شعار قسم ميدان

سوق الألعاب الإلكترونية 2019.. مايكروسوفت تحتمي بغوغل للتفوّق على سوني "بلاي ستيشن 5"

ميدان - box one s

بعثرت شركة غوغل سوق الألعاب الإلكترونية في 2019 بعد الكشف عن منصة "ستاديا" (Stadia) للألعاب السحابية التي أثّرت على كلٍّ من مايكروسوفت "إكس بوكس" (Xbox) وعلى سوني "بلاي ستيشن" (PlayStation)، المنصّات الأشهر في هذا المجال، فمايكروسوفت اختارت مُجازفة كاملة وتخلّت عن الأقراص الليزرية، بينما قرّرت سوني اللعب بحذر والاستمرار على النهج نفسه، فهل ضلّت إحداهما الطريق؟

   

المنافسة في 2019

اختارت مايكروسوفت اسما تقليديا، وميزة غير تقليدية، لمنصّتها الجديدة التي ستحمل اسم "ون إس أول ديجيتال" (One S All-Digital)، والتي هي عبارة عن الجيل القديم، "ون إس" (One S) لكن بدون قارئة أقراص ليزرية، دون أي اختلاف آخر على صعيد المزايا حتى اللحظة، وهي بسعر 250 دولارا أميركيا فقط وستبدأ بالوصول للأسواق مع حلول السابع من مايو/أيار 2019.

   

عدم ترقية العتاد الداخلي سببه واضح جدا، فالشركة ستُركّز بشكل كبير على الألعاب السحابية على الإنترنت، والحاجة إلى توفير بطاقة مُعالجة رسوميات قويّة، أو مُعالج بتردد مُرتفع لن يُفيد بشيء، لأن الألعاب -من المفترض- ستعمل على خوادم الشركة السحابية وسيتم بثّها إلى جهاز المُستخدم، تماما مثل الآلية التي استخدمتها غوغل في "ستاديا"، إلا أن الفرق يكمن في أن منصّة غوغل السحابية ستعمل على أي جهاز قادر على تشغيل مُتصفّح كروم، بينما ستبقى ألعاب مايكروسوفت حبيسة منصّة "إكس بوكس" الجديدة في الوقت الراهن(1).

     

      

أما سوني، فقد قرّرت السير إلى جانب الحائط درءا للمشاكل، فهي بشكل تقليدي كشفت عن الجيل الجديد الذي سيحمل اسم "بلاي ستيشن 5" (PlayStation 5)، والذي سيدعم تشغيل الأقراص الليزرية، مع تحديث العتاد الداخلي ليعمل بمعالج ثماني الأنوية وبطاقة رسوميات مبنيّة على تقنيات "راديون نيفي" (Radeon Navi) من تطوير شركة "إيه إم دي" (AMD)، دون نسيان إمكانية تشغيل الألعاب بدقّة "8 كيه" (8K) وبتوزيع صوت ثلاثي الأبعاد(2).

    

ما سبق لا يعني أن سوني أهملت الألعاب السحابية، أو بثّ الألعاب على الإنترنت، فهي ومنذ 2015 تختبر ميزة "بلاي ستيشن ناو" (PlayStation Now) التي تُتيح شراء الألعاب من الإنترنت دون الحاجة إلى شراء الأقراص الليزرية. لكنها، وحتى بداية 2019، ما زالت تُعاني من مشاكل على صعيد الأداء تمنعها من العمل بمستوى "ستاديا" الموعود(3)، لتبدو مسألة مُحافظتها على دعم الأقراص الليزرية في 2019 منطقية وفي صالح المُستخدم الذي يرغب بالحصول على تجربة استخدام مُستقرّة.

     

اللعب بالنار

بالعودة من جديد إلى مايكروسوفت، فإن ما قامت به، أي التخلّي عن دعم الأقراص الليزرية والقفز برأسها قبل جسدها إلى فضاء الألعاب السحابية، قد يبدو وكأنه ردّة فعل على ما قامت به غوغل. لكن الأرقام لا تكذب، فـ 80٪ من عائدات سوق الألعاب الرقمية مع حلول 2017 كان مصدره المتاجر الإلكترونية(4)، وهذا يُفسّر عمل الشركة منذ 2017 على تطوير خدمة "إكس بوكس غيم باس" (Xbox Game Pass) التي تُتيح للمُستخدم باشتراك شهري الوصول إلى مكتبة فيها أكثر من 100 لعبة. لكنه في الوقت نفسه، لا يُفسّر حتى اللحظة ما قامت به في الجيل الجديد من "إكس بوكس".

