شعار قسم ميدان

لا مؤامرات تحكيمية.. تقنيات جديدة ستغني عن الحكام بالمونديال

تحكيم - ميدان
مرّة أُخرى يقترن اسم روسيا بالتقنية، وهذه المرّة ليس بسبب عمليات الاختراق والتجسّس، بل بسبب بطولة كأس العالم 2018، والتي ستشهد أيضًا للمرّة الأولى مُشاركة أربعة مُنتخبات عربية.

     

بالتزامن مع الوصول الأول لهذا الكم من المُنتخبات العربية، ستصل أيضًا مجموعة جديدة من التقنيات إلى البطولة، تقنيات استُخدمت في دوريات عالمية خلال العامين الماضيين للوقوف على مدى جهوزيتها أملًا في تقليل نسبة الأخطاء قدر الإمكان.

      

الفيديو لمساعدة الحُكّام

اعتمدت رياضة كرة المضرب لفترة طويلة على تقنية عين الصقر التي تُتيح للاعبين المُطالبة بإعادة بعض اللقطات بالفيديو لمعرفة فيما إذا كانت الكُرة خارج أو داخل حدود اللعب، وهو ما ساهم من التقليل من حجم المشاكل والاعتراضات من قبل اللاعبين خلال المُباريات، فبمجرد أن يطلب اللاعب، يتم البت في الأمر، وينتهي كل شيء خلال ثوانٍ معدودة.

      

       

تلك الفاعلية جعلت بعض عُشّاق كرة القدم يُطالبون بتوفير ذات الأمر، لتخرج تقنية الحكم المُساعد بالفيديو (Video Assistant Referee)، المعروفة اختصارًا بـ (VAR)، والتي ستُستخدم بشكل رسمي خلال كأس العالم للمرّة الأولى في تاريخ البطولة(1).

     

خصّص الاتحاد الرياضي في روسيا مركزًا للبثّ في مدينة موسكو يحتضن مجموعة مؤلّفة من تسعة أشخاص، حكم رئيسي وثلاثة مُساعدين، إضافة إلى أربعة أشخاص مسؤولين عن إعادة اللقطات من زوايا مُختلفة. أما الشخص الأخير فهو من الاتحاد الرياضي لكرة القدم (FIFA) مهمّته مُراقبة كُل ما يجري داخل المركز من حوارات وآليات عمل لضمان الحصول على أفضل النتائج بشكل دائم. من ذلك المركز سيتم تزويد الملاعب بصورتين، الأولى يظهر فيها الفريق الذي يعمل والثانية خاصّة باللقطة وإعادتها، وتلك الصور ستُعرض على الشاشات الكبيرة داخل الملاعب، بحيث يُشاهد الجمهور اللقطة لإيضاح قرار حكم الساحة المتواجد على أرضية الملعب، والذي بيده القرار النهائي طوال الوقت.

     

سيتم اللجوء لتقنية الحكم المُساعد بالفيديو في مجموعة من الحالات هي ضربات الجزاء، البطاقات الحمراء، الأهداف، أو عندما يُشهر الحكم عن طريق الخطأ بطاقة للاعب لا يستحقّها. وفي حالة وجود شكوك لدى الحكم يقوم بالحديث مع المركز الرئيسي لإعادة اللقطة وتجهيزها للاطلاع عليها ولعرضها أمام الجماهير، وتلك اتصالات مُباشرة تجري باستخدام الألياف الضوئية لضمان وصولها بأسرع وقت دون اعتراض.

     

وإلى جانب الكاميرات الموجودة داخل الملعب المسؤولة عن تغطية المُباراة من كافة الزوايا، ستُضاف كاميراتان للكشف عن حالات التسلّل، وتلك كاميرات تعتمد على تقنيات خاصّة مسؤولة عن إنشاء وسط ثلاثي الأبعاد داخل الملعب للكشف عن تقدّم لاعب على الآخر ولو ببضعة ميليمترات بسيطة، وتلك كاميرات من المفترض أن تُحلّل اللقطات دون تدخّل مُباشر من الإنسان. لكنها  وفي نفس الوقت، ستكون مرجع للحُكّام أثناء البطولة لإعادة اللقطة واتخاذ القرار المُناسب.

          

           

تقنية خط المرمى

لا يزال الجدل قائمًا حتى الآن حول شرعية لقب بطولة كأس العالم التي فازت بها إنجلترا عام 1966 على حساب مُنتخب ألمانيا الغربية بسبب هدف الفوز، والذي أثار جدلًا واسعًا بعدما ارتطمت الكُرة بالعارضة العلوية ثم في أرضية المرمى قبل أن تخرج، إلا أن الحكم أعلن عن احتساب هدف شرعي للمُنتخب الإنجليزي، باعتبار أن الكرة تجاوزت خط المرمى.

       

    

تلك الحادثة لم تكن الوحيدة على مدار التاريخ، ولهذا السبب تم تطوير تقنية خط المرمى (Goal Line) القادرة على تحديد تجاوز الكُرة بكامل مُحيطها للخط من عدمه، وهي تقنية تتوفّر بنوعين مُختلفين واحد يعتمد على الكاميرات، والآخر على المُستشعرات(2).

