شعار قسم ميدان

تحت المجهر.. أيهما أرخص "إير بي إن بي" (Airbnb) أم الفنادق؟

ميدان - إير بي إن بي

أتاحت مشاريع الاقتصاد التشاركي مثل "أوبر" و"إير بي إن بي" (Airbnb) لأي شخص يملك سيارة أو منزلا إمكانية الحصول على عائد مادّي، فصاحب السيّارة بإمكانه نقل الرُكّاب للانتفاع ماديّا، وأي شخص يملك مساحة فارغة في منزله بإمكانه تحويلها إلى مكان يبيت فيه زائر لقاء مبلغ -من المُفترض- أرخص من الفنادق. لكن بحسب آخر الدراسات، فإن أسعار "إير بي إن بي" ارتفعت بمقدار 5.4٪ خلال 2017، بينما ارتفعت أسعار الفنادق بمقدار 1٪ فقط(1)، فهل ما زالت خيارات المبيت المُشترك أرخص من الفنادق بالفعل؟

  

بين أسعار الفنادق والسكن التشاركي

واجه القائمون على "إير بي إن بي"، والمشاريع المُشابهة، حملة شرسة جدا من المُشرّعين في كل مدينة دخلوا إليها، ففكرة السماح للغُرباء بالدخول إلى المباني السكنيّة والسكن في مناطق مأهولة أمر أثار قلق الجميع من الناحية الأمنيّة، فنيّات الزائر غير معروفة ولا يُمكن ضمانها أبدا. أصحاب العقارات بدورهم اعترضوا في بعض الأوقات، فمُستئجرو الشقق تحولوا إلى مؤجّرين أيضا، وقاموا بعرض الغرف والمساحات الموجودة في منازلهم لدفع إيجارهم الشهري بسهولة أكبر(2).

 

ولم تقف الثورات المُعارضة لهذا النموذج عند هذا الحد، فمجموعة كبيرة من الفنادق شكّلت حلفا فيما بينها تشتكي فيه من المُنافسة غير العادلة التي جاء بها "إير بي إن بي"، فأصحاب المنازل يعرضون الغرف بأسعار أرخص من غرف الفنادق دون الامتثال لقوانين السلامة العامّة التي تفرضها الدولة، كتوفير مُستشعرات للحريق أو مخارج للطوارئ، وتلك شروط صارمة تدفع الفنادق الكثير من أجل توفيرها(3). من هنا، بدأت بعض الشركات بمُراقبة أسعار "إير بي إن بي" أولا بأول، وأطلقت مُنتجات خاصّة تُتيح لأي شخص مُقارنة أسعار العقارات والتغيّرات المُتوقّعة بناء على بعض العوامل، من أهمّها ارتفاع مُعدّل الطلب في مواقع السكن التشاركي، الأمر الذي سهّل بدوره التأكّد من أسعار "إير بي إن بي" ومن كونها فعلا أرخص من الفنادق.

   

   

أجرت منصّة "باص باد" (BusBud)، المُتخصّصة في مجال حجوزات السفر، دراسة على أسعار الغُرف في 22 مدينة حول العالم وأكّدت أن "إير بي إن بي" ما زال أرخص من السكن في الفنادق التقليدية، ففي مدينة "بوستن" (Boston) الأميركية، يبلغ متوسط تكلفة الليلة الواحدة في الفندق 213 دولارا أميركيا تقريبا، و181 دولارا في "إير بي إن بي". والأمر كذلك في "شيكاغو" بواقع 179 دولارا لغرفة الفُندق و150 دولارا في السكن التشاركي، وفي "نيويورك" بواقع 245 دولارا في الفُندق و164 دولارا فقط في منزل أحدهم(4).

 

مدينة "لوس أنجيليس" (Los Angeles) تكسر الفرق الكبير قليلا، فتكلفة الغرفة في الفندق هي 175 دولارا تنخفض إلى 170 دولارا في "إير بي إن بي"، لتنقلب الكفّة تماما في "سان فرانسيسكو" التي يُمكن المبيت في فنادقها لقاء 217 دولارا، ولقاء 221 دولارا في غرفة داخل منزل، والأمر نفسه في "آوستين" (Austin)، فمتوسط سعر غرفة الفندق يبلغ 160 دولارا فقط، بينما يرتفع السعر إلى 286 دولارا عند البحث في منصّات السكن التشاركي(4).

 

القارّة العجوز

لا تميل كفّة الأسعار نحو منصّة دونا عن الأُخرى في القارة الأوروبية أيضا، ففي مدينة أمستردام الهولندية، يُمكن السكن في الفندق لقاء 191 دولارا أميركيا في الليلة الواحدة، أو لقاء 146 دولارا في أحد المنازل. الأمر نفسه يتكرّر في كلٍّ من برلين ومدريد وباريس، فتكلفة ليلة الفندق هي 128 دولارا، و132 دولارا، و214 دولارا على الترتيب، بينما تبلغ عبر "إير بي إن بي" 65 دولارا في المدينة الأولى، و73 دولارا في الثانية، و110 دولارات فقط في الثالثة، لتكون مدينة برشلونة هي الاستثناء الوحيد، فغرفة الفندق فيها بسعر 172 دولارا فقط، في وقت يبلغ فيه متوسّط أسعار الغرف على "إير بي إن بي" 312 دولارا أميركيا(5).

