شعار قسم ميدان

"ستاديا" (Stadia).. منصّة ثورية للألعاب من غوغل تطوي صفحة "إكس بوكس" و"بلاي ستيشن"

ميدان - ستاديا

نبّهت شركة غوغل المُنافسين بشكل غير مُباشر إلى شكل المُستقبل عندما أزاحت الستار عن نظام تشغيلها القادم "فوشيا" (FuchsiaOS)، فبقراءة بسيطة لما بين السطور يُمكن مُشاهدة التوجّه السحابي للشركة بشكل كامل، ليس على صعيد الخدمات فقط، بل على صعيد النظام أيضا. غوغل عزّزت تلك الرؤية قبل ساعات قليلة بعدما كشفت عن "ستاديا" (Stadia)، منصّة الألعاب الثورية التي ستُغيّر شكل الألعاب الإلكترونية للأبد.

   

سحابة غوغل

لتشغيل أحدث الألعاب، يحتاج المُستخدم إلى التأكّد من أن المواصفات الداخلية لحاسبه، أو لمنصّة ألعابه، متوافقة مع مُتطلّبات اللعبة. وهذا يعني أنه ولتشغيل ألعاب برسومات عالية الدقّة، يحتاج المُستخدم إلى استخدام بطاقة مُعالجة رسوميات مُميّزة على الحاسب، أو إلى شراء أحدث جيل من منصّات الألعاب على غرار "إكس بوكس" (Xbox) من مايكروسوفت، أو "بلاي ستيشن" (PlayStation) من سوني، الأمر الذي جاءت "ستاديا" لتغييره بشكل كامل.

  

غوغل أثبتت خلال السنوات الماضية قدرتها على إنشاء مراكز للبيانات (Data Centers) وإدارتها بأفضل طريقة مُمكنة، فضلا عن توفير واجهات برمجية تُتيح للمُبرمجين الاستفادة من تلك المراكز لتخزين بيانات تطبيقاتهم وتوفير بعض المزايا أيضا. وبعد إتقان المهام البسيطة، انتقلت غوغل لتوفير ما هو أعقد من ذلك، معالجات تعتمد على الذكاء الاصطناعي (AI) يُمكن لأي مُطوّر دفع اشتراك شهري والاستفادة من قدرتها الهائلة في المُعالجة، وهذا منح بدوره مُطوّري التطبيقات فرصة جديدة لجعل تطبيقاتهم أكثر ذكاء بغضّ النظر عن الجهاز المُستخدم(1).

   

   

وبتلخيص بسيط، فإن مراكز بيانات غوغل كانت في يوم من الأيام خاصّة، تُستخدم لتخزين بيانات مُستخدمي خدمات غوغل المُختلفة بما في ذلك أرشيف مُحرّكات البحث، وبريد "جي ميل" (Gmail)، إضافة إلى مُستندات غوغل (Google Docs). لكن مع مرور الوقت، قرّرت الشركة فتح الباب أمام المُطوّرين للاستفادة من تلك المراكز لتخزين بيانات تطبيقاتهم عليها، بحيث تكون متوفّرة في أي وقت ومن أي جهاز، دون نسيان بعض الخدمات الأُخرى مثل التأكّد من هوية المُستخدم أو تحليل أداء التطبيق لمعرفة سلوك المُستخدمين بداخله.

 

رأت غوغل أن تطوير مُعالجاتها الخاصّة يفتح فرصة عظيمة جدا بعد الاستفادة من سرعة مراكز البيانات الخاصّة بها، فتشغيل التطبيقات على خوادمها عوضا عن تشغيلها على جهاز المُستخدم من شأنه توفير تجربة أسرع، ومن هنا قدّمت للعالم ميزة التطبيقات الفوريّة (instant apps)، وهذا لمُستخدمي نظام أندرويد من أجل تجربة التطبيق دون تحميله على الهاتف أولا(2).

   

      

"ستاديا"

وبعد تلك المزايا، قرّرت غوغل أن تشغيل التطبيقات على مراكز بياناتها لا يكفي أبدا، ومن أجل ذلك قدّمت للعالم "ستاديا" كمنصّة ألعاب يُمكن استخدامها على أي جهاز بغض النظر عن قوّة العتاد الموجود بداخله، فطالما أنه قادر على تشغيل مقاطع الفيديو من يوتيوب، سيكون قادرا كذلك على تشغيل الألعاب التي ستوفّرها المنصّة فور وصولها خلال عام 2019 الجاري(3).

   

    

"ستاديا" هي منصّة سحابية للألعاب، أي إن الألعاب سيتم تشغيلها داخل خوادم غوغل الخاصّة ومن ثم بثّها إلى جهاز المُستخدم، تماما مثلما هو الحال مع مقاطع الفيديو على يوتيوب التي تستضيفها خوادم غوغل، ويتم بثّها إلى أجهزة المُستخدمين في أي وقت. هذا يعني، أن اللعبة، أيًّا كانت دقّة الرسوميات فيها، لن تتأثّر بنوع جهاز المُستخدم. ويعني أيضا أن أي لعبة بمواصفات خارقة تحتاج فقط من غوغل أن تقوم بتحديث خوادمها لاستيعاب المزايا الجديدة، دون أن يحتاج المُستخدم إلى تغيير منصّة ألعابه، هاتفه، حاسبه اللوحي، أو حتى حاسبه المكتبي.

