شعار قسم ميدان

اليسار الأميركي.. هل ينقذ العالم من جنون اليمين المتطرف؟

ميدان - ترامب وساندرز

حظي المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يُعقد في دافوس بشهرة خاصة تصفه بأنه نسخة جبال الألب من مهرجان الرجل المحترق الذي يقام في صحراء نيفادا، غير أنه بدلا من حرق تمثال خشبي فإن روح التواضع هي القربان المقدم في هذا المقام. ولعل حضور المنتدى في ظل هذه الأجواء الشعبوية يبدو فكرة جامحة، لكن الواجب المهني والفضول لم يدعا لي مجالا للهرب من ركوب طائرة والتوجه إلى سويسرا. ولعلها تكون فرصة لي كي أستخلص من أفواه الخبراء إجابة عن سؤال مستعصٍ شغل ذهني، وهو إن كان العالم يتحسن كما يدّعون، فلماذا يبدو كل شيء مريعا؟

 

لقد أسفرت قيم التفكير الحر، والأسواق الحرة، والتجارة الحرة عن انخفاض تاريخي في مستويات الفقر العالمي، وارتفاع متواصل في متوسط العمر المتوقع، وارتفاع مستويات الذكاء. وانخفضت معدلات نقص التغذية ووفيات الأمهات بأكثر من 40% منذ عام 1990. فبحسب ما قاله الصحفي فريد زكريا في صحيفة الواشنطن بوست: "حدث كل ذلك أساسا لأن بلدانا مثل الصين والهند وإثيوبيا تبنّت مزيدا من سياسات السوق الحر".

 

ومن منظور هذه الإحصائيات وحدها، لا بد أن تصيبك الصدمة عند قراءة أي مقال إخباري يتناول وضع الديمقراطية الغربية. ففي أوروبا والأميركتين، ضاعفت الحركات الأصلانية (التي تدّعي أن بلدا ما ملكها حكر عليها لأن لديها امتيازا عرقيا) من قوتها من خلال مناهضة قيم الانفتاح والمنهج التجريبي. وكثيرا ما نجح أرباب السياسة الأصلانية بفضل ادعائهم بأن الأسواق الحرة والعولمة أفقرت الطبقة الوسطى ودمرت كل حس بالهوية أو السيادة الوطنية.

  

في عام 2009، عندما بلغ الكساد العظيم ذروته، اتفقت النخبة المجتمعة في دافوس على أن تجاوز فشل العولمة يكمن في المزيد من العولمة
في عام 2009، عندما بلغ الكساد العظيم ذروته، اتفقت النخبة المجتمعة في دافوس على أن تجاوز فشل العولمة يكمن في المزيد من العولمة
  

من ثم، يبدو أن الرأسمالية العالمية تُنقذ العالم وتُدمر الغرب في الوقت نفسه، وعليه شددت رحالي إلى منتدى دافوس أملا في حل هذه المفارقة. وفي حال أخفقت، يُمكنني على الأقل أن أغرق مرارة الجهل بتناول مشروب الشوكولاتة الساخنة. ومع ذلك لم يكن درسي الأول الذي تعلمته هناك يدور حول الاقتصاد العالمي، بل حول سوق العقارات المحلي. قبل شهر من رحلتي، لم تكن هناك غرفة فندق شاغرة في أي مكان على بُعد أقل من ثلاث ساعات عن مركز المؤتمرات. إذ لا توجد مساحة كافية في دافوس، وهي مدينة سويسرية صغيرة، لاستيعاب آلاف الحاضرين للمنتدى الاقتصادي العالمي.

 
رفعت الفنادق الموجودة على طول طريق بروميناد الرئيسي في المدينة أسعارها إلى مستويات لا يتحملها سوى المديرين التنفيذيين للشركات أو أصحاب الملايين، وقد وجد الحاضرون من الأشخاص العاديين أنفسهم مضطرين إلى أن يقيموا في القرى المجاورة والتنقل بواسطة القطار، أو أن يقيموا مثلي في الطوابق السفلية، والسرائر ذات الطابقين والأرائك القابلة للطي. قد يبدو ذلك حديثا جانبيا، ولكن هذا المثال يصلح لأن يكون استعارة مثالية لوصف حال العولمة؛ ففي المؤتمر نفسه الذي يرمز إلى الوعود التي تقدمها الرأسمالية، يصارع كل من لم تدثرّه ثروته بالنفوذ والسلطة على فتات ما تبقى.

