شعار قسم ميدان

"دايركت" إنستغرام.. التشابه مع سناب شات ليس صدفة!

ميدان - إنستغرام انستغرام
تحوّل تطبيق انستغرام تحت قيادة فيسبوك إلى شبكة بروح جديدة كُليًّا، صحيح أن الخاصيّة الأساسية القائمة على مشاركة الصور والفيديو ما تزال موجودة، لكن ميّزات مثل البثّ المُباشر، ومُشاركة الحكايات ومُتابعة الوسوم تجعل منه أداة ذات توجّه آخر.

  

في الآونة الأخيرة قرّر القائمون على التطبيق فصل الرسائل في تطبيق مُنفصل حمل اسم "دايركت" (Direct) الذي يبدو أنه يسير إما على خُطى مسنجر أو على خُطى "سناب شات"(1).

  

الرسائل المُباشرة

قدّم تطبيق انستغرام ميزة الرسائل المُباشرة، "دايركت" (Direct)، في 2013 تقريبًا، الميّزة التي نمت مع مرور الوقت وتحوّلت لجزء أساسي من حياة المستخدمين، خصوصًا بعد إضافة إمكانية مشاركة الصور الظاهرة للمستخدم في شريطه الزمني، وإمكانية مشاركة الحكايات، وهذا جعل تبادل المحتوى داخل التطبيق موضوعا سهلا جدًا، الشيء الذي تسعى أي شبكة اجتماعية لتوفيره، ولعل محاولة يوتيوب  توفير إمكانية إجراء المحادثات الفورية داخل التطبيق أبرز ما يُسلّط الضوء على الطبيعة الاجتماعية التي يجب أن تتوفّر لأي نوع محتوى في الوقت الراهن.

 

 

أما عن آلية الاستخدام فهي بسيطة جدًا، فالرسائل المُباشرة هي جزء من تطبيق انستغرام ذاته من خلال قسم يُمكن الوصول إليه من أيقونة خاصّة أعلى التطبيق، أو من خلال لمس الشاشة من اليمين إلى اليسار. بهذا الشكل، يُمكن للمستخدم الدخول لتصفّح المحتوى أو مشاركته. الاطّلاع على آخر الحكايات، أو مشاركتها. إضافة إلى خيار تبادل المحتوى بشكل خاص دون قيود. وتلك هي المسيرة، أو تجربة الاستخدام، المطلوبة والمتوفّرة في ثُلّة كبيرة جدًا من التطبيقات مثل تويتر أو فيسبوك. لكن القائمين على انستغرام لهم رأي آخر بعد البدء في اختبار تطبيق مُنفصل للرسائل المُباشرة!

 

يُمكن للمستخدمين في ست دول منها تركيا، فلسطين المُحتلّة، شيلي، أوروغواي، إيطاليا، والبرتغال، تثبيت التطبيق الجديد وتجربته، وهو تطبيق يبدو بتجربة استخدام مألوفة جدًا تُشبه تلك الموجودة في "سناب شات"، وكأنها محاولة جديدة للقضاء عليه.

 

"سناب شات" مسنجر

عند فتح تطبيق "دايركت" الجديد من انستغرام، سيتفاجأ المستخدم من ظهور واجهة التصوير فورًا، تمامًا مثل "سناب شات" الذي جاء في 2011 بالفكرة نفسها. وعند سحب الشاشة نحو اليسار ستظهر قائمة الأصدقاء التي يُمكن كتابة رسائل مُباشرة لها، أو يُمكن البحث عن مُستخدمين آخرين لإرسال صورة أو مقطع فيديو لهم. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الحديث ما زال عن تطبيق "دايركت" من انستغرام وليس عن "سنات شات"، و"أي تشابه حاصل هو مُجرّد صدفة غير مقصودة"!

