شعار قسم ميدان

هوية أرسنال الوهمية.. ما ذنب ديفيد لويز؟

ميدان - هوية أرسنال الوهمية.. ما ذنب ديفيد لويز؟

في الشوط الثاني من مباراة واتفورد وأرسنال، والتي انتهت بتعادل إيجابي بهدفين لكل فريق، تلقَّى الفريق اللندني نحو 30 تصويبة من قِبل المستضيف. سحبت تلك التصويبات كل شيء من أرسنال خلال 20 دقيقة تقريبا، سحبت منهم تقدُّمهم بهدفين نظيفين، وبالتالي نقاط المُباراة، وكذلك سحبت منهم أي ادعاء يخص التنظيم الدفاعي أو الميل إلى الارتكان الدفاعي والذي كان يملك مدربهم سمعة كبيرة بخصوصه، والأدهى أنهم حطموا نفوس لاعبي أرسنال، حتى اعترف قائدهم بالخوف الحقيقي. لم يكن الخوف من قوة لاعبي واتفورد، لكن الخوف من الكُرة.

 

"لم نلعب كُرة القدم على طريقتنا، لقد كُنا خائفين للغاية، لم يُرِد أحد الاحتفاظ بالكُرة" (14)

     

يُعاني أرسنال دفاعيا وعلى مستوى حيازة الكرة في المطلق. منذ بداية ولاية المُدرب الإسباني "أوناي إيمري"، تؤكِّد الوقائع والأرقام أن الـ"غانرز" لديهم مشكلة ضخمة كلما كانت الكرة بين أقدامهم، لكن إن لهث المُحلِّلون شهورا خلف تلك الأرقام لإبراز هذه الحالة المُستعصية لما تمكَّنوا من إيضاحها بقوة قدر ما فعلت كُرة المدافع اليوناني "سوكراتيس" ضد واتفورد. كانت تلك هي نقطة الذروة التي وضَّحت بشكل جليّ عجز أرسنال عن خروج الكُرة من الدفاع.

      

   

 "سوكراتيس عن التعادل مع واتفورد: أعتقد أني كلَّفت فريقي خسارة نقاط هذه المباراة، لقد كان خطأ مني على شيء بسيط جدا ما كان يجب أن أفعله، لا أريد التحدث عن بقية الفريق، لقد كان خطئي وكلّفنا هذا خسارة نقاط المباراة. لا شيء آخر"

   

قرار حامل الكُرة

تدفعك لقطة "سوكراتيس" تلك إلى دورب عِدّة للتفكير، أحد هذه الدروب يشرح، في شكل مُبسط، السبب الذي اعتمد عليه "إيمري" في استقدام المدافع البرازيلي "ديفيد لويز"، والذي لم يكن سببا خفيا كفاية ليدفعنا للنقاش طويلا حوله، حيث هو مدافع يُجيد استخدام قدميه في لعب الكرة -حتى وإن افتقد لبعض أساسيات الدفاع الطبيعية- ينتقل لفريق يؤكِّد مدربه أن بناء اللعب من الخلف هو هوية النادي التي يجب الحفاظ عليها. (1) أما الدرب الآخر فهو تساؤل يخص تكتيك أرسنال في الأساس.

   

المدافع اليوناني
المدافع اليوناني "سوكراتيس" (رويترز)

  

عقب مباراة واتفورد المُشار إليها، لام سوكراتيس نفسه، وقال إنه السبب الوحيد في هذا التعادل وإنه ما كان يجب أن يقوم بذلك التصرف، (2) أي التمرير في تلك النقطة من الملعب بهذه الوضعية، في حين رفع عنه أوناي إيمري الذنب، وقال إن الجميع يتحمّل أخطاء بعضهم بعضا. (1)

    

