شعار قسم ميدان

إيليا زريق لـ "ميدان": إسرائيل تربح الكثير ببيع المعلومات للأنظمة العربية والاحتلال نجح بسبب العملاء

ميدان - إيليا زريق والمراقبة الإسرائيلية
اضغط للاستماع

   

ليست الحروب مقتصرة على المواجهة العسكرية المباشرة، لكنها حروب استخباراتية تجري يوميا، نغفل عنها، لكنها تستهدفنا، وتخترق خصوصيتنا، وتُراكمها الأنظمة السياسية لاستغلالها متى ما دعت الحاجة. وهذه الحرب تظهر تجلياتها في فلسطين المحتلة، إذ يسعى الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على الفلسطينيين وضبط سلوكهم باستمرار. ورغم هذه التأثيرات المباشرة لأنظمة المراقبة على الواقع اليومي، فإن دراسة منظومات المراقبة وتأثيراتها لا تحظى بالكثير من الاهتمام في الأوساط العربية، ولا في مساحات النقاش اليومي. ومن هنا اتجهنا في "ميدان" لمقابلة الدكتور إيليا زريق، وهو الأستاذ الفخري في جامعة كوينز بكندا، والذي تركز أبحاثه الحالية على سوسيولوجيا المجتمعات الاستيطانية الكولونيالية وأنماط المراقبة، وله عدّة كتب أهمها: "الفلسطينيون في إسرائيل: دراسة في الاستعمار الداخلي" (1979)، "مشروع إسرائيل الكولونيالي في فلسطين: المطاردة الوحشية" (2015)​.

  

نص المقابلة

ميدان: عادة ما يُنظر للتجسس باعتباره أمرا حائما لا يتصل بالفرد بصورة مباشرة، أي إن الجميع يعلمون أن هناك تجسسا يطول الهواتف والأجهزة التقنية، لكن لا أحد يتصرف بحذر وكأن الموضوع يمسّه، فما سبب هذا السلوك؟

– أود التنويه أولا، وقبل الإجابة عن السؤال، بأهمية أن يعي الجيل الجديد من صغار السن -مقارنة بعُمري- أهمية المراقبة، فلا أظن حقيقة أن هناك وعيا بالعالم العربي عموما بأخطار المراقبة، ومن يستخدمها، وكيف تؤثر أدوات المراقبة على السياسة، الحكومات، وتأثيرها بصورة مباشرة على المستهلك العادي. في الحقيقة هناك فجوة عميقة حين مقارنة الأبحاث التي تتصل بالمراقبة في الدول الغربية مع نظيراتها العربية.

    

أما عن كيفية توعية الأفراد بخطورة المراقبة، فيمكنني الإشارة هنا إلى أنه علينا النظر حولنا، وكأبسط مثال، يمكننا رؤية الأرقام المهولة التي تصرفها الحكومات العربية، والخليجية تحديدا، على أجهزة الرقابة للتجسس على مواطنيها، وكيفية توظيف هذه الأدوات في ضبط الأفراد ومراقبتهم. هناك جهود بحثية وصحفية عربية لتبيان أخطار المراقبة وأبعادها، إلا أن الناتج والأثر ما زال بحاجة إلى كثافة ودقة وانتشار. أنا، في مجلة "عمران" التابعة للمركز العربي للأبحاث والدراسات، طلبت من الأستاذ أحمد زايد، وهو عالم اجتماع مصري، أن يكتب مقالا عن المراقبة في مصر، وقد كتب مقالا مهما في هذه المساحة، إلا أننا بحاجة إلى المزيد، وفي المساحات والمجالات كافة.

      

 إيليا زريق (مواقع التواصل)
 إيليا زريق (مواقع التواصل)

     

نعم، الجيل الجديد يفتقد الوعي بأهمية المراقبة، حيث ما زالوا يفكرون بطريقة تقليدية، ويعتقدون أن مواجهة الحكومات مع شعبها يقتصر على العنف المباشر، أي باستخدام أدوات القمع المادية، وهذا صحيح إلى حدٍّ بعيد، لكن في الوقت ذاته، هنالك أدوات جديدة ومؤثرة بدأت بأخذ موقعها، وتزامنا مع عدم رغبة الحكومات باستخدام البطش ضد شعبها بصورة دائمة، فإنها تلجأ لمراقبتهم عن كثب، عبر التنصت على مواطنيها ومراقبتهم على كل ما تطوله أدواتهم، وبذلك فإن الحكومات قادرة على تشكيل تصور بتفاصيل دقيقة عن الشخصيات قبل اعتقالها. خذ إسرائيل كمثال، دراسة أنظمة الرقابة عند هذه الدولة كفيل بتبيان أخطار الرقابة، وأهمية الانتباه لهذا العامل وتأثيراته، فأنظمة الرقابة تعد إحدى أدوات الحرب الرئيسية التي تستخدمها إسرائيل، وكما قلت، ما زال التفكير التقليدي يعتقد أن الحرب مُقتصرة على الدبّابات والجيوش، والمواجهة المُباشرة.

