شعار قسم ميدان

يوسف بلايلي.. من إدمان المخدرات إلى قيادة المنتخب الجزائري

ميدان - بلايلي
اضغط للاستماع

 

كل شيء بدأ مع صافرة نهاية مباراة اتحاد العاصمة ومولودية العلمة، توجه حينها اللاعبون كالعادة نحو غرفة خلع الملابس قبل أن يطرق الباب أحد أعضاء لجنة الاتحاد الأفريقي، ثم طلب بشكل عشوائي عددا من اللاعبين لأجل الخضوع لكشف المنشطات، من بينهم محمد يوسف بلايلي.

كان خائفا، وربما بدا أكثر الحضور توترا قبل أخذ العينات، وكأنه يشعر أن كابوسا ثقيلا يحاصره. انتظر اللاعبون النتيجة، ليخرج عضو اللجنة الأفريقية ويطلب من الجميع العودة للغرفة عدا يوسف عليه أن ينتظر. كانت العينة الخاصة به إيجابية، وهو ما يشير إلى تعاطيه المنشط أو المخدر، وقد أبلغه المسؤول أن عليهم إرسال العينة للمعمل من أجل التأكد.(1) بدأ الكابوس فعلا.

تورط يوسف في أمر جلل، وكان عليه أن يدفع ثمنا باهظا، قد يصل حتى لإنهاء مسيرته كلها مع كرة القدم، بل إن الغالبية الكاسحة من المتابعين والجمهور ظنوا أن تلك المباراة ستكون الأخيرة ليوسف. كان ذلك مجرد ظن لا أكثر، بدده بلايلي بعزيمة فولاذية وإصرار قل نظيره، ونجح في كتابة قصة هوليودية بدأت مع موجة من التوبيخ واللعنات عصفت بحياته أو كادت، وانتهت به بطلا للقارة الأفريقية مع ناديه ومنتخب بلاده.

وهران وهران

الكثيرون يحبون الراي الجزائري، وإن كنت تحبه أيضا فهذه فرصة جيدة لتذكر أغنية "وهران". هي واحدة من أجمل ما أدّى عملاق الراي: الشاب خالد، وفيها يغني لمدينته ذات الخصوصية العالية ثم يتحسر على حاله في الغربة. وقد صدرت الأغنية في أوائل التسعينيات، ولا بد أنها ظلت عالقة في ذهن سكان أكبر مدن الجزائر، بل والمغرب العربي كله.

تعود علاقة يوسف بلايلي وبغداد بونجاح مُذ كانا طفلين، وانضمّا معا لنادي شباب غرب وهران
تعود علاقة يوسف بلايلي وبغداد بونجاح مُذ كانا طفلين، وانضمّا معا لنادي شباب غرب وهران
 

في تلك الأثناء، كان هناك طفلان من المدينة يعرفان طريقهما نحو كرة القدم، يبحثان عن المباريات التي تُعقد يوميا في الشارع، ويشاركان في دورات كرة القدم بانتظام. وما إن أتم كلاهما عامه الخامس عشر حتى انضمّا لنادي شباب غرب وهران، وهو أحد أندية الجزائر الصغيرة.(2)

كان الثنائي مشاغبا، ولم يكتفيا بتدريبات الناشئين، بل ظلا يشاركان في مباريات الشارع. هناك لا يوجد قيود يفرضها المدرب، وبالتالي مجال أكبر للعنف والمكر والحيلة. الأول لا يزال يتمتع بقدر من ذلك الشغب واسمه بغداد بونجاح، أما الثاني فهو يوسف بلايلي. وقد سمع بهما كشّافو نادي مولودية الجزائر، ثم قرروا التعاقد مع بلايلي ليبدأ رحلة طويلة ومرهقة لإثبات ذاته.(3)