  

في عام 2009، عندما بلغ الكساد العظيم ذروته، اتفقت النخبة المجتمعة في دافوس على أن تجاوز فشل العولمة يكمن في المزيد من العولمة. ودعا جوردون براون، رئيس وزراء المملكة المتحدة حينذاك، إلى إبرام اتفاقية "بريتون وودز" جديدة، قاصدا بذلك المؤتمر الذي عقد عام 1944، والذي أدى إلى تأسيس نظام الصرف الأجنبي في مرحلة ما بعد الحرب، من خلال إنشاء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ووافقه كوفي عنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، في الاتفاقية قائلا: "إننا نعيش في عالم مترابط، والسبيل الوحيد للمُضي قُدما هو التعاون".

   

كوفي عنان (رويترز)
كوفي عنان (رويترز)

  

بعد مرور عشر سنوات، يبدو جليا أن ردود الفعل السائدة بين أغنى الدول في العالم جاءت على خلاف ذلك تماما، إذ لم تفض هذه السياسات إلى تكامل عالمي، بل إلى تفكك عالمي. ولفهم ما يحدث، أجريت مقابلة مع جيمس مانيكا، مدير معهد ماكينزي العالمي، في مطعم فندق أميرون، وأخبرني أن ثمة قصة تنبئ ببداية اشتعال الحركات الأصلانية.

 

في عام 2016، شارك مانيكا في كتابة تقرير رائد حول نمو الدخول في الاقتصادات المتقدمة خلال السنوات العشرين الماضية. وروى التقرير حكاية عقدين من الزمان، على حد قوله. في السنوات العشر الأولى، بين عامي 1995 و2004، ارتفعت الأجور بما لا يقل عن 98% للعائلة الواحدة في كافة الاقتصادات المتقدمة تقريبا. ولكن في العقد الثاني، في الفترة من عام 2005 إلى عام 2014، تداعى كل شيء. وقال مانيكا: "لقد اكتشفنا وجود قدر كبير من عدم المساواة، لكن هذا كان أقل ما اكتشفناه إثارة للاهتمام، فقد وجدنا أن ركودا أصاب نمو الأجور في جميع الاقتصادات المتقدمة تقريبا".

 

لقد كانت تلك الظاهرة جديدة كليا. فقد انخفض الدخل من الأجور لغالبية العائلات في فرنسا وهولندا والمملكة المتحدة وإيطاليا. وكان الوضع في الولايات المتحدة أسوأ من ذلك بكثير. إذ عانت أربع من كل خمس عائلات من ثبات أو انخفاض الدخل قبل المحاسبة عن الضرائب والتحويلات المالية. سُحقت الطبقة المتوسطة بفعل العولمة، والركود العظيم، والتعافي الضئيل.

 

أجرى فريق مانيكا البحثي استبيانا للآراء شارك فيه ما يزيد على 6 آلاف شخص من الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وطُلب منهم أن يصفوا حالتهم الاقتصادية. ورأى ما بين الثلث و40% من المشاركين في كل بلد أن دخولهم تتراجع. وقال مانيكا: "ينزع هؤلاء الأشخاص عادة إلى لوم التجارة الحرة والمهاجرين في إلحاق الضرر برواتبهم وتدمير ثقافتهم".

  undefined

 