    

إلا أن هناك عاملا إلكترونيا مهما جدا قامت عليه إسرائيل ككيان استعماري، وذلك عبر جمع المعلومات الاستخبارية في صيغتها الأولية والتي عملت على تطويرها مع الوقت حتى أصبحت من أكثر الدول المتقدمة في تكنولوجيا المراقبة، وهي الأدوات التي تستخدمها إسرائيل في السيطرة على فلسطينيي الداخل، وفي حروبها بمواجهة غزة، وبذلك فإنها تعمل على تجربتها بصورة عملية، ومن ثم تسويقها وبيعها لعديد من الأنظمة، ومنها تلك العربية والخليجية، حيث تسوّقها باعتبارها مجرّبة، ومُثبتة الفاعلية في الضفة وغزة. مما يعني أن فلسطين المحتلة تعد فعليا ساحة تجريب بكل شيء، سواء في السلاح أو في تقنيات المراقبة.

   

ميدان: بالانتقال للسياق الفلسطيني، هنالك سؤالان قد يتداخلان معا، الأول: ما سبب تفوق إسرائيل تقنيا؟ وما الاستخدامات المباشرة لتقنيات التجسس الإسرائيلية؟ ومتى بدأت؟

– يعود تفوق إسرائيل على العرب في المساحة التقنية تحديدا لأسباب عدّة، أهمها عائدٌ للمستوى التعليمي المُرتفع في إسرائيل، كما أن إسرائيل بما هي كيان استعماري ناشئ، فهي دولة مهاجرين، استقطبت يهود العالم ذوي الكفاءات، واستخدمت مهاراتهم لتأسيس صناعات إلكترونية متقدمة جدا، تطورت لهذه الأجهزة التقنية النوعية التي نراها اليوم، كالدرونز، وأنظمة المراقبة والتنصت، وغيرها من الأدوات المتطورة.

     

  

ويبدو من سياق نشأة إسرائيل أن هناك وعيا سابقا بأهمية هذه المساحة، بغض النظر عن التعليم وأثره. كما يظهر أن قادة الحركة الصهيونية منذ القدم كان لديهم إستراتيجية تتمثل في أن الأمن القومي لا بد أن يُحمى، ليس فقط من خلال الأسلحة، بل أيضا عبر التقنية. وإذا عدنا لعشرينيات القرن الماضي والثلاثينيات منه، فإن إسرائيل استخدمت الجواسيس وأدوات رصد المعلومات قبل نشأتها، وذلك عبر يهود يقطنون في البلدان العربية لكي يتجسسوا لصالحهم. وقد حققت مساعيها عبر أدوات المراقبة التقليدية، أي باستخدام الأفراد عبر انتقائهم -من خلال المنظمة الصهيونية-. أما في الوقت الحاضر، فإن التقنيات المُستخدمة للمراقبة تعد متطورة، إلا أن هذا لا يعني أن إسرائيل تخلت عن تجنيد الأفراد، لكن المفارقة هنا أنه بالإضافة إلى المعلومات التي تتوافر من قِبل الأفراد الذين تم تجنيدهم، فإن الأفراد العاديين الذين يستخدمون الأدوات التقنية يصبحون مُخبرين عن أنفسهم.

   

هناك وحدة مهمة في إسرائيل تعمل على التجسس على الأفراد وفرز المعلومات وتقييمها، وهي وحدة 8200 العسكرية، والتي تأتي للكيان الإسرائيلي بمعلومات هائلة، ومن ثم تعطيها للولايات المتحدة، وتختار ما يناسبها. وهناك أمر مهم تنبغي الإشارة له، وهي أن الكثير من المعلومات التي قد لا تكون مهمة لنا، أو نعتبرها معلومات "معروفة"، فإنها تشكّل مادة للمُتاجرة على الصعيد المحلي للحكومات، فهي توفر معلومات دقيقة للحكومات عن كثير من التفاصيل اليومية، فلا مانع عند هذه الوحدة مثلا بيع معلومات عن قطر أو عن الكويت أو أي دولة عربية أخرى لبعض الحكومات التي تُعاديها، كالسعودية والإمارات، لأن هذه المعلومات قد تُشكّل أدوات يمكن استخدامها ضد حكومات عربية أخرى.