حين يتعاقد نادٍ كبير مع ناشئ في بداية مشواره، قد يظن أنه أزاح كل العقبات في طريقه للمجد، لكنه يتفاجأ بأجواء مختلفة من الصرامة والتنافسية. وربما هذا ما أحسه يوسف بعدما فشل في الوصول لفريق مولودية وهران الأول، فقرر الانطلاق خارج المدينة ليخوض تجربة أخرى. فمن وهران إلى شرق الجزائر، تنقَّل بلايلي في سن صغيرة بين أكثر من نادٍ سعيا خلف الفرصة، لكنها أتته -للمفارقة- في وهران فقط. كان ذلك بعدما تولى المدرب شريف الوزاني مسؤولية نادي المولودية ثم استدعاه، وكان الوزاني مؤمنا بإمكانيات يوسف، وقد رأى فيه لاعبا قادرا على تمثيل الخضر يوما ما.(4)

موسمان كاملان قضاهما يوسف تحت قيادة الوزاني. انتقل من خانة الناشئ إلى اللاعب المحترف، بعدما حظي بمشاركات منتظمة وصلت إلى 47 مباراة سجل فيهم 16 هدفا، قبل أن يحصل على استدعاء من المنتخب الأوليمبي. تضاعف رصيد يوسف، وأصبح واحدا من مواهب أفريقيا الواعدة في عيون وكلاء اللاعبين الذين عرضوا عليه فرصا للاحتراف في فرنسا، لكنه اختار الترجي التونسي(5) وهناك أخذ الجناح الجزائري مسيرته لمستوى آخر؛ توج بالدوري، وشارك في المنافسات القارية، وشاهد صورته على غلاف جريدة الهداف تحت جملة: "أفضل لاعب جزائري صاعد"، قبل أن يدخل أيضا دائرة اهتمام المنتخب الأول.(6)

الغرض من استعراض كل ذلك أمران؛ أولا التأكيد أن مسيرة يوسف كانت في تصاعد مستمر، وكان كثيرون يراهنون على مستقبله وقدرته على الذهاب إلى ما هو أبعد. أما الثاني فهو لفت الانتباه للصعوبات التي واجهها لإثبات جدارته. يوسف لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب ونال رعاية واستقرارا دائمين، بل احتاج إلى أن يكافح ويتحمل عناء الهجرة من مدينة لأخرى ومن نادٍ لآخر حتى يرفع اسمه عاليا.

بلايلي العاشر

في الأول من يوليو/تموز عام 2014، كان بلايلي على متن طائرة متجهة للجزائر. هذه المرة لينضم إلى نادي اتحاد العاصمة، الذي فاز لتوّه ببطولة الدوري بعد غياب دام 9 سنوات، ويستعد لخوض مغامرة أفريقية لاقتناص دوري الأبطال. ولذلك عقد عدة صفقات لتدعيم خطوطه، أبرزها كان يوسف بلايلي.

في الواقع كان استقبال الشاب في النادي العاصمي ذا دلالة واضحة. يكفيك أن تعرف قيمة راتبه التي وصلت، بحسب موقع العرب الصحفي، إلى 50 ألف دولار،(7) وهو رقم نادرا ما يحصل عليه لاعب صغير وغير دولي. لكن إدارة الاتحاد، برئاسة رجل الأعمال علي حداد، رأت أهمية الاستثمار في اللاعبين أصحاب الإمكانيات الكبيرة، لأن هؤلاء من سيقودون قطار النادي نحو عرش القارة السمراء.

كان كل شيء يسير على ما يرام، بل إن بداية يوسف كانت أفضل حتى من التوقعات. وراحت جماهير اتحاد العاصمة تؤلف الأهازيج التي تتغنى بمراوغات وقوة تسديدات ابن مدينة وهران، بعدما اكتسب كُنيته بينهم: "بلايلي العاشر"، نسبة لارتدائه القميص رقم عشرة. وبمرور الشهور الأولى، كان الجميع يتفق أن العاشر هو أفضل لاعبي البطولة الوطنية، أكثر من ذلك هو أن اسم يوسف بلايلي قد تحوّل إلى موضوع نقاش حول قدرة اللاعب المحلي مزاحمة المحترفين في تشكيل الخضر.

وبذكر الخضر، فطبعا أنت تذكر ما قدموه من أداء مشرف خلال مونديال 2014، تلك الكتيبة التي خلت من اللاعبين المحليين تقريبا عدا المهاجم عبد المؤمن جابو. وقد تنبأ كثيرون أن يرافق يوسف جابو في قائمة محاربي الصحراء قريبا، وهو ما تم خلال المعسكر التحضيري في مارس/آذار 2015، لكن لسوء الحظ تعرض بلايلي للإصابة، ومن ثم الاستبعاد.(8) كانت تلك نقطة التحول في حياة يوسف.