بالرغم من أن معهد ماكينزي العالمي كان يضع اللمسات الأخيرة على التقرير في أوائل عام 2016، فقد أحجم عن نشره حتى التصويت على انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في شهر مارس/آذار. عبّر مانيكا عن ذلك قائلا: "لم نندهش من النتيجة. كان بين يدينا بحث يظهر استياء واسعا تجاه العولمة نتج عن شعور الناس بأنهم نُبذوا". وفي شهر يونيو/حزيران، نشر معهد ماكينزي العالمي البحث تحت عنوان "أفقر من آبائهم". وفي الأسبوع نفسه، نشر عالما الاقتصاد المتخصصان في اقتصاديات العمل، بريان بيل وستيفين ماشين، تقريرا منفصلا حول تداعيات انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وكانت نتائج الإحصاءات الاقتصادية أقرب إلى القول بأن البطالة والدخل على المستوى المحلي لم يكونا المسؤولين عن التصويت "بالانسحاب"، بل هو ضعف نمو الأجور.

 

كتب مارتن غوري، مؤلف كتاب "ثورة الجمهور وأزمة السلطة في الألفية الجديدة"، كذلك أن المشاعر المناهضة للنخبة "أصبحت أكثر القوى السياسية فاعلية في أوروبا". وأضاف: "لقد كانت السبب فيما حل ببريطانيا من الرغبة في الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، والهزيمة الانتخابية التي تكبدتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وأدت إلى اشتعال الاحتجاجات في فرنسا، وحطمت العديد من التحالفات السياسية التي حكمت أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وصدّرت أحزابا وشخصيات جديدة ترتبط شكليا باليمين أو اليسار، لكنها اتسمت دائما بالتشدد والطائفية والشعبوية".

 

بيد أن تلك التحديات الاقتصادية لم تكن كافية لتفسير ظهور هذه "الأحزاب والشخصيات الجديدة" التي تستغل كراهية الأجانب والعنصرية بقدر ما تعزف على أوتار الاستياء الطبقي. وكان المشهد الإعلامي المتغير جزءا من القصة أيضا. استطاعت النخب الحكومية على مدى سنوات إسكات الدخلاء على المجال السياسي من خلال حرمانهم من الوصول للجماهير. وفي أواخر القرن العشرين، كان الحزبان الديمقراطي والجمهوري ناجحَين للغاية في حشد سلطة النخبة ونفوذها، بهدف تشكيل الرأي العام خلال عملية الانتخابات الرئاسية. لم يختر الناخبون المرشحين عشوائيا، ولكن، كما يقول علماء السياسة، فقد "قرَّرت الأحزاب" مرشحيها المفضلين، واستخدمت نفوذها لتوجيه الناخبين نحو هؤلاء المرشحين.

  

لقد خلقت العولمة وسوء الإدارة الظروف التي تزدهر فيها حركات التمرد، وأتاحت الشبكات الاجتماعية للتنظيمات السياسية استخدام غضب الجماهير لتنظيم صفوفها
لقد خلقت العولمة وسوء الإدارة الظروف التي تزدهر فيها حركات التمرد، وأتاحت الشبكات الاجتماعية للتنظيمات السياسية استخدام غضب الجماهير لتنظيم صفوفها
  

كان ذلك قبل أن يُصعِّب الانتشار الهائل لوسائل الإعلام الرقمية على أعضاء الأحزاب الحاكمة أن يتحكموا في عمليات ترشيحهم. تسمح الشبكات الاجتماعية الكبيرة والصغيرة، مثل فيسبوك وGab، بتلاقي أصحاب الأيديولوجيات الهامشية، وإنشاء حركة إلكترونية عن طريق الخطابات الغاضبة على الإنترنت، وتجاوز النظام الحزبي الإعلامي التقليدي للوصول إلى الناخبين الساخطين.