لكن بعيدا عن هذه الأفلاطونية المثالية، مَن يتحمّل ذلك الخطأ بالفعل؟ لا خطأ التمرير نفسه، بل خطأ اتخاذ قرار التمرير من البداية. يذهب بنا ذلك التساؤل المنطقي إلى إحدى أعقد القضايا التكتيكية، وهي: ما المؤثر الرئيسي على قرار حامل الكُرة؟ تلك المُعضلة التي لم ولن تجد أي إحصائية أو مفهوم رقمي يُفسِّرها، وهي قرار اللاعب في المطلق، وبالأخص حامل الكُرة. يعتقد المدرب الإسباني "بيب غوارديولا" أن وضعية الخصم هي التي تُحدِّد مصير حامل الكُرة، في حين يختلف معه " إيمري" في رؤياهبتعديل الفيفا لقانون ضربات المرمى، فإن ذلك يُعَدُّ -ظاهريا- تسهيلا لمهمة بناء اللعب من الخلف عن طريق تمريرات المدافعين، لا يُفيد ذلك التعديل أرسنال فقط، ولكن يُفيد كل الفرق التي عانت مُشكلة في عملية الضغط على ثنائي الدفاع أثناء بناء اللعب، ولعل أهمهم: فريق مانشستر سيتي.

 

   

سابقا، كان هناك ضرورة لأن ينتظر المدافع الكرة حتى تخرج تماما من منطقة الجزاء، قبل أن يقوم بالتعامل معها، وفي اللحظة التي تخرج فيها الكرة إلى منطقة اللعب، تكون الفُرص متكافئة بين المدافع والخصم المُهاجِم أو الضاغط، لأن بمجرد خروج الكرة يحق لأي لاعب من أي طرف التعامل معها، لكن سمح القانون الجديد للمدافعين بلمس الكرة لمرة واحدة فقط داخل منطقة الجزاء، قبل أن يكون من حق الخصم الدخول إليه، وبداية عملية الضغط المُضاد والمُبكِّر.

   

منح ذلك التعديل الوقت والمساحة (نحو 300 ياردة مُربعة) من أجل اتخاذ القرار المُناسب للتمرير، من حيث اتجاه التمريرة وقوّتها واختيار مُستقبلها. لكنه كذلك يُعَدُّ سلاحا ذا حدين، طالما لا تملك أداة ما تتحكَّم فيها بقرار اللاعب نفسه. الاستخدام الأول لذلك القانون داخل الأراضي الإنجليزية كان على يد "غوارديولا" في لقاء السوبر الإنجليزي، أو بطولة الدرع الخيرية، وأمام أحد أكثر الفِرَق قدرة على تنفيذ الضغط المُبكِّر والمُضاد، ليفربول.

       

    

"جوارديولا يستمر في الاختراع باستخدام القانون الجديد لركلات المرمى"

 

أثناء ضربات المرمى، اعتمد المدرب الإسباني على رسم خططي يقوم على وضع لاعبَيْن في داخل منطقة الجزاء، هما: قلب الدفاع الأقرب للعبة، وليكن في تلك الحالة قلب الدفاع من جهة اليسار، وبجانبه حارس المرمى، أو حامل الكرة في اللحظة الأولى للعبة، من أمامهما ثلاثي الظهير الأيسر ملاصقا لخط التماس، ونظيره الأيمن في موضع أقرب قليلا لمنطقة الجزاء منه إلى خط التماس، وقلب الدفاع الثاني في نصف المسافة بينهما، أي في قلب الملعب تقريبا. ثم ثنائي الارتكاز من أمامهما صانع اللعب الوحيد، يتوسط المسافة بين الجناحين ثم رأس الحربة. رقميا، يُعَدُّ ذلك الرسم 2-3-2-1-2-1.

  

بذلك الشكل، يمنح "بيب" حامل الكُرة الأول -حارس المرمى- خيارا واحدا فقط للتمرير، في حين يضع أمام المدافع 4 خيارات للتمرير في كل جهات الملعب، بما فيهم خيار إعادة التمريرة لحارس المرمى الذي بدوره يُتقن تمرير الكُرة ومن ثم تأمين الخروج بها، وكذلك وجود لاعب زميل في كل مساحة حرة من الملعب بانتشار عمودي على مرمى الخصم، يكفل فرص الحفاظ على قنوات التمرير الطبيعية حتى الثلث الأخير من الملعب.