   

يُمكن النظر للأسعار من زاوية أُخرى، فعند المبيت باستخدام "إير بي إن بي" يُمكن للمُسافر توفير 119 دولارا في مدينة "نيويورك"، و49 دولارا في مدينة "سيدني" الأسترالية، و127 دولارا في "طوكيو"، و79 دولارا في "تورنتو" الكنديّة، و53 دولارا في العاصمة الروسيّة "موسكو"، وهنا الحديث عن حجم التوفير في الليلة الواحدة، وهو ما يجعل "إير بي إن بي" الخيار الأفضل في مُعظم الدول حول العالم سواء من ناحية الأسعار، أو من ناحية الخدمات التي سيحصل عليها المُسافر مثل التواصل مع أصحاب المنزل، أو مع بقيّة القاطنين في المنزل للحصول على معلومات إضافية تسمح له بالتعرّف على ثقافة البلد بصورة أعمق(5).

       undefined

   

على أرض الواقع

لا نحتاج كمُستخدمين إلى شبكة الإنترنت لأي دراسات للتأكّد من الخيار الأمثل، فمنصّة "إير بي إن بي" مفتوحة للجميع ويُمكن البحث فيها ومُشاهدة الصور وقراءة التعليقات للوصول إلى المكان المُناسب. وفي الوقت ذاته، يُمكن الاستعانة بمواقع مثل "سكاي سكانر" (SkyScanner)، "بوكينغ" (Booking)، أو حتى "آغودا" (agoda) للعثور على أفضل الأسعار بالنسبة للفنادق.

   

في "إير بي إن بي"، تبدأ أسعار الغُرف في مدينة بالي الإندونيسية من 10 دولارات أميركية تقريبا، وهذا عند اختيار المبيت لمدة أسبوع في غرفة داخل منزل حصل صاحبه على نسبة تصويت عالية من زوّاره القُدماء. كما تتوفّر خيارات بسعر 15 دولارا، و22 دولارا بالإضافة إلى 25 دولارا، الأغلى في خيارات البحث آنفة الذكر(6). عند استخدام موقع "بوكينغ" فالأسعار ترتفع قليلا، فهي تبدأ من 17.5 دولار أميركي وترتفع إلى 19 دولارا، ثم إلى 32.5 دولار أو 53 دولارا، وصولا إلى 100 دولار أو أكثر(7).

   

عند مقارنة الجودة بين "إير بي إن بي" و"بوكينغ"، فإن أسعار الأولى تبدو أفضل بكثير خصوصا أن أصحاب تلك المنازل يبذلون قُصارى جهدهم بشكل دائم لإرضاء المُستخدمين طمعا بتقييم أعلى يُساعدهم على زيادة دخلهم، حتى إن البعض ترك عمله اليومي وتفرّغ بشكل كامل لتأجير غرف في منزله. في وقت تبقى فيه مُعظم الخيارات في "بوكينغ" تقليدية داخل فنادق تُركّز بشكل أو بآخر على الربح المادّي(8).

     

  

عاصمة "آذربيجان"، مدينة باكو، يُمكن أن تكون عيّنة عشوائية أُخرى، ففي "إير بي إن بي"، تبدأ أسعار الغُرف من 10 دولارات أميركية، ثم 15 دولارا، وأخيرا 23 دولارا، يُمكن أن تصل إلى 35 أو 40 دولارا عند البحث عن غُرف في منازل ذات تقييم عالٍ(9). في وقت تبدأ فيه الأسعار من 37 دولارا لليلة الواحدة عبر "بوكينغ"، ترتفع لتصل إلى 66 دولارا ثم إلى 164 دولارا، وهذا عند اختيار فنادق بـ 3 و4 نجوم، مع تقييم عالٍ من قِبل الزوّار(10).

   

        

يُمكن الاستمرار في أخذ عيّنات من أماكن مُتفرّقة حول العالم، إلا أن "إير بي إن بي" يفرض نفسه بقوّة كخيار فعلي بديل عن الفنادق التقليدية، ليستمر بذلك في كونه خيارا أرخص يُتيح السفر وزيارة مُدن جديدة حول العالم بأرخص التكاليف، فضلا عن وفرة الخيارات كإمكانية حجز غرفة كاملة، غرفة مُشتركة، أو حتى أريكة أو فراش هوائي على الأرض. بمعنى آخر، ساهم الاقتصاد التشاركي في إتاحة فرص جديدة على كافّة الأصعدة، فحتى أصحاب السيّارات الخاصّة بإمكانهم اليوم وضع شاشة أعلى السيّارة لعرض إعلانات والحصول على مُقابل مادّي لقاء هذا الأمر(11).

المصدر : الجزيرة