شعار قسم ميدان

5 أسلحة كيميائية هي الأخطر بالعالم.. تعرف عليها

أدت الحرب في سوريا إلى عودة الاهتمام بالأسلحة الكيميائية، والتي غالبا ما يشار إليها باسم "قنبلة الرجل الفقير"، فالأسلحة الكيميائية تتطلب استثمارا منخفضا نسبيا، ويمكن أن تسبب آثارا نفسية وجسدية وخيمة، وهي تعتبر من العوامل الفتاكة.

أُدخلت الأسلحة الكيميائية الحديثة خلال الحرب العالمية الأولى في محاولة لكسر الجمود في حرب الخنادق، لكن استخدامها خضع لاعتبارات التضاريس وأنماط الطقس. أما اليوم، فإن تلك الأسلحة تسبب الرعب أكثر مما تساهم في الانتصارات على الأرض. فطبيعتها العشوائية وفقدان القدرة على التنبؤ بنتائجها، إلى جانب الآثار البشعة في بعض الأحيان، جعلتها أسلحة فعالة في إثارة الرعب، فيما يلي خمسة من أسوأ الأسلحة الكيميائية.

الأكثر سُمّية.. غاز الأعصاب

ينتمي غاز الأعصاب إلى مركبات الفسفور العضوي، ويُصنّف كعامل عصبي لأنه يؤثر على انتقال النبضات العصبية في الجهاز العصبي. إنه عديم الرائحة والطعم في شكله النقي، ويظهر كمادة سائلة زيتيّة بُنية. طورت المملكة المتحدة غاز الأعصاب في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين، إذ يتميز بفاعلية خاصة باعتباره يمثل عاملا ثابتا: حين يُطلَق في الغلاف الجوي يكون بطيء التبخر، وتحت ظروف الطقس العادية يمكن أن يبقى غاز الأعصاب لعدة أيام على الأسطح، في حين أنه يبقى لأشهر في الجو شديد البرودة. حيث يشار إليه بمقولة "بخار غاز الأعصاب أثقل من الهواء"، مما يعني أنه عند إطلاقه "سوف يهبط إلى المناطق المنخفضة ويكون خطر التعرض الأكبر فيها". هذه الخصائص تجعل من غاز الأعصاب سلاحا مفيدا في حظر مناطق معينة على العدو.

غاز الأعصاب سريع المفعول كذلك، إذ يمكن أن تظهر أعراضه بعد ثوانٍ فقط من التعرض له. وتشمل تلك الأعراض زيادة إفراز اللعاب، وضيق حدقة العين، وضيق في الصدر. كما هو الحال مع عوامل الأعصاب الأخرى، يعمل غاز الأعصاب من خلال التأثير على إنزيم "الأسيتيل كولين استريز"؛ الذي يعمل بمنزلة "مفتاح إيقاف" للغدد والعضلات. وبمنع إفراز هذا الإنزيم تستمر الجزيئات في تحفيز العضلات، وفي الحين الذي تتشنج العضلات فيه لمدة طويلة فإنها تتعب، ليتسبب ذلك في الوفاة بسبب الاختناق أو قصور القلب.

الأحدث استخداما.. السارين

في شهر سبتمبر/أيلول عام 2013، أكّدت الأمم المتحدة أن هجوما بالأسلحة الكيميائية، شمل صواريخ مصممة خصيصا لهذا الغرض، نشرت السارين فوق الضواحي التي يسيطر عليها المعارضون في العاصمة السورية. وقد صرح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن هذا الهجوم هو "الاستخدام المؤكد الأبرز للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين منذ أن استخدمها صدام حسين في حلبجة عام 1988" بحسب وصفه.

السارين (المعروف أيضا باسم GB)، هو عامل عصبي متطاير، ولكنه سام، قطرة واحدة بحجم رأس دبوس تكفي لقتل إنسان بالغ بسرعة، وهو سائل، عديم اللون والرائحة، ويمكن أن يبقى فعالا في جوٍّ دافئ، ولكنه يتبخر بسرعة عند تسخينه. بعد إطلاقه، سينتشر السارين في البيئة بسرعة ويُمثّل تهديدا فوريا، حتى وإن كان قصير الأمد. على غرار غاز الأعصاب، "تشمل الأعراض الصداع، إفراز اللعاب والدموع، ثم الشلل التدريجي للعضلات" والموت المحتمل.