 

لقد تفوقت الحركات اليمينية المتطرفة في جميع أنحاء العالم في استخدام وسائل الإعلام الجديدة لإثارة الغضب ضد الأنظمة القائمة. في الولايات المتحدة، أصبح يوتيوب "مركزا تقوم من خلاله الحركات اليمينية المتطرفة باستقطاب الناس". وفي ألمانيا، يمتلك حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني AfD عدد متابعين على فيسبوك يفوق ضعف عدد متابعي حزب أنجيلا ميركل. أما في جمهورية التشيك، فيهيمن على الأخبار الإلكترونية موقع ParlamentniListy، الشهير بكراهيته الشديدة للأجانب، وينشر لجمهوره قصصا عن فظائع الأصولية الإسلامية، ويروج لوجهة نظر اليمين المتطرف. لقد خلقت العولمة وسوء الإدارة الظروف التي تزدهر فيها حركات التمرد، وأتاحت الشبكات الاجتماعية للتنظيمات السياسية استخدام غضب الجماهير لتنظيم صفوفها.

 

في آخر يوم لي في المنتدى الاقتصادي العالمي، كنت جالسا في حانة العصير في مركز المؤتمرات، وهو قِبلة الزائرين في دافوس. كان رفيقي هو آدم توز، خبير الاقتصاد بجامعة كولومبيا، الذي يسطر كتابه الأحدث "Crashed" تأريخا مهما لفترة الركود الكبير. يقول توز إن المعلقين يصفون في كثير من الأحيان الموجة الشعبوية كما لو كانت حركة متجانسة. ويضيف: "أنا لا أحب كلمة الشعبوية، لأن الشعبوية ليست نسيجا واحدا؛ إنها متنوعة وعشوائية". قد يطلق دونالد ترامب على نفسه اسم "السيد بريكست"، لكن بريكست وترامب وجهان مختلفان للغضب الشعبي.

 

دونالد ترامب (رويترز)
دونالد ترامب (رويترز)

  

ولكن هناك سبب وجيه يجعل المعلقين يميلون إلى الجمع بين ترامب والـ "بريكست" والحركات "الشعبوية" و"الشعبويين" الآخرين: فدأبهم هو المعارضة، وليس القيادة. ومن الإنصاف القول إنهم يعانون الآن من الفوضى، وغير قادرين على الوفاء بوعودهم بحماية حقوق المواطنين من خطر المهاجرين. في المملكة المتحدة، رُفضت صفقة رئيسة الوزراء تيريزا ماي، الخاصة بانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في البرلمان رفضا مهينا. وفي أميركا ترامب، أدى إغلاق الحكومة الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الولايات المتحدة ليس إلى بناء الجدار، بل إلى تراجع شعبية الرئيس. ما اضطر كل من ماي وترامب إلى إلغاء سفرهما إلى المؤتمر السويسري.

  

القومية اليمينية ليست حلا. فنحن لسنا بحاجة إلى حركة تنجح في إثارة غضب الناخبين وحسب، بل لحركة تسعى إلى الاستفادة من وجودها في الحكم لمعالجة أسباب غضبهم. يحاول من ينتمون إلى اليسار في الولايات المتحدة بناء مثل هذه الحركة داخل الحزب الديمقراطي. ما يسعون إليه، باختصار، هو توفير تكلفة البرامج الشاملة، عن طريق استحداث مجموعة جديدة من الضرائب تُفرض على أكثر المستفيدين في النظام الرأسمالي.

 

لليسار الأميركي الجديد ملامح ربما تذكر البعض باليمين الأميركي المعاصر، مثل انعدام الثقة العميق في الرأسمالية العالمية، والسخط على النظام القائم، والبراعة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي تتحول في بعض الأحيان إلى العجرفة الذاتية.

 

لكن من الخطأ القول بأن اليسار الشعبوي هو ببساطة صورة مقابِلة لليمين. فمقابل ترامب الذي ربما يُعتبر الرئيس الأدنى شعبية في التاريخ الحديث، يحظى مُقترح قانون ضريبة الثروة الذي طرحته السيناتور إليزابيث وارن بتأييد واسع في أوساط الديمقراطيين. بالإضافة إلى أن معدل الضريبة الحدي البالغ 70% الذي اقترحت النائبة ألكسنادريا أوكاسيو كورتيز فرضه على أصحاب الملايين الأميركيين يحظى بتأييد 70% من الناخبين. فضلا عن أن قانون "الرعاية الطبية للجميع" حظي بتأييد أغلبية ضخمة، رغم أن الشعار يبدو أنه يحمل معاني مختلفة لأشخاص مختلفين. 