 

أما عن تجربة الاستخدام، فالشركة بسّطت الأمر قدر الإمكان وذلك بضغطة زر واحدة، فلو قامت شركة ما بمُشاركة فيديو تشويقي للعبتها على منصّة يوتيوب، ستكون قادرة على إضافة زر لتشغيل اللعبة من ذلك الفيديو الذي بمجرّد الضغط عليه سيبدأ كل شيء دون الحاجة إلى انتظار تحميل اللعبة، أو إلى تثبيت التحديثات، أو إلى أي شيء آخر.

 

بحسب كلام مسؤولين في غوغل، فإن دقّة البثّ ستكون "4 كيه" (4K) بسرعة 60 إطارا في الثانية عند توفير المنصّة خلال العام الجاري، مع وعود بتوفير دقّة "8 كيه" (8K) بسرعة 120 إطارا في الثانية فيما بعد، دون تحديد فترة زمنيّة مُحدّدة، وهذا يعني أن المُستخدم لا يحتاج سوى إلى اتصال مُحترم للإنترنت للاستفادة من قدرات المنصّة الجديدة، فضلا عن دعم شاشة جهازه لتلك الدقّات بكل تأكيد.

 

وبمقارنة سريعة بين قدرات منصّات الألعاب الحالية، فإن "بلاي ستيشن 4 برو" يُمكن لمعالج رسومياتها القيام بـ 4 تريليون عملية في الثانية، في وقت يُمكن فيه لمنصّة "إكس بوكس ون إكس" (Xbox One X) القيام بـ 6 تريليون عملية. أما "ستاديا"، فهي قادرة على إتمام أكثر من 10 تريليون عملية في الثانية، وهو رقم قابل للزيادة عندما تُقرّر غوغل تحديث خوادمها.

   

   

تجربة ثورية

كشفت غوغل أيضا عن مقبض تحكّم (Controller) خاص بمنصّة "ستاديا" يحمل مجموعة من المزايا الحصرية التي تبدأ من سرعة الاستجابة، فالمقبض يتّصل بالإنترنت عبر شبكة "واي فاي"، ويتواصل مع خوادم غوغل بشكل مُباشر، وليس عن طريق الهاتف، أو الجهاز المُستخدم لتشغيل اللعبة، وهذا يعني سرعة أعلى طوال الوقت.

 

واستمرارا مع المقبض، وفّرت الشركة زرا خاصا لمُشاركة اللعبة على يوتيوب، أي إن المُستخدم قادر على اللعب وعلى بثّ اللعبة في الوقت نفسه من أي جهاز يستخدمه حتى لو كان "كروم كاست" (Chrome Cast). وتجدر الإشارة هنا إلى أن البث أيضا سيكون بدقّة "4 كيه" وبسرعة 60 إطارا في الثانية، وهنا تظهر أهمّية تشغيل اللعبة على خوادم غوغل الخاصّة التي ستكون مُتّصلة بشكل فوري مع خوادم يوتيوب لبثّ اللعبة، عكس النموذج الحالي الذي يعتمد على جهاز المُستخدم وعلى اتّصاله الخاص لبثّ اللعبة على شبكة الإنترنت.

   

   

زر آخر يتوفّر لطلب مُساعد غوغل الرقمي، "غوغل أسيستنت" (Google Assistant)، أثناء اللعب، فالمُستخدم أحيانا قد يعجز عن إنجاز مهمّة ما. وعوضا عن اللجوء للطريقة التقليدية في فتح يوتيوب، أو البحث في غوغل، يُمكن طرح السؤال على مُساعد غوغل دون مغادرة اللعبة، ليقوم بعرض بعض المصادر المُفيدة دون الحاجة إلى استخدام جهاز آخر أبدا، فمنصّة "ستاديا" ستدعم هذا الأمر بشكل افتراضي.

 

لم تُحدّد الشركة سعر المقبض، أو حتى سعر الاشتراك الشهري في منصّة "ستاديا"، إلا أنها أكّدت أن مؤتمر المُطوّرين خلال فصل الصيف المُقبل سيكون موعدا للكشف عن الألعاب التي ستتوفّر مع إطلاق المنصّة بشكل رسمي للعموم، وهذا يعني أن فترة الصيف، أو موسم الأعياد على أبعد تقدير، هي الأوقات المتوقّعة لوصول المنصّة للمُستخدمين في أوروبا، وأميركا، بالإضافة إلى كندا والمملكة المُتحدة.

   

  

يوما بعد يوم، تُثبت غوغل أن المُستقبل سحابي 100٪، وأن الأجهزة ستأخد منحى مُختلفا خلال السنوات المُقبلة، فقوّة العتاد الداخلي لن تعود مطلوبة في ظل وجود مراكز بيانات قويّة، وهذا يُفسّر استثمار آبل وأمازون ومايكروسوفت وغوغل، رفقة فيسبوك، في تقنيات التخزين السحابي وفي تطوير مراكز بياناتها الخاصّة. لكن في الوقت الراهن، فإن العين على منصّتي "إكس بوكس" و"بلاي ستيشن" اللتين قد تُصبحان صيحات قديمة خلال عام من الآن إن لم تُقدّما ما يدفع المُستخدمين إلى الاستمرار معها لأن "ستاديا" بالجودة الحالية ستُقدّم تجربة ألعاب لا تشوبها شائبة.

المصدر : الجزيرة