شعار قسم ميدان

زيدان وهازارد.. مهاجم وهمي جديد على غرار ميسي غوارديولا؟

ميدان - هازارد وريال مدريد

هازارد في ريال مدريد، بالطبع هو حدث منتظر منذ سنوات، منتظر من اللاعب نفسه ومن جماهير الملكي، ومنتظر من زين الدين زيدان قبل الجميع، الرجل الذي تمنى ذلك منذ 10 سنوات، فحدث له ما تمنى حين أصبح مدربا للريال، لكي يحدث السيناريو الذي تمناه بأفضل طريقة ممكنة.

   

ميركاتو

حتى هذه اللحظة اقتصرت تعاقدات ريال مدريد على هازارد ويوفيتش وميندي ورودريغو وميليتاو، وتشير التوقعات إلى احتمالية قدوم لاعب وسط إضافي سيكون إما بوغبا وإما خيارا آخر، ولا يظن أحد أن زيدان يريد أكثر من ذلك، أو أن بيريز يستطيع إنفاق أكثر من ذلك وفقا لمدخلات النادي المنتظرة من الميركاتو. (1) (2)

   

وبالنظر إلى الأسماء الموجودة، فلا يبدو أن زيدان سيعتمد على الـ 4/3/3 كما فعل في بداية حقبته الأولى، الرجل في صدام حقيقي مع بيل، وليس من أشد المعجبين بفينيسيوس على الأقل حاليا، ولا يمتلك أجنحة أخرى، ولم يقم بمحاولات لجلب أجنحة شبيهة يستطيع الاعتماد عليها لاستنساخ المنظومة ذاتها، وأخيرا فهو يمتلك مهاجمَيْن لن يجلس أحدهما بديلا على الأغلب، وخلفهما لاعب رقم 10 يُدعى هازارد أصابه بالهوس منذ أن كان يافعا في ليل الفرنسي. (3) (4)

   

إذن نحن أمام احتمالية لـ 4/4/2 ماسية أخرى، لا تشبه في تفاصيلها تلك التي حصدت الخماسية في 2017، بوجود هازارد وبنزيما ويوفيتش وجدنا تشابها مع منظومة أخرى أبهرت العالم في برشلونة منذ 10 سنوات، حين قرر غوارديولا وضع ميسي خلف ثنائية إيتو وهنري بأدوار مركبة للثلاثي، وبغض الطرف عن فارق الجودة فهي الثلاثية الأشبه بتلك التي يمتلكها زيدان اليوم، ينقص فقط أن يرتدي هو ثوب الفيلسوف الكتالوني.

   

لماذا نحن هنا؟
القصة كلها بُنيت حول هازارد، وتاريخها يعود إلى العام 2010، حين نصح زيدان إدارة ريال مدريد بالتعاقد مع النجم البلجيكي الشاب قبل أن تلتقطه أعين الآخرين
القصة كلها بُنيت حول هازارد، وتاريخها يعود إلى العام 2010، حين نصح زيدان إدارة ريال مدريد بالتعاقد مع النجم البلجيكي الشاب قبل أن تلتقطه أعين الآخرين
   

نحن هنا لنتتبّع تصريحات ومعطيات سابقة، نحاول من خلالها بناء الخطة الأمثل اعتمادا على الأسماء الموجودة ورؤية زيدان لها، لننتقل إلى مرحلة توظيفها داخل إطار متماسك، وهي لا تعني بالضرورة أن تلك هي الأفكار التي تدور في رأس زيزو حاليا، هي على الأقل دارت في رأسه يوما، أو بالأحرى ناسبت فلسفته حتى وإن عدنا بالزمن لليوم الذي كان فيه لاعبا.

  

القصة كلها بُنيت حول هازارد، وتاريخها يعود إلى العام 2010، حين نصح زيدان إدارة ريال مدريد بالتعاقد مع النجم البلجيكي الشاب قبل أن تلتقطه أعين الآخرين، لماذا إيدين تحديدا؟ لأنه يشبهه، وهي أول مرة يصرح زيزو بأن هناك لاعبا من الممكن أن يخلفه منذ اعتزاله في 2006. (5) السؤال هنا؛ أي توظيف لهازارد الذي لعب في كل مراكز الهجوم تقريبا الذي يشبه زيدان؟ بالطبع هو ليس الجناح، اللاعب رقم 10 الذي لا يصنع بنفس غزارة صناع اللعب ولا يسجل بغزارة المهاجمين، ولكنه يفعل كليهما بنسبة متوسطة، في وقت يتم توظيف إمكانياته من خلال الرؤية والمساحات والتحضير المتقدم، مع الدخول إلى المشهد في الوقت الذي يتطلب ذلك، سرد يبدو بلا قيمة لمقدّسي الأرقام.

