شعار قسم ميدان

تويتر بحلة جديدة.. هل ستنجو الشبكة الاجتماعية من الغرق؟

BLOGS تويتر

تاهت شبكة تويتر الاجتماعية لفترة طويلة جدا في تحديد هويّتها، فهي بداية كانت مُجرّد وسيلة لمُشاركة الحالة (Status)، ومن ثم تحوّلت إلى أداة للتدوين المُصغّر (Micro-Blogging)، لتحوّلها المصادفة فيما بعد إلى شبكة اجتماعية إلى جانب فيسبوك و"غوغل بلس"(1). تغيير الهوية استمر كذلك في السنوات الأخيرة، فالشركة تخلّت عن قيد الـ 140 حرفا في التغريدة الواحدة، لتبدأ فيما بعد باختبار مزايا منها مُشاركة الحالة أو الموقع الجغرافي، إضافة إلى مزايا أُخرى تُمثّل تحوّلا في نموذج تويتر وهويّته خلال السنوات المُقبلة.

 

المحادثات الفورية

على الرغم من بساطة خاصيّة آخر المُشاركات (Timeline)، أو "آخر الأخبار" (News Feed) كما تُسمّى في فيسبوك، فإنها سبّبت مشاكل لا حصر لها للشبكات الاجتماعية بدءا من الأخبار الكاذبة، وانتهاء بالإعلانات التي أصبحت ظاهرة في كل حدب وصوب، الأمر الذي جرّ أرجل القائمين على تلك الشبكات إلى المحاكم بسبب القصور التقني الذي أدّى إلى الكثير من الظواهر السيئة على الصعيد الاجتماعي، والسياسي كذلك(2).

 

 

لكن في الوقت نفسه، يولي كل رئيس تنفيذي لشركة تقنية ما أهمّية كبيرة للمحادثات الفورية، آبل و"آي مسج" (iMessage)، تويتر والرسائل المُباشرة (Direct Messages)، فيسبوك ومسنجر و"واتس آب" و"دايركت" (Direct) في إنستغرام، غوغل و"آلو" (Allo)، والأمثلة على ذلك تطول. التركيز على هذه الخاصيّة يفتح مجالا واسعا لأي شركة، وخصوصا تويتر التي ما زالت تجد صعوبة في النمو على صعيد عدد المُستخدمين شهريا(3).

 

في الوقت الراهن، تقبع الرسائل المُباشرة داخل تويتر ضمن تبويب مُنفصل يدعم التنبيهات وبعض خيارات الخصوصية كعدم قبول أي رسالة من شخص مجهول ووضعها في مُجلّد خاص يُمكن الاطلاع عليه في أي وقت. لكن هذا الأمر لا يكفي لجذب المزيد من المُستخدمين، وهنا قرّرت تويتر وضع ثقلها وتقديم مزايا جديدة لا حصر لها. 
   

 

البداية كانت مع مؤشّر الحالة، فالشركة تختبر حاليا ظهور أيقونة خضراء اللون أمام صورة المُستخدم عندما يكون مُتّصلا، تماما مثل تلك التي كانت تظهر في يوم من الأيام في تطبيقات مثل "إم إس إن مسنجر" (MSN Messenger). ولم تكتفِ الشركة بهذا الأمر، فالبعض تحدّث عن ظهور مكان مُخصّص داخل التطبيق لكتابة الحالة، مثل تلك الموجودة في "واتس آب"، وهنا يُمكن للمُستخدم التعبير عن ذاته من جهة، والإشارة إلى موقعه الجغرافي من جهة أُخرى(4).

 

الجميل في تلك الخاصيّة هو ظهورها كتغريدة لجميع المُتابعين، وهذا في استعراض حصري قامت به الشركة خلال معرض "سي إي إس" (CES 2019)، لتُضيف تويتر بذلك ميزة جديدة إلى جانب التغريدات التقليدية التي اعتاد المُستخدمون عليها.
 

