شعار قسم ميدان

"الحماقات الخمس" التي يرتكبها ترمب في أسلوب قيادته

midan - trump

مقدمة الترجمة

يلخِّص الكاتب ريت باور في مقال صدر له على موقع "إنك دوت كوم" (inc.com)  بعض الأخطاء الفادحة التي يتعين على القادة تجنبها لدى تسيير شؤون  دولهم،  وخصَّ باور الرئيس الأميركي دونالد ترمب وما حمله من وعود، جعلت البعض يتغاضى  عن إشارات واضحة تنذر بما لا يحمد عقباه، وحجتهم في ذلك أن ترمب من المسؤولين ذوي الخبرة التنفيذية وقادر على الالتزام بوعوده في إحداث التغيير المنشود.

 

نص التقرير
سواءً أحببنا أم كرهنا، لقد فاز دونالد ترمب بالرئاسة وهو الآن زعيم العالم الحر، أعترف بأنه كان لدي تحفظات عليه منذ البداية لأسباب عديدة، أحدها الطريقة التي يعامل بها من تعاملوا معه في مشاريعه التجارية.

 

أعتقد أن الناس تغاضوا عن بعض الإشارات التي تنذر بالمخاطر التي كانت بادية منذ الوهلة الأولى، ولم يلتفتوا إليها بحجة أنه مسؤول من ذوي الخبرة التنفيذية، يمكنه أن يتولى المنصب في واشنطن ويحقق تقدم سريع في حل القضايا الهامة التي تواجه بلدنا، غير أن الأشهر القليلة الأولى من عهده كانت عبارة عن كارثة مطلقة من حيث طريقة توليه القيادة، أدت إلى وضع أقرب إلى الفوضى. دعونا ننظر إلى إخفاقات ترمب الخمسة في مجال القيادة لاتخاذها دروسا يجب تجنبها لكل من كان في مركز القيادة.

 

1- غياب خطة إستراتيجية
ركز ترمب في حملته الانتخابية حول بضعة ملفات سياسية ذات أولوية، غير أنه لم يضع خطة إستراتيجية تدعم جهوده لتحقيق أي هدف من تلك الأهداف
ركز ترمب في حملته الانتخابية حول بضعة ملفات سياسية ذات أولوية، غير أنه لم يضع خطة إستراتيجية تدعم جهوده لتحقيق أي هدف من تلك الأهداف
  
الخطة الإستراتيجية هي دليلك لإنجاز أهداف شركتك وهي بمثابة خريطة طريق تبين لك كيفية الوصول إلى هذه الأهداف، تذكرك أين تضع مواردك – البشرية والمالية – وكل ما هو هامشي وغير ذي صلة وثيقة بأهدافك، لتتمكن من البقاء على المسار الصحيح. كما تساعدك على التواصل مع موظفيك وزبائنك، وتوضح لك أين تتجه ولماذا.

 

لقد ركز المرشح ترمب حملته الانتخابية حول بضعة ملفات سياسية ذات أولوية، غير أنه لم يضع خطة إستراتيجية تدعم جهوده لتحقيق أي هدف من تلك الأهداف. يلاحظ بدلًا من ذلك، تذبذب سياسات ترمب، وتغير اتجاه نقاط تركيزه بشكل يومي، مما يربك موظفيه والكونغرس، ويضعهم في  موقع رد فعل بدلًا من وضع استباقي.

 

الدرس المستخلص: عندما يجهل الجميع الخطة، فمن الصعب تحقيق أي شيء ذي مغزى. وكلما زاد تخطيطك، كلما زادت نظرتك الاستشرافية في التصدي للمشاكل وحل الملفات، وقل رد فعلك. جوهر أسلوب ترمب في إدارة السلطة التنفيذية يربك مستشاريه، ويدفعهم إلى محاولة ابتكار سياسة تستند إلى تغريدات الرئيس وليس إلى فلسفته في الحكم أو أهدافه.

 

2- مهما فعلت أنا، فالخطأ خطؤك أنت
لن يستمر أحد في العمل معك والوفاء لك، إذا كنت ستلقي عليه باللوم على كل خطأ يحدث في العمل، وهو السبب الذي يجعل البيت الأبيض يواجه صعوبة في ملء شواغر المناصب رفيعة المستوى
لن يستمر أحد في العمل معك والوفاء لك، إذا كنت ستلقي عليه باللوم على كل خطأ يحدث في العمل، وهو السبب الذي يجعل البيت الأبيض يواجه صعوبة في ملء شواغر المناصب رفيعة المستوى
  
من مهام القائد التأكيد على رفع الروح المعنوية بين أفراد طاقمه، وأن يكون كل عضو من أعضاء الفريق ملم بما هو متوقع منه، وأن يتمكن الفريق من العمل بشكل جماعي منسجم، لتنفيذ إستراتيجية وسياسات طاقم الجماعة.