  

الأرقام تنصف زيدان المدرب، بل إنه يمكن القول إنها أعطته أكثر مما يستحق، ولكنها ليست قادرة على تلخيص مسيرته كلاعب، الرجل الذي يُعدّ أحد أفضل 5 لاعبين في التاريخ الحديث للكرة بما لا يدع مجالا لنفي ذلك، في منطق الأرقام لم يتفوق في الصناعة على داني ألفيش الذي يُصنّف كمدافع أيمن، ولم يسجل نصف أهداف هيغوايين أو بنزيما مثلا. هل اتضحت الفكرة الآن؟ (6)

        

    

فانتازيا

دعك من الحارس والمدافعين الأربعة، وكاسيميرو الذي فضّله زيدان على يورينتي دون مبرر حقيقي سوى معادلة أهل الثقة وأهل الكفاءة، لاعب وسط إضافي سيأتي ليلعب بجوار كروس، وأمام كل ذلك هازارد رأسا لمثلث قاعدته يُشكّلها بنزيما ويوفيتش، في 4/4/2 أو 4/3/1/2، الأفضل أن تدعك من تلك الأرقام أيضا وتتخيل الصورة فقط بوجود هؤلاء.

 

نعود إلى غوارديولا الآن، قبل أن يبدأ بيب في تشكيل منظومته كان ميسي جناحا أيمن، وهنري وإيتو مهاجمين، يلعب كلاهما على حدة، ولا يحب اللعب بجوار مهاجم آخر، حتى إنهما اعترضا على ذلك التوظيف الجديد، فرحل إيتو بعدما تمرد، ثم رحل هنري بعدها بعام لأنه لم يلتزم بذلك الرسم.(7) (8)

  

  

ما الفكرة؟ ميسي يستطيع فعل أي شيء، هكذا أدرك غوارديولا، ليدرك بعدها بالتبعية أنه من الحماقة حصر إمكانياته تلك في دور الجناح الذي يبقى أغلب المباراة على الخط، لتستفيد فقط من قدرته على الدخول في العمق اعتمادا على مراوغاته، جميعنا اليوم يعلم ذلك بعدما شاهدنا أكثر من توظيف يتفوق ليو في كلٍّ منهم على نفسه، ولكن بيب كان يعلم منذ البداية، هذا هو الفارق.

  

إيتو وهنري؟ مهاجمان أيضا من طينة لم توجد كثيرا في تاريخ الكرة، يستطيعان توسيع الملعب عرضيا باللعب على الأطراف وفتح المجال لثالث لأن يدخل بينهما، إذن سيكون ميسي هو قاعدتهما للخلف في حالة صناعة اللعب، وللأمام حين الانتهاء من صناعته، سيلعب ليو دور صانع الألعاب خلفهما ودور المهاجم أمامهما بانسيابية تضمن تبادل الأدوار بالشكل المطلوب. هذا هو أبسط شرح ممكن لرؤية غوارديولا في ذلك الوقت، والتي تم تطبيقها عمليا في موسم 2009، قبل أن يتم استبدال بيدرو وفيا بإيتو وهنري في 2011، الموسم الذي شهد أكثر كرة قدم فعالة تجمع ما بين المتعة والنتائج وتحل بدورها هذه المعادلة السخيفة التي تدّعي وجود تعارض بينهما.

 

استنساخ

أولا عليك أن تعرف أن كرة القدم قائمة على إعادة تدوير الخطط بشكل أو بآخر، الجميع ليسوا مبتكرين، لذا فالاقتباس من الماضي ومحاولة استنساخه شيء طبيعي، يحدث بهدف التطوير والوصول من الأصل إلى الصورة التي تلائم الحاضر، وهذا ما يمكن لزيدان فعله اليوم، استنادا إلى حقيقة أن الرجل نفسه اعترف بأنه ليس غولا تكتيكيا وأنه لم يأتِ لاختراع العجلة.