   

تاريخ من عشوائية بناء اللعب

بينما في لندن، يظهر التباين بوضوح بين رؤية جوارديولا لقرار حامل الكُرة، وبين رؤية مواطنه إيمري. استغنى المدرب الإسباني للأرسنال عن خدمات حارسه المُخضرم "بيتر تشيك" في اللحظة التي آمن فيها بقدرات بديله الألماني "لينو"، فيما يخص تدوير الكُرة من النقطة الأولى من الملعب. كان الفريق بحاجة إلى حارس مرمى يتماشى مع ما يُسميه المُدرب "هوية النادي"، بالتالي حفظ الحارس الشاب موضعه في التشكيل الأساسي، لكن ظلت المشكلة مستمرة لأن المدافعين ليسوا بالجودة الكافية لاستخدام الكُرة وتدويرها من تلك النُّقطة من الملعب.

  

مع بداية الموسم الجاري، تبيَّن أن أرسنال ما زال يُعاني في عملية بناء اللعب من خلال مدافعيه، وهي مشكلة بدأت تقريبا في السنين الأخيرة من عهد "أرسن فينغر"، لكنها استمرت حتى في ظل استغلال القانون الجديد لركلات المرمى، والذي قرر أوناي أن من خلاله سيكون عدد لاعبيه الموجودين داخل منطقة الجزاء، أثناء ضربة المرمى، هو 3 لاعبين: حارس المرمى وعن يمينه ويساره قلبا الدفاع، ثم في آخر أطراف الملعب يوجد الظهيران، جميعهم على الخط نفسه تقريبا، ومن أمامهم يبدأ ظهور ثنائي الارتكاز، الذي يُعوِّل عليهما إيمري في استلام الكُرة ثم تدويرها. رسم أقرب إلى 5-2-3-1 لكن بوجود أقرب لخط المرمى.

    

عملية بناء أرسنال للعب ضد نيوكاسل، باستخدام القانون الجديد لضربات المرمى (مواقع التواصل)
عملية بناء أرسنال للعب ضد نيوكاسل، باستخدام القانون الجديد لضربات المرمى (مواقع التواصل)

   

يُوضِّح ذلك الرسم اعتماد أرسنال على انتشار أفقي وليس رأسيا، الغرض منه توفير المساحة لكن في الثلث الأول من ملعبه مما يُحفِّز الخصم للضغط عليه ومن مناطق قريبة جدا من مرماه. باختصار، إن كانت طريقة السيتي تعني تفكيك الضغط واستغلال المساحة الموجودة بين لاعبي الفريق الضاغط، فإن أسلوب الـ"غانرز" هو أسلوب مستفز للضغط، أو طالب للضغط، لأنه يتطلَّب من قلبَيْ الدفاع قطع مسافة طويلة بالتمريرة نحو أحد ظهيري الطرف، والذي سيكون في موقف صعب حال استلام الكُرة بجانب خط التماس، أو يُجبرهم على اختيار تمريرة بينية صعبة إلى أحد ثنائي الارتكاز الموجود في قلب الملعب، تماما كما جاء خطأ سوكراتيس، هذا مضافا إلى أن تمركز لاعبي أرسنال بهذه الشاكلة يجذب الخصم لمناطقه بسهولة ومن بداية اللعبة.

   

تسبَّب خطأ اليوناني ضد واتفورد في هدف تقليل الفارق من 2-0 إلى 2-1، لكنه تُبع بخطأ مباشر جديد من الوافد حديثا، ديفيد لويز، تسبَّب في ركلة جزاء تحقق منها التعادل لصالح واتفورد. لكن هل لو تبدلت الأدوار في اللقطتين، وكان مدافع تشيلسي السابق بدلا من سوكراتيس، وهو المطلوب منه بناء اللعب عن طريق تمريرة قصيرة للاعبي وسط الملعب، هل ستختلف النتيجة؟ الإجابة الصريحة والصادمة هي: لا. وذلك لأنه لا يُجيد التمريرات أيضا، أو للدقة، لا يُتقن النوع القصير منها.