النجم الذي هوى

بعد أسابيع قليلة، نشرت صحيفة الشروق الجزائرية أخبارا تدين العاشر من الناحية الانضباطية، إذ أكدت الصحيفة تخلف البلايلي عدة مرات عن تدريبات ناديه دون توقيع أي عقوبة عليه من جانب الإدارة.(9) الأمر امتد حتى وصل إلى تجاهله اتصالات مدرب المنتخب كريستيان غوركوف. وهذا أدّى، بحسب الشروق، إلى تفكير محمد روراوة رئيس الاتحاد الجزائري وضعه في القائمة السوداء المحرومة من تمثيل الجزائر.(10)

لكن حتى تلك اللحظة لم يكن أحد يتصور ما حدث عقب مباراة مولودية العلمة، لذلك عندما أشارت العينة الخاصة به إلى تعاطيه الكوكايين، انتابت الأوساط الرياضية والجماهيرية صدمة مهولة. تضاعف حجمها مع رفض بلايلي الطعن على النتيجة، وهو ما يعني ضمنيا إقراره بما اقترف.(11) هل شاهدت ذات يوم نجما في السماء في عملية سقوط حر؟ لو لم تفعل، فما سيتعرض له يوسف يشبه ذلك كثيرا.

تسارعت الأحداث بعدها، وأصدر الكاف عقوبة تقتضي منع يوسف من كرة القدم لمدة 4 أعوام كاملة(12) وهنا وجد مسؤولو الاتحاد الجزائري أنفسهم أمام خيار واحد وهو إدانة ما فعل والتصديق على العقوبة، أما ناديه فقد عرض عليه تقاضي مرتب رمزي بدلا من فسخ عقده بالكامل،(13) وطبعا بدأت الصحافة في كتابة عناوين أشهرها على الإطلاق هو: "نهاية يوسف بلايلي".

بصراحة كانوا محقين، تخيل نفسك مبرمجا ستتوقف عن كتابة سطر واحد من الشفرة لمدة أربعة أعوام، أو محاميا لن تتمكّن من دخول قاعة محكمة والدفاع عن قضية للمدة الطويلة نفسها، هذا يعني نسيانك المهنة برمتها واحتياجك إلى وقت طويل لاستعادة مهارتك، ناهيك طبعا بفضيحة تعاطي المخدرات. الأمر في كرة القدم أكثر صعوبة، ببساطة لأن لاعب الكرة لا يزاول مهنته لمدة 40 عاما مثلا كالمبرمج أو المحامي، بل يلعب بين 15 أو 18 عاما كحد أقصى، ومنعه من اللعب أربعة أعوام كاملة يعني ضياع ربع تلك المدة!

الغريب أن يوسف مثل رغم ذلك أمام المحكمة الرياضية رفقة محاميه، وهناك اعترف بتدخينه النرجيلة أثناء إحدى الحفلات، وكان ما دخنه مخلوطا بمادة الكوكايين، لكن دون علمه. بالفعل حققت المحكمة في ملابسات القضية جيدا، وفنّدت الأدلة التي قدمها الكاف وقدمها محامي بلايلي، لتكتشف صدق اعتراف الأخير ومن ثم تقوم بخفض العقوبة لعامين فقط من الإيقاف تنتهي في سبتمبر/أيلول 2017(14) لا تزال مدة طويلة جدا، قد تدفع أحدهم لاعتزال اللعبة، ولكن ليس يوسف بلايلي.

كلنا يوسف بلايلي

كان هذا هو عنوان تدوينة نشرها المعلق حفيظ دراجي،(15) ويقول فيها بوضوح إن أزمة بلايلي وضعته أمام فريقين؛ الأول يطالب برفع العقوبة نهائيا عن يوسف، ويتساهل فيما ارتكبه في حق نفسه وحق ناديه، بل يذهب بعضهم لتبرئته أساسا موجهين أصابع الاتهام لمؤامرة حاكها الكاف ضده. أما الفريق الثاني فهو على النقيض يريد ذبح بلايلي، ومد العقوبة لتصبح طوال الحياة، وطبعا لا يكفّون عن وصفه ووصف أسرته وناديه بأبشع الأوصاف، هؤلاء ببساطة يريدون فضيحة تستمر أطول فترة ممكنة.