 

لكن ما الذي تعلمناه من الرئيس ترمب؟ إذا وقع فشل في تنفيذ السياسة، يلقى باللوم تلقائيًا على الموظفين. تفضي الإدارة الجزئية والمشاجرات بين أفراد الطاقم، إلى انهيار الروح المعنوية، والتطاحن الداخلي، والتنافس على السلطة، على حساب فعالية التواصل وتنفيذ السياسات، وفرص النجاح بشكل عام. وفي ظل رئاسة ترمب، نشهد حالة من الفوضى المتنامية.

 

الدرس المستخلص: لن يستمر أحد في العمل معك والوفاء لك، إذا كنت ستلقي عليه باللوم على كل خطأ يحدث في العمل، وهو السبب الذي يجعل البيت الأبيض يواجه صعوبة في ملء شواغر المناصب رفيعة المستوى. كن صادقًا، وصريحًا ووفيًا للعاملين معك، وسيعاملونك بالمثل.

 

3- عمليات تواصُل مُرْتبِكة، أو غياب التفاهم في خضم فوضى عارمة
لا فائدة ترجى من الفوضى، ولا تساعد على نقل شركة أو حكومة إلى الأمام. يحتاج الموظفون والزبائن والموردون إلى قيادة مستقرة (رويترز)
لا فائدة ترجى من الفوضى، ولا تساعد على نقل شركة أو حكومة إلى الأمام. يحتاج الموظفون والزبائن والموردون إلى قيادة مستقرة (رويترز)
 
يشكل التواصل إحدى الأدوات الرئيسية للقيادة، لكن ينظر إليها عادة على أنها تأتي في مرحلة لاحقة. من الضروري منح الأولوية لتحديد الأهداف والخطة الصحيحة ووضعهما في الصدارة، بعد ذلك يعتمد التنفيذ الناجح على مدى فعالية عملية وضع الأهداف والخطة للموظفين والزبائن.

 

مائة وأربعون حرفًا، غير كافية لرسم خطة ومنح فرصة لتبليغ سياسة محددة – فهي ليست أكثر من مجرد عنوان. إن نشر تغريدات على مدار الساعة، دون مراجعتها أو تدقيقها من قبل الموظفين، مكتوبة بنبرة تفتقر إلى مستوى روح القيادة، تهاجم باستمرار الناس عمومًا والسلطة الرابعة بشكل خاص، مآلها الفشل في جلب الدعم أو الحلفاء، أو المضي قدمًا في تحقيق أي بند من بنود جدول أعمال.

 

تسود الفوضى وسط موظفي الرئيس المعنيين بقطاع الاتصال، لقد غادر مدير اتصالاته منصبه. برامج محاكاة "ساترداي نايت لايف" الساخرة، تؤكد الاقتتال الدائر وسط طاقم الرئيس والفشل في خلق علاقات داخلية أو مع هيئة الصحافة في البيت الأبيض. جلسات الإحاطة التي ينبغي أن تكون بمثابة منبر مناسب وقوي للدفع نحو تحقيق أهدافه، تسفر عن نتائج عكسية، فتزيد من الارتباك وخلط الأوراق ونشر الغموض وسط الجمهور وصناع القرار.

 

الدرس المستخلص: لا فائدة ترجى من الفوضى، ولا تساعد على نقل شركة أو حكومة إلى الأمام. يحتاج الموظفون والزبائن والموردون إلى قيادة مستقرة، أما الفوضى لا تشكل الأرضية المناسبة لزرع الثقة.

