مبعوث قطر يكشف عن خطة أميركية تتعلق بمستقبل غزة
محمد العمادي هو مدير لجنة إعادة إعمار غزة التي أنشأتها وزارة الخارجية القطرية لإدارة منحة قدرها ٤٠٧ مليون دولار من الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لإعادة بناء البنية التحتية في غزة التي دمرّت في عام ٢٠١٢، تحدث العمادي إلى قناة الجزيرة عن عمله في غزة وجهوده لتخفيف حدة التوتر بين إسرائيل وحماس، كشف العمادي أن حماس وإسرائيل انخرطا في محادثات غير مباشرة حول قضايا متعددة تتعلق بالنزاع، وتوصلا إلى تفاهم ضمني لتخفيف التوتر العسكري وتجنب خوض حرب شاملة.
كما قال إنه التقى مع كبار المسؤولين في البيت الأبيض، جاريد كوشنر وجيسون جرينبلات في الدوحة الشهر الماضي، الذين اقترحوا العديد من مشاريع البنية التحتية لتخفيف الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في غزة وخلق فرص عمل لسكان القطاع.
هذا سؤال حساس، لكن ما لديك هنا هو مواجهة دقيقة ومضبوطة بدقة بين الجانبين. هناك تفاهم بين حماس وإسرائيل بعدم إيقاع قتلى على الجانب الآخر. في الأسبوع الماضي، قصفت إسرائيل ٦٠ منشأة أو أكثر تابعة لحماس، لكن لم يقتل أي من أعضاء حماس. من الواضح أن حماس كانت قد أخلت منشآتها وان إسرائيل قامت بالانتظار حتى أصبحت مواقع حماس خالية.
في السنوات الأخيرة، طورت حماس إستراتيجية رادعة جديدة إذا قامت إسرائيل بضرب غزة أو مهاجمتها، فستنفذ حماس رد مضاد ضد إسرائيل من خلال إطلاق الصواريخ. لكن ضمن التفاهم الضمني بينهما، فإن إسرائيل سوف تضرب مناطق أو مواقع تابعة لحماس دون محاولة متعمدة لقتل أشخاص أو نشطاء حماس. حماس تفعل الشيء نفسه ضد الأهداف الإسرائيلية.
لا. هذا حدث من قبل، لكننا أردنا وقف التصعيد من كلا الجانبين لأننا بدأنا مشاريع إعادة الإعمار في عام ٢٠١٢، لذلك، لم نكن نريد حقاً حرباً أخرى لأن التكاليف ستكون باهظة على كلا الجانبين، ومن الصعب جداً تمويل إعادة إعمار غزة في حالة حرب مدمرة أخرى.
أعتقد أن إسرائيل تريد تغيير قواعد اللعبة مع حماس، لأن الإسرائيليين أرادوا الرد على الطائرات الورقية والبالونات التي يتم تطييرها الى داخل الأراضي الإسرائيلية احتجاجاً على الحصار الإسرائيلي والتي تسببت في العديد من الحرائق داخل إسرائيل. أرادت إسرائيل وضع حد لهذا النوع من النشاط الاحتجاجي. لذلك قصفوا مواقع حماس العسكرية، كان القصف واسعًا جدًا. ومع ذلك، أنا لا أعتقد أنهم سيذهبون نحو التصعيد الكامل، وهم الآن يتحدثون مع المصريين ومبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف لوقف التصعيد.
قالت مصادر لقناة الجزيرة إن المصريين والأردنيين بالإضافة إليكم كانوا ينقلون رسائل إلى حماس من الأمريكيين والإسرائيليين. وكانت الرسائل تفيد أنه على حماس أن تلتزم بوقف إطلاق النار لمدة 10-20 سنة، في مقابل تحسين الوضع الاقتصادي في غزة.
لم يناقش أحد وقف إطلاق النار لمدة 10 إلى 20 سنة، ناقشنا هدنة مدتها خمس إلى عشر سنوات بحد أقصى. المصريون هم بالفعل جزء (من المفاوضات). لكن المشكلة هي أن حماس لا تثق بالمصريين. هذا لأن المصريين قدموا الكثير من الوعود لحماس لتحقيق المصالحة مع فتح، من بين أمور أخرى، قبل أكثر من عام، لكنهم لم يفوا بوعودهم.