   

يتعين على الشعبوية الأميركية الجديدة، التي تصارع النخبة وأصحاب المليارات، إمساك العصا من المنتصف، أي حرق دمية رجل دافوس، دون حرق أفضل أفكاره معها
يتعين على الشعبوية الأميركية الجديدة، التي تصارع النخبة وأصحاب المليارات، إمساك العصا من المنتصف، أي حرق دمية رجل دافوس، دون حرق أفضل أفكاره معها
   

هذا بالإضافة إلى أن فرض الضرائب على الأغنياء لتمويل البرامج الشاملة أقرب لمواجهة مخاوف الطبقة الوسطى الناتجة عن الرأسمالية العالمية من بناء جدار حدودي على سبيل المثال. لقد تحولت الأسواق الحرة في ظل غياب ضمانات الدخل إلى وصفة لانعدام الاستقرار. وكذلك هي السياسات الاشتراكية التي فتكت بالأسواق الحرة. لكن يبدو أن بعض المنتمين لليسار الأميركي يميلون لحل وسط، يشمل نظاما جديدا للضمان الاجتماعي الشامل، تدعمه الضرائب المرتفعة، والتوسع في الميزانية، في إطار النظام الرأسمالي الحالي. من شأن ذلك أن يوفر الرعاية الصحية للجميع، وبدل إعالة الطفل، بالإضافة إلى نظام مُوسع للإعانات المالية يضمن مستوى معيشة أدنى للأميركيين.

 

إذا كُتِب النجاح لهذه الحركة، لن يتعين عليها تحديد مشكلات الرأسمالية العالمية فحسب، بل تحديد فوائدها أيضا. لا شك أن التجارة الحرة وارتفاع معدلات الهجرة قد قلّصا الفقر، ورفعا مستوى المعيشة العالمي بمعدل غير مسبوق على مدار العقود الثلاثة الماضية. فعلى الرغم من حجم الكراهية المُوجهة إلى المجتمعين في دافوس، لن يكون هناك نمو اقتصادي في الغرب بدون سياسات تعزز روح المبادرة والابتكار.

   undefined

  

يُشكّل التغير المناخي تحديا مثيرا للاهتمام بالنسبة للحركة. يُعد برنامج "Green New Deal"، خطة للحفاظ على البيئة ستتضمن استثمارات ضخمة في القطاع العام المتعلق بالطاقة النظيفة والبنية التحتية، أحد جهود اليسار لإعادة التوازن الاقتصادي بمعزل عن الأسواق الحرة والبضائع الخاصة. إلا أن أي خطة واقعية لتخليص الاقتصاد الأميركي من انبعاثات الكربون ستتطلب على الأرجح إحراز تقدم تكنولوجي تجاري من نوع ما، آتيا من جهة رواد أعمال القطاع الخاص، المستفيدين من نتائج الأبحاث الممولة من الأموال العامة.

 

ومن جهة أخرى، يتعين على الولايات المتحدة، لتقليص الانبعاثات العالمية، مشاركة التكنولوجيا البيئية الخاصة بها مع الصين، ودول جنوب شرق آسيا، والدول الأفريقية، التي تُشكّل النسبة الأكبر في زيادة الانبعاثات المستقبلية. وبعبارة أخرى، ربما يتطلب إنقاذ الطبقة الوسطى الأميركية تدخلا يساريا، إلا أن إنقاذ العالم يحتاج أيضا إلى شيء يشبه إلى حد كبير عولمة السوق الحرة. سوف يتعين على الشعبوية الأميركية الجديدة، التي تصارع النخبة وأصحاب المليارات، إمساك العصا من المنتصف، أي حرق دمية رجل دافوس، دون حرق أفضل أفكاره معها.

———————————————————————–

ترجمة: فريق الترجمة

هذا المقال مترجم عن The Atlantic ولا يعبر بالضرورة عن موقع ميدان.

المصدر : الجزيرة