طورت ألمانيا السارين في عام 1938. وقد استخدمته طائفة "أوم شينريكيو" في هجوم عام 1995، بمحطة القطار في طوكيو، وفي الحين الذي تسبب فيه الهجوم بذعر جماعي، فإنه قتل 13 شخصا فقط بسبب استخدامه في صورة سائلة، ومن أجل تعظيم الإصابات، لا يكفي أن يكون السارين على الصورة الغازية وحسب، بل يجب أيضا أن تكون جزيئاته صغيرة بما يكفي بحيث تُمتص بسهولة من خلال الرئتين، ولكن ثقيلة بما فيه الكفاية بحيث لا تُطرد مرة أخرى مع الزفير. فغاز السارين ليس من السهل استخدامه كسلاح.

جودة العامل مهمة أيضا، فالسارين (مثل غاز الأعصاب) قابل للتحلل، خاصة إذا لم يكن نقيا. كانت مدة صلاحية السارين في العراق، على سبيل المثال، تتراوح من سنة إلى سنتين. في حين أن المنتجات المُتحللة لا تزال سامة، لا يمكن استخدامها كأسلحة. على الرغم من أن مخزون الأسلحة الكيميائية في سوريا كان قديما ومن المرجح أنه كان قد تحلل إلى حد كبير، فإن السارين المستخدم في الهجوم على ضواحي الغوطة، في 21 أغسطس/آب 2013، كان أعلى جودة من ذلك المستخدم في هجوم طوكيو عام 1995 أو في حلبجة. لكنه لا يزال بعيدا كل البعد عن السارين الذي تنتجه الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.

الأكثر شعبية.. غاز الخردل

يُعرف أيضا باسم خردل الكبريت، وحصل على اسمه من رائحته التي تشبه الخردل المتعفن أو رائحة الثوم والبصل، وهو ينتمي إلى مجموعة العوامل المسببة للبثور والتقرحات (أي تتسبب بظهور بثور مملوءة بالماء على الجلد) التي تعمل من خلال استهداف العينين والجهاز التنفسي والجلد، أولا كمسبب للتهيج ثم كسموم لخلايا الجسم. إنه عامل مروع وبطيء بشكل خاص. عندما يتعرض الجلد له فإنه يحمر ويحرق لبضع ساعات قبل ظهور بثور كبيرة تُسبّب تندّبا وألما شديدين. تنتفخ العينان وتدمعان، وربما تصابان بالعمى لعدة ساعات من التعرض للغاز، وعندما يستنشق أو يبتلع، يصاب الضحايا بالعطاس وبحة في الصوت وسعال دموي وألم في البطن وقيء.

لكن التعرض لغاز الخردل ليس مميتا دائما، فعندما استُخدم لأول مرة في الحرب العالمية الأولى لم يقتل سوى 5% من الأشخاص الذين استنشقوه. لقد أصبح سلاحا كيميائيا شائعا -إذ استُخدم في الحربين العالميتين، وخلال الحرب الأهلية في اليمن والحرب الإيرانية العراقية- بسبب خصائصه.

بالإضافة إلى آثاره البشعة، غاز الخردل مستقر كيميائيا وثابت جدا، فبخاره أثقل من الهواء بست مرات، وتبقى آثاره بالقرب من الأرض لعدة ساعات، مما يجعلها مفيدة لملء وتدمير خنادق العدو. يبقى ساما لمدة يوم أو يومين في ظل الظروف الجوية المتوسطة، ومن أسابيع إلى شهور في ظروف شديدة البرودة. بل أكثر من ذلك، حيث يمكن زيادة الثبات عن طريق "تكثيف" العامل: إذابته في مذيبات غير متطايرة. ويطرح مشاكل كبيرة للحماية وإزالة التلوث والعلاج.

من السهل نسبيا إنتاج غاز الخردل، مع وجود سلائف مبكرة متاحة بسهولة. كما يحتفظ بجودته لفترة طويلة. على سبيل المثال، لا تزال الذخائر الألمانية المستخدمة في الحروب العالمية تُستخرج من الحفائر في بلجيكا، ولا تكاد الغازات الموجودة بها تتحلل. غاز الخردل يجبر قوات العدو على ارتداء معدات واقية كاملة مما يؤدي إلى نقص الكفاءة. لكن المعدات الواقية لا تعمل دائما، فأقنعة الغاز، على سبيل المثال، في كثير من الأحيان ليست كافية. خلال الحرب العراقية الإيرانية، تسرب غاز الخردل من خلال الأقنعة. كما يخترق غاز الخردل بسهولة الملابس أو الأحذية أو المواد الأخرى.

