حراك طلابي أميركي دعما لغزة.. ما تداعياته؟ ولماذا يثير قلق نتنياهو؟

يرى أكاديميون ومختصون في الشؤون الإسرائيلية والأميركية أن الاحتجاجات المتصاعدة بالجامعات الأميركية تظهر تغيرا واضحا في موقف الشباب الأميركيين تجاه إسرائيل، وسط انقسام في الآراء بشأن تداعياتها المتوقعة في واشنطن وتل أبيب.

وبحسب الكاتب المختص في الشؤون الأميركية محمد السطوحي، يعبر الحراك الطلابي الأميركي عن تغيير أعمق، خاصة أنه موجود أساسا في القاعدة الأساسية للحزب الديمقراطي الذي ينظر إليه على أنه الحزب الداعم لفلسطين مقابل الحزب الجمهوري الداعم لإسرائيل واليمين المتطرف فيها.

ويوضح السطوحي -خلال حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أن هناك فجوة سياسية بين الحزبين الرئيسيين في أميركا بدأت تتسع، خاصة في الجيل الجديد الذي يحصل على معلوماته من منصات التواصل الاجتماعي.

وينتمي الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المؤسسة التقليدية في الحزب الديمقراطي التي تدعم إسرائيل بكل الأحوال، لكنه لا يستطيع الانفكاك من حرب غزة أينما ذهب، خاصة أن الطلبة يميلون إلى الطبقة الليبرالية، وفق المتحدث.

كما يواجه بايدن -بحسب السطوحي- مشكلة كبيرة لأنه متأخر في استيعاب التغييرات الجذرية في القاعدة الديمقراطية، مرجحا خسارته الانتخابات الرئاسية المقبلة لأن نسبة من أنصاره سوف يمتنعون عن التصويت.

وبينما أقر بأن لهجة خطاب بايدن قد تغيرت مؤخرا بانتقاده إسرائيل وسياستها وإصراره على إدخال المساعدات للغزيين يعتقد الكاتب المختص في الشأن الأميركي أن هذه السياسات لم تترجم بصورة مرضية للقاعدة الديمقراطية وتتطلب مزيدا من الضغوط.

واتفق على وجود شبه بين الاحتجاجات الحالية واحتجاجات عام 1968 إبان حرب فيتنام، لكن السطوحي كشف عن اختلاف في جوهرها، إذ كانت تخوض الولايات المتحدة الحرب آنذاك، في حين تخوض إسرائيل حربا ضد غزة وتحصل على مساعدات دون تقديم تنازلات.

تخوف إسرائيلي

بدوره، يؤكد الأكاديمي والخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور محمود يزبك أن هناك تخوفا إسرائيليا من أن تشكل هذه الاحتجاجات بداية حركة قد تؤثر على الرأي العام الأميركي ومن ثم السياسة الأميركية وتغيرها ضد تل أبيب.

ويوضح يزبك أن التخوف الإسرائيلي من هذه التطورات الاجتماعية "مركّب"، "وقد تؤدي إلى زعزعة موقف الرئيس الأميركي من إسرائيل كدولة أو من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كزعيم لها".

ويضيف أن استطلاعات الرأي في أميركا تظهر تغيرا وتحولا بموقف الشباب الأميركيين من إسرائيل وانحيازا تجاه القضية الفلسطينية، وهو ما بدا في لوم نتنياهو الجامعات الأميركية على تبدل المزاج العام تجاه إسرائيل.

ويلفت إلى أن الاحتجاجات قد تكون رافعة لبايدن لكي يمنع نتنياهو من المضي قدما في خططه، لكنه استدرك بالقول إن وزراء إسرائيليين كتبوا تغريدات تؤيد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بدلا من بايدن.

وبحسب يزبك، يبدو أن هناك حراكا في الحكومة الإسرائيلية من أجل محاولة القفز عن بايدن بغرض إضعافه داخليا وتمرير الخطة الإسرائيلية لاجتياح رفح.

انتقاد واستبعاد

من جانبه، يؤكد الدبلوماسي الأميركي السابق وليام لورانس أن جيلا جديدا من يهود أميركا لا يؤيد الموقف الإسرائيلي وبدأ يبتعد عن الآباء منذ عام 2008، مشيرا إلى وجود عدد قليل من الشباب الأميركيين الذين يدعمون الصهيونية.

وانتقد لورانس موقف البيت الأبيض تجاه المظاهرات الطلابية، ووصفه بالسخيف، لكنه قيّم موقف بايدن بالوسطي عندما أدان "الشعارات والهتافات الدنيئة المتداولة ومعاداة السامية خلال الاحتجاجات".

وبشأن تداعيات الحراك الطلابي يعتقد الدبلوماسي الأميركي السابق أن التغيير جارٍ ولكن ليس بالسرعة المطلوبة، مثل إصرار بايدن على عدم منح ضوء أخضر لعملية عسكرية في رفح جنوبي قطاع غزة، وإدخال مساعدات إنسانية للغزيين.

كما استبعد أن يكون لهذه المظاهرات الطلابية الأميركية أثر على الحرب على غزة لكون الموقف الأميركي تغير منذ فبراير/شباط الماضي، مستدلا بالاحتجاجات بين موظفي البيت الأبيض والوزارات السيادية.

المصدر : الجزيرة