شعار قسم ميدان

تحليل للجسد وللشخصية.. مقابلات العمل في غوغل وفيسبوك وآبل

ميدان - مقابلة عمل اجتماع

توّلي شركات على شاكلة غوغل وآبل، فيسبوك ومايكروسوفت، أهمّية كبيرة لبيئة العمل ولقوانينها، فهي تؤمن أنها لاستخراج أفضل ما في موظّفيها تحتاج إلى توفير أفضل بيئة مُمكنة لهم، وهذا يُفسّر كونها حلما صعب المنال يلهث وراءه مُعظم المُبرمجين والمُتخصّصين في المجال التقني. صعوبة تحقيق هذا الحلم تكمن في آلية التوظيف المُتّبعة المُقسّمة على هيئة مُقابلات مُختلفة تبدأ من الهاتف وتنتهي في مُقابلة داخل مقر الشركة ذاتها، دون نسيان طبيعة الأسئلة الصعبة، والغريبة في بعض الأوقات.

   

غوغل

تمتلك شركة غوغل مجموعة مُتميّزة جدا من المُنتجات تبدأ بمُحرّك البحث الذي يُغرّد مُنفردا بدون مُنافس تقريبا، بالإضافة إلى خدمة البريد الإلكتروني "جي ميل" (Gmail)، وخدمة التخزين السحابي "فايربيز" (Firebase)، وأخيرا -وليس آخرا- نظام أندرويد الذي يُسيطر على أكثر من 85٪ من سوق أنظمة تشغيل الهواتف الذكيّة، وتلك تقنيات لم تكن لترى النور لولا وجود أفضل الكفاءات داخل شركة غوغل التي تتّبع واحدة من أطول وأصعب عمليات التوظيف(1).

  

تبدأ مهمّة الراغبين بالعمل لدى غوغل من تعبئة نموذج التقدّم في العمل الموجود على موقع التوظيف الرسمي التابع لشركة غوغل، والذي من خلاله يُمكن لأي شخص الاطلاع على فرص العمل الموجودة في جميع مكاتب غوغل حول العالم، مع إمكانية معرفة تفاصيل كل فرصة للتأكّد من امتلاك الشروط المطلوبة قبل رفع السيرة الذاتية.

  

  

وإذا ما استوفى المُتقدّم الشروط الأساسية سيُحدّد موظّف من الشركة موعدا للاتصال به أيًّا كان موقعه الجغرافي، فالشركة لا تكترث كثيرا لجنسية المُتقدّم بقدر ما تسعى للحصول على أفضل الكفاءات أيًّا كانت التكلفة. ما سبق يعني أن المُقابلة الأولى، والثانية في بعض الأوقات، ستجري عبر الهاتف كمكالمة عاديّة للتعرّف على الشخص عن قُرب بعد طرح مجموعة من الأسئلة الشخصية عليه. أما المرحلة التالية فستكون على هيئة مُكالمة فيديو يتخلّلها بعض الأسئلة التقنية، قبل الانتقال للمرحلة الأخيرة التي سيحضر فيها المُتقدّم لمكتب الشركة لإجراء اللقاء الأخير(2).

 

من الناحية التقنية، فإن مُعظم الأسئلة قد تتمحور حول آلية البحث داخل مصفوفة من البيانات، وهذا لاختبار مدى فهم المُتقدّم لتمثيل البيانات داخل الحاسب ولخوارزميات البحث المُختلفة. بعدها، سيتم الانتقال لطرح أسئلة تتعلّق بأداء الخوارزميات وآلية اختبارها من ناحية الكفاءة، دون نسيان طرح بعض المشكلات التقنية لاختبار مهارات حل المشكلات والتفكير المنطقي لدى المُتقدّم(3).

 

لكن، بعيدا عن الأسئلة التقنية، تطرح الشركة بعض الأسئلة الغريبة التي تهدف من خلالها لاختبار مرونة المُتقدّم، فمن أكثر الأسئلة تكرارا هي كم كُرة صغيرة يُمكن أن تتّسع داخل طائرة، أو داخل غرفة ما، أضف إلى ذلك أسئلة على شاكلة كم عدد قصّات الشعر التي تجري سنويا في أميركا، أو كيف يُمكن حل مُشكلة التشرّد في ولاية ما(1)(4).

  

  

فيسبوك

ولا يختلف الوضع في فيسبوك كثيرا عن ما هو عليه في غوغل، فمُقابلات العمل في القلعة الزرقاء طويلة بعض الشيء وقد تصل مدّة الواحدة منها إلى أكثر من ست ساعات بنيّة اختبار رؤية المُهندس التقنية، فالأسئلة التي تُطرح قد تطلب من المُتقدّم تصميم نظام بمواصفات مُعيّنة للقيام بمهمّة ما، ليقوم المسؤول عن المُقابلة بتقييم الخوارزميات المكتوبة مع مُناقشة نقاط القوّة والضعف فيها أيضا(5).

