"إكس بوكس ون إكس".. مايكروسوفت تلدغ بعقربها
يبدو أن مايكروسوفت لم تُطلق على منصّتها الجديدة للألعاب اسم المشروع العقرب (Project Scorpio) من فراغ، فالمشروع الذي رأى النور قبل أيام قليلة والذي خرج للعلن تحت اسم "إكس بوكس ون إكس" (Xbox One X) صُمّم ليلدغ بالفعل.
ولم تكتف مايكروسوفت بالاسم، بل استمرّت في سياستها الهجومية ولم تتردّد في وصف المنصّة الجديدة بكونها الأقوى على الإطلاق في الوقت الراهن على مستوى منصّات الألعاب. كما ميّزت دقّة العرض الخاصّة بها وذكرت أنها "4-كيه حقيقية" (True 4K)، في إشارة مُباشرة للمنافسين الذين يدّعون فقط دعم هذه الدقّة على نطاق محدود(1). "إكس بوكس ون إكس" ستصل للأسواق في (نوفمبر/تشرين الثاني) من العام الجاري، أي بعد عام كامل تقريبًا منذ أن وصلت منصّة منافستها سوني للأسواق التي طرحت وقتها جهاز "بلاي ستيشن 4 برو" (PlayStation 4 Pro).
اختارت مايكروسوفت شركة "إيه إم دي" (AMD) لتصميم وحدة المعالجة المركزية وبطاقة معالجة الرسوميات أيضًا. فالجهاز الجديد يعمل بمعالج "جاغوار" (Jaguar) ثُماني الأنوية بتردد 2.3 غيغاهيرتز. أما بطاقة معالجة الرسوميات فهي بقدرة معالجة تصل إلى 6 تيرافلوب في الثانية الواحدة، وهي بطاقة مزوّدة بأربعين وحدة معالجة لتقديم أفضل أداء مُمكن.
ولا تنقص ذواكر الوصول العشوائي أهمّية عن المواصفات السابقة التي تضمن أداء أفضل بنسبة 40٪ حسبما ذكرت الشركة، فهي تأتي بمساحة 12 غيغابايت "دي دي آر 5" (DDR 5)، لتُساهم بذلك في تحسين الأداء. كما أن مساحة التخزين الداخلية تصل إلى 1 تيرابايت، وهي أسرع من ناحية القراءة والكتابة من الأجيال السابقة، وهذا يُساعد عند تشغيل الألعاب بشكل عام. وقرّرت مايكروسوفت الاستفادة من تجربة الألعاب على الحواسب التقليدية وتحديدًا تقنيات تبريد اللوحة الرئيسية وبطاقة معالجة الرسوميات، ولهذا السبب زوّدت المنصّة الجديدة بنظام تبريد الأول من نوعه على مستوى منصّات الألعاب، وهو نظام يضمن تبريد وحدات المعالجة دون إصدار أصوات من الجهاز.
وتدعم المنصّة الجديدة قراءة الأقراص الليزرية بدقّة "4 كيه آلترا إتش دي بلو راي" (4K Ultra HD Blu-ray)، مع دعم لتقنية "إتش دي آر" (HDR) في العرض لمزيد من الرسومات عالية الدقّة، والمؤثّرات السلسة كذلك(1). ولا تُعتبر منصّة "إكس بوكس ون إكس" أثقل من أقرانها من ناحية الوزن فقط، صحيح أنها تزن 3.8 كيلوغرام مُقابل 3.2 كيلوغرام لأقرب مُنافسيها منصّة "بلاي ستيشن 4 برو"، لكنها ومن ناحية العتاد الداخلي تتفوّق على منصّة سوني الشهيرة.
تعمل منصّة "بلاي ستيشن 4 برو" بمعالج من إنتاج نفس الشركة، "إيه إم دي"، وهو معالج "جاغوار" ثُماني الأنوية أيضًا بتردد 2.1 غيغاهيرتز، مع بطاقة معالجة رسوميات "راديون بولاريس" (Radeon Polaris) مكوّنة من 36 وحدة معالجة بقدرة تصل إلى 4.2 تيرافلوب في الثانية الواحدة. أما على صعيد ذواكر الوصول العشوائي، فسوني زوّدت منصّتها بذواكر 8 غيغابايت "جي دي دي آر 5" للرسوميات، وأُخرى بمساحة 1 غيغابايت "دي دي آر 3″، مع مساحة تخزين داخلية 1 تيرابايت أيضًا، ودعم لقراءة الأقراص الليزرية من نوع "بلو-راي"(2).
عوامل أُخرى قد تُعيد منصّة سوني للأضواء من بينها السعر، فهي تُباع لقاء 399 دولار أميركي تقريبًا، في وقت ستتوفر فيه منصّة مايكروسوفت الأخيرة لقاء 499 دولار أميركي. قد يبدو الفارق ضئيلا، إلا أن هناك نقطة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار ألا وهي حاجة المُستخدم لشراء شاشة بدقّة "4 كيه" للاستفادة من قدرات المعالجة التي تتوفّر في كلتا المنصّتين، وإلا لن يكون المبلغ المدفوع ذو قيمة أبدًا، وهُنا تبرز أهمّية الفارق في السعر الذي يُمكن توفيره لشراء شاشة جديدة.