الأكثر خطورة.. الفوسجين

حتى يومنا هذا، يعتبر الفوسجين أحد أخطر الأسلحة الكيميائية الموجودة. فقد استُخدم للمرة الأولى مع غاز الكلور في 19 من شهر ديسمبر/كانون الأول عام 1915، عندما ألقت ألمانيا 88 طنًّا من الغاز على القوات البريطانية، مما تسبب في 120 حالة وفاة و1069 إصابة. خلال الحرب العالمية الأولى، كان مسؤولا عن 80% من جميع الوفيات الناتجة عن استخدام الأسلحة الكيميائية. على الرغم من أنه ليس ساما مثل السارين أو غاز الأعصاب، فإن تصنيعه أسهل بكثير، مما يجعله متاحا للجميع.

عام 1915، ألقت ألمانيا 88 طنًّا من الغاز على القوات البريطانية، مما تسبب في 120 حالة وفاة و1069 إصابة.

الفوسجين مادة كيميائية صناعية تستخدم في تصنيع البلاستيك والمبيدات الحشرية. يُصنع عن طريق تعريض مركبات الهيدروكربون المضاف إليها مادة الكلور في درجات حرارة عالية. بعبارة أخرى، يمكن تصنيعه في المنزل عن طريق تعريض الكلوروفورم للأشعة فوق البنفسجية لبضعة أيام.

الفوسجين هو عامل اختناق يعمل عن طريق مهاجمة أنسجة الرئة. تظهر الأعراض الأولية المحتملة مثل السعال والاختناق وضيق الصدر والغثيان والقيء في بعض الأحيان بعد التعرض للغاز بعدة دقائق. قد يبدو هذا سريعا، لكنه يعني في الواقع أن الضحايا يستمرون في استنشاقه حتى تظهر الأعراض. يمكن أن تظهر تلك التأثيرات متأخرة لمدة تصل إلى 48 ساعة بعد التعرض.

الفوسجين غاز عديم اللون تقريبا في درجة حرارة الغرفة، تفوح منه رائحة العشب الطازج بتركيزات منخفضة، وهو غير قابل للاشتعال ويتبخر عند تسخينه فوق ثماني درجات، مما يجعله سهل التبخر. لكن كثافة بخاره تزيد على ثلاثة أضعاف كثافة الهواء، مما يعني أنه يبقى في المناطق المنخفضة، بما في ذلك الخنادق.

الأكثر توفرا.. غاز الكلور

أعلن مفتشو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، في شهر يونيو/حزيران، أن "العوامل المهيجة الرئوية مثل غاز الكلور، قد استخدمت بطريقة منهجية في عدد من الهجمات" في سوريا، بعد أن تعهد الأسد بالتخلي عن أسلحته الكيميائية. وأدى ذلك إلى زيادة الشكوك حول قيمة الاتفاق الأميركي الروسي بشأن القضاء على الأسلحة الكيميائية السورية.

غاز الكلور هو مادة كيميائية صناعية متاحة بسهولة، إذ إن له العديد من الاستخدامات السلمية، بما في ذلك مواد التبييض في الورق والقماش، ولصنع المبيدات الحشرية والمطاط والمذيبات، ولقتل البكتيريا في مياه الشرب والمسابح. إنه النموذج الأمثل للمواد الكيميائية ذات الاستخدام المزدوج. لم يظهر غاز الكلور في إعلان الأسد الأولي للمخزون في شهر أكتوبر/تشرين الأول، ولم يُزَل مع بقية الأسلحة الكيميائية السورية في الشهر الماضي. وعلى الرغم من طبيعة غاز الكلور مزدوجة الاستخدام، لا يزال استخدامه كسلاح كيميائي محظورا بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية (CWC).

غاز الكلور لونه أصفر مخضر وله رائحة قوية تشبه مادة التبييض. وهو يشبه الفوسجين، حيث يعد عامل اختناق، يعيق التنفس ويدمر الأنسجة في الجسم. يمكن ضغطه وتبريده بسهولة إلى الحالة السائلة، وبذلك يمكن شحنه وتخزينه. ينتشر الكلور بسرعة ويبقى قريبا من الأرض لأنه أثقل من الهواء. على الرغم من أنه أقل فتكا من العوامل الكيميائية الأخرى، تكمن خطورة الكلور في سهولة تصنيعه وإخفائه.

جدير بالذكر.. غازات مكافحة الشغب

لم تحظر اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية الغازات التي تُستخدَم لمكافحة الشغب (لأنها لا تنطبق على إنفاذ القانون المحلي)، إذ إنها تُستخدم في الكثير من الأحيان لإحداث آثار مدمرة. وتشمل آثارها المؤقتة البكاء، وإرماش العينين الخارج عن السيطرة، والحرقة في الحلق، والعطس، والسعال، والتقيؤ، وفي بعض الأحيان العمى المؤقت.


ترجمة: فريق الترجمة

هذا التقرير مترجم عن the National Interest ولا يعبر بالضروة عن موقع ميدان.

المصدر : الجزيرة