 

 

في الوقت الراهن، لا يُمكن استخدام التطبيق الجديد دون امتلاك حساب في انستغرام، وهذا أمر طبيعي جدًا، لأن هدف الشركة هو توفير المحادثات الفورية في التطبيق، وليس توفير تطبيق للمحادثات الفورية لجميع المستخدمين لأن تطبيقات مثل مسنجر أو "آي مسج" (iMessage) أو "واتس آب" تفي بالغرض.

 

وانطلاقًا من تلك النتيجة، فإن التطبيق سيبقى مُكمّلًا للتطبيق الأساسي، يبدأ بواجهة التصوير لتسهيل تبادل الرسائل التي تتحوّل من كونها نصيّة مكتوبة إلى كونها مرئية على هيئة صورة أو فيديو، لتقترب بذلك من "سناب شات". ولو حدث هذا، فإن فرصتها لتبنّي الميّزات الجديدة التي يُضيفها "سناب شات" ستُصبح أفضل وأسرع، فهوية انستغرام لتبادل الصور ومقاطع الفيديو ستبقى ثابتة، في وقت ستتغيّر فيه هوية "دايركت" الذي يمكن تكوينه بالشكل الذي يُناسب الشركة وتوجّهاتها في الوقت الراهن، فالمستخدمون لا يمتلكون أي تصوّر ثابت عن "دايركت"، لتتحرّر بذلك من أية ضغوطات وتتقمّس أي ميّزة تتوفّر في "سناب شات" على اعتبار أنها في منافسة شرسة معه منذ أكثر من عام.

 

الطريق السابق رُسم من كون الواجهة الأولى لتطبيق "دايركت" نسخة عن تلك الموجودة في "سناب شات". لكن فكرة فصل التطبيق لتوفير خاصيّة المحادثات الفورية خطوة مُكرّرة قامت بها فيسبوك مع تطبيق مسنجر، فهي، وبسبب تزايد الاعتماد على تلك الخاصيّة في تطبيق فيسبوك، قرّرت إطلاق تطبيق جديد لهذا الغرض، لتقوم في ما بعد بإجبار المستخدمين على تثبيت التطبيق لاستخدام المحادثات الفورية في الشبكة الاجتماعية.

 

undefined

  

تلك الخطوة سمحت لفيسبوك بأخذ المحادثات الفورية بأكثر من طريق، خصوصًا ذلك الذي سلكته المحادثات في تطبيق "وي تشات" (WeChat) الصيني الذي تحوّل قبل الجميع إلى منصّة اجتماعية، مُجبرًا فيسبوك -وآبل في "آي مسج"- على القيام بالشيء نفسه، وبالتالي أصبح بإمكان المستخدم إتمام الكثير من المهام من داخل المحادثة مثل تبادل الأغاني، البحث في الإنترنت، تسجيل مقاطع الفيديو، تحويل الأموال، إضافة إلى طلب سيّارة الأُجرة أو إتمام الحجوزات في المطاعم، والقائمة تطول.

 

"دايركت" قد يسلك الطريق نفسه، فالشركة ستوفّره الآن كوسيلة للتركيز على المحادثات الفورية بالنسبة لمستخدمي انستغرام. لكن وفي حالة الاعتماد عليه بصورة كبيرة والتأقلم مع فكرة وجوده، قد تطلب من المُستخدمين حينها تثبيته للاستفادة من الرسائل المُباشرة، لتُصبح فيسبوك بتطبيق مسنجر، وانستغرام بتطبيق "دايركت"، وهذا يعني أن تحوّله إلى منصّة ستُصبح مسألة وقت، وهو أمر قد يحدث بالنظر إلى طريقة إدارة فيسبوك لتطبيقاتها الفرعية التي بقيت مُنفصلة إلى حد ما، فتطبيق "واتس آب" ما زال ينمو إلى جانب مسنجر، وحتى انستغرام لم يتأثّر أبدًا بإمكانية مشاركة الصور أو الحكايات الموجودة في فيسبوك، فلكل شبكة شريحتها المُستهدفة الخاصّة.

