شعار قسم ميدان

"ثورة زيدان الكاذبة".. هل يدفع ريال مدريد الثمن؟

ميدان - المدرب زين الدين زيدان

نعم، المباريات الودية لا تعني كل شيء، ولكنها تعني شيئا على الأقل، تعطي مؤشرا على أبرز النواقص والإيجابيات التي سيتم العمل عليها خلال الموسم، فإذا كانت حصيلة الفترة التحضيرية كارثة، فمن المنطقي توقع كارثة أخرى خلال الموسم نفسه، خاصة في حال كان الموسم الماضي كارثيا هو الآخر.

  

ريال مدريد يقدم الفترة التحضيرية الأسوأ له منذ 40 عاما، حقق انتصارا وحيدا على فنربخشة وخسر جميع المباريات الأخرى، دون ظهور أي إيجابيات تُذكر، فهل سيتبع ذلك تتويج بالثلاثية مثلا؟ من الممكن، ولكن وفقا للمعطيات الحالية، لا، وهذا ما جاء بنا إلى هنا. (1)

  

ثورة كاذبة

بالطبع لا يشهد التاريخ حالات مماثلة لزيدان، رجل يستقيل من منصبه كمدرب وهو بطل لأوروبا ثلاث مرات على التوالي، ثم يعود ليتولى المنصب ذاته بعدها بتسعة أشهر فقط، قبل حتى أن ينقضي الموسم الأول الذي يخوضه الفريق بدونه.

  

الرجل كان مهنيا للغاية، كان ذكيا كعادته بالأحرى، شعر أن الأمور بدأت تهرب من بين يديه فقرر أن يرحل، وحين استنجد به بيريز قرر أن يعود فارضا شروطه، أي شروط؟ السيطرة على الفريق وسوق الانتقالات والتحكم في كل شيء تقريبا، وعلى هذا وافق الرئيس تجنبا لتفاقم الأزمة التي كادت تطيح به خارج أسوار البيرنابيو. هذا ما أخبرتنا به الصحف. (2)

     

رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز والمدرب زين الدين زيدان (رويترز)
رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز والمدرب زين الدين زيدان (رويترز)

     

بمجرد أن بدأت ولاية زيدان الثانية بدأ الحديث عن ثورة داخل الفريق، ثورة على الحرس القديم واستعداد لميركاتو تاريخي من أجل ضخ دماء جديدة، في الحقيقة تعاقد ريال مدريد بالفعل مع 6 لاعبين بطلب من زيزو؛ هازارد ويوفيتش وميندي وميليتاو ورودريغو وكوبو. جيد جدا، ولكن ماذا عن الحرس القديم؟ (3)

  

الإجابة رفض لرحيل مودريتش، تجديد لعقد توني كروس، تجديد الثقة في مارسيلو وخط الدفاع كاملا، الإبقاء على كاسيميرو على حساب يورينتي الذي رحل إلى الجار أتليتيكو، التخلص من كوفاسيتش وسيبايوس أيضا، ورغبة في التخلص من خاميس عطلتها إصابة أسينسيو، وتعاقدات جديدة لا يبدو أن أحدها سيكون أساسيا عدا إيدين هازارد. (4)(5)(6)

   

وأخيرا، ماذا عن الصفقات الجديدة بالنسبة للفترة التحضيرية؟ إصابات بالإضافة إلى عدم منحها الوقت الكافي للتجربة والحكم عليها، بنزيما مثلا لعب أكثر من يوفيتش قبل أن يتعرض الأخير للإصابة، عن أي تجربة نتحدث إذا؟

   

   

فوضى

مع تبقي نحو أسبوعين في الميركاتو لم يغلق سوق مدريد بعد، وفي الواجهة، هناك اسمان تنحصر حولهما رغبة ريال مدريد ألا وهما نيمار وفان دي بيك، وبالطبع لا نحتاج إلى التعليق على شيء هنا، مجرد طرح الاسمين معا توضح لك أن الأمور ليست على ما يرام داخل هذا النادي. (7)(8)

  

تخيل أن زيدان جلس مع بيريز وقررا معا أن الفريق يحتاج إلى إما ثالث وسط ميدان أو جناح برازيلي مشاغب، لا يحتاج إليهما معا، بل أحدهما فقط، بهذه الصورة كيف يخطط زيدان للمستقبل من الأساس؟ الإجابة تخبرنا باحتمالين، الأول أن الرجل وضع خطتين كل منهما تحتاج إلى لاعب من الاثنين، والثاني أن الرجل لا يعرف ماذا يريد أصلا، وهذا هو الاحتمال الأقرب، هذا مجرد احتمال بالطبع، ولكن ظهور أخبار نيمار بعد تأكيد بقاء فان دي بيك موسما آخر مع أياكس تؤكد أن خيار جلبهما معا لم يكن مطروحا.

  

هناك استنتاج آخر، وهو أن زيدان يريد هذا وبيريز يريد ذاك، وأنهما لم يجلسا من الأساس ليتفقا على ما الذي يحتاج إليه الفريق والمدرب، وهنا تسقط الصلاحيات كافة التي قيل إنها في يد زيزو، فالرجل أراد بوغبا بوضوح ورفضت الإدارة، والآن لا ملامح لما تبقى من فترة الانتقالات، وكل هذا يعني أن هناك صراعا على الكلمة العليا داخل النادي، وهي ليست افتراضات لأن هناك شائعات تحدثت عن استقالة محتملة لزيدان بسبب خلاف كبير مع بيريز. (9)(10)

  

صحيح أنه هناك علامة استفهام كبرى حول تمسك زيدان بالتعاقد مع بوغبا، في وقت لم يجد فيه أي مانع في التخلص من كوفاسيتش وسيبايوس ويورينتي، ولِمَ لا، خاميس أيضا، ولكن هذا ليس موضوعنا الآن، هو جزء من الفوضى بالطبع، ولكنه ليس الجزء الذي يتعلق بالصراع المحتمل بين المدرب والرئيس.