   

مشكلة "لويز" المُتكررة

يُعتَبر المدافع البرازيلي مُشكلة دائمة في كل الفِرَق التي لعب لها، حيث عانى 20 مُدربا -تقريبا- في إيجاد الاستخدام الأمثل لذلك الموهوب، لكن بعيدا عن فترة لعبه تحت ولاية المدير الفني "جوزيه مورينيو" والذي سعى دائما لأن يُقلِّل استخدامه كمدافع أصلا، ليكون محورا دفاعيا متقدما، وكذلك فترة لعبه رفقة المدير الفني الإيطالي "كونتي"، والذي وظّفه كـ"ليبرو" في خطة ثلاثية لقلب الدفاع، فإن الاستخدام الأقرب له وفقا للهوية التي يدّعيها "أوناي إيمري" هو وجوده في خطة المدرب الإيطالي "ساري"، خلال موسم 2018-2019، حيث رُباعي دفاعي ورغبة دائمة في بناء اللعب من الخلف.

     

المدافع البرازيلي 
المدافع البرازيلي "ديفيد لويز" (رويترز)

   

في الشكل الذي يتبعه إيمري، وبمحاولاته الدائمة لوجود أمثال "تشاكا" و"جيندوزي" و"سيبايوس" على حساب أسماء كـ"توريرا"، فإن ذلك يُشير إلى اعتماده على لاعبي وسط الملعب وليس على المُدافعين أنفسهم، فيما يخص تدوير اللعب، بالتالي جُلّ ما قد يطلبه من رباعي خط الدفاع هو حُسن إيصال الكُرة لأحد ثنائي الارتكاز فقط.

  

في تشكيلة ساري لموسمه مع "البلوز"، كان "جورجينيو" هو قلب الفريق الذي يضخ كل الكرات لكل مواضع الملعب، لكن مع استمرار المُباريات، بدأت الفِرَق بتنفيذ ضغط مُكثَّف على لاعب نابولي السابق. حتى فريق أرسنال بقيادة مُدربه الإسباني نجح في الضغط على تلك الثغرة ونال منها مكاسب منطقية، كالفوز بهدفين نظيفين في ثاني لقاء جمعهما خلال الموسم نفسه.

  

وجد ساري الحل في أقدام ديفيد لويز، وقرّر في كل لحظة يجد فيها جورجينيو نفسه تحت الضغط أن يتم تمرير الكرة للمدافع البرازيلي، والذي حينها سيملك المساحة والوقت المناسبين من أجل تفكيك ذلك الضغط عن طريق تمريرة طولية لأحد أطراف الملعب الهجومية، بما يضع الجناح في موضع واحد ضد واحد، وهو موقف مُفضَّل جدا هجوميا.

   

اكتشف إيمري ضرورة الاعتماد على الكُرات الطولية، بعد الخطأ الذي وقع فيه سوكراتيس ضد واتفورد، والذي كان قمة المنحنى البياني لفشل أرسنال في بناء اللعب
اكتشف إيمري ضرورة الاعتماد على الكُرات الطولية، بعد الخطأ الذي وقع فيه سوكراتيس ضد واتفورد، والذي كان قمة المنحنى البياني لفشل أرسنال في بناء اللعب
  

قبل لقاء نهائي الدوري الأوروبي، والذي جمع أرسنال وتشيلسي، أوضح "ج. ج. بول" مُحلل جريدة "تليغراف" الإنجليزية ضرورة استخدام لويز لمهارته في الكُرات الطولية، (3) لحل أزمة الضغط الذي يواجهه تشيلسي، وتحديدا ضد جورجينيو، ضاربا المثال في ذلك بلقطات جمعت بين الكُرة، وديفيد لويز وبيدرو على الرواق الأيمن من الملعب، كنموذج على استغلال الكُرات الطولية لتفكيك الضغط.