  

نسخ أم إغراء

يُمكن اعتبار "دايركت" مُجرّد نسخ لأفكار موجودة سابقًا، سواءً أذهب في طريق مسنجر أم في طريق "سناب شات"، سيبقى ما يُقدّمه تكرارًا لوظائف موجودة في تطبيقات أُخرى، لتستفيد منه الشريحة التي تعتمد على انستغرام بشكل كبير والتي لا تُمانع في مُشاركة المحتوى عبره. يبقى فصل المحادثات الفورية من فيسبوك وعزلها في تطبيق مسنجر من أنجح التجارب التي ستُغري الجميع، فشائعات ظهرت في 2013 أكّدت رغبة شبكة تويتر الاجتماعية في إطلاق تطبيق خاص للرسائل المُباشرة(2)، وهي خاصيّة نمت كذلك في شبكة التدوين المُصغّر يعتمد الكثيرون عليها بشكل يومي.

 

هناك فكرة يتجاهلها البعض قائمة على أن المحادثات الفورية بغض النظر عمّن يقف خلفها هي تطبيق أو خدمة مطلوبة، فتطبيق "واتس آب" مثلًا، أو "تيليغرام"، أو حتى "سيغنال" هي نماذج لتطبيقات توفّر المحادثات الفورية ونجحت في شقّ طريقها بنجاح في عالم الشركات التقنية الرائدة على مستوى العالم. الأمر الذي يجعل فكرة توفير تطبيق للمحادثة الفورية مُغرية في عيون الجميع، وتتحوّل بذلك الهوية الرئيسية لتلك الشركات إلى قيمة مُضافة.

  undefined

 

يُمكن ترجمة ما سبق لكلام مفهوم أكثر، فلو أطلق انستغرام تطبيق "دايركت" لجميع المستخدمين وأجبرهم على استخدامه في المحادثات الفورية، سيحصل مُستخدموه على وظائف إضافية مثل مشاركة المحتوى ذاتي التدمير، أو مشاركة الحكايات وما إلى ذلك. في وقت يوفّر فيه تطبيق "واتس آب" إمكانية مشاركة الحكايات فقط، دون وجود مكان للمحتوى ذاتي التدمير في الوقت الراهن.  الأمر نفسه حصل مع فيسبوك التي استغلّت قاعدة مُستخدميها الكبيرة كقيمة مضافة، بحيث توفّر على مستخدم مسنجر عناء ووقت البحث عن أصدقائه، في وقت كان فيه "واتس آب" يطلب من المستخدم إدخال رقم هاتف الطرف الآخر لبدء المحادثات معه.

  

وبناءً على ذلك، ومثلما برهنت فيسبوك إمكانية وجود "واتس آب" إلى جانب مسنجر دون مشاكل، ووجود "سناب شات" إلى جانب انستغرام لمشاركة الحكايات، يُمكن أن يتواجد "دايركت" جنبًا إلى جنب مع بقيّة تطبيقات المحادثات الفورية طالما أنه يُقدّم قيمة إضافية لمستخدميه، ويُريح مستخدمي انستغرام أثناء تبادل الرسائل والمحتوى في ما بينهم. وبهذا الشكل، يُصبح انستغرام وسيلة لنشر الصور ومقاطع الفيديو، وأداة لإجراء المحادثات بين المستخدمين لتبادل المحتوى ذاتي التدمير على هيئة حكايات التي أصبحت نوعا رائجا من أنواع المحتوى في 2017.

  

سبق للقائمين على فيسبوك أن أكّدوا أن إدارة التطبيقات تبقى مُنفصلة واتخاذ القرارات يتم بناءً على الرؤية الموضوعة من قبل إدارة المشروع، وهذا يعني أن اعتماد "دايركت" على نموذج مسنجر مُمكن بنسبة كبيرة. أو قد تكون تلك المحاولة لغاية في نفس يعقوب، أي منافسة سناب شات، ومن ظنّ أن المنافسة بينهما انتهت بنسخ الحكايات، فهو مُخطئ. أو على الأقل، هذا ما تُظهره الواجهات الأولى للتطبيق.

المصدر : الجزيرة