     

ميدان: هل يكون تقديم هذه المعلومات للحكومات بدافع الربح المادي أم أنها خدمات تقدمها إسرائيل لحلفائها؟

– لا يوجد شيء يُمكن أن يُسمّى خدمات عند إسرائيل، فهم لديهم القدرة على المتاجرة بكل شيء، حيث يتم تقديم الخدمات مقابل ملايين أو مليارات الدولارات. حقيقة، ليسَ لدينا معلومات دقيقة حول أسعار البيع للإمارات مثلا، ولكن مما لا شك فيه أنه لا شيء يُقدم دون مقابل. لذلك، فإن أحد أوجه التعاون التجاري من الممكن أن يكون على شكل تقديم أسلحة، صيانتها، وبيع تقنيات تجسسية متقدمة جدا، ومعلومات أيضا.

  

  

ميدان: كنا نسمع في السابق عن فكرة صناعة الفلسطيني الجديد، فما دور المراقبة أو الأدوات التقنية في هذه الإستراتيجية؟

– بالتأكيد هناك دور، يوجد كتب باللغة العربية والعبرية كُتبت حول هذا الأمر. فقد مارست إسرائيل المراقبة تجاه الفلسطينيين وعرب الداخل، قبل تأسيسها كما ذكرنا سابقا، حيث توافرت لديهم معلومات حساسة ودقيقة عن كل قرية ومدينة فلسطينية قبل عام 1948، كعدد السكان، والموقع الجغرافي ومؤهلاته، بتفاصيلها الاقتصادية والاجتماعية. لذلك، وعندما وقعت حرب 1948، أو ما يُعرف بالنكبة الفلسطينية، استخدم الكيان الإسرائيلي تلك المعلومات التي كانوا يسعون دائما لجمعها، ودخلوا القرى وهُم على دراية بكل كبيرة وصغيرة. المفارقة حينها أن المعلومات لم تكن إلكترونية، بل كانت على ورق وخرائط استُخدمت لتهجير الشعب الفلسطيني.

  

ميدان: هل تعتمد إسرائيل على مواقع التواصل كفيسبوك وتويتر لاعتقال الأفراد والسيطرة عليهم؟

– نعم، تفعل ذلك بالتأكيد، وهذا شيء جديد لم يكن موجودا قبل عشرة أعوام. أما فيما يتعلق بالإجراءات، فإن الأجهزة الأمنية تذهب أولا لمراقبة فيسبوك شخص ما إذا ما شكّت بتوجهاته، ومن ثم تقوم بتحليل خطابه، وإقامة تفسيرات عليها، ومن ثم تأتي الخطوة الأخيرة التي تتصل بالاعتقال، وما يلي هذه المرحلة من إجراءات أمنية. لكن علينا أن نكون صريحين مع أنفسنا، فبجانب مراقبة صفحات مواقع التواصل، فإن إسرائيل لديها جيش من العملاء الفلسطينيين، الذين يقولون لها إن هذه السيارة في غزة تتحرك من منطقة لأخرى وأن هناك مقاومين فلسطينيين في هذه المنطقة. إلا أني أود أن ألفت نظر القارئ العربي لنقطة مضحكة، وهي أن إسرائيل دولة تستخدم معلوماتها الاستخبارية ضد الآخرين، أما الدولة العربية فهي تستخدم المخابرات ضد شعبها.

    

منذ القدم استخدمت إسرائيل العملاء الفلسطينيين لتحقيق مآربها، أي قبل الـ 48، والذين ساهموا في توفير معلومات ساعدت على الاستيلاء على الأرض، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن، فإن إسرائيل تعتمد على التجسس الفردي عبر بعض الفلسطينيين العُملاء تحديدا. عرب يتجسسون على عرب. ومن المعلوم أيضا أن إسرائيل لديها وحدة تُسمى "المستعربين"، وهم الذين يتشبّهون بالعرب، ويذهبون لمطاعمهم، ويكتبون تقارير، إلا أن هذا لم يمنع أن يعرفهم الفلسطينيون، إذ أصبح الكثير منهم مكشوفين عندما يدخلون المطاعم. لكن هذا أيضا لم يقلل من دورهم في جمع معلومات عن الفلسطينيين، وهو ما يُسمى بـ "personal observation" أي المراقبة الشخصية، وتدريجيا وبالتوازي مع المراقبة الشخصية، بدأ الاعتماد على الأدوات التقنية، التي مثّل الإحصاء أول تجلياتها، فالإحصاء يصنف الناس بأعمارهم، ومهنهم، وأماكنهم، وقومياتهم، ودياناتهم.