لذلك، فقدت الثقة بين حماس ومصر. من ناحية أخرى، فإن الرسائل التي كنا ننقلها بين حماس والإسرائيليين هي الرسائل الصحيحة. تتمتع قطر بمصداقية لدى كلا الجانبين وتحظى بالاحترام بسبب ذلك، بيد أن المصريين يتمتعون بوضع قوي لأنهم يسيطرون على الحدود مع غزة وبدونهم، لا يمكنك تحقيق أي شيء.
كنت دائماً أقوم بنقل رسائل بينهم حول الحاجة لرفع الحصار عن غزة والتنسيق من أجل (تسهيل) عملنا في غزة لتخفيف التوتر بين الجانبين.
جاريد كوشنر، كبير مستشاري البيت الأبيض، وجيسون غرينبلات، كبير مسؤولي البيت الأبيض في المفاوضات، كانا في قطر الشهر الماضي والتقيت بهما في ذلك الوقت. ما الذي ناقشتموه وما هي خطط الإدارة الأمريكية لغزة؟
اقترح جاريد وجيسون مشاريع داخل غزة، وهي مشاريع جيدة للغاية أيدتها بالكامل. ناقشوا مشاريع الكهرباء، ومشاريع المياه، وخلق فرص العمل، وتسهيل التنقل، والإنترنت من الجيل الخامس وهذا أمر جيد، ولكن لكي تنجح هذه المشاريع، تحتاج إلى أن يوافق الإسرائيليون عليها. المشكلة هنا هي أن الإسرائيليين يقولون أنهم لن يتعاملوا إلا مع السلطة الفلسطينية، وليس مع أي طرف ثالث آخر، أخبرنا الأمريكيين بأن السلطة الفلسطينية يجب أن تكون مشمولة (في المحادثات) لأن الإسرائيليين لن يوافقوا على أي جهود طرف ثالث ما لم تشارك السلطة الفلسطينية فيها.
برأي شخصي، أعتقد أن غزة تملك بعض القوة الآن. الأمريكيون يفكرون بأن عليهم حل المشاكل في غزة أولاً ثم الذهاب إلى الضفة الغربية، بالنسبة للضفة الغربية، ليس لديهم ما يقدمونه. ليس لديهم أي شيء لتقديمه هناك من حيث التنمية. لذلك، غزة مهمة جدا. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك غزة قوة عسكرية وعقيدة رادعة. عدد الصواريخ التي تمتلكها حماس الآن ربما يزيد بمقدار 50 ضعفاً عما كان عليه في عام 2014.
الوضع سيء للغاية. الاقتصاد ينكمش بسبب نقص السيولة والاستثمارات. في السابق، كانت الأمور أفضل قليلاً لأن السلطة الفلسطينية كانت تدفع مرتبات موظفي الحكومة وتقدم الخدمات الحكومية في غزة بقيمة تبلغ أكثر من 100 مليون دولار – بالإضافة إلى الأونروا التي كانت تقدّم نحو 20 مليون دولار. لقد خفضت السلطة الفلسطينية رواتب موظفيها وتراجعت الأونروا عن تمويلها وإنفاقها، الأمر الذي فاقم الوضع الاقتصادي سوءا.
كما ذكرت، بدأنا مشاريع إعادة الإعمار في عام 2012 بمنحة قدرها 407 مليون دولار من صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. بهذه الأموال، قمنا ببناء الطرق الرئيسية وإصلاحها؛ وقمنا ببناء مستشفى جديد لإعادة التأهيل وللأطراف الصناعية، وبناء حوالي 8000 وحدة سكنية مع بعض المساعدة من دولة الكويت. لقد خلقت مشاريعنا آلاف الوظائف في غزة وساعدت في إعادة تنشيط الاقتصاد المحلي لبعض الوقت.
نحن نبذل قصارى جهدنا. المسألة هي أن إسرائيل تفضل أن تتعامل مصر مع الوضع في غزة. لكن ما هو واضح هو وجود أعمال لتمهيد الأراضي والبناء على طول الحدود بين مصر وغزة في سيناء. سمعت أن هذا قد يستخدم لبناء مشاريع كهرباء أو مياه، ومطار وميناء بحري لغزة في الأراضي المصرية، سمعت أيضاً أن التمويل سيأتي من الإمارات، التي ستكون مستعدة لتمويل مشاريع في الجانب المصري من الحدود، وليس في غزة.
—————————————————–
ترجمة (كريم طرابلسي)