شعار قسم ميدان

الآلات الذكية.. هل يمكن لأجهزة الحاسوب فهم النصوص؟

ميدان - قراءة

هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعدنا على إنقاذنا من الغرق وسط التلال من الأوراق؟ للجواب على هذا السؤال أجرى الباحثان كارونا باند جوشي، وتيم فينين، الخبيران في علوم الكمبيوتر والهندسة الكهربائية، بجامعة ميريلاند، دراسة مولتها جامعة ماريلاند، بصفتها عضو في منظمة ذي كونفرسيشن بالولايات المتحدة.

 

تستمد جمعية كونفرسيشن، تمويلها من باركليز أفريقيا وسبع جامعات، منها جامعة شبه الجزيرة كيب للتكنولوجيا، وجامعة نيلسون مانديلا متروبوليتان، وجامعة رودس وجامعات كيب تاون، كوا-زولو ناتال، بريتوريا، وجنوب أفريقيا.

 

نحن البشر كثيرًا ما نجد أنفسنا غارقين وسط كميات هائلة من النصوص المكتوبة، لا تقتصر على نصوص إخبارية أو غيرها من المعلومات اليومية، بل تتعدى ذلك إلى ما هو أكثر خطورة، فلا يجد الناس العاديين منقذًا يخلصهم من الغرق تحت تلال من الوثائق القانونية، وأخطر ما في الأمر، أننا نتملص غالبا من المعضلة من خلال تجاهلها. في كل مرة يستخدم شخص ما بطاقة مكافآت الوفاء في المتجر أو يتصل بخدمة عبر الإنترنت، تخضع أنشطته هذه إلى ما يعادل مئات الصفحات القانونية، دون أن يولي معظم الناس الأهمية الواجبة لهذه الوثائق الضخمة، التي تسمى عادة "شروط الخدمة"، أو "اتفاق المستخدم" أو "سياسة الخصوصية".

 

undefined

 

لا يشكل هذا الجانب سوى جزء من مشكلة اجتماعية أوسع بكثير تتعلق بجسامة كم المعلومات المخزنة. هناك الكثير من البيانات المخزنة -كم هائل من المعلومات الرقمية، لا يمكن تصوره، مخزنة بصورة لم يسبق لها مثيل في كل تاريخ البشرية- بحيث يستحيل من الناحية البشرية قراءة وتفسير كل شيء فيها، لذا نقوم تلقائيا في كثير من الأحيان، بتضييق تركيزنا على مجموعات محددة من المعلومات عن طريق انتقاء مواضيع أو قضايا معينة نوليها الاهتمام على حساب أخرى، لكن مثل هذا القرار لا يحمينا من تبعاته، ومن المهم أن نعرف عمليا معنى ومحتويات الوثائق القانونية التي تحكم كيفية تخزين بياناتنا ومن يمكنه الاطلاع عليها.

 

وباعتبارنا باحثين في علوم الكمبيوتر، فإننا نبحث في طرق تُمكن خوارزميات الذكاء الاصطناعي من هضم هذه النصوص الضخمة واستخراج معناها، وتقديمها في شكل يستطيع الناس العاديين فهمها.

 

هل يمكن لأجهزة الكمبيوتر فهم النصوص؟

أجهزة الكمبيوتر تخزن البيانات في شكل رقمي 0 و1، بيانات لا يمكن فهمها مباشرة من قبل البشر. وتقوم الحواسب بتفسير هذه البيانات على أنها تعليمات لعرض النصوص أو الأصوات، أو الصور أو مقاطع الفيديو التي تكون مفيدة للأشخاص، لكن هل بوسع الحواسيب أن تفهم اللغة فعلا، وليس فقط تقديم الكلمات؟ هل يمكنها فهم معناها أيضا؟

 

إحدى الطرق للجواب على هذا السؤال تمر عبر مطالبة أجهزة الكمبيوتر بتلخيص معارفها بطرق يمكن أن يفهمها الناس ويجدونها مفيدة. لا شك أن الأمر يكون أفضل بالنسبة للمستخدمين لو تمكنت أنظمة الذكاء الاصطناعي من معالجة النصوص بسرعة كافية لمساعدة الأشخاص على اتخاذ القرارات حسب الحاجة، تزويدهم على سبيل المثال، بالمعلومات الضرورية عند الاشتراك في خدمة جديدة عبر الإنترنت ويطلب منهم الموافقة على سياسة خصوصية الموقع.

 

نحن بحاجة إلى الجمع بين مجموعة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك خوارزميات التعلم الآلي التي تستخدم كميات كبيرة من البيانات وتحديد الاتصالات فيما بينها بشكل مستقل
نحن بحاجة إلى الجمع بين مجموعة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك خوارزميات التعلم الآلي التي تستخدم كميات كبيرة من البيانات وتحديد الاتصالات فيما بينها بشكل مستقل
 

وماذا لو كان باستطاعة مساعد مُحَوسب هضم كل هذه المصطلحات القانونية وتلخيص في بضع ثوان نقاطها الرئيسية؟ ربما في هذه الحالة يمكن للمستخدم أن يطلب من المساعد الآلي، توجيه اهتمامه لقضايا معينة، مثلا، ترشيد المستخدم عندما يتم مشاركة عنوان البريد الإلكتروني، أو إبلاغه ما إذا كانت محركات البحث يمكنها فهرسة المشاركات الشخصية. بوسع الشركات أيضا استخدام هذه القدرة لتحليل العقود أو غيرها من الوثائق المطولة.