وبالحديث عن "4 كيه" فإن الألعاب المتوفّرة لمنصّة سوني الداعمة لهذه الدقّة أكثر من الألعاب التي كشفت عنها مايكروسوفت خلال المؤتمر. لكن ومع تبقّي ستة أشهر تقريبًا حتى تصل المنصّة، يُمكن ضمان وصول المزيد من الأسماء لتنضم لألعاب مثل "كراك داون 3″ (Crackdown 3)، و"فورزا موتور سبورت 7" (Forza Motorsport 7)، وغيرها الكثير(3).
مايكروسوفت لم تُغفل أبدًا هذه النقطة وحافظت على الخاصيّة التي تتفوّق بها منصّتها للألعاب على منصّة سوني المُتمثّلة بدعم المنصّات القديمة وألعابها. مقابض التحكّم الخاصّة بمنصّة "إكس بوكس ون" يُمكن استخدامها مع المنصّة الجديدة، حالها حال الألعاب أيضًا. كما يُمكن تشغيل أكثر من 300 لعبة من ألعاب الجيل الأول من "إكس بوكس"، وبالتالي يُمكن للمستخدم الحصول على تجربة مُميّزة تجمع ما بين الألعاب الأصلية القديمة، والألعاب الحديثة التي تدعم دقّة "4 كيه"(1).
منصّة "بلاي ستيشن 4" لا تدعم ألعاب الجيل الذي سبقها، "بلاي ستيشن 3″، بسبب اختلاف معمارية المعالج، والمكتبات البرمجية نوعًا ما، وهو أمر لم تُغفله مايكروسوفت وحرصت على الحفاظ عليه حتى في المنصّة الجديدة(4).
عمليًا، فإن كلام سبينسر منطقي لأن المنصّتين وصلتا في نفس العام وبفارق ضئيل في الوقت. أما من ناحيّة المواصفات، فإن "إكس بوكس ون إس" تعمل بمعالج من نفس عائلة "إكس بوكس ون إكس"، لكنه بتردد 1.7 غيغاهيرتز فقط. أما بطاقة معالجة الرسوميات فهي سيئة إذا ما قورنت بالمنصّة الجديدة، أو حتى بمنصّة سوني التي يرغب سبينسر بالمقارنة معها؛ فمعالج الرسوميات قادر على إتمام 1.4 تيرافلوب في الثانية الواحدة مع وجود 12 وحدة معالجة فقط. في وقت تحمل فيه "بلاي ستيشن 4 برو" معالج قادر على إتمام 4.2 تيرافلوب في الثانية الواحدة بفضل وجود 36 وحدة معالجة.
المنافسة التي يُريدها سبينسر تُظهر تفوّق منصّة سوني من ناحية الأرقام، لكنه أراد إرسال رسالة صغيرة جدًا مفادها أن "إكس بوكس ون إكس" في الوقت الراهن لا منافس لها في السوق، وهذا صحيح بشكل أو بآخر، لكن للحكاية تتمّة. مايكروسوفت خلال الأعوام الماضية حاولت التركيز على الهندسة الداخلية بشكل كبير، في محاولة منها لرفع المواصفات قدر الإمكان أملًا في توفير تجربة أداء غير مسبوقة. وهو أمر تقوم به سوني أيضًا، لكن توجّهاتها الجديدة تختلف عن مايكروسوفت، على الأقل في طريقة استخدام منصّات الألعاب.
شركة سوني ترغب في الاستفادة من الانتشار الكبير للهواتف والأجهزة الذكية ولهذا السبب أطلقت تطبيق "بلاي لينك" (PlayLink) الذي يسمح لمستخدمي "بلاي ستيشن 4" باللعب عن طريق مقابض التحكّم، وعن طريق الأجهزة الذكية أيضًا، وهذه تجربة اجتماعية غير مسبوقة، وتُعزّز من تجربة الألعاب على الهواتف بشكل أو بآخر، وقد تزيد من حصّة سوني في الأسواق دون الحاجة لإطلاق منصّة جديدة هذا العام للوقوف في وجه مايكروسوفت(6).
أما تتمّة الحكاية فهي تكمن في نقطة قوّة "إكس بوكس ون إكس" المُتمثّلة في دقّة "4 كيه"، فالشركة قد تنجح في تقديم دعم حقيقي لدقّة "4 كيه" أو حتى "8 كيه"، تمامًا مثل قدرة سوني على هذا الأمر. لكن عدم وجود محتوى سيجعل تلك المواصفات دون أي معنى، فموقع يوتيوب على سبيل المثال دعم إمكانية رفع مقاطع فيديو بدقّة "8 كيه"، لكن ما هي نسبة الحواسب التي تعمل بشاشة تدعم تلك الدقّة؟
من هذا المُنطلق، قد لا تنجرف سوني خلف كلام سبينسر وأساليب التسويق التي يقوم بها للترويج لمنصّة "إكس بوكس ون إكس". أي أنها قد لا تقوم بإطلاق منصّة جديدة هذا العام أملًا في التعاون مع بقيّة الشركات لتوفير محتوى حقيقي يستفيد المستخدم منه. لكن على الشركتين، وبقيّة الشركات بطبيعة الحال، الانتباه لنقطة واحدة، فالسعي وراء أرقام أكبر لا معنى لها بالنسبة للمستخدم الحقيقي سلاح قد يفتك بتلك المنصّات.
كما أن رياح المنافسة الحقيقية بدأت تهب من ناحية الحواسب المكتبية والمحمولة على الوجه الخصوص بفضل بطاقات معالجة الرسوميات الجديدة التي تسمح بالحصول على أداء عالي جدًا مع ضمان سماكة أقل ووزن أخف(7).