الغريب في أوطاننا أن المخطئ من السهل أن يتحوّل إلى مظلوم ثم إلى بطل. وعلى النقيض ربما أيضا يتحوّل إلى عدو يريد الكل التنكيل به، وملاحقة أسرته دون أن يكون لهم أدنى دخل، وكأنها فرصة ليخرجوا طاقتهم السلبية في السب واللعن. في النهاية، المخطئ يظل شخصا ارتكب خطأ، وعليه وحده أن يدفع الثمن. لن يكون بطلا لأنه كفّر عما فعل، ولا هو عدو يحل لنا تدمير حياته.

"أكثر ما تعلمته عن الأخلاق وواجبات الرجال أدين به لكرة القدم"
(ألبير كامو)(16)

أما يوسف فاختار الطريق المثالي، أقر أولا بأنه مخطئ، ثم خضع لفترة الإيقاف، وعزم على عدم العودة مجددا لتلك الفوضى التي عاشها، والأهم هو رفضه أن يعتزل اللعبة التي صنعت اسمه وهو موصوم بعار الكوكايين، وأحب أن يبدأ مع كرة القدم مجددا حتى لو كانت البداية من الأعماق السحيقة.

شرع يوسف في التدريب منفردا، وعاد مرة أخرى ليلعب مع الهواة تماما كما بدأ في وهران، واضعا كامل تركيزه في الحفاظ على لياقته البدنية على مدار العامين. لم يجزع أو يستسلم، ولم يستجدِ عطفا من رئيس نادٍ أو لاعب أو إعلامي ليسلط الضوء على ما يفعل. فقط كان يعمل بهدوء، ويستعيد حيويته بعيدا عن الأنظار.(17)

وفي أغسطس/آب عام 2017، وقبل شهر من انقضاء العقوبة، رن هاتف يوسف. أجاب ليجد شخصا اسمه سعيد شعبان على الخط، لكنه لا يعرف كلمة عربية واحدة. سعيد هو رجل أعمال فرنسي من أصول جزائرية، ويشغل منصب رئيس نادي أنجيه الذي يلعب في الدوري الفرنسي، يتصل بيوسف ليسأله عن إمكانية انضمامه لناديه قبل بدء الموسم.(18) بصراحة نعجز عن تخيل حجم السعادة والانتصار الذي أحسه في تلك اللحظة، الآن فقط نتمنى جميعا لو كنا يوسف بلايلي.

مع جمال ورياض وبغداد

أكثر من 730 يوما كاملة قضاها يوسف بعيدا عن المستطيل الأخضر، يقطع تلك الفترة الطويلة الآن وهو يدخل ملعب ناديه. لقد فاز بالرهان الصعب، والآن أمامه رهان آخر وهو إثبات جدارته بعد ذلك الغياب الطويل. في أنجيه، واجه يوسف صعوبة كبيرة في الدخول ضمن التشكيل الأساسي، وهذا بسبب التنافسية الكبيرة بين اللاعبين في ذلك المستوى، لذلك فضّل بلايلي العودة من حيث أتى.

بعد فترة الانقطاع، بدأ يوسف بألوان الأحمر والأصفر، وبعزيمة أكبر على عودة اسمه من جديد لقائمة الترجي الأساسية وسط أجواء جماهيرية مشجعة
بعد فترة الانقطاع، بدأ يوسف بألوان الأحمر والأصفر، وبعزيمة أكبر على عودة اسمه من جديد لقائمة الترجي الأساسية وسط أجواء جماهيرية مشجعة
 

كان مسؤولو الترجي قد تواصلوا معه، وعلموا برغبته في خوض تجربة جديدة، لذا حُسمت المفاوضات مع ناديه سريعا وأتم الانتقال لصفوفهم في يناير/كانون الثاني من العام الماضي.(19) هناك رابطة غريبة تجمع يوسف بلايلي بالترجي، في كل مرة يحتاج فيها إلى أن يؤكد قوة إمكانياته في مواجهة المشككين يقدم له فريق باب سويقة الفرصة، ومن ثم يرد لهم يوسف الدين بأداء رائع يضيف كثيرا لقوة الترجي الهجومية. المختلف تلك المرة أن بلايلي سيعيش أقوى فترات مسيرته كلها.