 

للقيام بهذا النوع من العمل، نحن بحاجة إلى الجمع بين مجموعة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك خوارزميات التعلم الآلي التي تستخدم كميات كبيرة من البيانات وتحديد الاتصالات فيما بينها بشكل مستقل؛ وتقنيات تمثيل المعرفة للتعبير عن الحقائق والقواعد المتعلقة بالعالم وتفسيرها؛ وأنظمة التعرف على الخطابات لتحويل اللغة المنطوقة إلى نصوص؛ وبرامج فهم اللغة البشرية التي تعالج النصوص وسياقها لتحديد ما هي الأوامر التي يوجهها المستخدم إلى النظام الآلي.

 

فحص سياسات الخصوصية

الحياة الحديثة التي توفرها الإنترنت اليوم تتطلب استئمان الشركات التي تتوخى الربح، على معلومات خاصة -مثل عناوين المعنيين وبريدهم الإلكتروني وأرقام بطاقات الائتمان وتفاصيل الحساب المصرفي- والبيانات الشخصية -الصور ومقاطع الفيديو ورسائل البريد الإلكتروني ومعلومات الموقع-.

 

وعادة ما تحتفظ هذه الشركات القائمة على أنظمة الحَوسبة السحابية (cloud) بنُسخ متعددة من بيانات المستخدمين كجزء من خطط النسخ الاحتياطي لتجنب ضياعها في حالة انقطاع الخدمة، ومعنى ذلك، أن هناك المزيد من الأهداف المحتملة،، فكل مركز بيانات يجب حمايته بشكل آمن سواء من بصورة مادية أو إلكترونيًا، وبطبيعة الحال، لا تنفي شركات الإنترنت شرعية وجدية مخاوف الزبائن، ولهذا الغرض توظف فرق الأمن لحماية بيانات المستخدمين، لكن الالتزامات القانونية المحددة والمفصلة التي تتعهد بها الشركة هي من النوع الموجود في ثنايا سياسات الخصوصية التي لا يمكن اختراقها، ولا يمكن لأي إنسان عادي، وربما حتى محام بمفرده، فهمها حقا.

 

undefined

 

نطلب في دراستنا، من أجهزة الكمبيوتر تلخيص الشروط والأحكام التي يقول المستخدمون العاديون أنهم يوافقون عليها عند النقر على أزرار "قبول" أو "موافقة" للخدمات عبر الإنترنت، ونقوم بتحميل سياسات الخصوصية المتاحة للجمهور من مختلف شركات الإنترنت، بما في ذلك الأمازون أوس، الفيسبوك، وجوجل، إتش بي، أوراكل، باي بال، سيلزفورس، سناب شات، تويتر والواتساب.

 

تلخيص المعنى

يقوم برنامجنا بفحص النصوص مستخدما تقنيات استخراج المعلومات لتحديد المعلومات الرئيسية التي تحدد بدقة الحقوق والالتزامات والحظر القانوني المحدد في الوثيقة، ويستخدم أيضا التحليل اللغوي لتحديد ما إذا كانت كل قاعدة من القواعد تنطبق على مقدم الخدمة أو المستخدم أو طرف ثالث، مثل المعلنين وشركات التسويق. ثم يعرض البرنامج هذه المعلومات في بيانات واضحة ومباشرة وقابلة للقراءة.

 

حدد نظامنا، على سبيل المثال، جانبا من جوانب سياسة الخصوصية المعتمدة من قبل شركة أمازون من قبيل مخاطبة المستخدمين على النحو التالي "يمكنك اختيار عدم تقديم معلومات معينة، لكنك قد لا تستطيع الاستفادة من العديد من المزايا التي نوفرها". ومن الجوانب الأخرى لهذه السياسة التي تم تبيانها من قبل برنامجنا، هذه المعلومة التي تخاطب المستخدم "قد نقوم أيضا بجمع المعلومات التقنية لمساعدتنا في تحديد جهازك لمنع الغش والأغراض التشخيصية".

 

في المرة المقبلة التي تنقر فيها على زر
في المرة المقبلة التي تنقر فيها على زر "أوافق"، عليك أن تدرك بأنك قد توافق على مشاركة بياناتك مع شركات مخفية أخرى ستقوم بتحليل بياناتك (مواقع التواصل)

 

وجدنا أيضا، بمساعدة النظام الموجز، أن سياسات الخصوصية غالبا ما تتضمن قواعد تخص أطرافا ثالثة -الشركات التي لا هي مقدم خدمة ولا مستخدم- قد لا يعرف المستخدمون أنها تشارك في تخزين البيانات واسترجاعها.

 

أكبر عدد من القواعد في سياسات الخصوصية – 43 في المائة – تنطبق على الشركة التي تقدم الخدمة، وأقل من ربع القواعد -24 في المائة- تخص التزامات المستخدمين والزبائن، بينما تحكم بقية القواعد سلوك خدمات الأطراف الخارجية أو الشركاء في الشركات، أو تلك التي لم يتمكن نظامنا من تصنيفها.

 

في المرة المقبلة التي تنقر فيها على زر "أوافق"، عليك أن تدرك بأنك قد توافق على مشاركة بياناتك مع شركات مخفية أخرى ستقوم بتحليل بياناتك.

 

من جهتنا سنواصل تحسين قدرتنا لتلخيص وثائق سياسة الخصوصية المعقدة بدقة ووضوح، بطرق يستطيع الناس عموما فهمها واستخدامها للوصول إلى المخاطر المرتبطة باستخدام الخدمة.

 

============================================ 

هذا المقال مترجم  عن الرابط التالي

المصدر : الجزيرة