      

في الحقيقة، رؤية مايكروسوفت في "إكس بوكس أول ديجيتال" لم تكن وليدة اللحظة أبدا، فهي منذ سنوات طويلة تعمل على تطوير منصّة سحابية لتشغيل الألعاب تماما مثل تلك التي كشفت عنها غوغل، وهي في 2018، أي قبل غوغل بستة أشهر تقريبا، أرسلت دعوة لبعض الإعلاميين ومُحبّي الألعاب لتجربة المنصّة الجديدة المعروفة باسم "إكس كلاود" (XCloud) التي قد تصل خلال 2019 بنسختها التجريبية لعموم المُستخدمين(5).

       

   

طموح مايكروسوفت من تلك المنصّة هو تشغيل الألعاب داخل منصّات "إكس بوكس" سحابية تعمل كخوادم تبثّ الألعاب للمُستخدم دون أن يحتاج هو إلى تحديث منصّته بشكل دائم لرفع عتادها الداخلي، وهذه ليست رؤية أو أحلام، فالشركة تمتلك بالفعل منصّة "آجر" (Azure) للتخرين السحابي، مثلما تملك غوغل خدمة "غوغل كلاود" (Google Cloud)، وبالتالي لدى مايكروسوفت ما يؤهّلها تماما لتحقيق تلك الغاية، سواء من ناحية الخبرة في تطوير الألعاب، أو من ناحية التخزين السحابي وبثّ المحتوى حسب الطلب.

 

أسبقيّة لمايكروسوفت وغلبة لغوغل؟!

حصلت شركة غوغل على التغطية الإعلامية التي تنشدها بعد الكشف عن "ستاديا"، لتبدو وكأنها أول الواصلين إلى سوق بثّ الألعاب على الإنترنت على الرغم من أنها ليست كذلك، إلا أن هذا الأمر فتح الباب في الوقت نفسه لبعض المُغالطات التقنية التي تحتاج إلى مزيد من الإيضاح.

    

على أرض الواقع، فإن خدمة "إكس بوكس غيم باس"، وخدمة "بلاي ستيشن ناو"، رفقة متاجر التطبيقات المُختلفة توفّر للمُستخدمين إمكانية الحصول على الألعاب الإلكترونية دون الحاجة إلى شراء قرص ليزري، أو إلى أي وسيلة تخزين صلبة، لوضعها في المنصّة أو الجهاز للحصول على اللعبة، فالمُستخدم ومن المتجر يختار اللعبة، ويدفع ثمنها، ومن ثم يقوم بتحميلها على جهازه، وهنا يكمن الاختلاف الذي يضع مايكروسوفت "إكس كلاود"، وغوغل "ستاديا" في كفّة، وبقيّة الخدمات آنفة الذكر في كفّة أُخرى تماما.

     

   

ما تسعى مايكروسوفت وغوغل إلى تحقيقه في 2019 يكمن في تشغيل الألعاب على خوادم سحابية، بغض النظر عن جهاز المُستخدم وعن حجم المساحة الداخلية المتوفّرة لديه، فكل شيء سيعمل في خوادم خاصّة ستكون مسؤولة عن معالجة اللعبة ورسومياتها والبيانات التي تقوم بتخزينها، في وقت سيلعب جهاز المُستخدم فيه دور المُتلقّي فقط الذي سيستلم تلك البيانات جاهزة للاستخدام بشكل آني. بمعنى آخر، قوّة الاتصال بالإنترنت هي أهم عامل تقريبا في هذا النوع من الخدمات.

 

أما متاجر التطبيقات مثل "آب ستور" (App Store) و"غوغل بلاي" (Google Play)، أو "بلاي ستيشن ناو" و"نينتندو غيم ستور" (Nintendo Game Store)، فما هي سوى منصّات تُتيح للمُستخدم البحث عن الألعاب لشرائها وتحميلها على الجهاز، الذي سيتولّى بدوره مهمّة تشغيلها ومعالجة رسومياتها وكل شيء مُتعلّق بها. باختصار، تُطوّر غوغل ومايكروسوفت تجربة جديدة للألعاب الإلكترونية لا تعتمد على الجهاز، في وقت يعتمد فيه البقيّة على النموذج التقليدي القائم على الجهاز أولا وأخيرا.

   

  

ثورة مايكروسوفت وغوغل التقنية في مجال الألعاب لا تعني أنهما أصحاب الكلمة العُليا على حساب البقيّة، فالمعادلة هُنا بطرفين، الأول يُمكن لتلك الشركات التحكّم به من الألف إلى الياء، أما الثاني فهو مُرتبط بعوامل خارجة عن إرادتها، سرعة اتصال الإنترنت، الأمر الذي يُمكن توقّع استقراره بعد أعوام، إلا أنه في الوقت الحالي رهان خطير سيُرجّح -بنسبة كبيرة- كفّة النموذج التقليدي على المدى القصير فقط الذي بدوره سيندثر خلال الأعوام المُقبلة لصالح الثورة الجديدة التي سجّل التاريخ قيامها على يد مايكروسوفت وغوغل قبل الجميع.

المصدر : الجزيرة