 

4- تنفير الحلفاء
ليس من الذكاء والحنكة تنفير أو تهديد زبائنك وحلفائك الرئيسيين، وليس بمثل هذه الطريقة تبرم الصفقات
ليس من الذكاء والحنكة تنفير أو تهديد زبائنك وحلفائك الرئيسيين، وليس بمثل هذه الطريقة تبرم الصفقات
  
نعيش في ظل اقتصاد عالمي، يحظى بتغطية وسائل الإعلام على مدار الساعة ونتحرك داخل الأسواق العالمية في مناطق زمنية مختلفة. فالحروب تزعزع استقرار بعض الأسواق وتهدد سلامتنا، وكل هذا يجعل من الضروري البقاء في تجانس وتوافق مع الحلفاء لضمان الأمن، فضلا عن تحقيق النجاح على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

 

لقد هاجم ترمب دولًا مُجاورة لنا، نتعامل معها ولنا تبادلات تجارية معها تقدر بمليارات الدولارات، من السلع والخدمات. وقد هدد ترمب قادة الشركات ويعادي المجتمع التعليمي، وما يقوم به إزاء البيئة ينفر حلفاءنا، ويتفق معظمهم أن هذه السياسات ستلحق أضرارا بالاقتصاد الطويل الأجل الذي سيعتمد على الطاقة المتجددة، أما الرسائل المزدوجة حول حلف شمال الأطلسي، فهي تتم بشكل عشوائي لا يأخذ بمشورة أكثر موظفيه دراية في هذا المجال وتحير حلفاء الولايات المتحدة. ماذا سيحدث إذا احتاجت الولايات إلى مساعدة أصدقائنا وحلفائنا؟

 

لا يمكن لأي شركة أن تعمل في فراغ، يجب على القادة التفكير في المستقبل حول الاستعانة بمصادر خارجية، والموردين، والاستشاريين، وفي مجال التسويق – وضمان الحفاظ على سمعتهم وتنمية العلاقات معهم، لتتمكن من تحقيق النجاح في القرن الـ 21. بلدنا لا يختلف عن غيره من البلدان، نحن بحاجة إلى حلفائنا ليس فقط للمساعدة في الحفاظ على سلامتنا ولكن لضمان الازدهار الاقتصادي.

 

الدرس المستخلص: يمكن للعلاقات في كثير من الحالات أن تعزز مشاريع الأعمال أو تقضي عليها بحسب نوعيتها، ومن ثم ليس من الذكاء والحنكة تنفير أو تهديد زبائنك وحلفائك الرئيسيين، وليس بمثل هذه الطريقة تبرم الصفقات.

 

5- منتهى الجهل أو تعمد عدم فهم طبيعة البيئة التي تعمل فيها
لا ينبغي أن تكون جاهلًا بما يدور حولك، لأن مثل هذا الوضع يشكل أنسب أرضية لاتخاذ قرارات فظيعة
لا ينبغي أن تكون جاهلًا بما يدور حولك، لأن مثل هذا الوضع يشكل أنسب أرضية لاتخاذ قرارات فظيعة
 
من جملة الأدوات الأساسية التي يجب توافرها لدى القائد، معرفة نوعية مجال أعماله، ومنافسيه، والبيئة العالمية التي تسعى شركته الازدهار فيها للحفاظ على تفوقها وتمايزها. يدير الرئيس الأميركي فرعًا واحدًا من الفروع الثلاثة في دولة القانون وفق ما ينص عليه دستورنا وميثاق الحقوق. يوجد توتر طبيعي بين الفروع الثلاثة لحكومتنا الاتحادية، لكن بوسع القائد التغلب على هذا التوتر الطبيعي من خلال بناء علاقات إيجابية، وشرح خطته بكل وضوح، وضمان فهم أصحاب المصلحة الآخرين رؤية الرئيس والاتجاه الذي يسير نحوه.

 

لكن استمرار ترمب في شن الهجمات الشخصية والانتقاد الحاد والعلني ضد القيود، وضد المنافسين، أو ضد الموظفين، يظهر للعالم أنه لا يفهم المحيط الذي يعمل فيه. والأسوأ من ذلك، يكاد يكون من المستحيل إحراز تقدم لتحقيق الأهداف عندما تُجهل أسس القضايا، وعندما لا تكون على دراية بما يحدث  ولا تقوم بما يجب عليك فعله.

 

الدرس المستخلص: لا ينبغي أن تكون جاهلًا بما يدور حولك، لأن مثل هذا الوضع يشكل أنسب أرضية لاتخاذ قرارات فظيعة. ثانيًا لا تختلق الأمور ثم تحاول تمريرها باعتبارها حقائق، إذا قمت بذلك، فلن يثق بك أحد، ومن دون مصداقية، لا يمكنك أن تقود. وقد استخلص القادة دروسًا، ولسان حالهم يقول، لنا في ترمبترمب، درسًا حيًا على ما لا يجب القيام به كقادة.

  

_________________________________

  
المقال مترجم عن: الرابط التالي

المصدر : الجزيرة