      

تزوّد بعض الملاعب بكاميرات خاصّة توضع فوق المرمى، سبع كاميرات فوق كل مرمى، مهمّتها الرئيسية مُراقبة المرمى طوال الوقت ثم تمرير الصور المُلتقطة لنظام من أجل تحديد موقع الكُرة وتأكيد دخولها بالكامل. بعدها، يتم إرسال النتيجة مُباشرة لساعة ذكية يرتديدها الحكم وأعضاء الهيئة التحكيمية فقط، وبهذا الشكل لن يحتاج الحكم أبدًا لإيقاف اللعب، فكل شيء يتم بشكل آلي، إلا أن وجود تقنية الحكم المُساعد بالفيديو سوف يسمح للمُدرّبين المطالبة بإعادة بعض اللقطات، لكن القرار النهائي سيكون بيد الحكم بسبب الجدوى الكبيرة لتقنية خط المرمى.

      

أما النوع الثاني فهو يعتمد على المُستشعرات وعلى الحقل المغناطيسي، كما تحمل الكُرة مواد خاصّة تسمح لتلك المُستشعرات برصد حركتها لتحديد موقعها بدقّة داخل المرمى. ولإنشاء ذلك الحقل، يتم وضع أسلاك حول المرمى وتحت خطّه أيضًا، وبهذا الشكل يتم إنشاء مُستطيل افتراضي في الفراغ، هو حقل مغناطيسي، لتأكيد الحالة فور حدوثها.

        

تتبّع اللاعبين

لا تهدف استخدام التقنية في بطولة كأس العالم إلى الحد من الأخطاء فقط، بل إلى مُساعدة اللاعبين والفرق على التطوّر باستمرار عبر الإحصائيات الآنية التي يُمكن الحصول عليها باستخدام بعض تقنيات تتبّع اللاعبين وتحرّكاتهم داخل الملعب(3).

         

        

هناك أساليب كثيرة وافق عليها الاتحاد الدولي لرياضة كرة القدم، بعضها يعتمد على الأشعة تحت الحمراء وعلى كاميرات خاصّة لرصد حركة اللاعبين والكرة داخل الملعب، وبعضها الآخر يعتمد على شريحة صغيرة توضع داخل قميص اللاعب تقوم بتلك المهمّة. كما يرتدي البعض سُترة خفيفة تحت القميص تحتوي على مجموعة من التقنيات القادرة على رصد مُعدّل تنفّس اللاعب وضربات قلبه، إضافة إلى تسارعه، وتوضّعه داخل الملعب، وحركته طوال الوقت.

    

ترتبط تلك الأجهزة والتقنيات بنظام تتبّع مركزي، ويُقدّم الاتحاد الرياضي حاسبين محمولين لكل مُنتخب مُرتبطين بذلك النظام بحيث يُمكن لمُراقب يجلس في غُرف خاصّة أعلى الملعب، وآخر يجلس مع اللاعبين والجهاز الفنّي التواصل بشكل مُستمر لتحليل اللقطات وحركة اللاعبين، فضلًا عن مُراقبة المؤشّرات الحيوية لكل لاعب لاستبداله في حالة وجود مُعدّلات غير طبيعية أو إصابات غير واضحة.

     

المراقب الموجود في الملعب بإمكانه إعادة أي لقطة واختيار أي لاعب لمعرفة طريقة حركته داخل الملعب والأماكن التي يتواجد فيها على هيئة خارطة حرارية. وبفضل الأنظمة الخاصّة، يُمكن الكتابة وتدوين الملاحظات على اللقطة ذاتها وإرفاق البيانات لإرسالها لأعضاء الجهاز الفنّي. ومن جديد، فإن قناة اتصال مُباشرة مفتوحة بين المُراقبين طوال الوقت لضمان جودة عالية واتصال دائم دون انقطاع.

      

وتجدر الإشارة إلى أن التطبيق الرسمي لبطولة كأس العالم سيقوم بتزويد المُتابعين ببعض اللقطات الخاصّة من تلك التقنيات، سواء تقنية خط المرمى، الحكم المُساعد بالفيديو، أو حتى تقنيات تتبّع اللاعبين، بحيث يحصل المُتابع على تفاصيل كاملة ويستفيد من التقنية لفهم الحالات التحكيمية طوال الوقت(4).

         

         

لم يوافق الاتحاد الرياضي لكرة القدم على استخدام أي تقنية دون إخضاعها لمجموعة كبيرة جدًا من الاختبارات سواءً في مباريات تجريبية، أو في مباريات عشوائية لا على التعيين للوقوف على جدوى استخدامها. كما تُستخدم بعض التقنيات منذ سنوات طويلة في رياضات أُخرى، فتقنية خط المرمى مُستخدمة في كرة المضرب ورياضة كرة القدم الأمريكية أيضًا. والحال نفسه مع تقنيات تتبّع حركة اللاعبين، فهي تُستخدم بشكل يومي في تدريبات الأندية الرياضية المُختلفة لتحليل أداء اللاعب على فترات طويلة ورصد مستوى تحسّنه، وبالتالي فإن نسبة الخطأ فيها تبقى قليلة، وهو ما سمح لها بالوصول للعرس الكروي الكبير.