     

   

تطورت هذه الإحصائيات حتى أصبحت البيروقراطية الإسرائيلية تمتلك معلومات عن الفلسطينيين كافة، مثل المعلمين العرب، فوزارة التعليم في إسرائيل لديها معلومات عن كل معلم عربي، بكل مدرسة، وعن توجهاته السياسية وخلفيته، وكان هناك وحدة فقط لجمع المعلومات عن المعلمين والمعلمات، وهي التي تمتلك قرار الموافقة على توظيف المعلمين العرب بناء على مجموعة من التقييمات. وللملاحظة، فإن هذا النمط يعدّ جديدا، فالمراقبة لم تعد مُقتصرة على توجهك السياسي أو الرغبة في المقاومة، بل أصبح لدينا تصنيفات تنبني عليها مراقبة بحسب الوظائف.

   

مثلا، يتم تقييم أحد المعلمين لديه توجهات سياسية خطيرة، ليصدر وفق هذا التقييم قرار بمنع توظيفه، إلا بحالة إحضار شهادة براءة من المخابرات. إلا أن هذه السياسة نتج عنها احتجاجات من قِبل يهود ليبراليين وعرب، خصوصا أن إسرائيل تدّعي الديمقراطية، ليتم إزالة القانون ظاهريا، ولكنه على الأرض ما زال قيد التطبيق. لذلك فإن إسرائيل مارست المراقبة بطريقة متقدمة قبل أن تدخل التكنولوجيا التي نعرفها.

   

ميدان: هل تمتلك المخابرات الإسرائيلية القدرة على اختراق الحسابات -الرسائل الخاصة والماسنجر- أم تكتفي فقط بتحليل ما على الصفحات الشخصية؟

– نعم، لديهم القدرة على اختراق الحسابات والرسائل الخاصة وتحليل مضامينها.

  

ميدان: هل تكتفي إسرائيل بالكاميرات للمراقبة العامة، أم أن هناك أجهزة التنصت في المطاعم والمقاهي والأماكن العامة؟

– يوجد كاميرات منتشرة في كل المناطق المُحتلّة، فقد وضعت إسرائيل كاميرات في البلدة القديمة، ويجلس خلف تلك الأجهزة أشخاص مدرّبون يتابعون تلك الشاشات بانتظام. إسرائيل تمتلك أكثر التقنيات المتقدمة في هذه المساحة، فهي تعرف "من تكلم مع من" وذلك من خلال الكاميرات المنتشرة التي تحتوي على جهاز صوت، فهي تنقل الصوت والصورة معا. بالإضافة إلى العناصر الموجودة على الأرض والتي تعمل على تنفيذ الأوامر الأمنية فورا.

    

  

التطور في المراقبة الإلكترونية لعبت فيه وحدة 8200 التابعة للجيش الإسرائيلي دورا رئيسيا. وما نعرفه أن هناك العديد من الأشخاص الذين اشتغلوا هناك قاموا بإنشاء شركات تقنية ضخمة عندما تركوا العمل "نظريا" في الوحدة. هذه الوحدة تُشكل "منظومة" تتقاطع جهودها لخدمة الأمن الإسرائيلي. ولمعرفة قوة هذه الوحدة وتأثيرها، فيكفي أن تقوم بالتدرب لديهم، حتى تتأكد أهليتك في العمل التقني، وهي كذلك تعد بوابة العبور لافتتاح شركات أمنية وتقنية، وهي التي تتطلب رخصة أمنية من الجهات المختصة، فإذا كان المتقدم خادما في الجيش، وتسرّح، فهذا سيسهل أموره. البعض سموا أفراد هذه الوحدة بالعصابات، حيث يغادر الكثيرون من أعضاء هذه الوحدة وهم صغار نسبيا، وينتشرون بشكل فظيع بتأسيس الشركات الضخمة، التي تصب جهودها في نهاية المطاف في خدمة إسرائيل.

  

ميدان: مع كل عمليات المراقبة، كيف تنجح عمليات المقاومة الفردية في الداخل الفلسطيني، وكيف تستمر؟

– في نهاية المطاف إسرائيل تعرف من ارتكب ماذا، ومن خطط، ومن دبر، ففي النهاية سوف يتم معرفتهم واعتقالهم وذلك لأنهم لديهم أفراد على الأرض يخدمون مصالحهم، بالإضافة إلى أجهزة المراقبة. بالنسبة للفرد يمكن القول إن العملية الأولى غالبا ما تكون هي الأخيرة، والمقاومون يعون ذلك.