 

وقبل الحديث عن أغرب الأسئلة التي تُطرح، فإن جميع العاملين في تلك الشركات يؤكّدون ضرورة الاستفسار عن أي شيء لا يفهمه المُتقدّم لإزالة أي شكوك، وهذه بطبيعة الحال مهمّة أي مُهندس يرغب بتطوير نظام جديد، فعدم فهم المُشكلة بشكل كامل والخوف من طرح الأسئلة على المُديرين قد يؤدّي إلى تطوير حل ناقص لا يفي بالغرض. لذا، من الضروري جدا الاستمرار في طرح الأسئلة لحين فهم المقصود بشكل كامل، وهو ما توضّحه غوغل دائما في مقاطع الفيديو التي تنشرها في قناتها على يوتيوب.

 

وبالعودة من جديد لأغرب الأسئلة، فإن أحد المُهندسين قام بإجراء خدعة باستخدام ورق اللعب وطلب من المُتقدّم تفسير آلية القيام بها. ولزيادة مستوى التعقيد، طُلب من أحد المُتقدّمين لوظيفة في علم البيانات العثور على الطابق المُناسب في بناء مُكوّن من 100 طابق بحيث تنكسر البيضة إذا ما وقعت من ذلك الطابق. المُصمّمون المُتقدّمون للعمل في فيسبوك أسئلتهم أكثر مُتعة، كطلب إعادة تصميم جهاز الصرّاف الآلي، أو تفسير السبب الذي يدفع الشركة لتقديم المزيد من المزايا، أو الاعتماد على شركات خارجية لإضافة تلك المزايا(6).

   

  

"ما أول شيء ستقوم به في اليوم الأول لك هنا؟"، أو "ما عدد المُشاركات التي تُنشر يوميا في فيسبوك الخاصّة بأعياد الميلاد؟"، هي عيّنات أُخرى لأسئلة غريبة تُطرح على المُتقدّم الذي يحتاج إلى الإجابة بعفوية، لأن الهدف من تلك الأسئلة بالأساس فهم طبيعة تفكيره بصورة أعمق وطريقة تصرّفه في الحالات غير العاديّة.

 

آبل، مايكروسوفت، والبقيّة

الراغبون في العمل في مايكروسوفت يجب أن يكونوا مُتحضّرين لبعض الأسئلة الغريبة أيضا، مثل كيف يُمكنك اختبار المصعد؟ أو لو كانت لديك إمكانية اختيار قوّة خارقة ما بين الطيران أو الاختفاء فما الذي سوف تختاره، ولماذا؟ أو ما السبب وراء كون فتحات تصريف المياه دائرية؟ أو لو كان لديك ثلاثة مصابيح وثلاثة مفاتيح في غرفتين مُنفصلتين تماما، فكيف يُمكنك معرفة المصباح المُرتبط بكل زر؟(7)(8)(9)

  

آبل لا تقل غرابة عن بقيّة الشركات، فالمُتقدّم يجب أن يكون جاهزا للإجابة عن سؤال مثل "لو كُنت عاملا لتوصيل البيتزا، فكيف ستستفيد من المقص؟"، رفقة سؤال آخر يختبر ثقة المُتقدّم بنفسه وهو "لو كُنت أتحدّث مع أقرب أصدقائك، فما عيبك الوحيد الذي سيخبرني عنه"؟، أو مثلا "أي نوع من الحيوانات تُفضّل أن تكون ولماذا؟".

  

"أوبر"، وعلى الرغم من حداثة عهدها مُقارنة بالأسماء السابقة، فإنها قرّرت السير على الدرب نفسه عندما يتعلّق الأمر بالأسئلة الغريبة. "كيف يُمكنك معرفة الكلمات التي أصبحت قديمة ومُلغاة من مُعجم اللغة الإنجليزية في القرنين السادس عشر والسابع عشر؟". لكنهم في الوقت ذاته، يطرحون أسئلة لها علاقة ببعض القرارات داخل الشركة مثل كيف يُمكن إقناع سائقي الشركة بعدم مُغادرتها؟ أو كيف يُمكنك إقناع سائق عادي ببدء استخدام "أوبر"؟(10)

  

غرابة الأسئلة موجودة لدى مُعظم الشركات. لكن في المُقابل، يتمتّع طارحو تلك الأسئلة بخبرة طويلة تسمح لهم بتحليل الإجابة ولغة الجسد للتعرّف على المُتقدّم عن قُرب أكثر، وهذا بطبيعة الحال قد يُسهّل اتخاذ قرار تعيينه من عدمه، لأن المهارات التقنية لا تكفي لوحدها، والعمل ضمن شركات بهذا الحجم يتطلّب مرونة لا حصر لها لتحمّل الضغوط المُختلفة، سواء التقنية أو الاجتماعية.

المصدر : الجزيرة