شعار قسم ميدان

شمولية فيسبوك.. إعادة تشكيل مستقبل التقنية

midan - facebook
لوقت طويل أراد فيسبوك من مستخدميه أن يديروا حياتهم الاجتماعية وأعمالهم عبر موقعه وتطبيقاته، يدفعهم فيسبوك إلى إدارة هذه العلاقات عبر الصفحة الرئيسية أو محادثات مسنجر أو حسابات إنستغرام وما إلى ذلك. هذا تحول له تطبيقات كبيرة بالنسبة للشركات التي تحاول أن تفهم كيف يخدم فيسبوك أهدافهم الاستراتيجية والتسويقية.

سواءً توغل عملاق الشبكات الاجتماعية في العالم الافتراضي أو زاد من أهمية الفيديوهات المباشرة أو استمر في توسيع منصة العمل القوية "سلاك" (Slack)، فإن فيسبوك يُعيد تعريف منتجاته باعتبارها مساحات تتكشف فيها كل جوانب الحياة وليس مكانًا تذهب إليه فحسب لتنشر صورًا بعد حدوثها في الواقع. ولا يرضى فيسبوك بامتلاكه أكثر المشتتات جاذبيةً في هاتفك، وإنما يُرضيه أن يكون فيسبوك هو المكان الذي تحدث فيه أكثر جوانب حياتك أهميةً.

باعتبار فيسبوك شريكًا لغوغل في سوق التسويق الإلكتروني الذي يحتكرانه معًا تقريبًا؛ فإن فيسبوك يمثل نظام تشغيل للعلاقات الاجتماعية
باعتبار فيسبوك شريكًا لغوغل في سوق التسويق الإلكتروني الذي يحتكرانه معًا تقريبًا؛ فإن فيسبوك يمثل نظام تشغيل للعلاقات الاجتماعية
 

بالطبع كلما زادت منتجات فيسبوك احتواءً، علَت قيمتُها لدى المعلنين. لكن هذا منظور ضيق. فإذا استطاع فيسبوك فعلًا ابتلاع العالم أجمع بتعبير عضو مجلس إدارة فيسبوك مارك أندريسن الشهير في عالم البرمجيات، فإنه سيفتح هذا المجال أمام نماذج أعمال جديدة غير مكتشفة. هل سيحتاج الناس إلى ملابس افتراضية ليلبسوها في رحلاتهم في أرجاء العالم الافتراضي؟ وهل توفر منصة العمل المجالَ لعمل تطبيقات مساعدة قوية كتطبيق "سلاك" (Slack)؟.


نجحت شركات التكنولوجيا المهيمنة عبر أداء دور "وسيط التفاعل" أو "نظام تشغيل" جوانب معينة من الحياة. على سبيل المثال مجموعة منتجات غوغل تعمل كنظام تشغيل للبحث وإدارة المعلومات. وباعتبار فيسبوك شريكًا لغوغل في سوق التسويق الإلكتروني الذي يحتكرانه معًا تقريبًا فإن فيسبوك يمثل نظام تشغيل للعلاقات الاجتماعية.

كتب مارك زوكربيرغ في البيان الذي أعلنه في (فبراير/شباط) "إن هدفنا هو تقوية المجتمعات الموجودة بمساعدتها على الاجتماع عبر الإنترنت كما في الواقع الحقيقي. وكذلك أن نتمكن من تشكيل مجتمعات جديدة عبر تجاوز المكان الجغرافي".

تطبيق فيسبوك للعامل الافتراضي "سبيسز" الذي يقوم على تكنولوجيا أوكولوس ريفت هو طريقة حديثة للمستخدمين للتنقل بين بيئة افتراضية بالكامل وفيديوهات بنطاق 360 درجة لأماكن حقيقية. ومن الناحية الجمالية فإنه لا يزال ناقصًا ولا يمثل شيئًا أكثر من نظام مي للنينتندو وي لكن "عبر ميزة فيسبوك بوجوده في تفاصيل الحياة اليومية يَعِدُ سبيسز بأن يجعل العالم الافتراضي أكثر خصوصية وأكثر ارتباطًا مما كان من قبل"، هكذا كتب بيتر روبين لموقع وايرد بعد النسخة التجريبية الموسعة.

 

مارك زوكربيرغ
مارك زوكربيرغ
 
 ركَّز مؤتمر فيسبوك للمطورين F8 الذي عقد في (أبريل/نيسان) الماضي على الخصائص التي ستقود هذا التحول. بعضها عملي وفوري، على سبيل المثال: تقليد مقاربة المنافس سناب شات لما يسمى بالواقع المعزز بالسرعة الممكنة:

وبالنسبة لفيسبوك فإن مؤتمر F8 هذا العام كان بالكامل عن الواقع المعزز. حيث تقوم الشركة بمجهود كبير لتمكين المهندسين من تطوير رسوميات ثلاثية الأبعاد وميزات جديدة في خاصية القصة الجديدة في الفيسبوك والمسنجر والواتس أب والإنستغرام. وتؤمن الشركة بأن خاصية القصة على هاتفك هي بداية موجة الواقع المعزز، لكن في النهاية سيخوض المستهلكون تجربة الواقع والواقع المعزز بما يسمى "الواقع المختلط" عبر نظارات ذكية.

وفي النهاية فإن نظارات الواقع المعزز "ستصبح جزءًا مهمًّا وحيويًّا من حياتنا اليومية وذلك سيخلق فرصًا عظيمة لكل الجالسين في هذه الغرفة" بحسب مايكل أبراش، العالم الرئيسي بمشروع أوكولوس التابع لفيسبوك.

الآن أصبح لدى فيسبوك التأثير الأكبر على المستهلكين أكثر من أي شركة أخرى، ودخل من ضمن الشركات الخمس ذات القيم الأعلى في العالم
الآن أصبح لدى فيسبوك التأثير الأكبر على المستهلكين أكثر من أي شركة أخرى، ودخل من ضمن الشركات الخمس ذات القيم الأعلى في العالم
 

لكن فيسبوك استخدم مؤتمر F8 أيضًا لعرض مشاريع مستقبلية أبعد بكثير، منها تقنيات تُمكنك من الكتابة عن طريق دماغك والسماع عن طريق جلدك. ليس من الجلي أن أيًّا من هذه التقنيات سيشق طريقه إلى السوق، وهذا هو المعهود دائمًا عندما يأتي الأمر إلى ذِكر مشاريع البحث والتطوير الاستكشافية.

من منظور الأعمال التجارية، ما زال فيسبوك "شركة تسويق بمجموعة من الهوايات" كما وصفه المدير التنفيذي لغوغل ذات مرة. أما الجزء الأكبر من أرباح الشركة فيأتي من الإعلانات ومشاريعها المضارباتية (أحدها تطوير البنية التحتية للإنترنت في الدول النامية)؛ وهي حاليًا مجرد أرضية عمل استراتيجية.

لكن الهوايات بدأت تتخذ مظهر الجد. والآن أصبح لدى فيسبوك التأثير الأكبر على المستهلكين أكثر من أي شركة أخرى، ودخل من ضمن الشركات الخمس ذات القيم الأعلى. والآن تخيل عالَمًا حيث يعمل الناس ويتعلمون ويعيشون حياتهم الاجتماعية داخل بيئة كاملة تمتلكها فيسبوك.

—————————- 

التقرير مترجم عن: الرابط التالي

المصدر : الجزيرة