هل ستصنع "أوريكس" الإسرائيلية فارقًا في السيارات ذاتية القيادة؟
تحتاج كافة المركبات ذاتية القيادة إلى نظام للرؤية أو لتحديد المدى؛ حتى تستطيع تحديد المركبات المتواجدة على نفس الطريق، والتعرف على الأجسام المتواجدة على جانبي الطريق، وكذلك الكشف عن العقبات المحتمل تواجدها في البيئة؛ ومن ثم تجنبها للتنقل بأمان دون الاصطدام بأحدها.
تعتمد بعض شركات صناعة السيارات في نظام الرؤية -عند صُنع سياراتها ذاتية القيادة- على أنظمة الرادار وبعض أنظمة الاستشعار بالموجات فوق الصوتية؛ بينما تعتمد بعض الشركات الأخرى في صُنع سياراتها ذاتية القيادة على تكنولوجيا استشعار -عن بُعد- مرئية؛ لتحديد المدى باستخدام أشعة الليزر تُسَمي بـ"الليدار-LIDAR".[1]
فتتكون تكنولوجيا الليدار من عدة مكونات أساسية هي؛ أشعة الليزر الضوئية، وبعض المرايا والأجهزة البصرية التي تقوم بإرسال الأشعة الضوئية، ثم أجهزة الاستشعار التي تقوم بالكشف عن الأشعة الضوئية المرتدة واستقبال الإلكترونات، بالإضافة إلى الماسحات الضوئية التي تعمل على مسح الصور التي يتم استقبالها، وكذلك أجهزة لتحديد الوضع المطلق واتجاه أجهزة الاستشعار، وتشمل هذه الأجهزة نظام الملاحة وتحديد المواقع "GPS"، ووحدة قياس القصورالذاتي. 2
لذلك تُعتبر هذه التكنولوجيا من أهم التكنولوجيات التي تم استخدامها في السيارات ذاتية القيادة، فوجود بنك مُجمع لأشعة الليزر على سطح السيارة، يستطيع التقاط ملايين المعلومات في كل ثانية، بالإضافة إلى بناء صورة ثلاثية الأبعاد للعالم من حول السيارة في ثوانٍ معدودة، يُمَكنها من الكشف عن كافة ما يُحيط بها؛ وبالتالي التنقل بدرجة فائقة من الأمان.2
نظرًا للتكلفة الباهظة لاستخدام وحدات الليدار، فضَلت شركة صناعة السيارات "تسلا" عدم استخدامها، واعتمدت على تكنولوجيا أرخص في سياراتها تقتصر على استخدام مجموعة من الكاميرات، وأجهزة الرادار، وأجهزة الاستشعار بالموجات فوق الصوتية؛ بدلًا من الليزر. لكن الحادث الذي تعرضت له إحدى سيارتها من طراز "إس" في 7 مايو /أيار الماضي بولاية "فلوريدا" عندما كانت تعمل في وضع القيادة الذاتية على نظام الطيار الآلي، أدى إلى استبعاد استخدام هذه التكنولوجيا مجددًا نظرًا لعدم إثبات جدارتها. [4]
وبالنظر لعيوب كلٍّ من النظامين السابقين، ما بين عدم الدقة في النظام الذي استخدمته تسلا، والتكلفة الباهظة في النظام الذي استخدمته جوجل؛ فإن ما يحتاج إليه صُناع السيارات ذاتية القيادة هو جهاز استشعار موثوق به تمامًا، وذو تكلفة ضئيلة جدًا، وهو ما تعتقد الشركة الإسرائيلية الناشئة "أوريكس" أنها تمتلكه. 3
بينما يقول "راني ويلينجستين" المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة أوريكس إن؛ "المَركبات ذاتية القيادة تحتاج قدرات استشعار أعمق بكثير مما كان يُعتَقَد، وأن التكنولوجيات القائمة ببساطة لا تستطيع أن تحقق لهم ذلك، لكننا اتخذنا نهجًا مختلفًا تمامًا إلى الاستشعار الأكثر تعَمقًا، وتَمكنا من خلق حلً من شأنه تغيير مجال المركبات ذاتية القيادة في المستقبل" [5]
لذلك ترى شركة أوريكس أنها تمتلك التكنولوجيا الاقتصادية عالية الدقة واسعة المدى التي يمكن استخدامها. فتعتمد تكنولوجيا أوريكس على تقاسم خصائص كلٍّ من الليدار والرادار؛ حيث تُشبه الليدار في استخدامها أشعة الليزر لتسليط الضوء على الطريق؛ بينما تُشبه الرادار في تعاملها مع الإشارة المنعكسة كموجات وليس جسيمات.
من هنا يُعتبر نظام أوريكس أكثر حساسية بمليون مرة من الليدار التقليدي؛ حيث يقوم النظام بإرسال نبضات ضوء آمنة تمامًا في طيف الأشعة تحت الحمراء طويلة الموجة، وبالتالي إضاءة البيئة المحيطة بالكامل في وقت واحد؛ مع استخدام مجموعة من الهوائيات النانوية الصغيرة لاستقبال موجات الضوء المرتدة . 5
يستطيع الرادار تحقيق الرؤية على نطاق واسع يتراوح بين 150 إلى 200 متر؛ لكنه يفتقر إلى الدقة الكافية، والمطلوبة لتحديد ماهية الأجسام بدقة في ذلك النطاق. لكن على النقيض تمامًا توفر تكنولوجيا الليدار دقة عالية جدًا؛ لكنها تفتقر إلى نطاق الرؤية الواسع، فهي لا توفر الرؤية إلا في نطاق محدود حوالي 60 مترًا، تنخفض إلى 30 مترًا في وجود ضوء الشمس المباشر. 5
بينما توفر تكنولوجيا أوريكس كلًا من الدقة الكافية ونطاق الرؤية واسع المدى؛ حيث تستطيع تحديد موقع الحطام الموجود بالطريق على بعد 60 مترًا من السيارة، وتستطيع تحديد موقع المشاة على بعد 100 متر، وكذلك تحديد موقع الدراجات النارية على بعد 150 مترًا، وبدقة عالية جدًا؛ تفوق أداء نظم الاستشعار المتواجدة حاليًا. 5
فتستطيع أوريكس بتكنولوجيتها الحديثة تقديم حلٍّ فعال وجوهري لسوق صناعة السيارات ذاتية القيادة في الوقت الحالي، ومن المتوقع أن تُقدم الشركة نظامها للرؤية وتحديد المدى بأسعار زهيدة جدًا؛ مقارنة بأنظمة الليدار المتاحة حاليًا، وذلك بعد إعلان الشركة أن القيمة التمويلية للمشروع قد وصلت إلى 17 مليون دولار بتمويل العديد من الشُركاء للمشروع. 3