  

الآن في موسم 2019-2020، متوسط أرسنال للكُرات الطولية خلال اللقاء الواحد هو 54 تمريرة فقط، بما يُعادل 10% فقط من إجمالي التمريرات! (4)(6) في حين يستخدم ليفربول مثلا ذلك التكتيك في 64 مرة على الأقل في كُل لقاء. (4) الغريب أن نسبة ديفيد لويز في تمريرات أرسنال الطولية لا تتخطى 15%، (5) وفي حين ترتيب الريدز ضمن الفِرَق الأكثر استخداما لتكتيك الكُرات الطولية هو المركز الخامس خلال الموسم، فإن أرسنال يتساوى مع كريستال بالاس في المركزين الـ14 والـ15. (4) لا يمكن في تلك الحالة اعتبار مدافع أرسنال البرازيلي هو المشكلة، بل تكمن المُعضلة في التساؤل نفسه الذي يخص سياسة أرسنال أثناء الاستحواذ، وقرارات لاعبيه، مَن يُحدِّد للاعب نوعية التمريرة التي يجب استخدامها؟

  

اكتشف إيمري ضرورة الاعتماد على الكُرات الطولية، بعد الخطأ الذي وقع فيه سوكراتيس ضد واتفورد، والذي كان قمة المنحنى البياني لفشل أرسنال في بناء اللعب، حيث لم تكن تلك اللقطة كاشفة للجماهير فقط، بل أجبرت المدير الفني على الاعتراف بضرورة تعديل التكتيك المُتَّبع، من بعد تلك المواجهة مباشرة، ارتفع نسق أرسنال عموما، وديفيد لويز خصوصا، في استخدام الكرات الطولية. وبعدما كان المُعدل الطبيعي للاعب، قبل التعادل أمام واتفورد، هو 3 تمريرات طولية فقط خلال كل مباراة، فلقد نفّذ 9 أمام أستون فيلا. (5)

     

undefined

       

تكلفة الاختيار

لم يستغنِ الفريق عن سياسته بالكامل في التمريرات القصيرة من قلبَيْ الدفاع، لأن في الحديث نفسه الذي أكّد فيه إيمري أنه بحاجة إلى زيادة استخدام الكُرات الطويلة والعميقة لقلب الملعب وأطرافه، أكّد أيضا أنه مهما كانت الخسائر، فإنه سيُحافظ على هوية النادي بالتمريرات القصيرة التي تبدأ في الثلث الأول من الملعب، والسؤال المنطقي حاليا هل يُجدي ذلك نفعا؟

  

خلال الشهور القليلة التي مرّت من موسم 2019-2020، وقعت عديد الفرق في أخطاء نتيجة التمريرات القصيرة وقرارات بناء اللعب عن طريق قلبَيْ الدفاع، فنجد أن "جون ستونز" قد وقع في الخطأ نفسه ضد هولندا، وأخطأ مدافع بلغاريا "بلامين إيليف" بالطريقة ذاتها ضد إنجلترا، ثم "مايكل كين" ضد منتخب كوسوفو، وكذلك "نيكولاس أوتاميندي" ضد نورويتش سيتي. جميعهم أعضاء قائمة لن تنتهي من الأخطاء نتيجة بناء اللعب بهذه الطريقة والذي يُشير في اللحظة الأولى لتنفيذه بأن الخطورة مكفولة أثناء عملية البناء تلك، فلماذا يُقبل عليه أرسنال وأمثاله؟

   

   

"هدف "كريم بنزيما" الذي جاء من خطأ مباشر من الحارس "فالديز" بكلاسيكو الدور الثاني لموسم 2011/12″

    