       

هازارد وميسي (رويترز)
هازارد وميسي (رويترز)

      

هي ليست مصادفة، فجميعنا يعرف التقارب ما بين أسلوب ميسي وهازارد، وهذه ليست مقارنة بالمناسبة، على الرغم من أن المقارنة ستبدأ بمجرد انطلاق الموسم لأنها لا بد وأن تكون حاضرة بين الغريمين، "سوشيال ميديا" ولأن جماهير الملكي افتقدت ذلك الأمر برحيل رونالدو.

  

لنترك الفرعيات ونعد إلى ما نحن هنا من أجله، نعم هازارد يشبه ميسي في الاحتفاظ بالكرة والقدرة على الجمع بين التسجيل والصناعة والمراوغة على الأطراف وفي العمق في مساحات مفتوحة ومغلقة، رؤية متقاربة أيضا للملعب، مع أفضلية لميسي على أيٍّ من لاعبي جيله بالطبع في كل شيء، هل استراح هواة المقارنات الآن؟

  

إذن هازارد سيلعب مع زيدان دور ميسي في منظومة بيب، الرقم 10 المتقدم، يتبقى لدينا الثنائي الذي سيلعب أدوار إيتو وهنري، أو بيدرو وفيا لاحقا، وهنا نحن نمتلك بنزيما ويوفيتش. لا تضحك على وضع اسم بنزيما أرجوك لأنها ليست جريمة، الرجل كان نموذجا للمهاجم العصري الذي يستطيع اللعب في أي نقطة حول منطقة الجزاء، هكذا كان مع بيليغريني ومورينيو، وهكذا كان مع ليون قبلها، في الوقت الذي تصارع عليه الكثيرون حينها، ومن بينهم السير أليكس فيرغسون الذي رأى فيه مشروع أفضل مهاجم في العالم، السير الذي لم يكن يحب الرقم 9 الكلاسيكي على الإطلاق. (9)

    

مع بيليغريني وفي أول مواسمه مع ريال مدريد لعب بنزيما دور الجناح الأيمن المهاجم، دورا شبيها بما يقوم به كيليان مبابي اليوم، وبعدها بصورة تبادلية مع هيغوايين ورونالدو في حقبة مورينيو، قبل أن يتحول الرجل إلى دوبلير دائم لصاروخ ماديرا، مع بعض من اللا مبالاة التي تمتع بها ليصنع صورته الذهنية التي يتفق عليها أغلب المشجعين الآن.

         

لوكا يوفيتش (غيتي)
لوكا يوفيتش (غيتي)

    

الآن تبقى لوكا يوفيتش، الرجل الذي لعب دورا مشابها لنوعية المهاجمين التي نتحدث عنها، مهاجم ثانٍ مع ريبيتش في فرانكفورت بأدوار مركبة أيضا بين الثنائي، لاعب لا يتمركز داخل الصندوق دائما، وإن فعلها في مناسبات فهو قادر على التحرك في المساحات الموجودة حولها، وهو ما يتطلبه الرسم المنشود. (10)

    

إذن المنظومة هنا ستصنع نفسها، بنزيما ويوفيتش أحدهما يميل يمينا والآخر يسارا، ويقتحم ثنائيتهما هازارد، يكون خلفهما تارة ويكونان خلفه تارة، مهاجمان متحركان لديهما القدرة على التسجيل من أماكن متفرقة، وصانع ألعاب يضمن وصول عدد مناسب من الفرص لهما، ويستطيع الإتيان بالحل الفردي عند الحاجة، ألا يبدو التشابه منطقيا الآن؟

     

في نهايات أغسطس/آب سيبدأ الموسم، سيستقر زيدان على تشكيل أساسي من البداية، أو ربما تستمر التجارب إلى ما بعد الفترة التحضيرية حتى يصل إلى الاستقرار، وسواء لجأ زيدان إلى تلك المنظومة أو لا، فإنها ستظل أحد أكثر الحلول المطروحة منطقية وفقا للمعطيات، ووفقا لوقائع تشهد على نجاحات خرافية حدثت من قبل، ووفقا لكرة تحتاج إلى أن تُدار هكذا في سانتياغو بيرنابيو، في وقت يبدو فيه المشجع المدريدي متعطشا للكرة الجميلة التي تأتي بالبطولات، ولأن يحصل على منظومة يضعها في وجه منظومة غريمه أثناء صراعهما الذي لن ينتهي أبدا.

المصدر : الجزيرة