 

تغريدات بنكهة جديدة

يعود اختبار شبكة تويتر لمزاياها الجديدة إلى شهر أغسطس/آب 2018 تقريبا، فالشبكة وضعت نُصب أعيُنها هدفا لتعزيز التواصل بين المُستخدمين على شبكة الإنترنت، فهي لم تكتفِ بما لديها، وكشفت عن تغريدة تعريفيّة يُمكن لأي شخص وضعها لتكون كخطوة أولى لفتح نقاش مع أي شخص آخر. التغريدة التعريفيّة يُمكن أن تكون سؤالا مثل: "ما الوجهة التي ترغب بالسفر إليها خلال العام الحالي؟"، وستظهر لأي شخص يدخل إلى حساب المستخدم مع إمكانية الرد عليها، وبهذه الحالة يُصبح فتح الأحاديث والنقاشات أسهل بين مُستخدمي تويتر، لتختفي نوعا ما حالة الجمود، إلى جانب التغريدات السلبيّة التي يشتكي منها مُستخدمو الشبكات الاجتماعية عموما، وتويتر خصوصا(5)

 

وإلى جانب هذا النوع من التغريدات، تدرس الشركة تغيير شكل الردود على تغريدة ما، فلفترة طويلة اعتبرت أي رد كتغريدة عاديّة تظهر مثل أي تغريدة أُخرى، إلا أن هذا الأمر في 2019 قد يتغيّر.

 

بحسب إحدى المسؤولات في تويتر، فإن الشركة ستختبر قريبا نظاما جديدا للردود داخل الشبكة، فالتنسيق سيختلف وستظهر الردود مُرتّبة على حسب موقعها ضمن سياق الحوار، فعندما يرد مُستخدم ما على التغريدة، ويترك أحدهم تعليقا على ذلك الرد، ستظهر التغريدات على شكل هرمي يوضح ترتيب وتسلسل الحوار. ولن تكتفي الشركة بتغيير المُحاذاة فقط، بل ستظهر الردود الفرعية بلون، وردود صاحب التغريدة الأساسي بلون آخر، مثلها مثل الردود المُباشرة على صاحب التغريدة التي ستظهر هي الأُخرى بلون مُميّز، وبالتالي يصبح كل شيء واضحا بمُجرّد النظر إليه(6).

 

المحادثات الاجتماعية

صحيح أن المزايا السابقة ما زالت تحت الاختبار، إلا أنها تشترك بخصلة واحدة وهي تحوّل تويتر من منصّة للتدوين المُصغّر إلى منصّة للمحادثات الاجتماعية، فمؤشّر الحالة، رفقة شريط الحالة والموقع الجغرافي، من شأنهما تعزيز استخدامها كشبكة للتواصل الفوري بين المُستخدمين، وتلك مزايا موجودة حاليا في تطبيقات مثل "سلاك" (Slack) المُستخدم بكثرة للتواصل بين فرق العمل داخل الشركات، وتوفّرت سابقا في تطبيقات مثل "إم إس إن مسنجر" و"ياهو مسنجر" على سبيل المثال لا الحصر. 

 

وعلاوة على ما سبق، فإن الفرصة أكبر في نظام التعليقات الجديد، خصوصا لو أتاحت الشركة إمكانية تضمين تلك التغريدات، والردود عليها، داخل المواقع الإلكترونية، فعوضا عن استخدام نظام التعليقات التقليدي في المواقع، يُمكن استخدام نظام تويتر الجديد، وبعد نشر التغريدة الخاصّة بالموضوع، ستظهر الردود عليها ضمن تويتر تارة، وضمن الموقع نفسه تارة أُخرى، لتتعزّز بذلك التجربة الاجتماعية، وهو شيء سبق وأن قامت به فيسبوك منذ وقت سابق استُخدم على نطاق واسع كذلك.

 

ما تقوم به تويتر حاليا هو انتقال جُزئي، فهي لم تتخلّص من التغريدات التقليدية من أجل التركيز على المحادثات الفورية فقط، بل ستفتح لنفسها بابا جديدا قد يُساعدها على الاستمرار لفترة طويلة إذا ما تناقصت أهمّية الشبكات الاجتماعية مع مرور الوقت، فالمحادثات الفورية لم تفقد قيمتها، والتغيّر كان في أشكالها فقط، فبعد تطبيقات المحادثة على الحواسب، جاءت الرسائل النصيّة القصيرة، وبعدها مُتعدّدة الوسائط، متبوعين بالشبكات الاجتماعية وبتطبيق "واتس آب" الذي غيّر شكل المحادثات الفورية مع ثورة الهواتف الذكيّة.

 

ما تُجيده شبكة تويتر هو المراوغة دائما ومحاولة العثور على النموذج الجديد الذي يقبل المُستخدمون به، فهي على عكس "سناب شات" (Snapchat)، التطبيق الذي يجد صعوبة في نمو نسبة المُستخدمين أيضا(7)، تحاول دائما اختبار مزايا جديدة والاستماع لطلبات المُستخدمين، وهذه سمة أساسيّة من سمات أي شركة ناشئة ترغب في الوصول إلى السوق، والبقاء فيه لفترة طويلة.

المصدر : الجزيرة