بدأ يوسف بألوان الأحمر والأصفر، وبعزيمة أكبر على عودة اسمه من جديد لقائمة الترجي الأساسية وسط أجواء جماهيرية مشجعة، فظهر الاندماج سريعا بينه وبين الثنائي طه ياسين الخنيسي، وأنيس البدري. طه مهاجم رشيق، يتحرك كثيرا داخل وخارج منطقة الجزاء، ويوسف وأنيس جناحان قويان سريعان ويمتاز كلٌّ منهما بالقدرة على التوغل بالكرة، وبالارتداد الهجومي الخاطف. والثلاثة معا يُشكّلون واحدا من أقوى خطوط الهجوم داخل القارة.

حسم الترجي الدوري التونسي، وصعد يوسف على منصة التتويج بعد سنوات المعاناة الموحشة، وعاد اسمه من جديد يتردد بقوة داخل الجزائر. لم يزده هذا سوى إصرار على الذهاب أبعد، كان يوسف جائعا، جائعا للغاية من أجل المجد. يقاتل على كل فرصة، يستأسد في كل التحام، ولا يدخر نقطة عرق واحدة من أجل دفع فريقه إلى الأمام. فكان صعوده الثاني على منصة التتويج في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، هذه المرة يتوج بدرة البطولات الأفريقية: دوري الأبطال.(20)

من بعيد، كان المدرب جمال بلماضي يراقب هذا الانفجار الذي يعيشه يوسف. وقد كان جمال واضحا منذ اللحظة الأولى، الباب مفتوح أمام الجميع والكل سواسية، الحكم الوحيد هو الملعب، هكذا كان يردد في مؤتمراته الأولى. بتلك المعايير، كان بلايلي يستحق الفرصة.

undefined

في الثامن عشر من نوفمبر/تشرين الثاني، كان يوسف يرافق صديق عمره بغداد بونجاح في الملعب(21) هذه المرة ليس بقميص شباب غرب وهران، ولكن بقميص المنتخب الوطني الذي يرتديه للمرة الأولى في حياته في سن السادسة والعشرين. أي فخر عاشه والد وأصدقاء يوسف في تلك اللحظة؟

لم يكتفِ العاشر أبدا، وكانت هذه مجرد بداية فقط. أما بقية القصة هي أنه أقنع بلماضي بقدراته أكثر من ياسين براهيمي المحترف في صفوف بورتو، فكان أن فضله المدرب الوطني على حساب خبرة براهيمي، ليؤكد له ولنا ولكل من شمتوا ثم شككوا في عودته أنه كان الأحق بهذا المقعد بعد أداء بطولي خلال كأس الأمم الأفريقية مع جمال ورياض وبغداد.

الدرس الذي قدمه لنا يوسف يتجاوز أبعاد كرة القدم، بل والرياضة كلها. لقد أثبت، فعلا لا قولا، أن المرء يمكنه إصلاح ما أفسد، والعودة من جديد للتألق والترقي في سلم المجد. لا أسرار في حكاية يوسف، فقط الاعتراف بالخطأ والكفاح والإيمان بالأمل مهما بدا صغيرا، طالما أن العمل المتراكم والتركيز الحقيقي يصاحبانه.

حين تشعر باليأس والإحباط، نرجوك ألّا تهرع لشراء كتب التنمية البشرية، فقط تأمل مسيرة يوسف جيدا، وطالع هذا الرسم البياني الذي يشير إلى القيمة التسويقية له خلال مسيرته، لقد وصلت إلى الصفر في أواخر عام 2015، ثم هي الآن في أعلى قفزة حققتها منذ ركل بلايلي الكرة. العاشر الذي أرادوا تحذير الأجيال القادمة من تكرار مسيرته هو اليوم قدوة لكل ناشئ عربي.

رسم بياني للقيمة التسويقية ليوسف بلايلي خلال مسيرته
رسم بياني للقيمة التسويقية ليوسف بلايلي خلال مسيرته