   

لماذا زيدان أصلا؟

undefined

  

بعد مرور 5 أشهر تقريبا على تولي زيدان منصبه، يتجدد السؤال الذي طُرح ليلة عودته إلى ريال مدريد؛ هل كان هو الرجل المناسب لهذه المرحلة؟ بالأحرى هل استعان به بيريز لأنه رجل المرحلة؟ أم لأنه أفضل شماعة يعلق عليها فشله في تعويض رونالدو والأزمات الأخيرة التي أنتجت موسما كارثيا؟

  

بداية، زيدان نفسه اعترف أنه لا يمتلك شيئا جديدا ليقدمه، ولذلك استقال في الوقت الذي تُوِّج فيه بطلا لأوروبا للمرة الثالثة تواليا، وقبل أن يخبرنا زيدان بذلك توصلنا إليه جميعا من خلال الطريقة التي حدث بها هذا التتويج، وملامح الموسم كاملا بعيدا عن دوري الأبطال، أشياء توضح أن الرجل وصل إلى أعلى المنحنى ثم بدأ الهبوط تدريجيا. (11)

  

ليس منطقيا أن زيدان تعلم شيئا خلال الأشهر التسعة التي قضاها في المنزل، أو أنه اكتسب ما يجعله يمتلك شيئا جديدا على عكس ما قال في يونيو/حزيران الماضي، وفي سوق كان فيه كونتي وأليغري ومورينيو وساري وبوتشيتينو متاحين للتفاوض، وفي وقت خسر فيه ريال مدريد كل شيء بالنسبة للموسم، كان من الأنسب الانتظار حتى نهايته والبحث عن الرجل المناسب بين هؤلاء، هذا لم يحدث بالطبع لأن كونتي نفسه تم قطع المفاوضات معه بسبب رفض إعطائه الصلاحيات الكاملة وسيطرة غرفة الملابس على الأمر. (12)

   

ما يمكننا استنتاجه أن بيريز فضّل زيدان لأسباب عدة، جميعها لا يتعلق بأنه الأكثر كفاءة، فالرجل يمتلك مسيرة ناجحة مع الفريق، شخصية استثنائية، مفضل لدى الجماهير الغاضبة، والأهم من ذلك أنه سيحصل على ما يريد دون أن يقلب الطاولة على الجميع كما كان سيفعل كونتي، وأخيرا في حال فشل فإن اللوم سيكون له لا لبيريز، وسيكون الرئيس قد جلب المدرب الأفضل واللاعبين الأنسب له، ولكن الرجل لم يُوفق في النهاية، وسيخوض فلورنتينو انتخابات 2021 بدون قلق، وهذا ما يفكر فيه الرجل أكثر من أي شيء بالطبع.

     

  

بارقة أمل

في المباريات الودية الأخيرة اعتمد زيدان على 3 مدافعين في الخلف، ليلعب بطريقة ما بين الـ 3/5/2 والـ 3/4/3، في رسم تكتيكي جديد على ريال مدريد، ولكنه يبدو الأنسب للتغلب على نواقص التشكيل الحالي وعيوب العناصر المتاحة. (13)

  

مارسيلو لا يجيد النواحي الدفاعية، ولكنه في الوقت نفسه أحد أفضل الأظهرة الهجومية في تاريخ اللعبة على الإطلاق، راموس مدافع مميز ولكن يعيبه التسرع والمساحات التي يتركها خلفه، ثنائيته مع فاران تسببت في العديد من المشكلات في الموسم الماضي، فما الحل أمام كل ذلك؟ إضافة مدافع ثالث -ميليتاو- في الخلف للتغطية خلف قلبي الدفاع، ولمنح الحرية الهجومية للأظهرة والحد من واجباتهم الدفاعية.

     

فريق ريال مدريد (رويترز)
فريق ريال مدريد (رويترز)

   

في وسط الملعب تحتاج هذه النقطة إلى ثنائي يتمركز أحدهما على الدائرة ويأخذ الآخر الحرية للتحرك، وفي الوقت نفسه أن يجيد كلاهما التغطية خلف الأظهرة المتقدمة، هذا يحتاج إلى إعطاء الفرصة لفالفيردي الذي أثبت كفاءته في أكثر من مرة، ثنائيته بجوار كاسيميرو من الممكن أن تعطي حلا، وتجربتها على الأقل لن تضر.

  

الخط الأمامي سيتكوّن من هازارد وبنزيما وثالث مجهول حتى الآن، من الممكن أن يكون يوفيتش ليلعب بجوار بنزيما أمام هازارد، ولكن ذلك يسقط أمام شائعات إعارة يوفيتش لعدم اقتناع زيدان به، اللاعب الذي دخل ريال مدريد في صراع من أجله، الأمر الذي يعود بنا من بارقة الأمل إلى دائرة الفوضى مرة أخرى. (14)

  

هي تجربة جديدة لا يعلم أحد هل سيعتمد عليها زيدان في المستقبل أم لا، ولكنها على الأقل منطقية وفقا للمعطيات الحالية، وفي حال كُتب لها النجاح ستكون أمل ريال مدريد في تقديم موسم عكس التوقعات، ذلك بالطبع في حال نحّى زيدان ثقته في الحرس القديم جانبا، واعتمد على الأكثر كفاءة، وآمن أخيرا بمبدأ التجربة من أجل الوصول إلى نتائج.