بالعودة لثاني أهداف المهاجم الفرنسي "كريم بنزيما" بالكلاسيكو، والذي سُجل في ديسمبر/كانون الأول من عام 2011، وتحديدا في لقاء الدور الثاني، نكتشف أن بداية الهدف كانت عملية بناء لعب للـ "بلوغرانا"، أحد أنجح الفِرَق في استخدام تكتيك بناء اللعب من الثلث الأول للملعب، عن طريق التمريرات القصيرة من حارس المرمى وقلبَيْ الدفاع، كان ذلك الهدف في توقيت مُبكِّر جدا، بعد 20 ثانية فقط، ونتيجة تمريرة سيئة للغاية من الحارس "فيكتور فالديز"، لكن النتيجة النهائية لهذه المُباراة كانت 3-1 لصالح الكتلان، إذن، بحساب مقدار الخطورة، فإن النتيجة النهائية رابحة لصالح برشلونة، لكن بالنسبة لأرسنال؟ الأكيد أن الإجابة لا.

   

قبع أرسنال في المركز الـ98، أي الأخير من أصل 98 ناديا ينشطون في الدوريات الخمس الكُبرى، (7) من حيث عدد التصويبات على مرماه خلال موسم 2019-2020 (96 تصويبة حتى لقاء واتفورد فقط)، حيث يتلقى التصويبات على مرماه بمُعدل 5.68 تصويبة لكل لقاء في ظل ولاية أوناي إيمري، (7)  في حين كان المُعدل في آخر مواسم فينغر 4.16 تصويبة فقط. وحسب موقع "إنفو جول" فإن شباكهم عُرضة لأن تستقبل الهدف الأول في أي مُباراة بنسبة 56%، حيث احتاج الخصوم إلى متوسط 34 دقيقة فقط في كل لقاء، من أجل اكتشاف طريق لمرمى "لينو". (8)

 

للمقارنة، فإن نسبة ليفربول لاستقبال الهدف الأول في أي مُباراة لا تتخطى 25%، ولم يعرف الخصوم طريق مرماهم لإحراز هدفهم الأول قبل 60 دقيقة كمتوسط. (9) وتلك هي المخاطر التي يتحمّلها إيمري من أجل الحفاظ على ما يدّعي أنه هوية النادي، فهل تُقدِّم هذه الهوية خدمات تكفي لتحمّل ذلك كله؟

     

undefined

     

في الموسم الأخير للمدرب الفرنسي داخل أروقة ملعب الإمارات، سدَّد أرسنال على خصومه بمُعدل 4.58 تسديدة لكل لقاء، في حين انخفض ذلك إلى 3.89 في عهد المدير الفني الإسباني، ما جعله يُنهي الدوري المحلي لموسم 2018-2019 في الترتيب الـ11 من حيث عدد التصويبات على مرمى الخصوم بـ 467 وبفارق 216 تصويبة عن المتصدر (مانشستر سيتي). (10) وبعد مرور 9 جولات من موسم 2019-2020 فإن أرسنال يتساوى مع مانشستر يونايتد وتوتنهام في المراكز 8-9-10 من حيث عدد التصويبات بـ117 تصويبة فقط. (11)

   

وفقا لما انتهى من الموسم الثاني لأوناي إيمري، الواضح أن المُدرب الإسباني بحاجة إلى البحث عن هويته هو التكتيكية، قبل أن يُلصق كل إخفاق يقع فيه الفريق بضرورة التمسك بهوية أرسنال، والتي يُفترض أن تعيينه تم لتعديل هذه الهوية التي فقدت رونقها خلال المواسم الأخيرة لمؤسس هذه الهوية، أرسن فينغر، وقبل أن يظهر ليدافع عن أخطاء لاعبيه، خاصة المُدافعين، عليه أن يعلم أنه المسؤول الأول عن قرارات كُل لاعبيه في أرض الملعب، ذلك قبل أن تأتي نُقط عُليا على منحناه البياني مع الفريق تجعل المطالبة بإقالته واضحة بشكل لا يخفى على الجماهير، ولا حتى على الإدارة.

المصدر : الجزيرة