهير التي تعاطفت مع اللاعبين اللاجئين هي ذات الجماهير التي أحبت رئيسة كرواتيا التي تعلن بوضوح مواقفها ضد حركة اللاجئين عبر أراضيها!

   

المستحيل ليس ألمانيًا .. أليس كذلك؟

قبل بداية كأس العالم الحالية كانت الكلمات تترد عن أن خروج حامل البطل من الدور الأول صار حدثًا متكررًا. فرنسا خرجت في 2002 وإيطاليا في 2010 وإسبانيا في 2014. ولكن أحدًا لم يتخيل أن ألمانيا يمكن أن تصاب بهذه اللعنة. فالبلد التي لم تخرج في تاريخها من الدور الأول، وطرف المربع الذهبي الدائم منذ كأس العالم 2002 وطرف النهائي في 8 مرات وحامل اللقب في 4 منها، يمكنها أن تكسر اللعنة بسهولة. لكن الأمر أصبح ممكنًا بعد الهزيمة من المكسيك في الافتتاح بهدف نظيف.

   

في المباراة الثانية أمام السويد، وهدف الفوز من ضربة مباشرة نفذها توني كروس بإتقان مبهر، سادت قناعة بأن مباراة المكسيك كانت استثناء، وأن الفريق الذي حسم كأس العالم للقارات بتشكيل من البدلاء سوف يصعد بسهولة بعد أن يهزم كوريا في المباراة الأخيرة بالمجموعة. لكن الهزيمة أمام كوريا كانت بمثابة المفاجأة التي تركت الجميع في ذهول. خاصة الصحف[6] الألمانية التي خرجت بمجموعة من العناوين التي لا تحاول التحليل أو التبرير. فقط كانت تعبر عن الصدمة! صحيفة بيلد الشهيرة علّقت بذات التعليق الذي نشرته يوم الفوز التاريخي على البرازيل 7-1 .. «لا تعليق»!

   


غلاف صحيفة بيلد
غلاف صحيفة بيلد

أما رينيشه بوست فكتبت كلمة واحدة أيضًا: Out!

          

undefined

(غلاف رينيشه بوست)

أما دي فيلت فكتبت: «انتهى الأمر .. خرجنا»

undefined

(غلاف دي فيلت)

      

ميسي ورونالدو للمرة الأخيرة

إنها الثنائية التي ملأت الدنيا وشغلت العالم لما يزيد عن عقد من الزمن. والثنائية التي قسّمت جماهير كرة القدم إلى أنصار وأعداء. والثنائية التي يبدو أنها قد انتهت يوم أن خرج رونالدو وميسي من كأس العالم في يوم واحد. والرجلان الذان اختلفا في كل شيء، جمع بينهما في هذا اليوم فشل التأهل باللقب الأهم والأغلى في كرة القدم العالمية.

   

طالما كانت ثنائية ميسي ورونالدو هي بشكل ما ثنائية المهارة والأرقام. وقد منح كأس العالم الحالي كل واحد منهما لحظته المفضلة. لكنها كانت لحظة واحدة لم تشكل فارقًا كبيرًا. فرونالدو الذي بدأ البطولة في مباراة إسبانيا استطاع أن يسجل هاتريك. ربما يكون رونالدو قد اعتاد على هذه الأشياء في الليغا الإسبانية، لكنه هذه المرة فعلها أمام منتخب إسبانيا ذاته. واختتمها بضربة حرة تعيد إلى الأذهان رونالدو الشاب في مانشستر يونايتد.

     

أما ميسي فقد منحه كأس العالم واحدًا من الأهداف الجميلة. صحيح أنه الهدف الوحيد للبولغا، لكنه كان أحد أجمل أهداف البطولة. وكأن ثنائية الكم والكيف لم تعد قادرة على الاستمرار. وخرج كلاهما من كأس العالم. ولوقت قصير شعر الخصوم وكأن شيئًا ما يجمعهم.