 

ميدان: ما وسائل التجنيد التي تتبعها إسرائيل لتجنيد الأفراد؟

– لا شك أن هناك عدة أمور، مثلا إذا أردت دخول غزة، أو الخروج منها، فقد يتم ذلك عبر عقد صفقة، أي من خلال تقديم شيء مقابل شيء، مثل استغلال الحالات الصحية، أو الحاجة إلى التنقل، لتتم المقايضة عبر تقديم معلومات تفيدهم مقابل تسهيل ما يطلبه الفرد، ويتم العمل على إقناع الأفراد بأنه لن يلحق بهم أي ضرر، وعادة ما يتم الدفع لهم مقابل المعلومات التي تقدم. بالإضافة إلى أن هناك أساليب يستخدمونها عبر جمع معلومات عن بنات العائلة، الأمهات والأخوات والبنات واستعمالهم كـ "blackmail"، فهم يستخدمون كل الطرق "النجسة" وليس لديهم حدود في سبيل تحقيق ما يريدون. وأيضا في حالات الزواج، يقومون بتجميع معلومات عن الزوج والزوجة قبل الزواج ويتم ابتزازهم. 

  

   

ميدان: ما ملامح الحرب الأمنية بين إسرائيل والفلسطينيين؟

– يوجد في غزة طلاب متخصصون في "computer science" ومتقدّمون جدا، ويمتلكون خبرات مميزة، إلا أنهم لا يحوزون على الأرضية التقنية والإمكانيات اللازمة لتطوير قدراتهم. نعم، الفلسطينيون لديهم قدرة على اختراق بعض المؤسسات في إسرائيل، لكنها ما زالت بحاجة إلى الكثير.

  

ميدان: هل هناك تشارك في المعلومات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في التنسيق الأمني؟

– من خلال ما يصدر للعلن عبر الصُّحف، وما يُتداول بين الناس، فإن هناك تشاركا في المعلومات الأمنية. بالإضافة إلى أن السلطة أصبحت تستخدم الوسائل ذاتها التي تستخدمها إسرائيل في التجسس على فلسطينيي الضفة، كاستخدام فيسبوك. فالمشاركة ليست مُقتصرة على المعلومات، لكنها تمتد أيضا للتشابه في طرق التنصت. كما أنه لا يُمكن إنكار دور بعض الفلسطينيين في تزويد إسرائيل بالمعلومات، ودونهم لم ولن تنجح إسرائيل. وأعني هنا ما يُعرف بالعملاء، وهذا يتم عندما تقوم إسرائيل بمراقبة الناس عبر مختلف أساليبها، ومن ثم تعمل على استغلال ثغراتهم، لمعرفة احتياجاتهم، وعليه، فإنها تتجه لتجنيدهم وفق ما يتوافر لها من مداخل قادرة على اجتذاب المُستهدف.

 

ميدان: بالنسبة لغزة ومصر، هل مصر تتعاون مع إسرائيل في تسليم الفلسطينيين؟

– بالطبع مصر تتعاون مع إسرائيل، وكل شيء يمر من مصر يجب أن يأخذ موافقة إسرائيل أو تكون على علم به على الأقل.

   

  

ميدان: ما الذي بقي خارج المراقبة بالنسبة للفلسطينيين في الداخل؟

– نظريا لا يوجد أحد، ولكن فعليا لا يستطيعون، فعدد العرب في الداخل المحتل يُقارب المليونين. لذلك، تصعب مراقبة كل شخص، وعلى الرغم من أن الأجهزة الإلكترونية تساعد، فإنه كما ذكرت تصعب ملاحقة جميع خطوات العرب، إلا أنني أتصور أنهم إذا أرادوا مراقبة شخص بعينه فإنهم لن يعدموا الوصول له، مع كل تقنيات المراقبة التي يمتلكونها.

   

ميدان: هل من نصائح توجهها لزيادة الوعي الأمني؟

– نحن بحاجة ماسة إلى الكتابة عن هذا الموضوع، في الصحافة وفي الأكاديميا، فالنقاشات في هذه المساحة تلعب دورا رئيسيا، وعلينا أن نشرح ونبيّن آليات التنصت، وأبعادها، وأدوات المراقبة، وممارسات السلطات العربية في هذه المساحة.

المصدر : الجزيرة