شعار قسم ميدان

لهذه الأسباب يصعب على إسبانيا إيقاف تصدير الأسلحة للسعودية

midan - رئيسية إسبانيا

وجدت الحكومة الإسبانية نفسها في الآونة الأخيرة في مواجهة معضلة مزعجة للغاية: هل ستساعد في منع انتهاكات قانون النزاعات المسلحة أو تحمي آلاف الوظائف في البلاد؟ في الثالث من أيلول/سبتمبر، ذكرت محطة راديو "Cadena SER" أن وزيرة الدفاع -مارجريتا روبلز- تعتزم إيقاف تسليم 400 قنبلة إلى المملكة العربية السعودية، التي أودت بحملة قصفها على اليمن بحياة الكثير من المدنيين.

 

في حين أن اختيار روبلز يتماشى مع قانون نقل الأسلحة الدولي، فإنه يمكن أن يؤثر بشكل خطير على علاقات حكومتها التجارية مع السعوديين بينما يقوّض وظائف الآلاف من العمال الإسبان العاملين في قطاع الدفاع.

   

وزيرة الدفاع الإسباني مارجريتا روبلز (رويترز)
وزيرة الدفاع الإسباني مارجريتا روبلز (رويترز)

   

وقد وقّعت إسبانيا والمملكة العربية السعودية الصفقة في المقام الأول في عام 2015 في عهد رئيس الوزراء ماريانو راخوي. بحلول الوقت الذي تولت فيه حكومة بيدرو سانشيز التقدمية الحالية منصبه في يونيو/حزيران 2018، كانت السعودية قد أمضت ثلاث سنوات في قصف اليمن متسببة في سقوط العديد من الضحايا المدنيين. بدت روبلز -وهي وزيرة في حكومة سانشيز- قلقة من احتمال استخدام الأسلحة الإسبانية في الصراع في مرحلة ما.

 

فور نشر نيّاتها، أفادت وسائل الإعلام الإسبانية برد فعل السعوديين المستاء ومستقبل الصفقات السعودية الإسبانية الأخرى. وتصدر القائمة عقد لبناء خمس سفن حربية من قبل شركة "Navantia"، وهي شركة إسبانية تملكها الدولة. وكان إلغاء هذا الطلب قد كلّف 1.8 مليار يورو وخلف ستة آلاف عامل عاطلين عن العمل. على الرغم من عدم وجود تصريح رسمي من المملكة العربية السعودية، فإن فكرة روبلز كانت أقلقت سياسيين إسبان آخرين؛ إذ طالبت سوزانا دياز -التي تتبوأ منصب محافظ الأندلس- الحكومة بالدفاع عن الوظائف التي يحتمل أن تكون قد تضررت.

 

أدّى هذا القلق إلى إشراك الحكومة الإسبانية بأكملها قبل أن تُدلي روبلز ببيان أمام لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الإسباني في العاشر من سبتمبر/أيلول، حيث أنكرت أن شحنة القنابل قد تم إيقافها، مدعية أن الشحنة كانت فقط تحت فحص وزارتها.

 

في غضون أسبوع واحد فقط، اضطرت روبلز إلى التفكير في النتيجة المترتبة على الاقتصاد الإسباني جراء قرار إلغاء نقل الأسلحة إلى السعودية، وبناء على ذلك سحبت خطتها.
    

   

الحدود القانونية مقابل الحدود الاقتصادية

منذ مارس/آذار 2015، قادت المملكة العربية السعودية تحالفا من الدول في حملة عسكرية ضد المتمردين الحوثيين الذين سيطروا على أجزاء من اليمن. ومنذ ذلك الحين، قصفت القوات الجوية بقيادة السعودية البلد على نطاق واسع، وكثيرا ما تودي بأرواح مدنيين أكثر مما يمكن اعتباره "أضرارا جانبية".

 

في أغسطس/آب 2018، صرح ممثل لجنة الصليب الأحمر الدولية في اليمن صراحة: "إن عدم احترام الحياة المدنية والممتلكات المدنية أمر يستحق الشجب". وفي الشهر نفسه، نظر فريق من الخبراء عيّنه مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في انتهاكات القانون الدولي في الصراع، وأفادوا أن غالبية الضحايا المدنيين وقعوا نتيجة الضربات الجوية التي قادتها قوات التحالف بقيادة السعودية والتي يبدو أنها تستهدف أهدافا مدنية مثل "المناطق السكنية والأسواق والجنازات وحفلات الزفاف ومرافق الاحتجاز والمراكب البحرية المدنية وحتى المرافق الطبية".

  

يحظر القانون الدولي الهجمات المتعمدة على المدنيين أثناء الصراع ويتطلب اتخاذ الاحتياطات المناسبة للحد من الإصابات العرضية في صفوف المدنيين، وأي فشل في الالتزام بهذه القواعد يرقى إلى جريمة حرب.

 

منذ تسعينيات القرن العشرين، كانت قواعد تجارة الأسلحة الدولية متداخلة مع الالتزام باحترام القانون الدولي. داخل الاتحاد الأوروبي، يتم تنظيم الموضوع من خلال الموقف المشترك لمجلس الاتحاد الأوروبي الذي يحظر عمليات نقل الأسلحة التي يمكن استخدامها لارتكاب انتهاكات خطيرة لقانون النزاعات المسلحة.

 

تحظر المادة 6 من معاهدة تجارة الأسلحة لعام 2013 عمليات النقل عندما تعلم الدولة الموردة أن الأسلحة ستُستخدم لمهاجمة المدنيين أو لارتكاب جرائم حرب أخرى. كما تنص المعاهدة على أنه قبل تفويض تصدير الأسلحة، يجب على الدول تقييم المخاطر المحتملة لاستخدامها لارتكاب انتهاكات خطيرة لقانون النزاعات المسلحة.

   

undefined

   

وبالنظر إلى المشاركة المتكررة للمدنيين واستهداف البيئات المدنية، ينبغي للدول أن تتردد في نقل الأسلحة إلى السعودية. ويعني ذلك أن مخاوف روبلز بشأن 400 قنبلة في إسبانيا كانت متفقة مع معايير وقوانين تجارة الأسلحة الدولية. ومع ذلك، ورغم أن القانون الدولي والأوروبي الحالي يقدم حججا قانونية لدعم الحكومات التي تتحرك لوقف مبيعات الأسلحة الخطرة، فإن خطوة روبلز لجعل إسبانيا متماشية بصورة أقرب مع هذا القانون قد تم إعاقتها.

 

إنه تذكير قاسٍ آخر بأنه بغض النظر عن القانون الدولي في محاولة إنقاذ أرواح المدنيين في النزاعات المسلحة، فإن المال والأعمال غالبا ما تأتي أولا.

—————————————————–

ترجمة: آلاء أبو رميلة

هذا التقرير مترجم عن: The Conversation ولا يعبر بالضرورة عن موقع ميدان